28 مارس، 2024 12:45 م
Search
Close this search box.

مع اقتراب الانتخابات .. “إردوغان” يحاول حل أزمة الاقتصاد بـ”الحديث عن المؤامرة” !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – لميس السيد :

في تجمع حاشد لحملة قبل الانتخابات البلدية، في آذار/مارس 2019، تعرض الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، لمواجهة من قِبل مجموعة من العمال العاطلين الذين يطالبون بتوفير وظائف، لكنه رد بأنه لا يملك شيئًا ليقدمه.

“لا تتوقعوا أي شيء منا”.. هكذا كان رد الرئيس “إردوغان”، الذي أوردته صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية، والذي ينم عن لحظة عميقة أعلن فيها الرئيس التركي عن الإنهيار بفعل الإنزلاق الاقتصادي للبلاد لأول مرة، منذ 17 عامًا، له في السلطة.

بعد فترة طويلة من النمو المتواصل، دخلت “تركيا” في حالة ركود وسط تراجع ثقة المستثمرين وأزمة الائتمان، حيث إزداد الإفلاس وتضاعف معدل البطالة والتضخم، حيث أصبح ارتفاع الأسعار، وخاصة في أسواق الخضار، هاجسًا وطنيًا.

تقدم الأزمة الاقتصادية الآخذة في الاتساع الآن، “حزب العدالة والتنمية” التابع للرئيس، لمواجهة صعبة أمام الشعب وتتحدى دعم حزبه في البلدات والمدن الصغيرة مع اقتراب موعد الانتخابات المحلية.

مؤامرة أجنبية وعملاء الداخل..

ويحاول “إردوغان”، الذي لا يزال يتمتع بشعبية ويقود حملة حزبه في الحفاظ على دعمه بين المواطنين، ولكن يتحدى ذلك ارتفاع الأسعار في أسواق الفاكهة والخضار. ويواجه “إردوغان” ذلك بتكتيكات تم اختبارها بشكل جيد في حملته الانتخابية للرئاسة من خلال الإلقاء بلائمة ارتفاع التكاليف على “مؤامرة أجنبية”، كما يهاجم السياسيين المعارضين لقيامهم بحملة وهمية للترويج للتحديات الاقتصادية.

وقال “إردوغان” لمسؤولي انتخابات الحزب هذا الشهر: “إن الحديث عن أسعار الطماطم والبطاطا والباذنجان والفلفل الأخضر وما إلى ذلك”.. “أشقائي، كل هذا مجرد وسيلة للتحايل”.

وقال إن الحكومة أرسلت مفتشين للحفاظ على الأسعار منخفضة في أسواق الجملة. وعندما واجه المفتشون استقبال عدائي من تجار الجملة، شبه “إردوغان” مهاجميهم بالإرهابيين، قائلًا: “لقد حاولوا ضرب مفتشينا. لماذا ؟.. لأنهم ركلوا عش الدبابير”.

قال “إردوغان”: “إذا كان هناك من يعتقد أنهم أقوى من الدولة، فيجب أن يعلموا أننا سننهي أولئك الذين يرعبون سوق الجملة بأسرع ما يمكن، حيث أنهت الدولة الإرهابيين في (كودي، غبر، تندوريك) وداخل الكهوف”. في إشارة إلى عمليات “تركيا” لمكافحة الإرهاب ضد المتمردين الأكراد في جنوب شرق “تركيا”. وأضاف: “نحن لن نسمح باستغلال أمتنا”.

ويعتبر “إردوغان”، الذي فاز بالانتخابات العام الماضي برئاسة جديدة قوية، آمن في منصبه الذي لا ينازعه عليه أي سياسي تركي بفضل شعبيته العارمة.

أهمية الانتخابات البلدية..

لكن البلديات هي أساس الدعم لكونها قادرة على تقديم الخدمات، خاصة للطبقة العاملة الحضرية والمجتمعات المحافظة.

هناك، على المستوى المحلي، مؤشرات تظهر تدهور معدلات شعبية الحزب الحاكم في “تركيا”، حيث فشل الحزب في الفوز بأغلبية في الانتخابات البرلمانية، العام الماضي، مما أجبره على الدخول في ائتلاف مع “حزب الحركة القومية”، وقد يواجه اختبارًا مماثلًا في الانتخابات المحلية، في 21 آذار/مارس الجاري.

وتظهر بعض الاستطلاعات أن شعبية الحزب لا تتخطى 30 في المئة، ويحذر كتاب الأعمدة الموالية للحكومة بالصحف التركية؛ من أنه بات يفقد شعبيته بشكل مقلق، وألقى مؤيدو النظام باللوم على المسؤولين المحليين الفاسدين أو غير الأكفاء.

ونفى “سيفديت يلماز”، نائب رئيس “حزب العمال الكُردستاني”، أن يكون الحزب قد تراجع في استطلاعات الرأي، في مؤتمر صحافي الشهر الماضي، لكنه أعترف بأن استطلاعات الرأي أظهرت وجود عدد مرتفع جدًا من الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم بعد بشأن الانتخابات. ومع ذلك، قال “يلماز” إنه واثق من أن الحزب سيحقق نتيجة مساوية للانتخابات البرلمانية، في العام الماضي، لأنه حزب قوي مقارنة بالأحزاب الأخرى الصغرى.

ارتفاع الأسعار.. ضاغط اجتماعي ومرآة إهمال حكومي !

لكن لا شك أن الأسعار – التي تصاعدت بشكل حاد بعد أن خسرت “الليرة” التركية أكثر من 25 في المئة من قيمتها في عام 2018 – تحتل مركز الصدارة في أذهان الأتراك.

كان المتسوقون والتجار، في الأسواق المجاورة لـ”إسطنبول”، مترددين في التعبير عن الانتقادات الموجهة للحكومة، ولكن التوتر حول الأسعار كان واضحًا، حيث عبرت إحدى المتسوقات عن صدمتها في ارتفاع الأسعار؛ قائلة إن يديها ترتجفا وهي تتعامل مع “الفلفل” الذي تضاعف سعره ثلاث مرات في الأسابيع الأخيرة، خاصة أن كثير من محصول “الفلفل الأخضر” قد فسد في زراعات العام الماضي.

ويعاني المزارعون نتيجة السياسات الاقتصادية، التي أهملت الزراعة لصالح البنية التحتية وتنمية الإسكان بشكل كبير، حيث قال “أحمد أتاليك”، رئيس فرع غرفة المهندسين الزراعيين في “إسطنبول”:  “إن مشكلة تركيا الأساسية بشأن أسعار الغذاء هي السياسة الزراعية”.

وتحولت الحكومة لاستيراد المواد الغذائية، ونتيجة لذلك، لم يعد بإمكان المزارعين كسب لقمة العيش، وبات التخلي عن حقولهم بشكل مطرد هو الحل.

في السنوات الـ 17 من حكم السيد “إردوغان”، تم الاستغناء عن زراعة أكثر من 7.4 مليون فدان من الأراضي الزراعية، وهي مساحة تقارب مساحة “بلجيكا”. وقال إن عدد المزارعين المسجلين انخفض من 2.8 مليون إلى 2.1 مليون في السنوات العشر الماضية.

وفي محاولة لضبط الأسعار، قام “إردوغان” بعمل مجموعة من الإجراءات بنفسه، بما في ذلك خصومات بنسبة 10 في المئة على فواتير الكهرباء المنزلية والغاز الطبيعي، والتي زادت عدة مرات في الأشهر الأخيرة، وكسور مماثلة للشركات الصغيرة والمتوسطة.

ورفعت الحكومة الحد الأدنى للأجور 26 في المئة، في بداية العام، وطرح قانون جديد لإزالة مفوضي الدولة الذين يعملون كوسيط بين المزارعين والسوق.

ومع افتتاح الحملة الانتخابية، أقامت الحكومة أكشاك سوق بلدية مؤقتة لبيع الفواكه والخضروات بسعر التكلفة، ولكن هذا النهج ينطوي على مخاطر غير معلنة؛ منها الإضرار ببنية السوق، وفقًا لما ذكرت “سيلفا ديميلب”، أستاذة الاقتصاد في جامعة “كوك” في “إسطنبول”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب