25 أبريل، 2024 8:48 ص
Search
Close this search box.

مع دخول المندسين على خط التظاهرات .. هل تنجح في تحرير “العراق” من يد خاطفيه ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

تظاهر آلاف العراقيين في شوراع وساحات مدن العراق، أمس الأحد، في الذكرى السنوية لإنطلاق احتجاجاتهم ضد الطبقة السياسية الفاسدة والأحزاب والميليشيات الموالية لإيران.

وكان شهر تشرين أول/أكتوبر من عام 2019، قد أشعل الشرارة الأولى للاحتجاجات العراقية المطالبة بتغيير الطبقة السياسية التي رأى الشعب العراقي أنها عاجزة عن تحسين الأوضاع الاقتصادية والخدمات الأساسية والحد من نفوذ الفصائل المسلحة الموالية لإيران.

ورغم مرور عام كامل، لم يتحقق “أي إصلاح”، وفق المتظاهرين، فضلاً عن أن البرلمان الذي يهيمن عليه نواب موالون لـ”إيران”؛ لم يصوت بعد على “قانون الدوائر الانتخابية” أو على “ميزانية عام 2020″، وهما من ضمن المشاريع الرئيسة للحكومة.

“ثورة تشرين” العراقية؛ مرت بمراحل مختلفة، فهي بدأت بشكل عفوي واستمرت عدة أشهر قبل أن تتوقّف، وقد أسفرت عن مقتل نحو 600 شخص وإصابة 30 ألفًا بجروح، وفقًا لوكالة (فرانس برس).

وشهد، يوم أمس، أحداث متفرقة من خروج المتظاهرين في الساحات إلى الاشتباكات مع قوات الأمن ومحاولة “الكاظمي” إحتوائها، وتحاول (كتابات) أن تلتقط ملامح تلك الموجة الاحتجاجية الجديدة في يومها الأول؛ وإلى أي مدى يمكن أن تصل، وعلاقاتها بالأطراف المتعددة لها من متظاهريين وحكومة وتدخلات خارجية أو مندسين.

تصحيح مسار العملية السياسية..

فيقول “هاشم الشماع”، عضو مركز “العراق” للتنمية القانونية، لـ (كتابات)؛ أن الحراك الشعبي في تشرين أحدث إرتجاج في العملية السياسية وحرك الساكن منها في تصحيح مسار العملية وإصلاح النظام، وليس لإسقاطهما، ومن سنن التكوين والتاريخ أن يكون هناك تغيير وإصلاح في أي منظومة حكمية أو مجتمعية، وهذا ما حدث في “تشرين” بسبب الأخطاء والأزمات المتراكمة خلال السبعة عشر سنة الماضية؛ دون حلول أو إنجاز استراتيجي ملموس، بل إن منظومة الفساد استفحلت بشكل كبير في مؤسسات الدولة، وما قام به الشباب وطلبة المدارس دب روح الأمل في النفس العراقية اليائسة من أي بادرة أمل في نهاية النفق.

دخول المندسين على خط التظاهرات !

وأوضح أن مثل هذا الحراك لا يمكن أن يترك على عواهنه وعلى سجيته؛ إذا لم تتدخل فيه جهات ودول وسفارات تحاول أن تحرف مساره، وجذبه إلى مصالحها، خاصة وأن الواقع العراقي السياسي هش والتدخلات الدولية والإقليمية قائمة على قدم وساق، ولهذا شاب الحراك كثير من الخروقات بسبب المندسين الذين أعتدوا على القوات الأمنية والأملاك العامة والخاصة، وهذا ما حذرت منه المرجعية الدينية في “النجف”، وكذلك شخصيات عامة، وفي الذكرى الأولى لهذا الحراك حاول منظومو التظاهر والحكومة ضبط إيقاع الحراك ومنعه من الخروقات الأمنية، إلا أن المندسين أبو ألا أن يعتدوا على القوات الأمنية، مع العلم أن القوات الأمنية لم تكن مسلحة بالأسلحة النارية، وحاول هؤلاء البعض أن يعكروا صفو الذكرى.

نقطة إنطلاق مستقبلية..

مشيرًا “الشماع”؛ إلى أنه على الرغم من كل هذه السلبيات إلا أنها تبقى نقطة إنطلاق مستقبلية لتصحيح المسار كلما شخص خلل، كما لا يفوتنا أن من نتائج هذا الحراك هو إقرار قانون الانتخابات الجديد ذات الدوائر المتعددة والترشيح الفردي، ويمكن إحداث المزيد من الضغط على “مجلس النواب” لإقرار القوانين المهمة مستقبلاً من خلال التظاهر السلمي .

مازالت القوى السياسية تسير على النهج السابق..

كما يقول “د. حيدر حميد”، رئيس مجلس خبراء دعم صناع القرار، لـ (كتابات)؛ أن “انتفاضة تشرين” نجحت في كسر حاجز الخوف عند شباب الانتفاضةً ولم تعد تخشى الطبقة الحاكمة وقوى السلطة؛ وأصبحت تتحدث بصوت عالٍ بمطالبها ولم تعد الطبقة السياسية الحاكمة هي مستودع الشرعية لوحدها، هنالك شرعية جديدة قد ظهرت على الساحة السياسية تتمثل بالحركة الاحتجاجية، ونادت بمضامين سياسية واجتماعية عبرت عن نفسها بشعاراتها التي رفعتها، ونجحت “انتفاضة تشرين” في إسقاط حكومة “عادل عبدالمهدي” ومجيء حكومة “الكاظمي”، وإن لم يكن بإرادة المحتجين، وتعديل قانون الانتخابات؛ برغم الاعتراضات التي تسجل حوله ومفوضية جديدة، هذا كله حدث بفعل الانتفاضة، موضحًا أنه مازال المحتجون يرون أن أهم مطلب للحراك الشعبي لم يتحقق والمتمثل بمحاسبة قتلة المتظاهرين؛ على الرغم من وعود السيد، “الكاظمي”، بذلك ومازالت القوى السياسية تسير على النهج السابق في المحاصصة الحزبية واستمرار شيوع ظاهرة الفساد المالي والإداري .

مارست الشرطة أعلى درجات ضبط النفس..

وأشار “حميد” إلى أن تظاهرات، يوم أمس، جاءت للتأكيد على ديمومة الانتفاضة واستمرارها حتى تحقيق مطالبها؛ وللتأكيد على سلمية حركة الاحتجاج الشعبي الذي تراه أنه الخيار الأمثل لتحقيق مطالبها وكسب التأييد المحلي والدولي، بإعتقادي أن الانتفاضة لن تركن إلى الإستسلام وسوف تستمر في عنفوانها حتى تحقيق مطالبها، وإن خف زخمها بالمقارنة مع العام الماضي، لأن جذوة الانتفاضة هي ليست متمثلة فقط في الشباب المنتفض في الساحات؛ بل امتدت إلى الأغلبية الصامته من الشعب العراقي الذي نبذ سلوك الطبقة السياسية من فساد وسوء الإدارة، وفي الواقع أن مشهد انتفاضة شباب تشرين، يوم أمس، قد اختلف كثيرًا على صعيد تعامل القوات الأمنية مع المتظاهرين عن مشهد العام الماضي، الذي شهد استخدام العنف المفرط في حينها؛ فقد مارست القوات الأمنية أعلى درجات ضبط النفس وتعاملت بمهنية عالية وفق قواعد الأشبال المتعارف عليها دوليًا وهذا يسجل لها، وإن ما حصل من حالات عنف هي في الأساس لم تصدر من المتظاهرين، هي في الواقع صدرت من جهات متضررة مصالحها من “انتفاضة تشرين” وتسعى في ذلك للإيقاع بين المتظاهرين والقوات الأمنية لحرف التظاهرات عن سلميتها وهو ما فشلت من تحقيقه.

مازال حراكًا عفويًا يفتقد التنظيم !

وبرأيه، يرى أن الحراك مازال يفتقد إلى التنظيم وتغلب عليه الصبغة العفوية أكثر من التنظيمية، إذ  لم تشكل لحد الآن قيادة موحدة للحراك تتحدث باسمه وتتبنى مطالبه وتقوده في ساحات الاحتجاج؛ وإن ما وجد من تنسيقيات للحراك لا يرتقي إلى مستوى التنظيم المطلوب، ومازالت أعتقد أيضًا أن الحراك السياسي بضرورة أن يتجاوز الحراك الشعبي مرحلة الاحتجاج والتظاهر إلى تنظيم نفسه في تيار سياسي موحد باسم، “تيار تشرين”، للدخول في الانتخابات القادمة لمواجهة قوى السلطة التي تمتلك النفوذ والسلطة والمال السياسي والسلاح وقدرتها على إجادة اللعبة الانتخابية.

إعادة إنتاج القوى السياسية لنفسها من جديد..

ولفت إلى أنه غير ذلك فإن القوى التقليدية، التي خرجت ضدها “انتفاضة تشرين”، سوف تعود مرة أخرى لتسيد المشهد السياسي مرة أخرى؛ وإن كانت بوجوه شبابية جديدة، وتعتبر الانتخابات المبكرة التي هي إحدى مطالب المتظاهرين التي لا جدوى من إجراءها، إذ لم تتوفر لها مقومات ومناخات تفضي في النهاية إلى إجراء انتخابات حرة وعادلة ونزيهة بعيدة عن التزوير بما يسمح بميلاد قوى اجتماعية جديدة تكون قادرة على منافسة القوى التقليدية لإحداث التغيير المنشود، والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق؛ ما مستقبل الحراك الشعبي إذا عادت القوى السياسية إنتاج نفسها في الانتخابات القادمة ؟.

استبعاد التدخل الدولي..

واستبعد “حميد”؛ حدوث تدخل دولي في العراق، في الوقت الحاضر، إذ مازال المجتمع الدولي يراهن على التغيير في العراق وفق الآليات الديمقراطية المتعارف عليها، من خلال إجراء انتخابات حرة ونزيهة، وهذا يحتم على “الأمم المتحدة” الإشراف على الانتخابات القادمة لضمان نجاحها .

انتقلت من “الرصافة” إلى “الكرخ”..

وفي (إندبندنت عربية)؛ يرى الكاتب والباحث العراقي، “صباح ناهي”، أن القضية اللافتة في تظاهرات، الأمس، انتقالها من جانب “رصافة بغداد” إلى “كرخها” في محيط مقرات الحكومة ورئاسة البرلمان، الذي بدت قاعته فارغة من الأعضاء؛ وهو يناقش قانون الانتخابات والدوائر الانتخابية المثيرة للجدل، والتي جاءت محبطة للجمهور الغاضب بتقسيم الدوائر الانتخابية، وفُسر ذلك بأنه خشية وصول المتظاهرين لمقره واقتحامه.

وأضاف أنه؛ في وقت طالب الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء “يحيى رسول”، المحتجين، بعدم التظاهر خارج “ساحة التحرير”، حرصًا على سلمية التحركات، تدفقت الحشود إلى قلب “الكرخ” في منطقة (علاوي الحلة)، قادمة من المناطق الوسطى والجنوبية من العراق وشكلت تحديًا جديدًا للسلطة، حيث تعمل إدارات سياسية خارج منظومة الحكم على تطويق “المنطقة الخضراء” بحزام بشري، تخطت الدعوة لإسقاط الحكومة إلى إسقاط العملية السياسية، التي وصفها المتظاهرون والناشطون بـ”الفاشلة”، وأنها قامت على مركب المحاصصة السياسية، التي يسعى “الكاظمي” لتجاوزها في ظل تمسك القوى الولائية على إبقائها كمخرج للسيطرة على القرار الحكومي لقوى اللادولة من أتباع الدولة العميقة التي تغلغلت في جسد الاحتجاجات وأحاطتها بالميليشيات المدنية، التي قالت عنها الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، “غينين بلاسخارت”، بأنها مخترقة بالميليشيات بنسبة تزيد عن 80 بالمئة.

موضحًا أنه؛ لا شك أن هذه النسبة جعلت قيادة التظاهرات تغادر “ساحة التحرير”، في قلب “بغداد”، لمناطق أخرى واختيار جانب “الكرخ”؛ بعيدًا عن سطوة الميليشيات وأتباعها، ممن يحولون دون وصول أعداد المتظاهرين إلى الساحات القريبة من “المنطقة الخضراء” بأوامر قياداتها.

مخاوف من موجة عنف جديدة..

وأشار “ناهي” إلى أن هناك جدل واسع يدور حول جدوى تظاهرات تعتمد الهتاف والغناء للوطن أمام سلطة تبدو غير مكترثة، لكنها في تباين واسع في توظيف التظاهرات التي ظلت ملهمة لجيل مسيس غير واضح الأهداف يصرخ علنًا بأنه يريد وطنًا، وناقم على الفساد وفقدان الأمل بإصلاح الطبقة السياسية الحالية، موضحًا أن الكثيرون يخشون من موجه عنف جديدة ضدها، وهي محاطة بوعود رئيس الحكومة بالإنصاف لها ولشرعيتها، ورئيس برلمان يسعى لفرض قانون انتخابي ومناطق انتخابية مثار جدل ورئيس دولة واجبه حماية الدستور، إزاء دولة عميقة ترى في التظاهرات تحركًا مضادًا لها تقوده “الولايات المتحدة” لإسقاطها، بدورة برلمانية خارج هيمنة “إيران” وموالية للغرب، بجيل ناقم تغريه الديمقراطية ويرفض الهيمنات كلها.

ثورة سلام ووطن..

من جهته؛ أشاد الباحث السياسي العراقي، “فراس إلياس”، بثوار تشرين، مؤكدًا أن “ثورة تشرين” في العراق سيذكرها التاريخ بأنها كانت ثورة سلام ووطن.

وقال، في تغريدة عبر (تويتر) أن: “الخطر الحقيقي لا يكمن بالقناص وحده. هناك أيضًا من يقتنص وقوعكم بالخطأ، ليمارس القنص السياسي ضدكم. حفاظكم على سلمية التظاهرات، سحبت كل الأوراق من إيديهم”.

وأضاف: “والتاريخ يذكرنا بالثورات البنفسجية في أوروبا، كيف إنتصرت على بطش الحكام. وتشرين سيذكرها التاريخ، بأنها كانت ثورة سلام ووطن”.

تحرير العراق المختطف..

من جهته؛ عبّر سياسي عراقي معارض للوجود الإيراني في بلده؛ عن صعوبة تمكن التظاهرات الشعبية، التي عادت إلى الساحات في “بغداد” والمحافظات الأخرى، أمس، مما أسماه تحرير “العراق المختطف” من الخاطف الإيراني.

وقال السياسي، في تصريح لموقع (العرب)، بالتزامن مع تجدد التظاهرات العراقية المطالبة باستعادة قرار البلاد السيادي من “إيران” في الذكرى الأولى لأكبر موجة احتجاج شهدتها محافظات العراق، في الخامس والعشرين من تشرين أول/أكتوبر 2019، “المختطف سيتحرر من الخاطف، لكن لا أتوقع أن الانتفاضة الحالية ستتمكن من ذلك، لأن دماءها المسالة الآن وستسيل غدًا هي التي ستنير الطريق للموجة التالية من الغضب الذي سيحرر المخطوف من قبضة الخاطف”.

وتساءل السياسي، الذي يترأس كتلة برلمانية في “مجلس النواب” العراقي: “متى وأين سيتحرر العراق المخطوف ؟”، معبرًا عن توقعه بالقول: “ليس ذلك ببعيد”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب