مستقبل “العراق” .. مرتبط بإنفاذ مطالب المتظاهرين !

مستقبل “العراق” .. مرتبط بإنفاذ مطالب المتظاهرين !

خاص : ترجمة – محمد بناية :

طوى “العراق”، خلال الأشهر الأخيرة، مجموعة من التحولات الكبيرة على صعيد العلاقات الداخلية والخارجية. فقد عبر العراقيون الغاضبون من الهيكل الحكومي، والفساد الإداري المستشري، ومعدلات البطالة المرتفعة، وأوضاع الاقتصاد السلبية، عن استيائهم من الوضع القائم والأداء الحكومي بالتظاهر المستمر في الشوارع.

ويبدو أن رئيس الوزراء، “عادل عبدالمهدي”، الذي أمتلك قدرة التغلب على الاختلافات “العرقية-المذهبية”، قد استقال من منصبه نزولاً على رغبة المتظاهرين. وفي ضوء هذه المشكلات، اغتالت “الولايات المتحدة الأميركية”، الجنرال “قاسم سليماني”، قائد (فيلق القدس)، على الأراضي العراقية، وقد أثارت هذه المسألة المخاوف من تحويل “العراق” إلى ساحة صراع مباشر وغير مباشر بين “واشنطن” و”طهران”.

ونفذت “إيران” هجمات انتقامية ضد مقر القوات الأميركية في “العراق” خلت، (لحسن الحظ)، من المحفزات، في حين لم يتصور أي مراقب أو محلل أن يقتصر الانتقام الإيراني على هذا الحد. بحسب موقع (الدبلوماسية الإيرانية) المقرب من وزارة الخارجية.

إحياء أطروحة “بايدن”..

ومؤخرًا أضحى، “محمد توفيق علاوي”، الذي أعلن مرارًا دعم المتظاهرين، رئيس الحكومة العراقية، لكن مع هذا ماتزال الاحتجاجات مستمرة؛ لأن المتظاهرين يعتبرونه جزءًا من النخبة الحاكمة، ويعتقدون أن وجوده على رأس الحكومة لن يسهم في تحسين الأوضاع.

وخلف هذا المشهد وكل هذه التطورات، نُشرت التقارير عن إحياء أطروحة، عام 2007، للسيد، “جو بايدن”، المرشح الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية الأميركية، والتي تقتضي تشكيل منطقة حكم ذاتي سُنية وتقسيم “العراق” نسبيًا.

وللوهلة الأولى قد يبدو أن “العراق” يُصارع بشكل متزامن عدة أزمات، وهي ذات طبيعة متخلفة؛ وإن بدت مترابطة. لكن استياء المتظاهرين، النفوذ الإيراني في “العراق”، دفع “الولايات المتحدة” إلى محاولة فرض التأثير باغتيال الجنرال “سليماني”، والضغط لتقسيم “العراق” إلى ثلاثة أجزاء، (شيعية، وسُنية، وكُردية)، وكل ذلك ناجم نوعًا ما عن الهيكل الحكومي العراقي، بعد احتلال 2003.

ورغم أن هذا الهيكل السياسي مطروح بالأساس لمراعاة العدل والإنصاف إزاء جميع الفرق والفصائل، لكن عمليًا كان الوضع مختلف، فالأغلبية الشيعية التي أستملت السلطة، بعد سقوط “صدام حسين”، فرضت قيود على مشاركة الكتلة السُنية في مسار الديمقراطية، الأمر أثار مخاوف السُنة في مرحلة ما بعد “صدام حسين”..

الطائفية والنفوذ “الأميركي-الإيراني”..

المشكلة الأخرى؛ تكمن في إقتتال قيادات الفرق والفصائل بحثًا عن مكاسب حزبية وفئوية، وسعوا لإقتسام الغنائم بدلاً من التركيز على التوزيع العادل للميزانية.

وبغض النظر عن هؤلاء؛ فإن تقسيم السلطة على أساس الاختلافات “العرقية-المذهبية” أتاح للأطراف الخارجية، وبخاصة “الولايات المتحدة الأميركية” و”إيران”، فرصة التحالف مع الأجنحة العراقية، أو الانتفاضة للحصول على استثمارات سياسية، واقتصادية، وأدوات عسكرية بُغية مضاعفة النفوذ.

وقد حالت القيود على سلطة الحكومة دون الإستجابة المؤثرة لتلكم التطورات وما ترتب عليها من أوضاع أضطلعت فيها الميليشيات المسلحة والمدنية والمنظمات الطائفية بتلبية احتياجات المواطنين بدلاً من الحكومة، وهو ما ساهم في مضاعفة قدرة هذه الفصائل والمنظمات على النفوذ.

وقبل أيام؛ قدم “برهم صالح”، الرئيس العراقي، السيد “محمد توفيق علاوي”، كرئيس للوزراء. وكانت بعض الفصائل المنضوية تحت وحدات (الحشد الشعبي) قد حددت بعض الشروط لاختيار رئيس وزراء جديد؛ منها ضرورة أن يكون شخصية مستقلة، ويتعهد بتنفيذ قرار البرلمان بشأن طرد القوات الأجنبية، وتفعيل اتفاقية “النفط لإعادة الإعمار”..

وللتعليق على ذلك؛ قال “إحسان علي الشمري”، المحلل السياسي ورئيس مركز “أفكار” السياسي، في حوار إلى صحيفة (الماينتور): “وضعت فصائل الحشد الشعبي هذه الضوابط للتأكد من توزان السلطة إبان، عادل عبدالمهدي، والتي إنهارت باستقالته. هذه الضوابط لا ترتبط بمطالب المتظاهرين فيما يخص استقلالية رئيس الوزراء والتحرر من الروابط الخارجية”.

ولقد رحبت “إيران” باختيار، “علاوي”، لكن من غير المعلوم، حتى اللحظة، أي توجه سوف يتبنى بمجرد الشروع في العمل. لقد وعد “علاوي” بتلبية مطالب المتظاهرين. لكن ما مدى رغبته في تحقيق وعوده للمتظاهرين ؟.. لا أحد يعلم.

لكن يمكن القول: يرتبط مستقبل “العراق”، كدولة مستقلة، بغض النظر عن الرضا الشعبي، بإنفاذ هذه الوعود.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة