خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
عقدت انتخابات الرئاسة السورية، بمشاركة “بشار الأسد”، الرئيس الحالي وأمين عام حزب (البعث)، و”عبدالله سلوم عبدالله”، الوزير الأسبق ومساعد الحزب (الاشتراكي) سابقًا؛ وأحد عناصر المعارضة الداخلية، وأخيرًا: “محمود أحمد الراعي”، أمين عام (الجبهة الديمقراطية السورية).
ويعتقد الكثيرون أن ما يُعرف باسم انتخابات الرئاسة السورية، هو مجرد مسعى للمحافظة على بقاء، “الأسد”، في منصب الرئيس. ولذلك تتوقع الكثير من الدول الإقليمية، وفوق الإقليمية، أن الانتخابات ليست نزيهة وليست عادلة، لاسيما بعد أن استقر رأي “المحكمة الدستورية العُليا” على قبول ترشح 3 فقط، من أصل 51 متقدم.
وبالنظر إلى أهمية هذه الدورة الانتخابية والأهداف المخبوءة خلف المحافظة على بقاء، “الأسد”، في السلطة، أجرى موقع (الدبلوماسية الإيرانية)، المقرب من “وزارة الخارجية”، الحوار التالي مع: “قاسم محب علي”، السفير الإيراني الأسبق في “ماليزيا واليونان”، ومدير عام الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بـ”وزارة الخارجية”؛ والخبير في شؤون الشرق الأوسط والعالم العربي..
ليست انتخابات وإنما هو استعراض..
“الدبلوماسية الإيرانية” : جرت انتخابات الرئاسة السورية بمشاركة 3 أفراد، لكن لم يشك أحد بفوز، “بشار الأسد”، البالغ من العمر (55 عامًا)، بدورة رئاسية رابعة.. في رأيكم ما أهمية هذه الانتخابات واستمرار حياة “الأسد” السياسية كرئيس للجمهورية ؟
“قاسم محب علي” : بداية يجب القول إن ما يحدث في “سوريا” ليس انتخابات، وإنما مسعى للحفاظ على قوة “بشار الأسد”، كرئيس للجمهورية، لأن أنصاره في الداخل والمنطقة يسعون إلى استمرار حكم “بشار” مدى الحياة؛ على غرار والده، “حافظ الأسد”، الذي حكم مدة 30 عامًا، كرئيس للجمهورية في قالب ديكتاتورية متكمتلة الأركان.
والآن يحكم نجله، “بشار”، “سوريا”، بنفس النظام الديكتاتوري. وقد تفضلتم بالإشارة إلى: “عبدالله سلوم” و”محمود مرعي”، كمنافسين لـ”الأسد” في الانتخابات الرئاسية.
والحقيقة هي أنهم مجرد خيارات استعراضية في دعابة انتخابات الرئاسة السورية. لأن حزب (البعث) السوري لم يحدد أي أسماء للمنافسة ضد، “الأسد”. وبل إن البعثيين سارعوا، عقب وفاة “حافظ الأسد”، إلى تعديل الدستور حتى يتسنى لابنه، “بشار”، الوصول إلى السلطة.
وقد سبق إتباع نفس الأسلوب في “مصر”، لصالح “حسني مبارك”، وفي “العراق” لصالح “صدام حسين”.
لكن ما يحدث حاليًا، في “سوريا”، ليس انتخابات، لأنه من غير المسموح في “سوريا” تشكيل أحزاب بالمعنى الحقيقي للكلمة، كما أن المناخ السياسي مغلق أمام المعارضة السياسية والمدنية.
أصل الأزمة السورية..
“الدبلوماسية الإيرانية” : لقد تجاهلتم الإجابة على السؤال الأول؛ بخصوص أهمية هذه الانتخابات ومساعي بقاء “الأسد” في السلطة.. ويبدو أن “سوريا” على مشارف تحديد الدستور، بعد تجاوز أزمة الحرب الأهلية، وتشكيل نظام حكومي ورسم المستقبل السياسي. لذلك يسعى أنصار “الأسد” في الداخل والمنطقة، (وبخاصة إيران)، للمحافظة على بقاءه في السلطة كرئيس للجمهورية حتى يتسنى لهم، في الفترة المقبلة، المحافظة على أهدافهم ومصالحهم. الآن ومع تعدد الأطراف الداخلية والإقليمية والدولية وتناقض أهدافهم، هل بمقدور “إيران” تحقيق أهدافها بالإبقاء على “الأسد”؛ ورسم نصيبها في مستقبل “سوريا” ؟
“قاسم محب علي” : لو تريد “إيران”، وباقي أنصار “الأسد”، بقاء هذا النظام في السلطة حفاظًا على مصالحهم؛ فلن يتحرك إلى أي مكان. علمًا بأن الأزمة السورية سببها النظام الانتخابي الخاطيء وانعدام الديمقراطية.
والآن وبعد عشر سنوات على الحرب وإرقة الدماء دون مبرر، لا يقبل أي حزب سياسي أو قومي أو مذهبي بسيطرة الأقلية العلوية على السلطة مدى الحياة، في قالب ديكتاتورية، دون السماح لأي من القوميات والمذهبية بالوصول إلى السلطة.
في غضون ذلك، لو تريد “إيران” تحقيق أهدافها بالاستفادة من عرض الانتخابات الكوميدي في بقاء “الأسد”، رئيسًا للجمهورية السورية، فسوف تزداد حدة الأزمة مجددًا بشكل تدريجي.
مرحلة القومية العرقية..
“الدبلوماسية الإيرانية” : هل تدخل “سوريا” مرحلة من تعامل القوميات تحت نظام حكم جديد، مثل “لبنان” و”العراق”، رغم أن مخرجات النماذج اللبنانية والعراقية غير مرضية حتى الآن ؟
“قاسم محب علي” : لا يوجد شيء باسم: “الحكومة-الشعب” في الشرق الأوسط، لأن دول المنطقة والتيارات السياسية والأحزاب تتعلق بالقومية والطائفية.
من ثم؛ حين تكون كل الأحزاب والتيارات السياسية السورية قومية، يجب تطويع هيكل السلطة وفق هذا النموذج. بعبارة أخرى، الديمقراطية وفق حجم مشاركة القوميات.
وعليه رغم إجراء انتخابات في “العراق ولبنان”، لكن مناصب رئاسة الجمهورية، والوزراء، والبرلمان مخصصة، وفق الدستور، للقوميات.
وبالتالي لن يتسقر لا في “سوريا” ولا حتى “لبنان والعراق”؛ موديل: “شخص واحد، وصوت مستقل وحر”. لكن الموديل الطائفي بما يتناسب ومشاركة القومية؛ لا يمكن أن يكون حلاً مثاليًا، بل وسيلة واقعية للخروج من التوترات العرقية والدينية.
لكن لا بد أن ينطوي هذا النموذج على ضمانات تحول دون الإطاحة، بالنظام حال انسحاب بعض العرقيات من هيكل السلطة والإنضمام إلى كتلة المعارضة.