20 أبريل، 2024 5:06 م
Search
Close this search box.

مشهد “بانمونغوم” المسرحي .. هل يثمر عن محادثات جديدة ناجحة بين “كيم” و”ترامب” ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

لأول مرة في تاريخ الرئاسة الأميركية؛ يقابل الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، نظيره، “كيم جونغ-أون”، زعيم “كوريا الشمالية”، في المنطقة منزوعة السلاح، حيث تفاجأ الجميع على هامش “قمة العشرين” بتراجع الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، عن تصريحاته وموقفه تجاه “كوريا الشمالية”، وأعرب عن استعدادة للقاء، “كيم جونغ-أون”؛ بل والذهاب لـ”كوريا الشمالية”، قائلًا في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي، (تويتر)، أنه على استعداد للقاء زعيم “كوريا الشمالية”، في المنطقة منزوعة السلاح بين الكوريتين، لمجرد مصافحة يده والقول “مرحبًا”.

ومن جانبها؛ قالت “كوريا الشمالية” إن اقتراح الرئيس الأميركي “مثير للاهتمام جدًا”، ونقلت وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية عن النائبة الأولى لوزير الخارجية، “تشوي سون هوي”، قولها: “نرى أنه اقتراح مثير للاهتمام جدًا، ولكننا لم نتلق اقتراحًا رسميًا”.

وعلى إثره تمت المقابلة وحدثت المصافحة في لقاء وصف بـ”التاريخي”، بين الزعيمان، “كيم جونغ-أون” و”دونالد ترامب”، أمام العالم أجمع، قبل عقد اجتماع دام ساعة في مبنى يطلق عليه، “بيت الحرية”، على الجانب الكوري الجنوبي، وانضم إلى اللقاء لفترة قصيرة الرئيس الكوري الجنوبي، “مون غاي إن”، في اجتماع ثلاثي غير مسبوق.

وقد ألتقيا الزعيمان على الخط الحدودي الفاصل بين الكوريتين؛ قبل أن يعبر “ترامب” الحدود إلى “كوريا الشمالية”، وهي المرة الأولى التي يعبر فيها رئيس أميركي الحدود لـ”كوريا الشمالية” وهو في منصبة، ورحب “كيم” بـ”ترامب” قائلًا: “أرحب بك مجددًا، لم أكن أتوقع أن نلتقي في هذا المكان”.

فأجاب “ترامب”: “لحظة تاريخية، تقدم هائل”. وعبر “كيم جونغ-أون” الحدود إلى “كوريا الجنوبية” ومعه  “ترامب”، وقال زعيم “كوريا الشمالية” للصحافة؛ إن اللقاء رمز للعلاقة الممتازة.

ومن جانبه؛ وصف “ترامب” العلاقة بين الجانبين بأنها “عظيمة”، ووصف يوم اللقاء بأنه: “يوم عظيم للعالم أجمع”، وعبر عن إحساسه بالفخر لعبوره الخط الفاصل بين الكوريتين.

محادثات جديدة..

وبعد محادثات لمدة ساعة في “بانمونغوم”، “قرية الهدنة” في المنطقة المنزوعة السلاح التي تقسم شبه الجزيرة الكورية، منذ عام 1953، أكد “ترامب” أن الطرفين سيبدآن محادثات على المستوى العملي في الأسابيع القليلة المقبلة.

كذلك، دعا الزعيم الكوري الشمالي إلى زيارة “واشنطن” عندما يحين “الوقت الملائم”.

علاقات متوترة تشمل التهديدات المتبادلة..

وكانت العلاقات بين “واشنطن” و”بيونغ يانغ” عبارة عن تهديدات فقط، وكان التوتر يزداد يومًا بعد الآخر بين كلا البلدين.

جدير بالذكر؛ أن الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، وجه تحذيرًا شديد اللهجة لـ”كوريا الشمالية”، في أول خطاب له أمام “الجمعية العامة للأمم المتحدة”، في أيلول/سبتمبر 2017، وقال “ترامب” إن: “الولايات المتحدة لديها الكثير من القوة والصبر، لكن إذا تعرض حلفاؤنا للخطر سندمر كوريا الشمالية تدميرًا كاملًا”.

فيما وصف الزعيم الكوري الشمالي، “كيم جونغ-أون”، “ترامب”، بـ”المختل عقليًا”، وتوعد بأنه سيجعله يدفع ثمن تهديداته غاليًا، وأشار إلى أن بلاده ستدرس “أقصى الإجراءات في التاريخ ضد الولايات المتحدة ردًا على تهديد ترامب بتدمير كوريا الشمالية بالكامل”.

وأكد “كيم” على أن خطاب “ترامب”، بـ”الأمم المتحدة”، أوضح أن برنامج “بيونغ يانغ” النووي هو “المسار الصحيح”، وأشار إلى أن “ترامب”: “متسلط ورجل عصابات ويلعب بالنار؛ وهو ليس رجلاً سياسيًا”، كما وصف وزير خارجيته، خطاب الرئيس “ترامب”، بـ”نباح الكلاب”.

ولم يقف “ترامب” متفرجًا على ما قاله الزعيم الكوري الشمالي عنه، فوصفه بـ”السمين القصير”، قائلًا: “لماذا يوجه، كيم جونغ-أون، إهانة لي وينعتني بالعجوز، في الوقت الذي لم أنعته مطلقًا بأنه قصير وسمين ؟”، مضيفًا: “أحاول جاهدًا أن أكون صديقه وربما يحدث ذلك يومًا ما”.

قمتين سابقتين..

وسبق أن عقد “ترامب” و”كيم جونغ-أون”، أول قمة تاريخية بينهما، في حزيران/يونيو 2018، بـ”سنغافورة”، وأصدرا وقتها، بيانًا، يؤكد نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية، لكن القمة الثانية بعاصمة “فيتنام”، في شباط/فبراير 2019، إنهارت بعد وقت قصير من بدئها، وفشلت بسبب مطالبة “كوريا الشمالية” برفع العقوبات مكافأة على التنازلات التي قدمتها، فيما ظلت “واشنطن” تشترط أن تلبي الجمهورية الشيوعية، ما هو مطلوب منها، قبل أن تستفيد من أي تخفيف للقيود، وفقًا لموقع (سكاي نيوز).

وفي وقت تصر إدارة “ترامب” على أنها تريد من “كوريا الشمالية” التخلي عن ترسانتها النووية، لم تعلن “بيونغ يانغ” أبدًا أن لديها نية القيام بذلك، وتتحدث في المقابل عن “نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية”، الأمر الذي يحمل معنى أوسع وأكثر غموضًا.

وتطالب “كوريا الشمالية” برفع العقوبات الواسعة المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي والصاروخي المحرم دوليًا. وقالت إنها مستعدة لإغلاق أجزاء من مركز “يونغبيون” النووي، لكن يؤكد مختصون أن لـ”بيونغ يانغ” منشآت أخرى تنتج مواد نووية.

وفي الأشهر الأخيرة؛ انتقدت “بيونغ يانغ”، مسؤولين كبارًا في إدارة “ترامب”، مثل مستشار الأمن القومي، “جون بولتون”، ووزير الخارجية، “مايك بومبيو”. وطالبت بإبعادهما عن المحادثات.

مسرحية تستحق الغناء..

تعليقًا على اللقاء؛ رأى الأستاذ في معهد “ماساشوسيتس” للتكنولوجيا، “فيبين نارانغ”، أن “مسرحية” بانمونغوم تستحق العناء، إذا كانت ستؤدي إلى محادثات على المستوى العملي.

لافتًا إلى أنه إذا لم تفض إلى محادثات، “فسنجد أنفسنا أمام المشهد عينه لخمسة عشر شهرًا مقبلاً”.

حالة مؤقتة..

في المقابل؛ رأى المسؤول السابق في الخارجية الأميركية في إدارة “باراك أوباما”، “مينتارو أوبا”، أن ما اعقب اللقاء من حديث عن استئناف المفاوضات “حالة مؤقتة ناتجة من زخم اللحظة”.

وكتب “أوبا” على (تويتر): “نحن نتعامل مع كوريا الشمالية استنادًا إلى دبلوماسية معالجة الصدمات: نبقي العملية حية من خلال حقنات طاقة عرضية، لكن من دون أن نعالج الوباء الأساس”.

يفيده في حملته الانتخابية..

ورأى الأستاذ في جامعة الدراسات الكورية الشمالية في سيول، “كو كاب-وو”، أن عبور “ترامب” الدراماتيكي إلى “كوريا الشمالية” سيكون “مفيدًا” له في حملته الانتخابية للانتخابات الرئاسية، المقررة العام المقبل في “الولايات المتحدة”.

لم يبذل مجهود..

ووفقًا للمحللة السابقة في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، “سو كيم”، أنه سيكون هناك ترحيب كبير في “كوريا الشمالية” برمزية عبور الرئيس الأميركي إلى أراضيها.

وأضافت أنه: “لم يبذل كيم أي جهد ليدفع ترامب إلى عبور المنطقة المنزوعة السلاح”، رغم عدم إحراز “أي تقدم في نزع السلاح النووي”، ومواصلة الشمال تطوير قدراته النووية واختباراته الصاروخية والتهرب من العقوبات.

مشيرة إلى أن هذا اللقاء المتعجل يلائم خطط “بيونغ يانغ”، وهو بمثابة رسالة إلى “كوريا الشمالية” مفادها أن السياسة الأميركية “مليئة بالثغرات”، وأن “كيم سيحصل على ما يريد في نهاية المطاف”.

نبذة عن “قرية الهدنة”..

وتُعتبر “بانمونغوم”.. هي المنطقة الأمنية المشتركة ومنزوعة السلاح بين الكوريتين والمحصنة بشدة، وتُعرف أيضًا باسم “قرية الهدنة”، وتحتضن “بيت السلام”، الذي تم توقيع قرار الهدنة به، وهي قرية مهجورة على الحدود بين الكوريتين، وتُعد بمثابة نقطة الاتصال التقليدية على الحدود المشتركة، فضلًا عن كونها النقطة الوحيدة التي يتواجه فيها الطرفان الكوريان، ويقتصر ترسيم الحدود عندها على فاصل أسمنتي، بحسب وكالة (فرانس برس).

ودشنت المنطقة منزوعة السلاح بين الكوريتين، في 27 حزيران/يوليو 1953، بمشاركة “الأمم المتحدة” عند إعلان وقف إطلاق النار، ومنع تواجد المدنيين فيها إلا بإذن خاص ومسبق، ويبلغ طولها حوالي 250 كيلومترًا، وعرضها 4 كيلومترات، وتتولاها قوات عسكرية مشتركة من “كوريا الشمالية” و”الجنوبية” و”الأمم المتحدة”.

وتُعتبر المدينة تجسيدًا للمفاعيل المستمرة للحرب بين الكوريتين، “1950 – 1953″، حيث قُتل فيها ملايين الكوريين خلال الحرب التي انتهت بهدنة تم توقيعها في “بانمونغوم”، وعلى خلاف المعتقد فإن المنطقة منزوعة السلاح هي من الحدود الأكثر تسليحًا في العالم؛ وتنتشر فيها أبراج المراقبة وحقول الألغام.

وشهدت المدينة العديد من الأحداث التي كان لها وقع شديد، ففي تشرين ثان/نوفمبر الماضي؛ إندفع جندي كوري شمالي تحت الرصاص في عملية انشقاق نادرة شغلت وسائل الإعلام، وفي عام 1984 عبر طالب روسي قادم من “موسكو” الحدود جريًا ما أثار تبادل إطلاق نار استمر نصف ساعة وأوقع أربعة قتلى، بينما نجا الطالب دون إصابة، وفي عام 1976، قتل جنود كوريون شماليون بالفأس جنديين أميركيين كانا يقطعان شجرة مجاورة ما أثار مخاوف من وقوع نزاع مسلح.

كما زارها العديد من الرؤساء الأميركيون، والتي تعتبر رمزًا للإلتزام الأميركي في الدفاع عن “سيول”، حيث وصفها الرئيس الأميركي الأسبق، “بيل كلينتون”، بأنها: “أحد أكثر الأماكن المخيفة في العالم”، بينما زارها لأول مرة الزعيم الكوري الشمالي، “كيم جونغ-أون”، في 2012، ونشرت الصحف الرسمية صورًا له وهو يراقب الجنوب عبر منظار في ظل توتر متزايد بين الكوريتين.

مع توقيع الهدنة ومرور الأعوام، تحولت “بانمونغوم” إلى وجهة سياحية كبرى للأجانب الذين يزورون “كوريا الجنوبية”، بشرط عدم القيام بما يمكن أن يثير غضب الجنود الكوريين الشماليين.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب