خاص : ترجمة – محمد بناية :
الاستراتيجية الأميركية الأخيرة بشأن العراق ليست جديدة وإنما سبق تطبيقها في دول أخرى مثل البوسنة وأفغانستان. وعادة ما يلجأ الأميركيون، إذا دعت الحاجة إلى وجود قوات مخالفة للجانب الأميركي؛ إلى الاستفادة من القوات المعارضة انطلاقاً من استراتيجية “عدو عدو صديقي”.
ففي أفغانستان استغلت الأفغان والعرب أيضاً ضد الاتحاد السوفياتي السابق، وكذلك استفادت من الأتراك والإيرانية في مسألة انفصال البوسنة عن صربيا. وهذه الاستراتيجية متوقعة في دولة مثل العراق؛ ولسوف يعود الأميركيون إلى مواقفهم السابقة بعد حل مشكلة “داعش” والقضاء على هذا التنظيم الإرهابي، بحسب رؤية خبير العلاقات الدولية الإيراني، “قاسم محب علي”، التي نشرتها صحيفة “الأيام” الإيرانية مؤخراً.
مثلث “العراق/أميركا/السعودية”.. مصالح مشتركة..
يجب أن ننتبه إلى أن دولة كالعراق، وبخاصة المناطق الشيعية والسنية، ذات ميول عربية؛ ولذا من الطبيعي أن تمثل العودة إلى العالم العربي بالنسبة لهم رغبة. وكانت علاقات العراق مع العالم العربي، وتحديداً الدول الخليجية، قد تدمرت تماماً بعد سقوط “صدام”، و”الممكلة العربية السعودية” تدرك جيداً أن العراق قد يكون أحد أعضاء الجبهة المناهضة لإيران، والتي تسعى إلى تشكيلها، وبالتالي تسعى لجذب العراق.
وثمة مصالح مشتركة قائمة بين الطرفين، (وأعني الطرف الأميركي – العراقي والسعودي – الأميركي)، بعبارة أخرى ثمة عوامل ومصالح سياسية واقتصادية وأمنية وقومية كثيرة تساهم في تقارب أضلاع هذا المثلث.
والعراق منذ البداية يميل إلى التقارب مع العالم العربي، لكن الأوضاع والظروف التي يعيشها العراق لا تسمح بذلك. ومن الطبيعي بالتأكيد، بل والمتوقع، أن تتعلق أي حكومة تتولى السلطة في العراق بتوطيد العلاقات مع الدول العربية بالدرجة الأولى. والعراق من المنظور المادي والاقتصادي وحتى الاجتماعي واكتساب ثقل قومي يحتاج إلى العلاقات مع الدول العربية وبشكل خاص “مصر والسعودية”.
ولذلك انصب اهتمام “حيدر العبادي”، رئيس الوزراء العراقي، في زياراته الأخيرة، على تحسين العلاقات مع “مصر والسعودية”. وكما أوضحت هذه المسألة طبيعية تماماً، ولا يجب علينا أن نشعر بالإنفعال والقلق لا بسبب الوضع السابق أو الراهن للعراق.
ويحوز العراق أهمية من منظور معادلة التوازن في المنطقة، وهذا سبب مساعيه لكسب الثقة ومن ثم فرض سياساته.
العراق يريد الأحتفاظ بإيران دون أن يخسر السعودية..
العراق بصدد موازنة علاقاته بالمنطقة، وهو ما يشمل “إيران والسعودية” معاً. وقد تقلصت الفجوة بين إيران والعراق بعد سقوط “صدام”، لكن تسعى أميركا بالتعاون مع السعودية إلى زيادة حجم الفجوة بين البلدين، وعلينا الانتظار والحكم بعد النتيجة.
ولا شك أن العلاقات الإيرانية – العراقية سوف يعتيرها التغيير، إذ لم تتضح إلى الآن طبيعة العلاقات بين البلدين بعد حرب السنوات الثمانية، وإلى الآن المعاهدات الدولية، مثل القرار رقم 598 ومعاهدة الجزائر، غير واضحة لأن العراقيون غير مستعدون إلى الاعتراف ببعض المسائل العالقة.
واليوم يبدو أن السعودية تسعى مع أميركا إلى نتيجة مفادها جذب العراق، الخارج من الأزمة حديثاً، بالأموال، وبالتالي تقليص النفوذ الإيراني، لكن علينا انتظار ومتابعة إلى أي مدى قد تكون هذه السياسة مؤثرة، وهل سيتحرك العراق أساساً بهذا الاتجاه ؟