خاص : كتبت – نشوى الحفني :
تزامنًا لعدم تقبل الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، وحزبه، فكرة خسارتهم في الانتخابات الأخيرة، التي جرت أواخر آذار/مارس الماضي، فحاولوا بشتى الطرق إعادتها، بدأ الإدعاء التركي، أمس الخميس، 32 تحقيقًا في مزاعم بشأن إرتكاب مخالفات خلال الانتخابات المحلية التي جرت في “إسطنبول”، وخسرها “حزب العدالة والتنمية” الحاكم، بزعامة الرئيس، “رجب طيب إردوغان”، لصالح “حزب الشعب الجمهوري” المعارض.
وكالة أنباء (الأناضول) التركية؛ ذكرت أن الإدعاء استدعى أكثر من 100 من مسؤولي اللجان الانتخابية لإستجوابهم كمشتبه فيهم.
ودعا الحزب إلى إلغاء النتائج وإعادة الانتخابات في “إسطنبول”؛ كما قدم طعن بها مرتين، وهو ما أشاع التوتر في الأسواق المالية في البلاد، وقال الحزب في تبرير موقفه: “آلاف الأشخاص أدلوا بأصواتهم في إسطنبول رغم عدم أهليتهم للتصويت بناءً على قرارات حكومية سابقة”.
“إردوغان” يؤكد ثقته بالفوز إذا أعيدت الانتخابات..
“إردوغان” أعرب، أمس، عن ثقته بفوز حزبه لو قررت اللجنة العليا إعادة الانتخابات المحلية في “إسطنبول”.
وذكرت صحيفة (تركيا) أن “إردوغان” وحزبه يتابعون عن كثب الأوضاع في اللجنة العليا للانتخابات فيما يخص إلغاء نتائج التصويت في “إسطنبول” بعد فوز المعارضة.
ورد “إردوغان” على الحديث المتداول بين المواطنين عن احتمال تجدد خسارة “حزب العدالة والتنمية” للانتخابات في حال إعادتها، مذكرًا بالفوز الذي حققه في الانتخابات المحلية التي أجريت في السابع من تموز/يونيو عام 2015، موضحًا أن البعض يرون أن حزبه سيخسر الانتخابات أو سيحصل على نتائج أسوأ في حال إعادتها، قائلًا: “لا أتفق مع هذا الأمر. تذكروا الانتخابات المحلية في السابع من تموز/يونيو عام 2015. خلال تلك المرحلة لم يرد الكثيرون، بينهم أشخاص بالحزب، إعادة الانتخابات ورأوا أن مواصلة المسيرة ضمن حكومة تحالف هو الخيار الأصوب، لكن حينها رأيت رد فعل المواطن. كان باديًا أننا سننفرد بالسلطة في حال إعادة الانتخابات. واليوم ألحظ الشيء نفسه في إسطنبول. أثق مئة بالمئة أننا سنفوز بالانتخابات في حال إعادتها”.
ضربة لـ”إردوغان”..
وفي ضربة لـ”إردوغان”، فاز “حزب الشعب الجمهوري” – حزب المعارضة الرئيس – بالتحالف مع أحزاب أصغر، بمقعد رئيس البلدية في المدينتين لينهي سيطرة الحزب الحاكم عليهما المستمرة منذ سنوات طويلة. وتولى مرشح حزب الشعب الجمهوري، “أكرم إمام أوغلو”، منصب رئيس بلدية “إسطنبول”، بعد 17 يومًا من الاعتراضات وإعادة الفرز.
وذكرت (الأناضول) أن التحقيقات ركزت على مناطق “مال تبة” و”قاضي كويوأتاشهير” في “إسطنبول”.
وأضافت أن المشتبه بهم يخضعون للتحقيق في مزاعم بإنتهاك القانون الانتخابي واستغلال مناصبهم في فرز الأصوات.
يذكر أن “المجلس الأعلى للانتخابات” لم يفصل بعد في الطعن، الذي قدمه “حزب العدالة والتنمية” على نتيجة انتخابات “إسطنبول”.
لم يتمكن من تشكيل الحكومة بمفرده..
يذكر أن “إردوغان” لم يتمكن من تشكيل الحكومة بمفرده، خلال انتخابات السابع من تموز/يونيوعام 2015، نظرًا لتصويت الأكراد لـ”حزب الشعوب الديمقراطي” بدلًا من “العدالة والتنمية”، مما أسفر عن إعلان “إردوغان” إنتهاء مباحثات السلام مع “تنظيم العمال الكُردستاني”، الإرهابي بحسب تصنيفه، وتجدد المواجهات المسلحة بين الطرفين.
وفي تلك الفترة؛ أسس “إردوغان” تحالفًا مع “حزب الحركة القومية”، وعقب انتخابات الأول من تشرين ثان/نوفمبر عام 2015؛ حصد “إردوغان” الأغلبية التي تمكنه من تشكيل الحكومة بمفرده مرة أخرى، وذلك بفضل أصوات القوميين والإسلاميين التي ارتفعت بعد بدء الاشتباكات بين القوات الأمنية والانفصاليين.
بداية النهاية لحقبة “إردوغان”..
ويرى “ألون بن مائير”، كبير الباحثين في مركز الشؤون العالمية بجامعة “نيويورك” والباحث في معهد السياسة العالمية الأميركي، في مقال نشره موقع (غلوباليست) الأميركي تحت عنوان: “بداية النهاية لحقبة إردوغان”؛ أن نتيجة الانتخابات البلدية الأخيرة تمثل، في “تركيا”، تحولا كبيرًا في هذا البلد، إذ تعكس إبتعاد التعاطف العام مع الرئيس “إردوغان” في المدن التركية الكبرى، خاصة مسقط رأسه السياسي، “إسطنبول”، التي بدأ منها مسيرته كعمدة، فيما قد تكون هناك المزيد من التداعيات السياسية الكبيرة، وعلى عكس الإدعاءات بأن المعارضة قامت بالتزوير في الانتخابات، فإن الحقيقة هي ضعف أداء حزب “العدالة والتنمية”، فهو سبب جذري في الأزمة الاقتصادية التركية الحالية، بالإضافة إلى عدم كفاءة “إردوغان” في التعامل معها.
مشكلة حكم الرجل الواحد..
وأضاف الكاتب أن المشكلة تكمن في حكم الرجل الواحد، في أن الرجل القوي المفترض، من خلال استيلائه على كل السلطات السياسية في قبضته، يصبح بالتالي مسؤولاً عن جميع المشاكل في عيون الناخبين الساخطين.
وأدى الضعف الكبير للاقتصاد التركي إلى توسيع دائرة الناخبين غير الراضين في مجموعة الناخبين، التابعة لـ”حزب العدالة والتنمية”. وبالفعل، إن هناك صخبًا بشأن الفصيل، الذي شكلته قوى “حزب العدالة والتنمية” السابقة، للانفصال عن الحزب.
وأعتقد أن الانتخابات المحلية قدمت أول تعبير عن الغضب الشعبي الذي تزايد منذ عدة سنوات. وأسهم “إردوغان” في تشكيل هذا الغضب من خلال قيامه، بشكل منهجي، بتفكيك ما تبقى من الديمقراطية التركية.
لقد طال التراجع زخم النمو الاقتصادي والديناميكية السابقة، بالإضافة إلى تجريف الإنجازات “الاجتماعية-السياسية” والقضائية الأكثر أهمية في عصر الإصلاح السابق، وأدى تلقائيًا إلى هجرة العقول على نطاق واسع من “تركيا”.
لم تعد الطبقة الإبداعية في “تركيا”، بما فيها العديد من كبار الأكاديميين، ترى مستقبلًا مأمولًا لأنفسهم في بلدهم الأم. ولم تكلل الجهود، التي يبذلها “إردوغان” لإقناعهم بالبقاء، إلا بالقليل من النجاح، إن وجد.
تضر به سياسيًا..
ويقول الباحث، “ألون بن مائير”، إن البعض يرى أن نتيجة الانتخابات المحلية التركية الأخيرة تضر فعليًا بـ”إردوغان” سياسيًا، لكنها لن تقضي عليه، على المدى الطويل، ولكنه يختلف مع هذا الرأي.
ويقول “بن مائير” إنه يثق في أنه نظرًا للفزع العام والاستياء من أساليب حكمه الوحشية، فإن “بداية نهاية عهد إردوغان بدأت بالفعل، وأنه تم التصديق بخاتم السقوط على أوراقه في نهاية المطاف. ولكن تبقى الإجابة عن السؤال الوحيد؛ وهو متى سيسقط إردوغان ؟”.
ووفقًا لما نشره موقع شبكة (سي. إن. إن-CNN) الإخبارية، فإن “إردوغان” يواجه انتكاسة سياسية كبيرة بعدما فقد حزبه السيطرة على العاصمة، “أنقرة”، في معركة انتخابات محلية شديدة الوطأة.