29 مارس، 2024 1:48 م
Search
Close this search box.

مصير مجهول ومسئوولون يتجادلون .. بعد نجاة “ماي” من محاولة الانقلاب عليها .. إلى أين تتجه بريطانيا ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

تمكنت رئيسة الوزراء البريطانية، “تيريزا ماي”، من إجتياز أحد العوائق التي وضعت في طريقها بسبب الـ (بريكسيت)، وهو سحب الثقة منها بإقتراع على الثقة في قيادتها لـ”حزب المحافظين”، بعدما حصلت على تأييد 200 نائب محافظ؛ في مقابل 117، حيث كانت بحاجة إلى دعم 159 صوتًا للفوز بأغلبية بسيطة، وهو ما سيمكنها من البقاء في منصبها زعيمة للحزب لمدة عام على الأقل.

وكانت “ماي” قد أكدت أنها ستعارض التصويت على طرح الثقة فيها بجلسة أمس الأول. وقالت إن أي زعيم جديد سيضطر لتمديد موعد الخروج من “الاتحاد الأوروبي” لما بعد 29 آذار/مارس 2019.

وكانت رئيسة الوزراء البريطانية، “تيريزا ماي”، قد حذرت من أي تغيير في قيادة “حزب المحافظين”، مشيرةً إلى أن ذلك سيهدد مستقبل البلاد، وسيؤخر (البريكسيت)، وقد يؤدي إلى وقف الانسحاب. وذلك بحسب (سكاي نيوز).

الصحف العربية اهتمت بنجاح رئيسة الوزراء البريطانية، “تيريزا ماي”، في إجتياز تصويت حجب الثقة عنها في “حزب المحافظين” الحاكم.

وأجرى “حزب المحافظين” التصويت بناءًا على طلب 48 نائبًا؛ بسبب غضبهم من إدارة “ماي” لمفاوضات الخروج من “الاتحاد الأوروبي”.

بريطانيا في أزمة خطيرة..

وتحت عنوان: (بريطانيا.. ماذا بعد محاولة الانقلاب على ماي ؟)، يقول “عثمان ميرغني”، في (الشرق الأوسط) اللندنية: “كل الأبواب تكاد توصد أمام، ماي، المحاصرة بأزمة ملف خروج بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي، (بريكسيت)، التي دفعت بريطانيا نحو واحدة من أخطر مشكلاتها منذ الحرب العالمية الثانية”، مضيفًا أن محاولة الإطاحة بماي “تعيد إلى الأذهان الانقلاب الذي قاد إلى الإطاحة بمارغريت تاتشر، قبل 28 عامًا”.

ويضيف الكاتب: “الواقع أنه بغض النظر عن النتيجة التي آل إليها تصويت أمس الأول، فإن الأمر المؤكد أنه لن يغير حقيقة أن البلد في أزمة خطيرة تزداد سوءًا مع كل يوم يمر ويقترب فيه موعد الخروج من عضوية الاتحاد الأوروبي، في 29 آذار/مارس المقبل، من دون أن تتبلور رؤية واضحة واتفاق بين السياسيين حول كيفية هذا الخروج وترتيباته وتبعاته”.

ويقول “ميرغني”: “حتى اللحظة، لا يستطيع أحد أن يجزم بالمنحى الذي ستأخذه الأمور، وهو ما يزيد في عمق الأزمة التي جعلت بريطانيا مثل راكب في قطار منفلت يندفع بسرعة هائلة نحو مصير مجهول، بينما المسؤولون عن توجيهه يتجادلون”.

وفي (الأخبار) اللبنانية؛ كتب “سعيد محمد” مقالاً بعنوان: (المحافظون أنقذوا تيريزا ماي في مقامرة كبرى)، يقول فيه إن نتيجة التصويت “لا تشبه الانتصار في شيء، إذ إن ماي استنفدت كافة أوراقها في محاولة إدارة ملف البريكسيت، وإنتهت إلى طريق مسدود بمشروع اتفاق هزيل يرفض الأوروبيون التراجع عنه ولا ترغب فيه أي من القوى السياسية الفاعلة، بما فيها ثلث نواب حزبها”.

تعويم “ماي” يدفع الأمور للتأزم..

مضيفًا: “ولعل المحافظين بخيارهم تعويم ماي؛ يدفعون بالأمور دفعًا إلى ساحة التأزم في البرلمان، إذ إن حزب العمّال المعارض قد يلجأ إلى تقديم مشروع قرار للتصويت من جديد على الثقة بالحكومة، وهو ما قد يسبّب خسارة الحزب الحاكم للأغلبيّة وحكمًا الدعوة إلى انتخابات عامة، تقول كافة الاستطلاعات إنها ستنقل مفاتيح 10 داونينغ ستريت، (مقر رئاسة الوزراء)، إلى جيب غيريمي كوربن، الزعيم اليساري لحزب العمال”.

مصير غامض..

وربط عدد من المعلقين بين أزمة مظاهرات “السترات الصفراء”، التي تواجه “فرنسا”، وأزمة “ماي” مع حزبها ومع البرلمان البريطاني فيما يتعلق باتفاقية (البريكسيت).

ففي الجريدة ذاتها، يقول “عبدالله السناوي”؛ إن الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون” و”ماي” يجمعهما “المصير الغامض”، مضيفًا أنه في الوقت الذي كان فيه “ماكرون” يلقي خطابه الأخير؛ “كانت ماي تواجه موقفًا لا يقل صعوبة، يتقرر على أساسه مستقبلها السياسي”.

ويضيف “السناوي”: “أزمة بريكسيت مثل احتجاجات السترات الصفراء، أكبر مما هو ظاهر على السطح، وأخطر من مصير رئاستي ماكرون وماي”.

تعكس حالة الفراغ السياسي..

ويقول “خيرالله خيرالله”، في (المستقبل) اللبنانية: “عندما تمر ديموقراطيتان عريقتان، هما بريطانيا وفرنسا، بما تمرّان به، لا يعود شكّ بأنّ هناك أزمة قيادات في هذا العالم. فما يحدث في بريطانيا، حيث ضياع كامل مستمر منذ ما يزيد على عامين نتيجة الاستفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي يعكس، قبل أي شيء آخر، حال الفراغ السياسي في بلد كان في الماضي إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس”.

ويضيف “خيرالله”: “بإختصار شديد، تبدو أزمة بريطانيا أزمة غياب القائد الذي يستطيع إتخاذ قرارات جريئة من نوع القول للبريطانيين إن الاستفتاء كان خطأً، وإن المملكة المتحدة غير قادرة على الخروج من الاتحاد الأوروبي”.

ويقول الكاتب: “أرادت تيريزا ماي تقمّص شخصية المرأة الحديدية، مارغريت تاتشر، فإنتهت إلى امرأة تبحث فقط عن كيفية البقاء في موقع رئيس الوزراء”.

ويشير إلى أن الأيام القليلة المقبلة ستكون حاسمة لماي “فالأكيد أن مستقبلها بات محسومًا. كانت قادرة على أن تكون الشخص الثاني في أيّ حكومة ناجحة، لم تستطع أن تكون، مارغريت تاتشر، أخرى في أيّ وقت من الأوقات. إنها أزمة غياب القائد قبل أيّ شيء آخر”.

العقدة في إيرلندا الشمالية..

“أحمد المصري”، رئيس تحرير صحيفة (يورابيا)، قال إن: “منح الثقة لرئيسة الوزراء جاء من حزبها المحافظين، وبالإمكان أن تتقدم الأحزاب الأخرى بطرح الثقة على رئاسة الوزراء وتحصل على أغلبية، خاصة أنها في تحالف في الحكومة الحالية”، مشيرًا إلى أن “مشكلة الخروج تكمن عدة نقاط مرفوضة تمامًا من الشارع البريطاني والأحزاب جميعًا؛ بما فيها حزب تريزا ماي”، موضحًا أن: “العقدة هي في إيرلندا الشمالية، والتي من الممكن أن تتفجر في أي وقت إذا ما تم الاتفاق بناء على ما توصلت إليه ماي”.

السيناريوهات التي قد تواجه بريطانيا..

ويرى “عمرو عبده”، الشريك المؤسس لأكاديمية “ماركت تريدر” الأميركية لأسواق المال، أن التحدي الأصعب الذي قد تواجهه “ماي” مع نجاحها في تحدي سحب الثقة منها، أن يتم التصويت على سحب الثقة من الحكومة، وهذا يحتاج إلى أن يقوم زعيم “حزب العمال” المعارض، “غيمي كوربن”، بتقديم الطلب على تصويت سحب الثقة من الحكومة، في البرلمان.

كل هذا يحدث داخل “بريطانيا” وساعة الأوربيين تعمل من دون توقف ولا تمهلهم لتجميع أمرهم، سواء سحبت الثقة من “ماي” أو لم تسحب، أو تغيرت الحكومة أو حتى تمت الدعوة لانتخابات برلمانية جديدة.

تعقيدات على الساحة الدولية..

وتوجد تعقيدات من نوع آخر تواجهها “بريطانيا” واتفاق (البريكسيت)، ولكن هذه المرة على الساحة الدولية، إذ من المطلوب ليصبح الاتفاق نهائيًا أن يتم التصويت من 27 برلمانًا أوروبيًا، وأن يوافقوا على الخطة، وتوجد بلدان في “أوروبا” يريدون أخذ تنازلات، سواء من “الاتحاد الأوروبي” أو “بريطانيا”، مثل “إسبانيا”، التي تريد تنازلات تتعلق بـ”جبل طارق”، أو “إيطاليا”، التي تعارض الاتفاق لمساومة “المفوضية الأوروبية” حول موضوع الموازنة التي ترفضها المفوضية.

وبالتالي فإن تصفية الحسابات قد يكون عائقًا كبيرًا في طريق طلاق “بريطانيا”.

ويشير “عبده” إلى أن أشكال العلاقة بين دول إحتفظت ببعض المميزات وأنضمت لـ”الاتحاد الأوروبي” ليست جديدة، حيث يوجد 3 أشكال مُقرة بالفعل، إلا أنه وفي حالة “بريطانيا” كلها تواجه مصاعب سواء محليًا أو على مستوى “الاتحاد الأوروبي”.

الشكل الأول هو (Soft Brexit)، أو ما يسمى (البريكسيت الهاديء)، وسيكون اتفاق مثل ذلك المبرم مع “سويسرا” ويسمى اختصارًا (EFTA)، وهذا مُستبعد لأنه يعطي “سويسرا” مساحة كبيرة للإلتفاف على النظم والتشريعات.

وبحسب هذا الاتفاق؛ فإن هذه الدول تخضع بشكل شبه كامل للنظم الرقابية الأوروبية، ولكنها ستكون غير مؤثرة في القوانين الأوروبية، وهذا ما قد يرفضه البريطانيون، وهذا الاتفاق يسمح بأن تكون الدول داخل الاتحاد وأن تحتفظ بعملتها.

الشكل الثاني هو (EEA)، والذي يشمل 3 دول؛ هي “النرويغ وآيسلندا” وإمارة أوروبية أخرى صغيرة هي، “ليشتن تاين”.

والمشكلة في هذين الاتفاقين أنهما لا يسمحان بحدود مرنة بين “إيرلندا الشمالية” و”جمهورية إيرلندا”، وهذه من أكبر المعوقات التي تقف أمام (البريكسيت) حاليًا، وحتى لو رضيت “أوروبا” بذلك فلن يرضى الداخل في “بريطانيا” بهذه الاتفاقيات.

الشكل الثالث، الخاص بـ”كندا”، هو (CETA)، والذي أستغرق نحو 7 سنوات لإنجازه على الرغم من دفء العلاقة مع “كندا”، بالإضافة إلى أن 10%، فقط من صادراتها تذهب إلى “أوروبا”.

وتختلف حالة مفاوضات “بريطانيا” مع “الاتحاد الأوروبي” في شيئين أساسيين، الأول أن العلاقة مع “أوروبا” تشهد توترًا بسبب عملية الانفصال، والأمر الثاني أن 43%، من صادراتها تذهب إلى دول “الاتحاد الأوروبي”، وبالتالي فالاتفاق مع “أوروبا”، وفقًا لـ (CETA)، قد يستغرق في حال قبله الطرفان، ضعف المدة التي إستغرقها الاتفاق مع “كندا”، والتي قد تصل إلى 14 سنة.

ومع التطورات الأخيرة، الحاصلة، وكل هذه التعقيدات يبرز احتمالان على ما سواهما :

الأول: أن لا يتم اتفاق ما ينتج عنه (هارد بريكسيت)، ويعمل الطرفان وفقًا لقوانين “منظمة التجارة العالمية”، وهذه القوانين عقيمة، حيث لم تحدث منذ التسعينيات، ونمط الاقتصاد تغير، وعلى سبيل المثال لم تكن هناك “غوغل” و”آمازون”.

والثاني: بحسب “عمرو عبده”؛ أن يتراجع البريطانيون ويقوموا بعمل استفتاء ثان، وهو أفضل سيناريو، ولكنه أيضًا مٌستبعد، لأن الحزب الوحيد الذي نادى بذلك، وهم “الديمقراطيون الأحرار”، خسروا في الانتخابات، وبالتالي فالسياسيون يقرأون الاستفتاءات التي تتم ونتيجتها بما لا يؤثر على أحزابهم أو مستقبلهم السياسي.

وفيما يبدو أن الفرصة سانحة الآن لرئيس الوزراء البريطاني سابقًا، “توني بلير”، لأنه متزعم مجموعة عقلانية تقول إن الشعب البريطاني سمع حقائق كثيرة عن (البريكسيت)؛ ومن حقه أخذ الفرصة بعد كل ما عرفه ليقرر مصير (البريكسيت)، وقد أعطت “المحكمة العليا الأوروبية” الضوء الأخضر لذلك.

ما الخيارات الآن ؟

وأيضًا يرى “عمان ميرغني”، في مقالة على موقع (إرم نيوز)؛ أنه توجد عدة خيارات أمام “ماي” هي :

أولاً: محاولة الحصول على تنازلات من القادة الأوروبيين الآخرين، وهو أمر صعب للغاية، لكنه ليس مستحيلاً في عالم السياسة المتقلب. المشكلة تبقى في أن الفسحة الزمنية لذلك تضيق بشدة، كما أن “الاتحاد الأوروبي” قد أعلن رفضه لإعادة فتح المفاوضات حول الصفقة، لكنه قد يوافق على تقديم تعهد مكتوب بشكل مستقل أو ضمن ورقة الترتيبات السياسية لطمأنة “البرلمان البريطاني” بشأن بند “الضمانة الإحترازية”، أو “شبكة الأمان”، كما يسميه البعض، الذي يضمن إبقاء الحدود مفتوحة بين إقليم “إيرلندا الشمالية” و”جمهورية إيرلندا”، حتى إذا خرجت “بريطانيا” من “الاتحاد الأوروبي” من دون اتفاق.

ثانيًا: طلب تمديد تاريخ الخروج، (أو ما يشار إليه بالبند 50 الذي يسمح لبريطانيا أو أي عضو في الاتحاد الأوروبي بالخروج من عضويته، وفقًا لترتيبات يتفق عليها). هذا التمديد يحتاج إلى موافقة أغلبية الأعضاء الآخرين في الاتحاد، وهم 27 دولة، علمًا بأن مسؤولي الاتحاد أعلنوا أنه لن تحدث موافقة على مثل هذا الطلب؛ إلا إذا لمسوا أن التمديد سيؤدي إلى اتفاق مثمر ولن يكون مجرد إضاعة للوقت بسبب المماحكات البريطانية الداخلية.

ثالثًا: هناك خيار آخر يرتبط بالبند (50)، هو أن تعلن “بريطانيا” النكوص عنه، وتوقف بذلك الخروج من “الاتحاد الأوروبي”، وهو ما أكدت “المحكمة الأوروبية”، في قرار هذا الأسبوع، أن “لندن” تستطيع، وتملك حق إتخاذه. لكن “بريطانيا” ستواجه مشكلات لو تبين أنها تريد إتخاذ هذه الخطوة بشكل تكتيكي، خصوصًا بعدما أكدت المحكمة في قرارها أن النكوص عن البند (50) يجب أن يتم “بنية خالصة”، وهو ما يشير إلى أن “بريطانيا”، لو أرادت إعادة تفعيل البند مرة أخرى، فإنها قد تواجه بقضايا أمام “المحكمة الأوروبية” لمنعها من ذلك.

رابعًا: الدعوة لانتخابات عامة، وهو خيار غير مقبول لـ”حزب المحافظين”، في الوقت الراهن، بسبب الخوف من خسارة النتيجة، وبالتالي فتح الطريق أمام “حزب العمال” المعارض للقفز على السلطة.

خامسًا: القبول بخيار العودة إلى الشعب؛ بعد أن فشل السياسيون في الاتفاق، وترتيب استفتاء جديد، إلا أن هذا الأمر سيتطلب الحصول على موافقة البرلمان عليه، وهي مسألة ممكنة على الرغم من الانقسامات الحاصلة، وإن كانت ستحتاج إلى تأييد “حزب العمال” لها، أو على الأقل تأييد عدد كبير من نوابه.

الغريب أن “ماي” ترفض، حتى الآن، هذا الخيار على الرغم من أنه قد يكون في النهاية طوق النجاة الوحيد لها، في ظل الانقسامات في حزبها وفي البرلمان.

سادسًا: الخروج من دون اتفاق، وهو ما يعرف بسيناريو حافة الهاوية أو الكارثة، لأن عواقبه الاقتصادية كارثية بالفعل كما إعترفت بذلك الحكومة ذاتها.

حتى اللحظة؛ لا يستطيع أحد أن يجزم بالمنحى الذي ستأخذه الأمور، وهو ما يزيد في عمق الأزمة التي جعلت “بريطانيا” مثل راكب في قطار منفلت يندفع بسرعة هائلة نحو مصير مجهول، بينما المسؤولون عن توجيهه يتجادلون.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب