خاص : كتب – سعد عبدالعزيز :
أعلن، بالأمس الأحد، الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، “عبداللطيف بن راشد الزياني”، أن قادة دول “مجلس التعاون لدول الخليج العربية” سيعقدون اجتماع الدورة الأربعين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون، في مدينة “الرياض”، يوم الثلاثاء الموافق 10 كانون أول/ديسمبر2019، برئاسة العاهل السعودي، الملك “سلمان بن عبدالعزيز آل سعود”.
وأعرب أمين مجلس التعاون عن ثقته بأن القمة الأربعين ستخرج “بقرارات بناءة تعزز من اللحمة الخليجية وتعمق الترابط والتعاون والتكامل بين الدول الأعضاء، وترسخ أركان هذا المجلس المبارك”.
وتأتي هذه القمة؛ في الوقت الذي يستمر فيه، منذ 5 تموز/يوليو 2017، توتر كبير في منطقة الخليج على خلفية قطع كل من “السعودية والإمارات والبحرين ومصر”، علاقاتها مع “قطر”، واتهامها بـ”دعم الإرهاب”؛ والتحول عن المحيط العربي نحو “إيران”، ما أدى إلى نشوب أزمة سياسية حادة بين البلدان المذكورة، بالإضافة إلى حرب إعلامية واسعة.
زيارة سرية..
يرى بعض المحللين أن القيادة القطرية ربما أدركت أخيرًا حقيقة أن “السعوديّة” تتصرّف مع الدول الخليجيّة الأُخرى وزعاماتها بأنّها؛ “الشّقيق الأكبر”، وأنّ الأشقّاء “الصّغار” في المساحة، والتّأثير، والحجم السياسيّ والقبَلي، حسب وجهة نظرها، يجب أن يحفظوا هذه الحقيقة، وأن أيّ مُحاولة للتمرّد ستُواجَه “بحزم”، ولن يتوقّف هذا “الحزم” حتى يعود المُتمرِّد إلى بيت الطّاعة السعودي.
وكانت صحيفة (وول ستريت جورنال) الأميركيّة قد أعلنت عن زيارةٍ سريّةٍ قام بها الشيخ، “محمد بن عبدالرحمن آل ثاني”، نائب رئيس الوزراء وزير الخارجيّة القطري، إلى “الرياض”، الشهر الماضي، وأكّدتها وكالة (رويترز) العالميّة، حيث قالت إنّ جُهود المُصالحة “السعوديّة-القطريّة”، التي ترعاها كُل مِن “الكويت” و”سلطنة عُمان” بدعمٍ أميركيّ؛ تُحقِّق تَقدُّمًا مَلحوظًا.
ولا شك أن التقارب “القطري-السعودي” ربما يثير مخاوف “تركيا” وجماعة “الإخوان المسلمين”؛ لأنهما ربما يكونا أبرز الخاسِرين من هذه المُصالحة في حال إتمامها.
ماذا عن “الإخوان” ؟
يتساءل الكاتب، “خالد الجيوسي”، فيما لو حدثت المصالحة وأعلنت “قطر” تخلّيها عن دعم حركة “الإخوان المُسلمين”، فكيف سيكون شكل هذا التخلّي ؟.. هل ستقوم “قطر” باعتقال رموز الحركة في “الدوحة” مثلاً، أم ستطلب منهم المُغادرة ؟.. وماذا عن المُعارضين للنظامين السعودي، والإماراتي على أراضيها ؟.. وماذا عن الكتّاب والصحافيين والنّخب الذين يتبنّون الفكر الإخواني ويظهرون كضيوف شبه اليومي على قناة (الجزيرة)، وأخيرًا ماذا عن القنوات “الإخوانيّة”؛ التي تُمولها “قطر” في “لندن”، و”إسطنبول” ؟.. ونجوم قنوات (اليوتيوب) الإخوان ؟.. وماذا عن حركة “حماس”، في “قطاع غزّة”، والتي تتبنّى هي الأخرى النّهج الإخواني بشكلٍ أو بآخر ؟
المعضلة الكبرى !
بحسب “الجيوسي”؛ فإن المُعضلة الأكبر هي علاقة “قطر” بـ”تركيا”، والأخيرة، أيّ “تركيا”؛ يحكمها بحسب توصيفات الأدبيّات السعوديّة والإماراتيّة، “كبير الإخونجيّة”.
وكان الرئيس التركي، “رجب طيّب إردوغان”، قد اختار زيارة “الدوحة” تحديدًا، خلال وصول مُنتخبات “المُقاطِعين” لها، واستَبعد الرئيس التركيّ إغلاق القاعدة العسكريّة التركيّة، وهو أحد أهم المطالب التي أشترطتها دول المُقاطَعة، لإعادة العلاقات، وليس هذا فحسب، فقد شيّد “إردوغان” قاعدته العسكريّة الثانية الجديدة التي أسماها، (خالد بن الوليد)، ومن البديهي أن كُل تلك القواعد العسكريّة يتم تشييدها بمُوافقة “قطر” على أراضيها، فهل ستطلب الأخيرة من الأتراك “الإخوان” أيضًا إغلاق قواعدهم، من أجل إنجاح المُصالحة، ومن سيحمي القطريين في حال تجدّد الخِلاف ؟
قطر ومؤتمر كوالالمبور..
السؤال الذي يطرح نفسه الآن بقوة هو: كيف تريد “قطر” المصالحة مع “السعودية”؛ رغم أن الملك السعودي، “سلمان بن عبدالعزيز”، غير مُرحب به في “مؤتمر كوالالمبور الإسلامي”، ولم تُوجه له الدعوة للحضور ؟..
علمًا بأن “قطر” من بين الدول الأساسية المشاركة في ذلك المؤتمر، إلى جانب كل من: “باكستان وإندونيسيا وتركيا وماليزيا”.
وهناك مخاوف سعودية من أن “مؤتمر كوالالمبور الإسلامي”، الذي دعا لعقده الرئيس، “إردوغان”، ورئيس وزراء ماليزيا، “مهاتير محمد”، قد يكون نواة لمنظمة إسلامية بديلة لـ”منظمة التعاون الإسلامي”، ومقرها “جدة”.
هل سيتوقف الدعم القطري لـ”حماس” ؟
هناك نقطة مهمة أخرى تتمثل في الدور القطري المساند لـ”حركة حماس”، التابعة فكريًا وإيديولوجيًا لجماعة “الإخوان المسلمين”.
وهناك مبعوث قطري خاص لإعادة إعمار “قطاع غزة”، وهو “محمد العمادي”. ويرى المحللون أنه رغم عدم إرتباط “إسرائيل” و”قطر” بعلاقات دبلوماسية رسمية، إلا أن الدولتين لهما مصلحة مشتركة في إرسال المساعدات الإنسانية إلى القطاع. حيث ترى “إسرائيل” أن تلك المساعدات القطرية ربما تُسهم في تأجيل المواجهة العسكرية القادمة مع “حركة حماس”.