27 أبريل، 2024 4:11 ص
Search
Close this search box.

مستورد ما باليد حيلة .. العراق يفقد رصيده الزراعي

Facebook
Twitter
LinkedIn

بالأمر المباشر.. قرر العراق التعاقد لاستيراد الأرز والقمح بعد صعوبات كثيرة قالت الحكومة العراقية إنها صادفتها قبل التوصل أخيراً إلى هذه الاتفاقيات بعد سلسلة من الصفقات غير المكتملة لتوفير هاتين السلعتين الاستراتيجيتين للعراقيين من خلال مناقصات دولية.

وزارة التجارة العراقية بررت لجوئها إلى التعاقد المباشر مع إحدى الشركات بعدم توصلها إلى شروط تتوافق معها عبر المناقصات الدولية، مؤكدة على أن لجنة التعاقدات المركزية بصدد توقيع صفقة لشراء أرز الياسمين من الشركة العراقية الفيتنامية، كما تتفاوض على استيراد القمح من مناطق متعددة، شريطة أن يكون السداد مقابل الشحنات المطلوبة على أقساط.

انخفاض كبير في الإنتاج وتعليقات قاسية..

تقول تقارير إن العراق ينتج حوالي مليوني و300 ألف طن من القمح، بحسب آخر إنتاج له في 2016، في حين أنه كان معروف بإنتاجه للقمح الذي يتجاوز الـ4 ملايين طن سنوياً.. فلماذا انخفض الإنتاج بهذه الصورة ؟

التعليقات على قيام العراق باستيراد أهم سلعتين في البلاد لم تتوقف من جانب العراقيين أنفسهم، فمنهم من يتعجب لبلده وكيف كان مُصدرا للأرز أن يتحول إلى مستورد.. ومنهم من قال إنه لولا الحصار وتكالب الدول على العراق لما استنفذوا موارده ولظل العراق هو من يصدر القمح والأرز للعالم.

فيما ذهب البعض للقول إن العراق كان أهم منتج لأجود أنواع الأرز وهو أرز “العنبر” في ظل ظروف اقتصادية صعبة في تسعينيات القرن الماضي.

وذهب آخرون للسخرية من هذه التقارير معلقين بقولهم: العراق في عهد صدام “المستبد” كان يصدر القمح كيف له يستورده الآن.. وكيف لبلد يجري فيه نهران ومياه وفيرة أن يستورد القمح ؟!

العملة الخضراء مرهقة..

يقول متابعون للشأن الاقتصادي العراقي إن بغداد قبل عام، وتحديداً في آيار/مايو 2016، كانت قد تلقت أقل سعر لقمح أميركي المنشأ في مناقصة لشراء 50 ألف طن وهو 234.5 دولار للطن شاملاً نفقات الشحن وآخر صفقة وقتها كانت في شهر نيسان/ابريل من أستراليا، لكن يبدو أن الاستهلاك التمويني للمواطنين يرهق خزائن العراق الذي يجد صعوبة في الدفع النقدي بالعملة الخضراء “الدولار”.

وبدأت وزارة التجارة العراقية تحركاتها لتوفير الأرز الفيتنامي قبل عام من إعلان التوصل للاتفاق النهائي في السادس عشر من نيسان/ابريل 2017، إذ أجرت الوزارة مفاوضات مع الشركة (العراقية – الفيتنامية) لإنتاج الأرز، بهدف توفيره ضمن مفردات البطاقة التموينية، خاصة وأن العراق يمتلك 55% من أسهم تلك الشركة نتيجة ديون سابقة للعراق.

التعاقد المباشر هل يصبح باباً جديداً للفساد ؟

تقول الوزارة إن التعاقد بالأمر المباشر مع الشركة سيسهم في تقليل كلفة عملية استيراد الأرز مقارنة بباقي الشركات، كما أن الشركة ذات طاقة إنتاجية كبيرة وتعمل وفقاً للمواصفات العراقية.. لكن أليس التعاقد المباشر يفتح أبواباً كثيرة أمام فساد يمكن حدوثه حيث لا لجان مراقبة أو متابعة، فضلاً عن إتاحة الفرصة لشركات أخرى ربما تأتي بعروض أفضل ؟

ويحتاج العراق سنوياً، من أجل 34 مليون مواطن مسجلين ضمن نظام البطاقة التموينية، إلى أربعة ملايين و400 ألف طن من القمح، علاوة على نحو مليون و1200 طن من الأرز، و912 ألف طن من السكر، و500 ألف طن من حليب الأطفال، و600 ألف طن من زيت الطعام.

داعش السبب !

في المقابل يرى خبراء اقتصاديون أن سيطرة داعش على مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية واندلاع مواجهات عسكرية في مناطق عدة بالعراق أثر بالسلب على إنتاج القمح، إذ أن أقل كمية كان ينتجها العراق حوالي 4 ملايين طن سنوياً.

مجلس الحبوب العراقي كان قد توقع بأن ورادات العراق من القمح في موسم 2015 – 2016 ستبلغ 3.4 مليون طن بالمقارنة مع 2.7 مليون في 2014 – 2015، مع تمدد داعش في البداية.

أميركا هي من يقدر ويقرر !

الغريب في الأمر أن العراق يعتمد في وارداته من القمح على تقديرات وزارة الزراعة الأميركية، التي تشير إلى أن الاستهلاك العراقي بلغ 6.3 مليون طن في 2015 – 2016، وبالتالي سيكون على العراق تعويض هذا الفارق، لذلك عليه اللجوء إلى أميركا أحد أهم مصدري القمح في العالم، وبالتأكيد بالشروط الأميركية التي ترهق العملة العراقية نتيجة الاستيراد بالدولار الأميركي !

إذ أن مجلس الحبوب العراقي يستورد في العادة القمح من الولايات المتحدة وأستراليا وكندا وروسيا ورومانيا بينما يستورد الأرز من أميركا الجنوبية والولايات المتحدة والهند وباكستان وتايلاند، فكانت أميركا طرفاً رئيساً في أهم سلعتين طالما توفروا في العراق.

أين زراعات العراق ؟

ولمن لا يعلم.. فالعراق كان من أهم البلدان الزراعية المؤهلة لزراعة الأرز بكل أنواعه، فضلاً عن تميّزه بإنتاج أنواع نادرة منه، تعرف بـ”العنبر”، أما اليوم تدنت مساحات زراعة الأرز، بحسب اتحاد الجمعيّات الفلاحية، في العراق إلى نحو 40% عن مستواها السابق في العام 2013، والسبب يعود إلى قلة المياه والأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية التي شهدها العراق منذ العام 2003 بعد الغزو الأميركي للعراق وتوالي الحكومات غير المهتمة بالزراعة.

لقد حصرت زراعة الأرز في أربع محافظات تقع في منطقة الفرات الأوسط، وتحديداً في “النجف والمثنى والديوانية وذي قار”، وتراجعت المساحة المخصصة لزراعة الأرز حتى باتت لا تكفي ربع الحاجة السنوية للعراقيين، إذ لا تتجاوز نسبتها الـ15% من مجموع المحاصيل الزراعية، علماً أن إنتاج الأرز في العراق الآن يصل إلى 110 آلاف طن سنوياً وهو رقم بعيد تماماً عن الاكتفاء الذاتي وهو بالكاد رقم يكفي للاستهلاك الشهري !

إهمال أدى إلى تراجع “العنبر”..

الإهمال الحكومي للزراعات الأساسية في العراق أدى إلى تقليص زراعة أرز العنبر أحد أهم وأجود أنواع الأرز في العالم، ما دفع كثير من المزارعين إلى الاتجاه لزراعة “الفرات والياسمين” لإنتاجيتهما العالية وعدم حاجتهما لمياه كثيرة.

العراق الذي أصبح يعتمد بالكلية على استيراد الأرز، بعد خطوة التعاقد المباشر ألغى سياسة طالما صارت عليها وزارة التجارة وهي مناقصات تجري مرة كل 4 أو 6 أشهر للبحث عن أفضل عروض مقدمة للعراق.. لكن متى يعود العراق إلى مكانته الزراعية.. الآن وبعد قرب انتهاء أي تواجد لـ”داعش” أليس على الحكومة الاهتمام بالزراعة لتوفير العملة الصعبة والعمولات التي تدفع هنا وهناك ؟

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب