24 أبريل، 2024 6:31 م
Search
Close this search box.

مستخدمًا احتجاجات الصيف والفساد .. “العبادي” يسوق لنفسه ليأخذ مكان “عبدالمهدي” !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

تتصاعد التقارير الإعلامية حول عودة رئيس الوزراء السابق، “حيدر العبادي”، للحياة السياسية مرة أخرى، مستغلًا بذلك حالة التيه الحكومي التي يعيشها، “عادل عبدالمهدي”، منذ توليه رئاسة الوزراء وحتى الآن، وتفيد التقارير أنه سيقدم نفسه في مجالات شتى، لا سيما منها مكافحة الفساد، ومراهنًا على شارع يشعر بخيبة أمل بالغة إزاء الأداء الحكومي الحالي.

في مقابلة مع وكالة (فرانس برس)؛ تحدث “العبادي” عن خطر عودة الصراع الطائفي إلى “العراق”، الذي سجل في عهد “العبادي” نصره الكبير على تنظيم الدولة الإسلامية، وعن الفساد في بلد يحتل المرتبة الثانية عشرة على لائحة البلدان الأكثر فسادًا في العالم، وعن التوترات مع “إقليم كُردستان العراق”.

ويلعب “العبادي” الآن على الصيف واحتجاجات العراقيين الدورية خلاله ضد انقطاع التيار الكهربائي المزمن في “العراق” ونقص الخدمات، كصهوة للعودة، بعدما نصب نفسه “معارضًا تقويميًا”، وفق ما يقول “العبادي” نفسه، بمعنى أنه يعمل على التعبئة السياسية، حسبما يؤكد مصدر حكومي.

وردًا على سؤال لوكالة (فرانس برس)، يؤكد “العبادي” نيته العودة، قائلًا: “نحن نيتنا طيبة في هذا الإطار”.

ويؤكد مصدر مطلع على نشاط “العبادي”؛ أن الأخير يعقد لقاءات مع قادة كتل وأحزاب سياسية كبيرة.

يتواصل مع المرجعية..

“العبادي” أشار إلى أن هناك “تواصلًا من نوع معين حاليًا مع المرجعية” الشيعية الأعلى المتمثلة، بآية الله السيد “علي السيستاني”، صاحب التأثير الكبير على المشهد السياسي العراقي.

وذكر مصدر مطلع أن: “زيارة العبادي إلى المراجع الدينية ركزت على الإصلاح والتغيير، وإنهاء الفساد الإداري والمالي المتفشي في مفاصل الدولة، فضلًا عن مناقشة أداء الحكومة خلال الفترة الماضية، على اعتبار أن الأخير له تجربة سابقة في هذا المنصب”.

وأضاف المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه لوسائل الإعلام، أن: “العبادي أطلع المراجع الدينية، الفياض والحكيم، والنجفي، على خروقات وملفات تمثل تهديدًا لمصلحة العراق، لم تفعّل الحكومة الحالية إجراءات بشأنها، مثل الدعوى المقامة ضد تركيا بشأن نفط كُردستان، وبعض القضايا المتعلقة بالاتفاقيات التي أبرمها العراق مع الدول المجاورة مؤخرًا، واعتُبرت لا تصب في مصلحة البلاد”.

ويلفت المصدر إلى أن: “العبادي حاول مؤخرًا التقارب مع ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي، ضمن حزب الدعوة، لدعم مسعاه للوصول إلى منصب رئاسة الوزراء، خاصة وأنه رفض تسلم أي منصب في حكومة عبدالمهدي بالرغم من عرض عدة مناصب عليه”.

ويشكل الشيعة غالبية السكان في “العراق” ولهم في العرف السياسي منصب رئاسة الوزراء؛ منذ الإطاحة بنظام “صدام حسين”، في العام 2003.

يتهرب من فساد حقبته..

وكان الفساد أحد أسباب خسارة “العبادي” شعبيته التي بناها على انتصارات عسكرية متتالية، رغم أنه شبهه بـ”الإرهاب”.

ولدى سؤاله عن تراجعه أو فشله في ضرب حيتان المال، يجيب: “كيف تكافح الفساد، والأمر بيد القضاء ؟.. من يدعي أنه سيحارب كل الفساد دفعة واحدة؛ هو في الحقيقة لا ينوي محاربته”.

إلا أنه يقول إن: “فسادًا جديدًا أضيف إلى الدولة؛ وهو بيع المناصب الذي كان في السابق سرًا وبات اليوم في العلن، وكل شيء بسعره”، خصوصًا أن تسريبات انتشرت في خضم مرحلة تشكيل الحكومة عن سعي أحزاب بارزة لشراء منصب وزير بالدفع لمرشحين آخرين أموالاً طائلة للانسحاب.

ويربط “العبادي” الفساد بالطائفية التي يبدي تخوفًا من عودتها وبشكل أكبر، في حال استمرت الأمور على ما هي عليه في الساحة السياسية.

قضى على الطائفية..

ويحسب لـ”حيدر العبادي” أنه قضى على النفس الطائفي في البلاد خلال فترة حكمه، وأنه أعاد نشر الروح القومية في مناطق كانت، قبل عقد من الزمن، حمامات دماء بفعل الإقتتال الطائفي.

ويقول: “بالأمس الطائفية استخدمت كسلاح في الصراع بين الكتل، (النيابية)، لتقسيم الغنائم، ولهذا أصبنا بما أصبنا به”.

ويضيف: “إذا عاد (داعش) أو أي تشكيل إرهابي جديد، أو تشكيل ربما كوكتيل من إرهابيين وسياسيين وآخرين، سيكون تشكيلًا خطرًا يؤدي إلى إنهيار الأوضاع بالكامل”.

ولا يزال لتنظيم (داعش)، رغم دحره، خلايا نائمة تنشط في مناطق قريبة من حزام “بغداد” وعلى المناطق الحدودية.

كسب بغداد في مقابل الأكراد..

وفي نهاية العام 2017؛ بدا “العبادي” بطلاً قوميًا حقق نصرًا عسكريًا على “تنظيم الدولة الإسلامية”، الذي كان يسيطر على ما يقارب ثلث مساحة “العراق”، منذ العام 2014، بالإضافة إلى أنه الرجل الذي استعاد غالبية الأراضي المتنازع عليها مع “إقليم كُردستان العراق”، في إجراء “عقابي” لسعيهم إلى الاستقلال في استفتاء أجروه، في أيلول/سبتمبر 2017.

ويقول متابعون للسياسة العراقية إن “العبادي”، حينها، ربما كسب “بغداد”، لكنه خسر الأكراد.

فيما يعتبر “العبادي” أنه لا مشكلة لديه مع المواطنين الأكراد، “هناك مشكلة مع بعض الأحزاب، أو الجهات المسيطرة على الإقليم”، في إشارة إلى “الحزب الديموقراطي الكُردستاني” الذي يتزعمه، “مسعود برزاني”.

ويضيف: “المشكلة هي أنها، (الجهات)، مسيطرة على ثروة الإقليم ونفطه. لهذا كنت دائمًا أسأل خلال المدة السابقة: أين الواردات ؟ (…) كانت العملية أشبه بغسيل أموال”، موضحًا أن الإقليم يصدر أكثر من 400 ألف برميل يوميًا، “وهذه تكفي لتغطية كل مصاريف الإقليم وأن يعيش في رفاه. ولكنه يحصل على أموال هائلة من بغداد أيضًا”.

يشيد بعودة الحكومة لقرارته السابقة..

كما يرى “العبادي” أن الحكومة الحالية لا تجد أمامها إلا العودة إلى قرارات وخطوات سبق أن اتخذها خلال فترة حكمه، مشيرًا في مثال علي ذلك؛ إلى القرار الأخير لرئيس الحكومة الحالي، عادل عبدالمهدي”، الذي أمر باعتبار “الحشد الشعبي”، “جزءًا لا يتجزأ”، من القوات الأمنية العراقية.

ويقول: “أحيي قرار السيد رئيس الوزراء وأشجعه، إلا أنني كنت أتمنى أن يبني على القرارات السابقة (…)، أظن أننا أضعنا سنة ونصف”، منذ خسارته للسلطة لعدم تمكنه من تشكيل ائتلاف برلماني يسمى في العرف السياسي العراقي، “الكتلة الأكبر”، ما يضمن تكليفه بولاية ثانية.

وهو ما اعتبره المحللون، في حينه، أن “العبادي” دفع ثمن قربه من “الولايات المتحدة الأميركية”، وأن موقفه المؤيد لتطبيق “العقوبات الأميركية” على “إيران” كان كفيلاً بتصفيته سياسيًا.

إلا أنه يقول إن الاحتجاجات الشعبية المطلبية التي قامت في “البصرة” وامتدت جنوبًا؛ كانت سيناريو مفتعلًا من “بعض الأطراف (…)، والقيادة الإيرانية بعيدة عن ذلك”.

لتصفير الأزمات والإنطلاق من جديد..

وتقول الأوساط السياسية العراقية؛ أن حراك “العبادي” يأتي في سياق تصفير الأزمات والإنطلاقة من جديد، وعدم انتظار موعد الانتخابات المقبلة 2022.

وسائل الإعلام العراقية نقلت عن مصادر من داخل تحالف “العبادي” أن: “كتلته (النصر)؛ التي إنهارت وقت تشكيل الحكومة وانسحب غالبية نوابها، عادت وتماسكت بعودة نحو 20 نائبًا إليها، بينهم أعضاء في كتلة (عطاء) بزعامة، فالح الفياض، ونواب آخرون مقربون من زعيم المؤتمر الوطني، آراس حبيب، وبعض النواب السُّنّة”.

وأضافت المصادر أن: “كتلة العبادي بلغ عدد نوابها لغاية الآن 29 نائبًا”.

من جهته؛ أعلن “رشيد العزاوي”، وهو قيادي منشق عن كتلة (النصر)، أن: “حراك العودة موجود بالفعل، ونحن مستعدون للإندماج في التحالف والعودة إليه، فهو من التحالفات الوطنية التي ضمّت كل مكونات الشعب العراقي”.

مؤكدًا، في تصريح لموقع (ناس) المحلي: “إن الخلاف مع العبادي لم يكن كبيرًا، وتمحور حول قضايا اعتبرناها لا تصب في صالح الائتلاف والمواطن، لذلك نحن ندعو إلى تصحيح المسار”.

ونشط “العبادي”، خلال الأيام القليلة الماضية، عبر وسائل الإعلام العربية والمحلية بسلسلة لقاءات وحوارات أجراها، للتعبير عن وجهة نظره بشأن الأوضاع السياسية في البلاد، مؤكدًا على لعبه دورًا مستقبليًا في العملية السياسية.

يدعو الحكومة الحالية إلى إنتهاج أساليبه..

وفي تصريحات لمـوقع (سبوتنيك) الروسي، قال “العبادي”؛ حول كيفية النظر إلى سياسة “العراق” الخارجية في الوقت الحالي، هل نجحت كما تؤكد الحكومة في الوقوف على مسافة واحدة من الجميع والإبتعاد عن الصراعات وتغليب المصلحة الوطنية ؟.. فقال: “أسست بعهدي لمبدأ التوازن الإيجابي الفعال، ونجحت بالإنفتاح المتوازن على جميع الدول، وحفظت العراق من صراع المحاور الإقليمية والدولية، بل جمعت المتناقضات لدعم العراق، وأرجو أن تستمر الحكومة الحالية على هذا النهج لصالح الوطن والدولة”.

حكومة “عبدالمهدي” أسوأ من المحاصصة..

وأشار إلى إن الحكومة الحالية أسوأ من حكومات المحاصصة، فالمحاصصة تفيد باستحقاق كل كتلة بتشكيل الحكومة، “والذي حدث هو استئثار بالحصص الحكومية بمعزل عن باقي الكتل”.

وتابع “العبادي”: “كنا نريد تشكيل حكومة مستقلة بكفاءات مهنية وطنية، لكن هذا لم يحدث، ولا أتوقع إنسيابية بعمل حكومة قامت على هذا المبدأ”.

وأضاف “العبادي” أن: “الحكومة الحالية أنتجها تحالف لا يعتمد المبدأ الدستوري بالكتلة الأكبر، وهي نتاج تحالف قلق وهش، وما زال الأداء الحكومي دون المستوى المطلوب، نحن أيدنا الحكومة ودعمناها بالتشكيل رغم إننا لم نشترك بها”.

وتابع: “(النصر) فوض رئيس الوزراء باختيار وزراء مهنيين أكفاء، ولكن الذي حدث أن حصة (النصر)، التي تنازلنا عنها، ذهبت لغيرنا”، لافتًا إلى أنه رفض تولي منصب وزير الخارجية وجميع المناصب التي عُرضت عليه.

وأردف “العبادي” قائلاً: “لدى (ائتلاف) النصر، الذي أعمل له ومن خلاله، مشروع لإصلاح الدولة”.

ورفض “العبادي” تحميل مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون الأمن الوطني، “فالح الفياض”، مسؤولية عدم إكتمال الكابينة الوزارية، قائلًا: “لا أتصور أن السبب يتمحور حول، فالح الفياض، هناك جملة من الأسباب منها: اختلاف تحالف الحكومة على نسب وحجم وثقل المحاصصة فيما بينها، وهناك سعي من قِبل بعض الأطراف لإبقاء معادلة الحكم قلقة وغير مستقرة لأسباب تخصها، وهناك التدخل الخارجي وتأثيراته على شكل وتوجه الحكومة”.

ويُصر تحالف (سائرون) العراقي، مع عدد من الكتل، على أن يكون مرشحا وزارتي “الداخلية” و”الدفاع” من “التكنوقراط” المستقلين، فيما رشّح تحالف (البناء)، بزعامة؛ “نوري المالكي” و”هادى العامري”، رئيس هيئة “الحشد” السابق، “فالح الفياض”، لتولي المنصب، وهو ما عارضه “الصدر” والتحالفات المؤيدة له بشدة.

وأكد “العبادي” أن توليه رئاسة الوزراء، في حال عدم استمرار حكومة “عبدالمهدي”، “أمر يتقرر في حينه”، مشيرًا إلى أن له تجربة ناجحة بقيادة البلاد وإنقاذها من الإرهاب والتقسيم والعزلة والإنهيار، وأنه لن يتخلى عن مسؤولياته الوطنية بأي موقع كان.

يستخدم نصره على “داعش”..

ثم عاد ليتحدث مجددًا، قائلًا خلال كلمته في تجمع عشائري أشرف عليه، أمس، في محافظة “النجف”: “سنخدم وطننا من أي موقع كان؛ ولن نسمح للتضحيات أن تذهب سدى”.

وذكّر بإنجازه في قيادة الانتصار العسكري على (داعش)، قائلاً: “ما تحقق أذهل العالم؛ وهذا الانتصار لم يأتِ بالمجان إنما بتضحيات كبيرة ولا يجوز التفريط به”.

سيناريو إقالة “عبدالمهدي”..

بالتزامن مع ذلك؛ كشف القيادي في ائتلاف (دولة القانون)، “سامي العسكري”، أمس، عن سيناريو لإقالة رئيس الوزراء، “عادل عبدالمهدي”، وتكليف “العبادي” برئاسة الحكومة، مشيرًا إلى أن تحالف (الإصلاح) يراهن على ذلك، قائلًا في تصريحات صحافية: “إنه لا توجد فرصة قريبة للإندماج بين (النصر) و(دولة القانون)”، مبينًا أن: “إندماج (النصر) و(القانون) سيتحقق إذا تخلى العبادي عن حلم رئاسة الوزراء”، مضيفًا أن: “العبادي مازال يأمل بتولي رئاسة الوزراء، وبعض حلفائه وعدوه بتولي المنصب بعد عام”.

العراق تشهده خضة سياسية..

ويرى المحلل السياسي، “عماد محمد”، أن: “حراك العبادي يأتي في سياق خضة سياسية يشهدها العراق منذ أيام، تمثلت بإعادة بعض الكتل حساباتها وفق المصالح المكتسبة من تحالفاتها، إذ أعلن رئيس حزب الحل، جمال الكربولي، خروجه من تحالف (البناء)، وأعلن تيار (الحكمة) رغبته بالخروج من تحالف (الإصلاح والإعمار)، فضلًا عن الحراك الدائر في حزب (الدعوة) للإلتئام مجددًا”.

وأضاف أن: “حراك العبادي ربما يأتي في سياق الاستعداد للانتخابات المحلية التي من المفترض إجراؤها نهاية العام الحالي، ومن الممكن أن تكون لديه نية بالعودة إلى منصب رئاسة الوزراء، وهو ما يحتاج إلى الضوء الأخضر من عدة أطراف تتحكم بمفاصل الحياة السياسية في البلاد وتشرف عليها”.

وفي 12 أيار/مايو الماضي، جرت الانتخابات البرلمانية العراقية؛ إلا أنها شهدت اتهامات بين الكتل السياسية أدت إلى تأخر إنعقاد جلسة البرلمان الأولى، فيما جرى تكليف “عبدالمهدي” برئاسة الحكومة الجديدة، في الثاني من تشرين أول/أكتوبر الماضي، ولم يتمكن حتى الآن من إكمال كابينته الوزارية.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب