29 مارس، 2024 1:00 م
Search
Close this search box.

مصر تتسلم رسميا النفط العراقي حفاظا على كبريائها أمام سلمان

Facebook
Twitter
LinkedIn

أخيراً وبعد مداولات وتردد لأكثر من عام كامل.. حسمت مصر أمرها بإعلان وزير البترول بها “طارق الملا” في الحادي عشر من نيسان/ابريل 2017 موافقة بلاده رسمياً من خلال مجلس الوزراء على اتفاقية استيراد مليون برميل من النفط شهرياً من العراق.. على أن يوقع العقد النهائي بين القاهرة وبغداد خلال أيام، لتصل الشحنة الأولى مع بدايات آيار/مايو من العام نفسه.

ميزانية مكبلة بالديون..

موافقة الحكومة المصرية تأتي بعد توقيع اتفاق في آذار/مارس 2016، بين البلدين يتم بموجبه استيراد اثنا عشر مليون برميل سنوياً من نفط البصرة قابلة للزيادة وبشروط دفع ميسرة تتحملها ميزانية القاهرة المكبلة بالديون والأعباء الاقتصادية !

لجأت مصر التي اعتادت لسنوات تأمين احتياجاتها من النفط الخام من “السعودية والكويت” إلى “العراق”، بعد وقف الرياض مد القاهرة بالنفط نتيجة خلافات سياسية حول تسليم جزيرتي تيران وصنافير الواقعتان بالبحر الأحمر على بعد 6 كيلومترات من سواحل شبه جزيرة سيناء إلى السعودية.

العملة الصعبة أزمة مستمرة..

الآن على مصر أن تؤمن العملة الخضراء الصعبة التي تعاني القاهرة من توفيرها لسداد إلتزامات كثيرة أغلبها قروض مستحقة الدفع، فهل تستطيع مصر الإيفاء بإلتزاماتها المالية، خاصة وأنها تستورد سنوياً مواد بترولية بقيمة 9.5 مليار دولار، بحسب ما صرح به وزير البترول نفسه في آيار/مايو 2016، ليضاف عليها 12 مليون برميل نفط عراقي سنوياً بقيمة حوالي 650 مليون دولار إذا ما كانت قيمة البرميل الواحد 55 دولاراً ؟

لقد سوقت القاهرة للنفط العراقي قبل التعاقد وقالت إن خام البصرة من أجود الخامات في العالم، وظلت في مفاوضات ومشاورات على أعلى المستويات وكان يفترض أن يبدأ سريان العمل بالاتفاقية مطلع عام 2017، لكنها ترددت مرة أخرى بعد آنباء عن عودة المياه لمجاريها بينها والرياض على يد الرئيس الأميركي “دونالد ترامب”.

كلمة السر.. ترامب..

وقال محللون إن ترامب طلب في لقائه بـ”محمد بن سلمان” ولي ولي العهد السعودي في آذار/مارس 2017 بضرورة إعادة ضخ البترول إلى مصر، وهو ما حدث عقب يوم واحد من الزيارة وإعلان “أرامكو” السعودية استكمال تنفيذ العقد المبرم مع مصر بقيمة 23 مليار دولار لتوريد 700 ألف طن شهرياً لمصر لمدة خمس سنوات، لكن كان الوقت قد مضى على وقف التعاون مع بغداد، إذ قررت القيادة السياسية بعد نصائح من وزير البترول الاستمرار في الاتفاق النفطي مع بغداد حتى لا تصبح القاهرة تحت رحمة أي دولة اقتصادياً، وكان القرار بضرورة تنويع المصادر حتى لو مع أصعب الأزمات المالية التي تعيشها مصر !

القاهرة تحصل شهرياً على ثلث إنتاج العراق اليومي..

حاولت مصر رد كبريائها أمام “مانح” النفط السعودي بالإصرار على اتمام اتفاق القاهرة بغداد والذي تحصل مصر بموجبه على نحو 30 % من إنتاج العراق اليومي من النفط لكن بصفة شهرية، فضلاً عن أن القاهرة اتفقت على تكرير النفط العراقي الخام بمعامل تكريرها في محاولة منها لإحداث توازن بين المصروفات والواردات !

اتفاق يزيد الدائنين !

لكن ما أكد رؤية المحللين المتابعين لسوق النفط المصري من أن هذا الاتفاق لن يستمر طويلاً، هو تعاقد القاهرة وبغداد لمدة عام واحد فقط، ما يعني أن مصر تعلم حتمية عودتها للعباءة الخليجية التي طالما دعمتها في أصعب الأزمات الاقتصادية بل والسياسية، فقد لعبت القاهرة على وتر تدرك جيداً أنه سيأتي بمردودات إيجابية، إذ أن إرسال القاهرة إشارة واضحة للسعودية أنها سترتمي في أحضان العراق الخاضع لسيطرة شبه إيرانية، وبالتالي ربما تطور العلاقات الاقتصادية إلى تعاون سياسي، بالتأكيد لن ترحب الرياض بهذه الرسالة، كما أن القاهرة بدورها تركت الباب مفتوحاً أمام العراقيين بوضع نص يؤكد على أن الاتفاق قابل للتجديد !

6 أشهر سماح ليس أكثر !

الاتفاق المصري مع بغداد طالب بتسهيلات كبيرة نظراً للأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها القاهرة، بحجة أن الاتفاق قابل للمضاعفة إلى 2 مليون برميل شهرياً، مقابل فترة سماح فى السداد لتسعة أشهر، لكن وبحسب عاملين بهيئة النفط العراقية فإن أقصى فترة سماح للسداد سيمنحها العراق لمصر هي 6 أشهر ليس أكثر !

وفي تشرين ثان/نوفمبر 2016 سجل العراق رقماً قياسياً من صادراته النفطية بأربعة ملايين و51 ألف برميل، وهو رقم لم يسجل من قبل في العراق، إذ أن الشهر الذي سبقه وتحديداً تشرين أول/أكتوبر بلغت الصادرات ثلاثة ملايين وثلاثمائة ألف برميل يومياً، فقد سجلت الصادرات النفطية من المنافذ الجنوبية “البصرة” ارتفاعاً كبيراً، بثلاثة ملايين و407 آلاف برميل يومياً، في حين بلغت صادرات نفط كركوك 64 ألف برميل، ومن حقول كردستان 580 ألف برميل يومياً.

ونجح العراق رغم اتفاق “أوبك” الذي يفرض على الدول الأعضاء تخفيض الإنتاج لرفع أسعار النفط، في إدخال آبار جديدة إلى الخدمة، فضلاً عن استصلاح آبار أخرى، ما منح العراق قوة تصديرية كبيرة من النفط، لكنها تظل في حاجة إلى رقابة مع الحديث عن خروج ناقلات نفط بكميات لا يمكن قياسها وحساب قيمتها تهرب لصالح أباطرة النفط في العراق وبريطانيا !

في المقابل يستهلك المصريون نحو 75 مليون طن من المشتقات البترولية سنوياً، وينتج قطاع البترول هناك نحو 50% من حجم استهلاك مصر من البوتاجاز، و85 % من استهلاك البنزين، و65% من استهلاك السولار، لكن تظل القاهرة في حاجة لتعويض العجز بالبحث عن بدائل تتماشى مع الواقع الاقتصادي الذي تعيش فيه وسط توقعات بانهيار كبير في عملتها عند تسديد إلتزاماتها الدولارية للدائنين !

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب