أعلن معارضون عراقيون من مدينة اسطنبول التركية، اليوم عن انبثاق “جبهة تحرير وإنقاذ العراق”، ككيان سياسي يهدف إلى تغيير النظام في البلاد ويخرجها من “الهيمنة الإيرانية” ويوقف مشروع التجزئة، في حين أكد البيان التأسيسي للجبهة أنه هدفها “إقامة حكومة راشدة” على أساس الدين الإسلامي وعبر انتخابات تضمن العدل والمساواة بين الرجل والمرأة، داعيا “جميع الاحرار بكافة طوائفهم” للوقوف مع الجبهة.
وجاء إعلان البيان التأسيسي لـ”جبهة تحرير وإنقاذ العراق” خلال مؤتمر عقد في مدينة اسطنبول تحت عنوان “مؤتمر نصرة انتفاضة الشعب العراقي” بتنظيم من (منظمة التعاون العربي التركي) وحضره عدد كبير من العراقيين المعارضين والذين يمثلون فصائل “المقاومة” وغيرها.
وجاء في البيان الذي تلاه ناطق باسم المؤتمر “جبهتنا هي عراقية شارك في تأسيسها عدد من قوى المناهضة للاحتلالين (الأميركي والإيراني)، وتنطلق في مواقفها وتصوراتها من احكام الدين الاسلامي كما جاء بالكتاب والسنة قولا وعملا، ظاهرا وباطنا مع مراعاة أحوال الناس”.
وأضافت الجبهة “هدفنا أيضا جمع الشعب العراقي حول مشروع الجبهة لتغيير الواقع الذي فرضه الاحتلال والعمل على اقامة انتخابات في ظل استقلال البلاد وصولا الى حكم ينشر العدل والامانة وتقديم الخدمات الضرورية للشعب العراقي المحروم والارتباط بعلاقات دولية”.
ولفتت إلى أنها تسعى لـ”استكمال عناصر القوة والتصدي للمخاطر التي تقيد الشعب العراق تحت قيادة جديدة تنبثق من هذه الجبهة بدلا من الحكومة الطائفية”، مؤكدة ضرورة “العمل وفقا لمبادئ الدولة الاسلامية، ولا يمكن مواجهة مشروع التجزئة الى بمشروع الوحدة واستعادة الامة الواحدة”.
وبينت الجبهة أن هدفها إحلال الشورى في الحكم عبر تأسيس حكومة راشدة”، وتابعت “اذ لا مجال للاستبداد والسلطة للشعب ويينوب عنه من ينتخبه من يتولى لإدارة الدولة”.
وذكرت الجبهة في بيانها أنها تسعى للحفاظ على “المساواة بين الرجل والمرأة ودور المرأة في المجتمع، إضافة إلى التوزيع العادل للثروات الدولة وتوفير الحاجات الاساسية لكل افراد المجتمع وتعمل على منع كل اشكال الكسب غير المشروع كالرشوة والسرقة”.
واكدت الجبهة “تضامنها مع العراقيين في ساحات العزة والكرامة في بغداد والموصل والانبار وصلاح الدين وديالى وكركوك ضد العصابة التي لم تنجح بتقديم شيء للشعب، ومن اجل عودة العراقيين من الخارج وتعويضهم، وحماية البلاد من كل وجود أميركي وإيراني”.
وتابعت الجبهة “ونهيب بجميع الاحرار بكافة طوائفهم والوقوف مع هذه الجبهة المنبثقة من صميم ارادة الشعب العراقي في نيل الحرية والحياة الكريمة”، كما دعت الأجهزة الأمنية إلى التمرد على أوامر السلطة والوقوف مع المتظاهرين”.
ولفتت الجبهة إلى انها ستعقد مؤتمرا عاما “تشترك فيها كل القوى التي لم تتورط مع المحتل لتأسيس دستور جديد، وستبقى بقيادتها في حالة انعقاد دائم حتى يتم انعقاد المؤتمر العام”.
وشارك في المؤتمر عدد من رجال الدين وممثلين لفصائل سنية اضافة الى بعض المشاركين العرب، وفيما دعا ممثل “قوى المقاومة العراقية”، قوات الجيش والأجهزة الأمنية إلى “عدم الامتثال إلى أوامر الحكومة في مواجهة المعتصمين وإلى الوقوف بجانبهم وحمايتهم أسوة بالجيش المصري”، هدد ممثل ”حركة تحرير الجنوب” الأجهزة الأمنية التي “تعتقل عشوائياً أبناء الغزالية والأعظمية واليوسفية والعامرية ومناطق أخرى”، بـ”رد قاس إذا لم تنته”، كما طالب أحد المشاركين في المؤتمر بإعادة ”الخلافة الإسلامية الراشدة” في العراق، فيما دعا مشارك آخر يبدو من خلال مظهره أنه سوداني الجنسية، يضع على كتفيه علم الثورة السورية، إلى إشراك “الشيعة وباقي المكونات في الحكم مع ”السنة” بعد نجاح “الانتفاضة العراقية”.
وهذه ليست المرة الأولى التي تحتضن فيها تركيا مؤتمرات من هذا النوع، إذ شهدت مدينة إسطنبول في (نيسان 2010)، عقد مؤتمر “الحملة العالمية لمقاومة العدوان” بمشاركة “هيئة علماء المسلمين” بزعامة حارث الضاري، وعدد من فصائل “المقاومة العراقية”، دعوا خلال المؤتمر إلى “استمرار المقاومة” ودعمها.
وعقدت “الحملة العالمية لمقاومة العدوان” مؤتمرها التأسيسي بالعاصمة القطرية الدوحة في فبراير (2005)، ولم يعقد المؤتمر منذ انطلاقه في أي دولة عربية، وقد اعتاد المنظمون له على عقده في مدينة إسطنبول التركية.
وشهدت إسطنبول انعقاد مؤتمر “إنقاذ أهل السنة” في (كانون الأول 2006)، بمشاركة رئيس هيئة علماء المسلمين حارض الضاري، والرئيس السابق لجبهة التوافق العراقي عدنان الدليمي، ودعا المؤتمر حينها إلى “إنقاذ بغداد من الصفويين الذين يشنون حملة دموية ضد أهل السنة بمساعدة من الحكومة العراقية الموالية والممولة من ايران” فيما شهدت عقب ذلك مدن عراقية عدة أبرزها بغداد، تصاعداً للعنف الطائفي استمر حتى تشكيل قوات الصحوة مطلع العام (2008).
يذكر أن تركيا دأبت خلال السنوات الاخيرة الماضية على عقد مؤتمرات لشخصيات معارضة لأنظمة عربية، منها احتضان عدة مؤتمرات لدعم المعارضة السورية، كان أولها في (نيسان 2011)، حيث شارك فيه نحو (500) معارض سوري، ناقشوا خلال المؤتمر “بسط الديمقراطية في سوريا”، فيما احتضنت إسطنبول في الـ(16 من تموز 2011) عقد مؤتمر “الإنقاذ الوطني السوري” لبحث وسائل الإطاحة بنظام بشار الأسد، حيث شهد المؤتمر حينها دعوات لضباط الجيش السوري للتمرد على قياداته، وهو ما حصل فعلاً بعد ذلك، عند انشقاق العقيد رياض الأسعد في الـ(29 من تموز 2011)، الذي أعلن عن تأسيس قوة عسكرية لـ”حماية المتظاهرين”، أطلق عليه فيما بعد اسم “الجيش السوري الحر”، الذي قام لاحقاً بعدة هجمات على أهداف أمنية في مدن مختلفة، ثم تمكن من السيطرة على عدد من المراكز الحيوية.