5 فبراير، 2025 6:04 م

مع الاضطرابات بالمنطقة .. هل ينجو الاقتصاد العراقي من براثن الأزمة السورية ؟

مع الاضطرابات بالمنطقة .. هل ينجو الاقتصاد العراقي من براثن الأزمة السورية ؟

وكالات- كتابات:

رُغم أن “العراق” يواجه تحديات اقتصادية كبيرة نتيجة الاضطرابات التي تشهدها المنطقة، مثل الأزمة السورية الأخيرة؛ وسقوط نظام “بشار الأسد”، فإن تأثير هذه الأزمات على الاقتصاد العراقي ظل محدودًا، وفق خبراء.

ويعزو الخبراء ذلك إلى عوامل عدة؛ من بينها الأسواق البديلة والمخزون الاستراتيجي، مؤكدين أن الاقتصاد العراقي قد يشهد استقرارًا وتحولًا إيجابيًا في المستقبل القريب، ولكن ضمن بيئة إقليمية متأزمة سياسيًا واقتصاديًا.

تدفق عاديّ للمواد الغذائية..

وأكد المتحدث باسم “وزارة التجارة” العراقية؛ “محمد حنون”، أن الأسواق العراقية تشهد انسيابية كبيرة في المواد الغذائية ولا تُعاني من أي نقص.

وقال إن اعتماد بلاده الأساس ليس على “سورية”؛ بل على دول الجوار مثل: “إيران وتركيا والسعودية” ودول أخرى.

وفجر الأحد الماضي؛ 08 كانون أول/ديسمبر الحالي، نجحت فصائل المعارضة في دخول العاصمة السورية؛ “دمشق”، بعد الاستيلاء على مدن: “حلب وحماة وحمص”، في الشمال والوسط، مما دفع “بشار الأسد” إلى الفرار من البلاد وإنهاء (05) عقود من حكم عائلته.

وبشأن التبادل التجاري مع “سورية”، أشار “حنون” إلى أنه كان محدودًا جدًا نتيجة للظروف الأمنية التي كانت تعيشها “سورية”؛ خلال الفترة التي تَلَتْ عام 2011، موضحًا أن العُملة المعتمدة كانت “الدولار الأميركي” منذ عام 2003، ولكن بسبب صعوبة التحويلات المالية نتيجة الحصار الاقتصادي، لجأ التجار إلى إيداع قيمة البضاعة في بنوك بالمنطقة وأخرى آسيوية.

توقف الشراء من “سورية”..

وأوضح المسؤول الحكومي أن الضبابية في المشهد السياسي السوري دفعت التجار إلى التوقف عن شراء واستيراد المواد الغذائية والمنزلية لحين استقرار الوضع.

ولفت إلى أن البضائع السورية فقدت حصتها السوقية في “العراق” بشكلٍ كبير خلال السنوات الماضية، وحلت محلها بضائع من “تركيا وإيران” ودول “الخليج والصين”، وذلك بسبب صعوبة التداول المالي وارتفاع أسعار البضائع السورية على خلفية زيادة أسعار المحروقات في “سورية”.

وأكد “حنون” أن “العراق” يتطلع إلى استقرار الوضع السياسي في “سورية” لتقييّم إمكانية زيادة حجم التبادل التجاري وبناء علاقات اقتصادية متينة.

شراكات واسعة..

بالمقابل أكد المتحدث الرسمي باسم غرفة تجارة بغداد؛ “رشيد السعدي”، أن الأزمة التي تمر بها “سورية” أثرت بشكلٍ كبير على السوق العراقية، وخاصة في قطاعات السياحة والزيارات الدينية والتبادل التجاري.

وقال إن ميزان التبادل التجاري يميل لصالح “سورية”، حيث يستورد “العراق” كميات كبيرة من الخضار والفواكه والمستلزمات الأخرى والمنسوجات.

وقدر “السعدي” حجم التبادل التجاري بين “العراق وسورية”: بـ (03) مليارات دولار سنويًا تشمل التجارة عن طريق المنصة الرسمية والتجارة عبر السوق الموازية أو ما يعرف بـ”السوق السوداء”.

وأوضح أن “العراق” لديه شراكات واسعة مع “سورية”، فبعد عام 2003، فتحت “سورية” أبوابها للتجارة مع العراقيين واستقبلت عددًا كبيرًا من المواطنين، الذين انخرط العديد منهم في التجارة أثناء إقامتهم هناك، وخاصة رجال الأعمال الذين عقدوا صفقات وشراكات وأنشؤوا معامل ومصانع، وامتدت أعمالهم وشركاتهم داخل “العراق” أيضًا.

وأكد “السعدي” أن البضائع الواردة من “سورية” إلى “العراق” كانت غزيرة جدًا للفترة من عام 2003 حتى سقوط نظام “بشار الأسد”.

وأوضح “السعدي” أن “العراق” يستورد المواد الإنشائية والمواد الزراعية، مثل الأسمدة والمبيدات من “سورية”، كما أشار إلى أن الأزمة السورية الأخيرة وسقوط نظام “الأسد”، أثرت على قطاع السياحة والطيران والنقل البري نتيجة لإغلاق الحدود.

حقول النفط والغاز..

وتطرق “السعدي” إلى ملف تصدير الغاز من حقول (عكاز) في “الأنبار”، الذي اعتبره موضوعًا مهمًا ضمن خط التصدير إلى “أوروبا”.

وأضاف أن “العراق” لديه خط تصدير نفط عبر “بانياس” السورية، وهو خط مهم جدًا يتطلع “العراق” إلى إعادة تشغيله والاستفادة منه في تصدير النفط.

ويربط خط النفط؛ الذي افتتح عام 1952، بين حقول النفط العراقية في “كركوك” وسط البلاد؛ وميناء “بانياس” الواقع شمال غربي “سورية”، وبقي يعمل سنوات طويلة قبل أن يتعرض لأضرار جسيمة خلال الغزو الأميركي لـ”العراق” عام 2003.

وكان “باسم العوادي”؛ الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية، قال في 17 تموز/يوليو 2023: “يُفكر العراق بإحياء خط تصدير النفط الذي يمر بميناء بانياس، إذ يبحث العراق عن منافذ جديدة لتصدير النفط، وإننا نرى بأن العراق اليوم بات على استعداد لمناقشة أمر إعادة تأهيل خط النفط المار بين كركوك وبانياس، مع سورية”.

يُذكر أنه في عام 2007؛ اتفق “العراق” مع “سورية” على إعادة تأهيل هذا الخط، إلا أن العقد الذي أبرم مع شركة (سترويترانس) غاز التابعة لمجموعة (غازبروم) الروسية، ألغي في عام 2009 بسبب ارتفاع التكاليف ولأسباب أخرى.

انفراجة في الأيام المقبلة..

وأكد “السعدي”؛ وجود اتصال مستمر مع رجال الأعمال في مختلف المحافظات السورية، الذين أفادوه بعودتهم إلى العمل وفتح محلاتهم وأسواقهم وشركاتهم، وأن الوضع يشهد استقرارًا يومًا بعد يوم.

وأشار إلى وجود مشاورات ومداولات مستمرة مع رجال الأعمال السوريين، متوقعًا انفراجة في الأيام القادمة وعودة الوضع إلى ما كان عليه، خاصة بعد التطمينات التي قدمتها القيادة السياسية في “سورية” للدول الأخرى.

وأشار “السعدي” إلى أن بعض التجار عوضوا مستورداتهم – التي كانت تأتي من “سورية” – عن طريق “إيران وتركيا”؛ وذلك لتعويض النقص في السلع، خاصة المواد الغذائية والفواكه والخضار.

وبخصوص العُملة المستخدمة في التبادل التجاري مع “سورية”، أوضح “السعدي” أنها: “الدولار”، رُغم “العقوبات الأميركية”.

مخزونات كافية..

بدوره؛ أوضح الخبير الاقتصادي؛ “صفوان قصي”، أن الوضع الحالي في “سورية” سيَّساهم في استقرار السوق العراقية، حيث إن معظم التجار العراقيين يمتلكون مخزونًا كافيًا من المنتجات السورية لتلبية الطلب المحلي لفترة قادمة، مشيرًا إلى أن هذا الوضع الجديد سيؤدي إلى انخفاض الطلب على الدولار في “السوق السوداء”.

وقال “قصي”؛ إن الاستيراد المنظم بين “العراق وسورية” كان محدودًا في السنوات السابقة، إلا أن المنتجات السورية، خاصة المواد الغذائية والمنظفات، كانت موجودة بشكلٍ كبير في الأسواق العراقية شأنها في ذلك شأن البضائع الإيرانية نتيجة رخص أسعارها وانخفاض تكاليف نقلها عبر الحدود بسبب التقارب الجغرافي.

وتوقَّع زيادة الاستيراد في المستقبل؛ خاصة مع وجود مصالح مشتركة بين البلدين في إدارة المياه وتأمين الاستقلال الغذائي.

وأوضح أن فتح الحدود بين البلدين قد يُشكل بعض المخاطر في الوقت الحالي، إلا أنه يتوقع زيادة حجم التبادل التجاري في المستقبل، خاصة وأن “العراق” يمتلك خطوط أنابيب لنقل الغاز والنفط يمكن أن تعبَّر الأراضي السورية لتصل إلى دول “الاتحاد الأوروبي”، منوهًا إلى أن هذا الأمر سيَّساهم في زيادة إيرادات “العراق” وتقليل الاعتماد على الدولار.

وأعلن الفريق أول الركن “قيس المحمداوي”؛ نائب قائد العمليات المشتركة بـ”العراق”، في 30 تشرين ثان/نوفمبر الماضي، إغلاق حدود بلاده بشكلٍ كامل، تزامنًا مع الأحداث التي تشهدها الجارة “سورية”.

وتوقع “قصي” عدم ارتفاع أسعار السلع؛ حيث ستظل المنتجات السورية متاحة في الأسواق العراقية، مشيرًا إلى أن “العراق” منفتح على التعاون التجاري مع دول أخرى مثل: “الأردن وتركيا ودول الخليج” لتغطية أي نقص في السلع.

وبيّن أن عودة العلاقات التجارية بين “العراق وسورية” إلى طبيعتها ستؤدي إلى زيادة تدفق “الدولار” إلى السوق النظامية وانخفاض التحويلات المالية إلى “سورية”، حيث يتوقع عودة الكثير من السوريين المقيمين في “العراق” إلى بلادهم والذين يتجاوز عددهم: (300) ألف شخص.

وشدّد على أن الطلب على “الدولار” سينخفض بشكلٍ كبير مع بناء نظام ديمقراطي في “سورية”، مما سيمكن المجتمع الدولي من إعادة النظر في التعامل بالدولار داخل “سورية”، مؤكدًا أن هذا الأمر سيَّساهم في زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين وتنظيم التعاملات المالية.

وأشار “قصي” إلى أن الفرصة مواتية لتحسّين العلاقات التجارية بين “العراق” و”سورية” وبناء تكتل اقتصادي في المنطقة لمواجهة المنافسة الإيرانية والتركية.

وأعلن وزير التجارة؛ “أثير الغريري”، أن احتياطيات القمح الاستراتيجية في البلاد تكفي لأكثر من (06) أشهر من الاستهلاك، مشيرًا إلى أن: “العراق لديه مخزون استراتيجي من جميع المواد الغذائية؛ وخاصة من محصول الحنطة”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة