5 مارس، 2024 3:56 م
Search
Close this search box.

مشهد أطفال في شاحنة اللحوم .. يثير فزع الإعلام الإيراني ولكنه لا يهز شعرة في ذقن مسؤول !

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتب – محمد بناية :

كان الخبر مختصراً وقصيراً لكنه مروع.. كما وصفته صحيفة “القانون” الإيرانية..

“شاحنة لحوم ذات حاوية برتقالية اللون تقف وسط تقاطع الشهيد مدرس, وفيها حوالي 50 طفلاً.. هذا ما قاله شهود العيان, وقالوا أيضاً, إن الأطفال كانوا كمن يتوجهون إلى أعمالهم.. في النهاية ركب طفل آخر السيارة ومضت قبل أن تمضي في طريقها.. أمر لا يُصدق !.. وأول ما يتبادر إلى الأذهان هو لماذا سيارة لحوم ؟..

“لقد استطاع شهود العيان التعرف على لوحة السيارة واتصلوا على الفور بجهازي الرعاية الاجتماعية والشرطة, اللذان لم يبديا أي اهتمام، لذا لجأ شهود العيان إلى وسائل الإعلام ربما يفلح مساعهم في التحقيق بالمسألة. لكن للأسف لم يبدي المسؤولون إهتماماً كذلك. كانوا في الغالب يعربون عن تعجبهم ثم يشككون في صحة الخبر.

“واستمراراً للاسئلة الغريبة فيما يخص سؤال المسؤولين عن تفاصيل تافهة وتحويل الموضوع إلى جهات أخرى، لكن المشترك بين الجميع هو لا أحد بدا عليه التعجب أو القلق عند سماع الخبر. وكأن هذا الحادث يتكرر يومياً في العاصمة (الإيرانية) لذا كان تعامل المسؤولون مع الحادث كأنه طبيعي. ومن الطبيعي البحث بدقة حول أسباب وجود هذا العدد من الأطفال في شاحنة لحوم ؟.. حيث يظهر بوضوح تورط “مافيا تهريب الأطفال العاملون” في الموضوع ولم يعبأ أحد.. لا أحد يسأل عما كان هؤلاء الأطفال المحرمون من أبسط حقوق الإنسان يفعلون داخل الحاوية أو وجهتهم”.

عدد الأطفال.. كل مشكلة البرلمان !

معظم الأطفال العاملون لديهم أسر, وطبقاً للاحصائيات يعيش 90% من هؤلاء الأطفال مع ذويهم, لكن وضع عمالة الأطفال – ولا تُستثنى أسرة من ذلك – خطير جداً، وغالبية هؤلاء الأطفال يقعون فريسة “مافيا التهريب”. تواصلت صحيفة “القانون” الإيرانية, مع اللجنة الاجتماعية بالبرلمان، لكنهم استبعدوا حدوث ذلك.

يقول “سلمان خداداي”, الذي ترك منصبه كرئيس للجنة قبل مدة وجيزة: “حتى الآن لم نرى مثل هذا المشهد، والمنطق يأبى نقل الأطفال في شاحنة لحوم.. لماذا شاحنة لحوم بالأساس ؟.. ألا يمكنهم نقل الأطفال في أتوبيس ؟”.

ونحن نقول: القضية أنه لا يخطر ببال أحد نقل الأطفال في شاحنة لحوم، وبالتأكيد كان هؤلاء الأطفال في الشاحنة لسبب خاص. وفي معرض إجابته على سؤال بشأن رقم لوحة السيارة قال: “أعطني رقم اللوحة وسوف نبحث أين ولماذا كانت.. وحتى لو وجد 50 طفلاً في الشاحنة، فلابد أن هذا العمل مخطط ومنظم. لكن كيف عددتم الأطفال وعرفتم أنهم 50 طفلاً ؟.. قالت مراسلة الصحيفة الإيرانية: لم يعدهم أحد ولكن هكذا ترآى للشهود. قال خدادي: “أنا أشكك في صحة الخبر لكننا سنبحث وسوف نتواصل مع الشرطة !”.

110 وحدة التدخل السريع..

موقف الوحدة الشرطية (110) جدير بالتأمل. نتصل في “صحيفة القانون” بهم ونخبرهم بالقصة ونتوقع رؤية رد فعل محدد.. لكن الشخص على التليفون قال: “حسناً ماذا ؟.. ما تريد حضرتك الآن ؟”.. فسكت مذهولاً وقلت بعد ذلك: “هذه الحادثة وقعت واتصلت بكم للبحث.. ماذا كان يفعل هؤلاء الأطفال في الشاحنة ؟.. وأين هم الآن ؟”.. فسأل هل تقدمت ببلاغ ؟.. قلت لا لكن شخصاً آخر فعل وأنتم لم تتابعوا الموضع.. فتعصب وسأل: كيف عرفتِ سيدتي أننا لم نتابع ؟.. قلت: “لأنكم حتى لم تأخذوا رقم لوحة السيارة من صاحب البلاغ.. وأنا أريد أن أعطيكم الرقم فهل ستبحثون في الموضوع أم لا ؟”.. فقال بعصبية سوف أقوم بتحويلك إلى إدارة البحث.

والتي سألتني أولاً: “هل كان الأطفال أفغان ؟”.. قلت: ربما لا أعرف !.. فقال: كانوا أفغان, وقال اصبري حتى أصلك بإدارة الأمن.

استمع ضابط إدارة الأمن إلى القصة وأخذ رقم لوحة السيارة وأنهى الاتصال. هكذا فقط !

تهرب المسؤولين.. عملية متكررة ومجهدة..

حان دور “هيئة الرعاية الاجتماعية” بعد البرلمان, ووحدة التدخل السريع, باعتبارها المسؤول عن عمالة الأطفال.

تقول مراسلة الصحيفة الإيرانية في تقريرها، أيقظت مدير عام شؤون الأطفال والشباب بالرعاية الاجتماعية خلال يوم العطلة وأخبرته أن الموضوع مهم. وبعد أن سمع كلامي قال: “أستبعد حدوث ذلك لكن لو فعلاً حصل فعليك الاتصال بالطوارئ الاجتماعية لأنها المنوط بها البحث في مثل هذه القضايا”.

لكن ما إن اتصلت بالطوارئ الاجتماعية حتى سألتني السيدة على التليفون بلهجة حائرة: “لماذا تتصلين بنا سيدتي ؟.. هل نحن إدارة البحث ؟”.. فأخبرتها أن مدير عام شؤون الأطفال والشباب بهيئة الرعاية الاجتماعية هو من أحالني إلى الطوارئ الاجتماعية.

فسألتني سؤال عجيب: “لمن كانت السيارة ؟”.. لم أعرف هل أضحك أم أبكي !.. ثم قالت: “إذاً أنت تعرفين رقم السيارة ولونها ؟”.. فأبدت امتعاضاً حين قلت نعم وقالت: “أنا آسفة يا عزيزتي. لا يمكننا القيام بأي شئ برقم السيارة”.. فقلت: حسناً ماذا ينبغي لتقدروا ؟.. فقالت: “قدمي لنا تقرير عن الموضوع مع العنوان. لكن يمكننا البحث من خلال رقم لوحة السيارة وعلى كل لا يمكن فحص الموضوع عبر الرعاية الاجتماعية لأن هذا دور إدارة المباحث”.. فقطعت الاتصال !..

والحقيقة إن تهرب المسؤولين عملية مجهدة. والحصول على إجابة مؤكدة يتطلب ارتداء حذاء حديدي والجري في طريق ترابي بلا نهاية.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب