خاص : ترجمة – محمد بناية :
بعد شهر من بداية اندلاع المظاهرات في عموم “العراق” و”لبنان”، بلغ صبر الشعب الإيراني منتاه بعد رفع أسعار “البنزين” في “إيران”، بحيث إشتعلت المظاهرات العارمة في عموم البلاد. وحال استمرار هذا الوضع؛ فسوف تواجه “الجمهورية الإيرانية”، (التي رفعت شعار المقاومة الإستراتيجي عقب إعادة العمل بالعقوبات الاقتصادية الأميركية)، أسوأ أزماتها. بحسب صحيفة (كيهان) اللندنية.
المحافظة على جغرافية المقاومة بالقمع في الداخل والإبتزاز في الخارج..
جغرافية “المقاومة” بمحورية “الجمهورية الإيرانية” محددة، و”الحرس الثوري” يلعب في إطار هذه الحدود للقيام بعمليات عسكرية وتقديم دعم مالي للعناصر والجماعات التخريبية.
وفي إطار إستراتيجية “الجمهورية الإيرانية”، تدخل المناطق فوق الحدودية؛ التي بمقدور “إيران” زعزعة استقرارها، ضمن “محور المقاومة”. وتختلف كيفية ومعادل النفوذ الإيراني في هذه الجغرافيا، ذات الأغلبية الشيعية بالأساس، وتتبع مكونات مختلفة ومتذبذبة.
فقد يزداد هذا النفوذ في بعض المناطق تدريجيًا، ويعتمد بالأساس على المفاهيم الإيديولوجية والدينية المشتركة في النطاق السياسي والاقتصادي، إذ تختلف تبعية الخليفة “خامنئي” في هذا المناطق ببعض الأحيان. وقد يقل النفوذ في بعض المناطق أيضًا وتنحصر فرص تنفيذ عمليات انتقامية.
وتقوم “المقاومة” بالأساس على إستراتيجية عسكرية غير متماثلة بغرض الإبتزاز السياسي الذي تبرع فيه “الجمهورية الإيرانية”. وهذه الإستراتيجية تأتي في إطار، (العدو الدائم واليقظ).
ومن منظور القيادات الإيرانية، تلك الأنظمة السياسية التي تفتح أجوائها أمام عناصر “الجمهورية الإيرانية” تُصنف ضمن الدول الصديقة. ووجود العدو في هذه الإستراتيجية ضروري، إذ يجب تقليم أظافر هذا العدو حتى وإن لم يكن ذا وجود عملي، حتى تتسنى بلورة “محور المقاومة” ضد هذا العدو.
وفي جغرافيا “محور المقاومة” تواجه مركزية “إيران”، في الحدود اللبنانية والعراقية والسورية واليمنية، أجواء استثنائية باستمرار، حتى تحظى التيارات الصديقة والمخلصة بالفرصة الكافية لتطبيق سياساتها عبر الاستفادة من أدواتها ذات الفاعلية الإزدواجية، وهي :
1 – قمع المعارضة الداخلية بغرض المحافظة على القوة السياسية.
2 – الإبتزاز السياسي والاقتصادي بغرض تعزيز السياسية الخارجية.
ورغم علم المسؤولين في “إيران” بتعارض هذه الإستراتيجية مع حقوق الإنسان والمباديء والأعراف الدولية، لكنها سبيلها الوحيد في تحقيق أهدافها في ظل الأوضاع القائمة.
جهاز سياسي ذو حياتين..
تعزيز “المقاومة” يتطلب تسليم السلطة إلى جهاز سياسي ذو حياتين؛ يمتع بالقدرة على التحول من الطائفية إلى الحكومة.
فالعمليات الطائفية؛ كالتي تنفذها المنظمات الإرهابية، كـ (القاعدة) و(داعش)، في حملات “الحرس الثوري” تحت علم المدافعون عن الحرم والمليشيات الشيعية في المنطقة، هي وجه الطائفية للنظام الإيراني، والهيكل الحكومي للإبتزاز والمساومة؛ هو الوجه الآخر للنظام ممثلاً في “وزارة الخارجية”.
بداية الفصل الأخير..
لكن ضغوط الحد الأقصى والعقوبات، التي تحول دون توفير الدعم المالي للمنظمات الإرهابية، خفت بشكل كبير عوائد النظام إلى الحد الأدنى.
ولذلك إتخذ النظام قرار رفع أسعار “البنزين” بغرض سد عجز الميزانية. لكن اللعب بـ”البنزين” في دولة مثل “إيران” شديد الخطورة. فالنظام في أعلى صور عجزه صب بهذا القرار، البنزين على نيران غضب واستياء الشعب.
وقمع المظاهرات وقتل المتظاهرين من جهة، والتدمير والسطو على المنطقة من جهة أخرى، بالتوازي مع رفض التصديق على اتفاقية الإنضمام إلى اتفاقيات مكافحة الإرهاب، بلغ بالضغوط الدولية على “الجمهورية الإيرانية” حد الانفجار.
ففي أول رد فعل؛ سارعت “الولايات المتحدة” إلى إعلان دعم الشعب الإيراني، وطلبت الحكومات الألمانية والفرنسية إلى، النظام الإيراني، التوقف عن القمع والاستجابة لمطالب المتظاهرين.
لكن المظاهرات المتزامنة في “العراق” و”لبنان”، في جغرافية “المقاومة”، هو بداية إقتلاع “محور المقاومة” للنظام الإيراني.
فـ”العقوبات الأميركية” ووقف الدعم لميليشيات المقاومة، آتت أكلها أولاً في “العراق”؛ وتسببت في التظاهر ضد “إيران” في “العراق”. وهذه الإسترتيجية خطيرة أيضًا؛ لأن إحتواء الأحداث الإيرانية قد يزيد من احتمالات المواجهة العسكرية.
من جهة أخرى؛ فالضغوط الدولية والداخلية المتمثلة في شكل الاحتجاجات الشعبية والإضراب العام؛ قد تؤدي بدورها إلى تغييرات جذرية وتقضي على شبح المواجهة العسكرية.