وكالات – كتابات :
لطالما سعت الجماعات الإرهابية ومنتهكي حقوق الإنسان؛ المدعومين من “إيران”، إلى تأسيس شركة تتمتع بفرص تفضيلية للحصول على عقود حكومية مربحة، على غرار شركة (خاتم الأنبياء)؛ التابعة لـ (الحرس الثوري) الإسلامي الإيراني. وفي هذا الصدد؛ قامت حكومة “السوداني” بعكس سياسة قائمة منذ سنوات من خلال موافقتها على الفكرة وبدئها في منح أراضي ضخمة إلى “شركة المهندس العامة”؛ بحسّب ما استهل به تقرير نشره “معهد واشنطن”.
يؤكد التقرير الذي أعده كلاً من: “مايكل نايتس، وحمدي مالك، و كريسبين سميث”، في 21 آذار/مارس 2023، أطلقت “شركة المهندس العامة” مشروعها الأول الذي يقوم على التزام بغرس: مليون شجرة في قطعة أرض قدمتها الحكومة في محافظة “المثنى”، تبلغ مسّاحتها مليونا دونم عراقي؛ (1.2 مليون فدان أو 1930 ميل مربع).
ومُنحت الأرض إلى قوات (الحشد الشعبي)، خلال الاجتماع الأسبوعي السادس لمجلس وزراء حكومة “السوداني”، الذي انعقد في 28 تشرين ثان/نوفمبر 2022. وحضر حفل إطلاق المشروع كل من رئيس (الحشد الشعبي)؛ “فالح الفياض”، المصنّف على قائمة انتهاكات حقوق الإنسان الأميركية، ورئيس أركانه؛ “عبدالعزيز المحمداوي”؛ (أبوفدك)، المصنّف على قائمة الإرهاب الأميركية.
قصة مشروع أراض “المثنى”..
ويتولى المهندس “صلاح المهدي”؛ قيادة مشروع غرس الأشجار، وكان قد ادّعى في الحدث الذي نُظم بتاريخ 21 آذار/مارس، أن “شركة المهندس” تعتزم العمل على مساحة مليونيْ دونم عراقي من الأراضي في “المثنى”.
ويرصد التقرير الأميركي؛ تمّ منح هذه الأرض كقطعتين، حيث سُلّمت القطعة الأولى؛ في 06 كانون أول/ديسمبر 2022، حين صرّح وزير الزراعة العراقي؛ “عباس العلياوي”، لقناة (العهد)؛ التابعة لجماعة (عصائب أهل الحق)، بأن: قوات (الحشد الشعبي) حصلت على أرض بمسّاحة: مليون دونم عراقي في “المثنى”. ولا بدّ من أن تكون عملية نقل الأرض التي تُسّيطر عليها أساسًا وبحكم الأمر الواقع: قوات (الحشد الشعبي) قد حصلت فور منح حكومة “السوداني”؛ الشركة، رأس مال أولي بقيمة: 100 مليار دينار عراقي؛ (ما يُعادل 67 مليون دولار)، ينطوي بنسّبة: 90 في المئة منه على أصول حكومية منقولة وبنسّبة: 10 في المئة على أموال نقدية.
وقد استلمت الشركة الآن القطعة الثانية؛ البالغة مساحتها: مليون دونم عراقي في “المثنى”. وما لم يتضمن عقد تأسّيس الشركة على تنازل غير مسّبوق مقابل الاستفادة من إعفاءات حكومية للحصول على أرض مجانية، فلن يتضح كيف تمّ نقل الأرض بشكلٍ قانوني.
النسخة العراقية من “خاتم الأنبياء”..
ولطالما سُعى “فالح الفياض” وغيره من قادة (الحشد الشعبي) إلى تأسيس شركة بناء يملكها (الحشد)؛ بحسب التقرير الأميركي، بهدف منح هذه القوات، التي هي بمثابة: (الحرس الثوري) الإسلامي الإيراني في “العراق”؛ المصنّف هو الآخر على قائمة الإرهاب الأميركية، نسّختها الخاصة من شركة (خاتم الأنبياء)؛ الخاضعة لعقوبات من “الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة”، والمملوكة لـ (الحرس الثوري).
وكان (الحرس الثوري)؛ قد أسّس (خاتم الأنبياء)؛ (المعروفة أيضًا باسم: “قرب”)؛ في عام 1990، لكي يتمكن أفراد هذه الجماعة من الحصول على مكافآتهم لقاء الدفاع عن “إيران”، وذلك على شكل أكثر من: 1200 عقد بناء، معظمها بدون عطاءات، تُقدّر قيمتها بأكثر من: 50 مليار دولار.
وظهرت أولى المسّاعي لتأسيس نسخة عراقية من (خاتم الأنبياء)؛ بقيادة قوات (الحشد الشعبي)، حين تولت الميليشيات المدعومة من “إيران” رئاسة الحكومة في “العراق”؛ عام 2018، عندما تبوء “عادل عبدالمهدي”، منصب رئيس الحكومة. ومنذ تعييّنه في تشرين أول/أكتوبر 2018؛ ولغاية شباط/فبراير 2019، ضغط رئيس (الحشد الشعبي)؛ “فالح الفياض”، ومن ثم نائب الرئيس؛ “أبومهدي المهندس”، من أجل نقل أراضي ومعدات وعقود شركة (معتصم)؛ (شركة بناء وتشيّيد طرق)، المملوكة للدولة، من “وزارة الإعمار والإسكان” إلى قوات (الحشد الشعبي).
وتم عرقلة هذه المحاولة عندما رأت الحكومة الأميركية من خلال هذا المسّعى الفاضح محاولة تقليد صيغة (خاتم الأنبياء)، واحتجت على هذه الخطوة حتى تم التخلي عنها.
تأسيس “المهندس العامة”..
أما المسّعى الثاني؛ فجاء في شباط/فبراير 2021، حين لجأ “فالح الفياض”، ورئيس الأركان الجديد في (الحشد الشعبي)؛ “أبوفدك”، إلى التهديد والوعيد في محاولة لحثّ كل من رئيس الوزراء العراقي ورئيس “الهيئة الوطنية للاستثمار”؛ على السماح بإنشاء ذراع للبناء مملوكة لـ (الحشد الشعبي)، والتي يُشار إليها الآن بتسّمية: “شركة المهندس العامة”، في لعب على الكلام باعتبار أنها تحمل معنييّن باللغة العربية: “المهندس”؛ وكنية “أبومهدي المهندس”، الذي قُتل بضربة جوية أميركية؛ قبل عام من ذلك التاريخ.
وفي ذلك الوقت، عُرضت على رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ولاية ثانية مقابل تأسيس الشركة، ولكنه رفض العرض. وفي ذلك الوقت أيضاً، فشل مسعى أبو فدك للحصول على قطعتيْ أرض بمساحة مليون دونم لكل قطعة في المثنى من خلال رخصة استثمار ومرسوم حكومي، وهو ما تمّ وهبه آنذاك وللتو إلى “شركة المهندس”.
وبعد ذلك، سّيطر (الحشد الشعبي) ببساطة على هذه المنطقة بحكم الأمر الواقع؛ وبدأت العمل دون أي تصريح بحلول حزيران/يونيو 2022، وجذبت لاحقًا مسؤولي “وزارة الموارد المائية”، لزيارة المشروع في 20 تشرين ثان/نوفمبر 2022 – أي قبل تشكيل “شركة المهندس”.
وبعد 08 أيام؛ منحت الجلسة الأسبوعية السادسة لحكومة “السوداني” الضوء الأخضر لتأسيس الشركة، وبدأت آنذاك منَحْ الأراضي تتدفق إلى الشركة دون آلية قانونية واضحة.
ونظرًا لأن مسّاحة الأراضي تتخطى بكثير متطلبات أي مشاريع فعلية، حيث أن أكبر مشروع مزرعة لإنتاج الألبان في “العراق” يمتد على مسّاحة لا تتجاوز: 36 ألف دونم، وليس مليونين، يبدو أن غرس الأشجار هو بمثابة مبرر لإعطاء (الحشد الشعبي) نسّبة هائلة تبلغ: 9 في المئة من مساحة أراضي محافظة “المثنى”.
كما أن المنطقة المختارة غير منطقية، حيث تفتقر إلى الموارد المائية الكافية لزراعة هذا الكمّ الهائل من أشجار: النخيل والجوجوبا، وتتوفر في المقابل خيارات أكثر عملية بين نهريْ “دجلة” و”الفرات”.
ومع ذلك، تتمتع هذه المنطقة بموقع استراتيجي على الحدود مع “المملكة العربية السعودية”، وهي المنطقة التي أطلقت منها الميليشيات العراقية سابقًا طائرات مُسيّرة على “السعودية والإمارات العربية المتحدة”؛ في: 2021 – 2022.
من الضروري أن تعمل الحكومة الأميركية على مراقبة “شركة المهندس” بعناية كبيرة، ومن الأفضل أن تفرض عليها عقوبات بسبب روابطها المباشرة بأشخاص مصنّفين على قائمة الإرهاب الأميركية والمتورطين في الانتهاكات الجسّيمة لحقوق الإنسان والإرهاب.
وهناك مؤشرات على أن الشركة ستُستخدم للحصول على مزيد من الأراضي تبلغ مسّاحتها ملايين الدونمات على الحدود “الأردنية-العراقية”، وفي “المثنى”، وفي محافظة “ديالى”.
ومن الممكن ترتيب منح الأراضي وغيرها من عمليات نقل العقارات عبر “وزارة الإعمار والإسكان”، أو “وزارة الزراعة”، أو “الهيئة الوطنية للاستثمار”، أو “وزارة الصناعة والمعادن”، أو “وزارة الدفاع”، أو “وزارة النفط”، أو “وزارة المالية”؛ التي هي مالك الأرض الافتراضي في “العراق”.