خاص : كتبت – نشوى الحفني :
بعد سلسلة من الأزمات المتداخلة؛ على المسّتويين الاتحادي والإقليمي، يتلمس “إقليم كُردستان العراق” طريقه لإجراء انتخابات تُنهّي تأزمًا سياسيًا صعبًا.
وأصدر رئيس إقليم كُردستان العراق؛ “نيجيرفان بارزاني”، مرسومًا إقليميًا حدد فيه يوم 18 تشرين ثان/نوفمبر المقبل، موعدًا لإجراء الانتخابات البرلمانية في الإقليم.
وقال “دلشاد شهاب”؛ المتحدث باسم رئاسة الإقليم في مؤتمر صحافي عقده في “أربيل”، إنه: “وفق قانون رئاسة الإقليم، صُدر المرسوم الإقليمي رقم (90 لسنة 2023) لإجراء الانتخابات لاختيار الدورة السادسة لبرلمان كُردستان في 18 تشرين ثان/نوفمبر 2023”.
وأضاف “شهاب”؛ خلال تلاوته المرسوم: “نُطالب جميع القوى السياسية بمراعاة المصلحة العامة وحل كل المشاكل التي تتعلق بالمفوضية العُليا المستقلة للانتخابات والاستفتاء في إقليم كُردستان وغيرها؛ وذلك لإنجاح الانتخابات”.
وطلب رئيس الإقليم أيضًا بحسّب المرسوم، من “الأمم المتحدة”: “دعم إقليم كُردستان لإنجاح العملية الانتخابية”.
تدخل دولي وأممي لحل الأزمة..
وعلى مدار نحو عام؛ عاشت الأحزاب السياسية في “كُردستان” أزمة تحديد موعد الانتخابات جراء الخلاف على شكل الدوائر الانتخابية والآليات الفنية التي يتم اعتمادها، دفعت أطرافًا دولية و”الأمم المتحدة” للتدخل.
والأسبوع الماضي؛ تم التوصل إلى اتفاق تسّوية بين الأحزاب السبعة في “كُردستان”، أفضى إلى تفاهم على إجراء الانتخابات وفق أربع دوائر انتخابية، هي: “أربيل والسليمانية ودهوك وحلبجة”، واعتماد وثائق الناخبين الموجودة لدى مفوضية الانتخابات الرئيسة في “بغداد”، وتفعيل مفوضية الانتخابات الخاصة في الإقليم.
وأعلنت الأحزاب في بيان مشترك؛ منتصف الشهر الحالي، أنها اتفقت على: “اتّباع نظام أربع دوائر انتخابية حسّب محافظات الإقليم، واعتماد السّجل البايومتري للمفوضية العُليا المستقلة للانتخابات في العراق، مع جميع مسّتلزماته، إضافة إلى الاستناد إلى بيانات وزارة التخطيط في الحكومة الاتحادية، لتحديد نسّبة مقاعد المحافظات”.
لم تُجرى منذ 2018..
وكانت آخر انتخابات أجريت في الإقليم؛ في عام 2018، قد تمخض عنها فوز (الديمقراطي الكُردستاني) بالأغلبية، بواقع: 45 مقعدًا من أصل: 111 مقعدًا، هي مجموع مقاعد برلمان الإقليم.
بينما حصل غريمه التقليدي؛ (الاتحاد الوطني الكُردستاني)، على: 21 مقعدًا. وتوزّعت المقاعد المتبقية على حركة (التغيير)؛ بواقع مقعد، و08 مقاعد لحركة (الجيل الجديد)، و07 مقاعد لـ (الجماعة الإسلامية). وحصل (الشيوعي الكُردستاني) وكتل أخرى على ما بين مقعد وخمسة مقاعد.
وينصّ قانون الانتخابات في الإقليم على تسّمية رئيس الإقليم الجديد وتشكيل الحكومة من قبل الكتلة؛ التي تحصل على أكبر عدد من مقاعد البرلمان خلال الانتخابات التي تشّرف عليها مفوضية الانتخابات العراقية الاتحادية في “بغداد”، ومراقبة من بعثة “الأمم المتحدة”.
يُشار إلى أن “برلمان كُردستان” قد صّوت؛ في شهر تشرين أول/أكتوبر من العام 2022، على تمديد عمره التشريعي وتأجيل الانتخابات لعامٍ واحد على أن يتم إجراؤها؛ خلال العام 2023، مع انتخابات مجالس المحافظات.
وينص قانون الانتخابات في الإقليم على تسّمية رئيس الإقليم الجديد؛ وتشّكيل الحكومة من قبل الكتلة التي تحصل على أكبر عدد من مقاعد “البرلمان الكُردي”.
زيادة التأزم مع أزمة “الاتحادية”..
وخلال العامين الماضيين؛ ازدادت أزمة إجراء الانتخابات في “كُردستان” سّخونة مع تأزم الأزمة السياسية في “العراق” والاستقطاب بين (الإطار التنسيقي)؛ الموالي لـ”إيران” من جهة، و(التيار الصدري) من جهة أخرى.
وطال الاستقطاب الاتحادي، “إقليم كُردستان العراق”، وحرك استقطابًا على نطاق جغرافي أصغر، حيث تحالف في فترة من الأزمة السياسية، الحزب (الديمقراطي الكُردستاني) مع (التيار الصدري) وتحالف (السّيادة) السُني، فيما انضم (الاتحاد الوطني) إلى الجبهة الشيعية؛ (الإطار).
وعلى ما يبدو؛ فإن تشكيل حكومة اتحادية وتراجع حدة الأزمة، ولو مؤقتًا، سّاهم في دفع مفاوضات إجراء الانتخابات في “كُردستان”، وصولاً إلى تحديد موعدها بشكلٍ رسّمي، وفق مراقبين.
في المقابل ومنذ سقوط “صدام حسين”؛ عام 2003، كان كل رؤساء “جمهورية العراق” من (الاتحاد الوطني الكُردستاني).
ويلعب البرلمان دورًا مهمًا في الإقليم؛ فهو يمنح الثقة للحكومة المحلية ورئيسها، كما يقرّ القوانين في الإقليم الذي يملك أيضًا قواته الأمنية الخاصة.
عدم الاتفاق ينعكس سلبًا على جهود التوافق..
يقول الأكاديمي والخبير في الشؤون البرلمانية العراقية؛ “طارق جوهر”، في لقاء مع موقع (سكاي نيوز عربية)؛ أن الإعلان جاء دون التوصل لاتفاق نهائي وشامل بين أطراف العملية السياسية في الإقليم، وهو ما قد ينعكس سلبًا على جهود التوافق؛ خاصة مع وجود تفاهمات أولية حول تنظيم الانتخابات، التي لا تزال بحاجة لبلورة اتفاق ناجز.
ويتمحور الخلاف خاصة بين (الديمقراطي) و(الاتحاد) على المفوضية والقانون الانتخابي؛ وحول مقاعد (كوتا) المكونات، فضلاً عن سّجلات الناخبين، وهي جميعها ملفات شائكة ولابد من تسّويتها قبل الذهاب لصناديق الاقتراع.
لا ننسّى أنه قريبًا جدًا ستّبت “المحكمة الاتحادية”؛ بـ”بغداد”، بالطعن في شرعية تمديد “برلمان كُردستان العراق”، وهناك دعوات ومطالبات لها بإقرار إشراف “المفوضية العُليا المستقلة” للانتخابات العراقية على العملية الانتخابية في “كُردستان”، وهو ما سينعكس على التجاذبات الداخلية الكُردية ويُسّهم في تقريب الأطراف المختلفة.
ففي ظل اتفاق القوى الكُردية على الاستعانة بسّجلات المفوضية بـ”بغداد” وبيانات “وزارة التخطيط” الاتحادية؛ لتحديد مقاعد محافظات الإقليم، قد تتم كذلك إناطة أمر إدارة العملية الانتخابية في الإقليم بالمفوضية العُليا بـ”بغداد”.
وكان “برلمان إقليم كُردستان العراق”، قد مدّد في تشرين أول/أكتوبر الماضي، ولايته التشّريعية حتى نهاية العام 2023، خلال تصّويت بغالبية: 80 نائبًا من أصل: 111، صّوتوا لصالح قانون تمّديد الدورة الخامسة للبرلمان التي انتهت في تشرين ثان/نوفمبر عام 2022، وذلك على وقع الخلافات السياسية التي أدت لعدم إجراء الانتخابات العامة التي كانت مقررة خريف 2022.
وجاء في بيان صادر عنه حينها؛ أن التمدّيد خطوة: “لقطع الطريق على حدوث فراغ قانوني وتمثيل مبدأ استمرارية المؤسسات الدستورية في إقليم كُردستان العراق”.