وكالات – كتابات :
أجرى (معهد دول الخليج العربية في واشنطن) الأميركي؛ قراءة في القيمة الإستراتيجية للطائرات المُسيّرة التي يقول الغرب إن “إيران” زودت “روسيا” بها، والأهداف التي تأمل كل من: “موسكو” و”طهران” تحقيقها من خلال هذا التعاون السري.
وبعدما أشار التقرير الأميركي؛ إلى أن “إيران” تنفي قيامها بتزويد “روسيا” بالمئات من هذه الطائرات المُسيّرة خلال الحرب الأوكرانية، لفت إلى أن: “واشنطن وباريس ولندن وبرلين”، تؤكد عكس ذلك، حيث تتحدث معلومات استخبارات أميركية مسنودة بصور من الأقمار الصناعية، أن المسؤولين الروس زاروا “مطار كاشان” الإيراني مرتين على الأقل؛ خلال الصيف الماضي، من أجل فحص المُسيّرات الإيرانية؛ بحسب مزاعم التقرير.
أنواع الطائرات المُسيّرة..
وأضاف المعهد الأميركي؛ أن المسؤولون الإيرانيون ظلوا ينفون ذلك؛ حتى حلول تشرين ثان/نوفمبر الماضي، عندما تراجعوا جزئيًا وقالوا إن “إيران” زودت “روسيا” بطائرات مُسيّرة قبل أشهر من اندلاع الحرب الأوكرانية، مضيفة أنه من المعتقد أنه تم استخدام ثلاثة أنواع من الطائرات المُسيّرة في الحرب هي: (شاهد-131) و(شاهد-136) و(مهاجر-6).
واعتبر التقرير؛ أنه من المفارقات أن من يؤيد الحكومة الإيرانية ومن يُعارضها، يميلون سوية إلى المبالغة في تقدير قيمة وأهمية الطائرات المُسيّرة الإيرانية، ويعتبر البعض أن هذه المُسيّرات حققت التوازن لـ”روسيا”.
وتناول التقرير الأميركي دوافع “إيران” للانخراط في الحرب في “أوكرانيا”؛ ودوافع “روسيا” لشراء هذه الطائرات الإيرانية.
وأوضح أن “إيران” تهدف إلى تعزيز مجموعة من المصالح العسكرية والاقتصادية والسياسية، مضيفًا أن هذا التعاون بين البلدين يُساهم في تخطي عُزّلتهما، كما تُعّزز هذه الصفقات من التعاون الاقتصادي بينهما؛ على حد ادعاء التقرير.
أما على المستوى العسكري، فقد أشار التقرير أن هذا التعاون يُتيح لـ”إيران” استخدام “أوكرانيا” كساحة لاختبار صناعاتها الوليدة من الطائرات المُسيّرة، كما أن تقديم المساعدة لـ”روسيا” في هذه المرحلة الحساسة، قد يفتح أبواب استيراد “إيران” للأسلحة الروسية المتطورة مستقبلاً.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن “إيران” تأمل؛ من خلال تدخلها في “أوكرانيا”، إلى تشتيت انتباه “الولايات المتحدة” و”أوروبا” بعيدًا عن أنشطتها في الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أنه بعد هذا التدخل الإيراني في “أوكرانيا”، فإن “طهران” عززت بشكلٍ كبير من تدخلاتها في دول مجاورة لها، كـ”أذربيجان والعراق”؛ إلى جانب تهديداتها لـ”السعودية”، مشيرًا أيضًا إلى احتمال أن تكون “طهران” قد انتزعت إلتزامات أخرى بالدعم من جانب لـ”روسيا”؛ بما في ذلك ما يتعلق ببرنامجها النووي، مستفيدة بذلك من لحظة ضعف روسية حادة في ساحة المعركة.
المصالح الروسية..
وذكر التقرير؛ أن التفسير الأكثر انتشارًا لاهتمام “موسكو” باستيراد الطائرات المُسيّرة من “إيران”، هو رغبتها في استبدال صواريخ (كروز)؛ المرتفعة الكلفة بأسلحة أقل كلفة وتُحقق نفس التأثير المستهدف، ما يعني أن دمج المُسيّرات الإيرانية في المعركة الأوكرانية كان الهدف منه في المقام الأول ماليًا.
إلا أنه أضاف أن بعض المّحللين (الغربيين) يزعمون أن “موسكو” تستخدم هذه المُسيّرات الإيرانية بهدف تدمير الدفاعات الجوية الأوكرانية ورفع مستوى العنف بطريقة تكسر إرادة المقاومة الأوكرانية.
لكن التقرير الأميركي يسوق ادعاءاته عن: “فجوة كبيرة بين الشعارات الجذابة والأداء في ساحة المعركة”، حيث أنه بخلاف المُسيّرات التركية، فإن المُسيّرات الإيرانية لا تتمتع بسجلٍ حافل بالقتال في المعارك الحقيقية، مضيفًا أنها لم يسبق لها أن أثبتت على جدواها الإستراتيجية في العمليات العسكرية، باستثناء ما جرى عندما قصفت منشآت نفطية سعودية؛ في العام 2019، (إيران نفت تورطها)، مضيفًا أن المُسيّرات الإيرانية لم تُحقق نجاحًا على المستوى الإستراتيجي في كل من: “إثيوبيا والعراق ولبنان” وأماكن أخرى.
أما في الحرب في “أوكرانيا”، فقد جرى استخدام المُسيّرات الإيرانية من أجل ضرب البنية التحتية المدنية وتخريبها من دون وجود قيمة عسكرية كبيرة؛ (كما يردد التقرير المزاعم المضللة التي ترددها الآلة الدعائية الأميركية والغربية دون أي إثبات موثق)، وأدت إلى سقوط إصابات بين المدنيين، مضيفًا أن المُسيّرات الإيرانية لم تنجح في مساعدة “روسيا” على تغيير مجرى الحرب، على الرغم من إقرار المحللين؛ بأن هذه المُسيّرات الحقت أضرارًا بالغة، مشيرًا إلى أن القوات الروسية ظلت تتراجع في بعض مسارح العمليات الحاسمة في شرق وجنوب شرق “أوكرانيا”.
غير أن التقرير اعتبر أنه في ظل حرب الاستنزاف، فإن المُسيّرات الإيرانية ستخدم “روسيا” على الاستمرار في الصراع، لأن ذلك يستنزف دعم الأسلحة الغربية الباهظ لـ”أوكرانيا”، وبالتالي ستلعب المُسيّرات الإيرانية، المصنعة بسهولة والتي يمكن نشرها بشكلٍ واسع، دورًا أكثر أهمية في الحرب.
ولفت التقرير؛ إلى أنه مع بداية الحرب، اشتكت “روسيا” إلى “تركيا”؛ فيما يتعلق بمبيعاتها من المُسيّرات التركية إلى “أوكرانيا” وطلبت الحصول على بعض المُسيّرات التركية، إلا أن شركة (بايكار) التركية المصنعة لها، قالت أنها لن تبيع مُسيّراتها للروس خلال الحرب الأوكرانية، مهما كانت قيمة الأموال التي يمكن للرئيس؛ “فلاديمير بوتين”، أن يدفعها.
وختم التقرير الأميركي مزاعمه بالقول أنه رغم أن “إيران” بدأت برنامج تصنيع الطائرات المُسيّرة قبل أن تبدأ “تركيا”، وأتيحت لها بالتالي الفرصة لكي تدمج بشكلٍ أكبر المكونات الغربية في طائراتها هذه، أكثر من “أنقرة”، إلا أن المُسيّرات الإيرانية، لا تزال بعيدة عن قدرات المُسيّرات التركية بالنسبة لمستويات تطورها ودقتها وقدراتها.
وتساءل التقرير مختتمًا عن المدى الذي ستذهب إليه “إيران” للاستفادة من الحرب الأوكرانية؛ بهدف تحسين أداء طائراتها المُسيّرة وتعزيز نفوذها وقوتها في الشرق الأوسط.