خاص : كتبت – نشوى الحفني :
تزامنًا مع الحديث حول إعادة إحياء الحوار الإستراتيجي، بين “العراق” و”أميركا”، والذي من المقرر أن يبدأ خلال، شهر نيسان/إبريل المقبل، حدد “ماثيو تولر”، السفير الأميركي لدى العراق، 4 أولويات للإدارة الجديدة في “العراق”، تتمثل في: محاربة تنظيم (داعش) الإرهابي، والذي على ضوئه توجد القوات الأميركية في “العراق”؛ بطلب من الحكومة العراقية، وكذلك مساعدة الحكومة في محاربة الفساد ومواجهة التحديات الاقتصادية، ومواجهة جائحة (كورونا)، وأزمة تغيّر المناخ.
وخلال مشاركته في ندوة مرئية من تنظيم “معهد الولايات المتحدة للسلام”، أوضح السفير الأميركي؛ أن: “الأهداف الإستراتيجية الأميركية ثابتة، رغم تغيّر الإدارات المتعاقبة في البيت الأبيض، إلا إنه من ناحية عملية؛ فإن إحدى ثمار هذا النظام الأميركي أنه في كل 4 أو 8 أعوام تأتي إدارة جديدة تنظر إلى التحديات بعيون تختلف عن الإدارة السابقة، وهذه العيون تجلب عدسات جديدة لبعض التحديات التي نواجهها، لكن بالطبع ستكون هناك استمرارية؛ لأن اهتمام الولايات المتحدة بهذا البلد الحيوي لن يتغير”.
ضرورة تعافي الاقتصاد العراقي..
وأفاد “تولر”؛ بأن: “مواجهة أزمة (كوفيد-19)، والإعانات الاقتصادية، والتغير المناخي، على رأس أولويات إدارة الرئيس، بايدن، والتي تسعى إلى وضع الوباء تحت السيطرة، ليس فقط لإنقاذ آلاف الأرواح يوميًا، ولكن أيضًا لأنه ضروري لتعافي الاقتصاد”، عادًّا أن: “ذلك ينطبق أيضًا على النمو الاقتصادي في الشرق الأوسط، فالأزمة الاقتصادية مشتركة، بسبب فيروس (كورونا)، الذي يهدد الأمن القومي للدول إذا لم يوضع تحت السيطرة”.
تغير المناخ تحدٍ طويل الأمد !
مضيفًا أن: “الرئيس بايدن؛ يدرك أيضًا أنه لا يوجد تحدٍ طويل الأمد أكبر من تغير المناخ، ونحتاج جميعًا إلى رفع مستوى طموحاتنا المناخية، فنحن ملتزمون بالعمل مع دول المنطقة حول كيفية تعظيم المساهمات في أهداف (اتفاقية باريس)، ويُعدّ تغير المناخ مشكلة حقيقية في العراق، الذي يتأثر بالفعل بندرة المياه ومحدودية الوصول إلى درجات حرارة مناسبة لمياه الشرب الآخذة في الارتفاع، كما أن حالات الجفاف تتفاقم بشكل متكرر، كما ندعم جهود العراق التي تشتد الحاجة إليها لإصلاح وتنويع اقتصادها الذي يعتمد على النفط؛ إذ قدّم العراق، (كتابًا أبيض-الورقة البيضاء)، بشأن الإصلاح الاقتصادي في تشرين أول/أكتوبر من العام الماضي، وخطة تنفيذ إصلاحية في كانون ثان/يناير الماضي. نأمل أن تنتقل هذه الإصلاحات من الورق إلى الحقيقة وتصير واقعًا ملموسًا”.
هزيمة “داعش“..
وأكد السفير “تولر”؛ على أن هزيمة تنظيم (داعش) الإرهابي تظل مهمة أمنية ذات أولوية أميركية، في “العراق”: “فقد كانت التفجيرات الانتحارية المزدوجة، في بغداد، في كانون ثان/يناير الماضي، بمثابة تذكير واقعي بالتهديد الذي لا يزال الإرهاب يمثله”، مشيرًا إلى أنه: “رغم خسارة التنظيم بشكل مادي، فإن وجود القوات الأميركية، في العراق، يأتي بناءً على دعوة من الحكومة العراقية، للقيام بمهمة محدودة تركز على تقديم المشورة والمساعدة لقوات مكافحة الإرهاب العراقية؛ بما في ذلك (البيشمركة)، لمنع تنظيم (داعش)”.
استمرار الوجود الأميركي في العراق..
وفي نقطة تثير إشكالية كبرى، في الداخل العراقي، نوّه السفير الأميركي: بـ”مواصلة الحفاظ على هذا الوجود الأميركي، ما دام ذلك ضروريًا لمساعدة الحكومة العراقية في منع عودة (داعش) والإرهابيين لتهديد الشعب العراقي وتهديد الأمن الإقليمي”، مؤكدًا على أن الانتخابات العراقية المقبلة تمثل: “نقطة تحول في ديمقراطية العراق. والمراقبة الدولية الفاعلة للانتخابات ستكون مفيدة في تعزيز الثقة بالعملية الانتخابية، ومنع تكرار المشاركة المنخفضة، في انتخابات 2018، مما أدى إلى تحقيق الأحزاب المتحالفة مع إيران مكاسب في مجلس النواب”.
الفساد يوازي خطورة الإرهاب..
من جهته، تحدث “فريد ياسين”، السفير العراقي لدى الولايات المتحدة، عن خطورة الفساد في “العراق”، وقال إنه: “يوازي خطورة الإرهاب؛ إذ إن البلاد تواجه وضعًا ماليًا واقتصاديًا صعبًا، كما أن كثيرًا من الشباب العراقي يجدون صعوبة في العثور على وظائف، وغير راضين كما ينبغي عن الخدمات المقدمة في البلاد”.
موضحًا أنه: “فوق كل ذلك؛ تأثرنا، مثل أي بلد آخر، بمرض (كوفيد-19)، ونحن في حالة، (ما بعد الصراع)، مع كل ما يعنيه ذلك؛ فيما يتعلق بالجماعات المسلحة، ومخيمات اللاجئين المشردين داخليًا”.
وأشار “ياسين”؛ الذي شارك في الندوة المرئية، إلى أن “العراق”: “لا يزال في مواجهة مفتوحة مع بقايا خلايا (داعش) النائمة والفرق المتجولة، ويعاني من سياق جيوسياسي صعب، خصوصًا في ظل التوترات بين الولايات المتحدة وإيران”.
عدم الدخول في صراعات..
مشددًا على أن “العراق”: “يريد أن يكسب الجميع، وألا يكون مركزًا للصراعات”، موضحًا أن: “إيران هي جارتنا والولايات المتحدة صديقتنا، وهذا يلخص كثيرًا من الحقائق التي يتعين علينا التعامل معها”؛ إذ يرى أن: “لكل أمر حقه، والعراق ليس على استعداد لأن يكون جزءًا من أي صراع في المنطقة، وألا نكون جزءًا من أي محور ضد أي محور آخر في المنطقة، كجزء من استقلالنا وتأكيدنا على السيادة. مع ذلك؛ من بين جميع أصدقائنا، الولايات المتحدة واحدة من الأصدقاء الذين وصفتهم بأنهم لا غنى عنهم”.
ثمة تغيير في نوعية الخطاب الأميركي !
تعليقًا على تصريحات السفير الأميركي، قال الباحث، “خضر عبدالرحمن”؛ أن: “الإدارة الأميركية الجديدة، من خلال تصريح سفيرها؛ توحي بأن اهتمامها بالعراق يتجاوز مسألة محاربة الإرهاب والشراكة الأمنية التقليدية بين الحكومتين، لتكون للولايات المتحدة مساهمة في المسألة التي تهم يوميات المواطن العراقي، بالذات في ملفي مواجهة فيروس (كورونا) والفساد المستشري في مؤسسات الدولة”.
موضحًا: “كذلك فإنه ثمة تغيير في نوعية الخطاب الأميركي، من خلال إدخال مقترحات واهتمامات مناقضة لخيارات الإدارة السابقة، مثل ملف مواجهة التغيير المناخي والقضايا البيئية، التي هي محل إهمال تام من قِبل الحكومة العراقية”.
لن تستطيع واشنطن تحقيق طموحاتها المعلنة..
فيما قلل الباحث والناشط المدني الكُردي العراقي، “شفان محمد صالح”، المُقيم في “الولايات المُتحدة”؛ من إمكانية تحقيق “الولايات المُتحدة” لطموحاتها المُعلنة من خلال هذه الإستراتيجية بسهولة.
مشيرًا إلى أن الانتخابات البرلمانية المُقبلة، التي من المُفترض أن تجرى، في شهر تشرين أول/أكتوبر المقبل، هي التي ستحدد قدرة “الولايات المتحدة” على الاستمرار في “العراق” بالشكل الراهن.
لافتًا إلى أنه: “يعرف أصحاب القرار، في الولايات المُتحدة، بأن ملف مواجهة الإرهاب في عموم المنطقة، وبالذات في العراق، يحتاج إلى قرار إستراتيجي أولي يتعلق بالآلية التي سوف تتعامل بها هذه الإدارة مع عموم الملف الإيراني. فالإرهاب منبعث أساسًا من تشظي الدول وانتشار أشكال الفوضى في المجتمعات والمؤسسات، وهو أمر تساهم فيه إيران بشكل فعال وتأسيسي، ودون قرار جذري يتعلق بآلية التعامل مع إيران، لا يمكن تحقيق شيء في ملف محاربة الإرهاب، خلال المواجهة المفتوحة دون أفق”.
وأضاف أن: “الملفات الأخرى التي أضافتها الإدارة الأميركية إلى أولوياتها، مثل مواجهة الفساد والتغيير المناخي، فإنها تستطيع فقط أن تساعد الحكومة العراقية ببعض الخبراء والمُرشدين، لكن جوهر هذه القضايا في العراق سياسي، يتعلق ببنية النُخبة الحاكمة، التي ترى الدولة العراقية ومنابع الثروة العامة مصدرًا خاصًا لها ولتنظيماتها السياسية وأذرعها العسكرية”.
واعتبر أن إدارة الرئيس، “جو بايدن”، لن تتمكن من تنفيذ أية خطوات عملية في ذلك الاتجاه، بدليل أن الاتفاقية الإستراتيجية بين البلدين شبه معطلة، رغم أنها كانت تعد بتحول تنموي إستراتيجي في “العراق” بمساعدة “الولايات المتحدة”.