وسط أزمة سياسية متصاعدة وبعد أن قدم رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك استقالته للمرة الثانية، لا يزال الشارع السوداني في حالة توتر وسط دعوات يومية بمليونيات تطالب بإزاحة مجلس السيادة الحاكم من السلطة، وقال حمدوك في خطابه إن محاولات الوساطة التي أجراها مع المسؤولين المدنيين والعسكريين لتحقيق الإجماع الضروري لنكون قادرين على إيصال وعد السلام والعدالة وعدم إراقة الدماء لشعبنا” قد باءت بالفشل. وقال حمدوك في خطاب الاستقالة : ( حاولت قدر المستطاع منع بلدنا من الانزلاق إلى كارثة. الآن ، تمر أمتنا بمنعطف خطير يمكن أن يهدد بقاءها ما لم يتم تصحيحها بشكل عاجل. ) وفي نفس الوقت حذر حمدوك من أن المأزق السياسي قد يتحول إلى أزمة وجودية تهدد وجود السودان على الخريطة كدولة موحدة وهى المرة الثانية التي يطلق فيها حمدوك مثل هذا التحذير.
ووفقا لفتح الله الصويم، الكاتب والمحلل السوداني، فإن حالة السودان الان تنذر بالتحول نحو السيناريو العراقي من خلال استمرار مجلس السيادة الحاكم حاليا في العراق في تولي سلطته بينما تحتفظ المعارضة بميلشيات مسلحة معترف بها من الدولة على غرار الحشد الشعبي ، مشيرا إلى أن المعارضة السودانية تضم فصائل مسلحة تسليحا جيدا يجعلها هذه الفصائل تملك جيوشا صغيرة وليست مجرد أحزاب أو حركات احتجاجية صغيرة.
ويشير الصويم إلى أن أكبر المجموعات المسلحة في السودان، والتي من الممكن أن تشكل تهديدا للاستقرار الهش في البلاد الجبهة الثورية السودانية وهي تحالف بين مجموعة فصائل مسلحة سودانية، تشكلت لمعارضة للعمل على الإطاحة بقوة السلاح بالرئيس السوداني المخلوع عمر البشير، ووقعت على اتفاق سلام مع مجلس السيادة الحاكم ولكنها حتى الان تتمسك بخيار العمل المسلح ولم تلقي سلاحها. كما يشير الصويم إلى أن الفصائل المسلحة في السودان تضم أيضا الحركة الشعبية / قطاع الشمال بشقها الأول الذي يتزعمه القائد عبد العزيز الحلو، والشق الثاني الذي يتمركز في ولاية النيل الأزرق ويتزعمه القائد مالك عقار.
وفي إقليم دافور هناك حركتان مسلحتان، هما العدل والمساواة التي يتزعمها خليل ابراهيم، وجيش وحركة تحرير السودان، التي يتزعمها عبد الواحد محمد أحمد نور، بالإضافة إلى عشرات الميلشيات المسلحة الأخيرة التي تعمل بشكل إجرامي في تجارة الرقيق واستخراج الذهب والسطو المسلح، وبعض هذه الميلشيات شاركت في الحرب الليبية كمرتزقة ويعتقد أنها سوف تستغل أى فراغ سياسي في البلاد لزيادة قوتها عسكريا وبشريا والتحول لميلشيات أكبر.
في نفس الوقت يوجد في السودان حوالي ثلاثة ملايين نازح داخلياً ، يعيش أكثر من 80 في المائة منهم في ولايات دارفور الخمس. وفي وقت سابق من هذا الشهر ، قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن ما يقرب من آلاف السودانيين فروا من العنف في جبل مون ، وهي منطقة في غرب دارفور ، إحدى ولايات دارفور الخمس. وقد لجأ أكثر من 2000 منهم ، معظمهم من النساء والأطفال
من ناحيته يشير اسماعيل الحميدان، القيادي في حركة تحرير دارفور، إلى أن قوات الدعم السريع التي يقودها الفريق محمد حمدان دقلو، تظل هي الأخرى عقبة أمام أى محاولة لتوحيد المؤسسة العسكرية السودانية وبما ينعكس على أى اتفاق سياسي في المستقبل، ويشير الحميدان إلى أن قوات الدعم السريع (عربى: قوات الدعم السريع) هي قوات شبه عسكرية سودانية تديرها الحكومة السودانية. نشأت قوات الدعم السريع وتتألف بشكل أساسي من مليشيات الجنجويد التي قاتلت نيابة عن الحكومة السودانية أثناء الحرب في دارفور ، وقتلت واغتصبت المدنيين وأحرقت منازلهم. تعتبر تصرفات قوات الدعم السريع في دارفور جرائم ضد الإنسانية بحسب هيومن رايتس ووتش. وتدار قوات الدعم السريع من قبل جهاز الأمن والمخابرات الوطني ، على الرغم من أنها تخضع لقيادة القوات المسلحة السودانية أثناء العمليات العسكرية. اعتبارًا من يونيو 2019 ولكن مع ذلك فإن قيادة قوات الدعم السريع في يد حميدتي الذي يصر على عدم دمج قواته في الجيش السوداني الرسمي كما ينص على ذلك اتفاق المبادئ الموقع بين السياسيين المدنيين والعسكريين في مجلس السيادة الحاكم، ويتفق الحميدان مع تحذير رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك من أن السودان قد يتعرض لازمة وجودية بسبب الأوضاع الراهنة فيه، ويحذر الحميدان من ان السودان ينقسم إلى 5 كيانات سياسية إذا استمر الوضع الراهن فيه على ما هو عليه حاليا.