خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في خطوة نحو إيقاف إزهاق المزيد من الأرواح والحد من نزيف الدم، وافق “مجلس الأمن” على مشروع القرار البريطاني بوقف إطلاق النار في “ليبيا”، جاء ذلك خلال الجلسة العامة المنعقدة في “مجلس الأمن” لبحث الأزمة الليبية، وذلك بعد أيام قليلة من إعلان، “غسان سلامة”، المبعوث الأممي في “ليبيا”؛ بأن المفاوضات التي تمت في “جنيف” توصلت إلى هدنة لوقف إطلاق النار بين الأطراف المختلفة في “ليبيا”، في خطوة عملية تسعى من خلالها إلى التوصل لحلول سياسية للأزمة الليبية المستمرة منذ سنوات عديدة.
المشروع البريطاني، الذي وافق “مجلس الأمن” عليه، يُعرب فيه عن قلق “مجلس الأمن” من الإنخراط المتزايد للمرتزقة في “ليبيا”، في إشارة إلى المجموعات الإرهابية التي يرسلها الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، إلى “ليبيا”، كما يتضمن المشروع الإلتزامات الدولية التي تم التعُهد بها في “برلين”، في 19 كانون ثان/يناير 2020، من أجل احترام حظر الأسلحة المفروض على “ليبيا”، منذ العام 2011، بما يشمل وقف كل الدعم المُقدم إلى المرتزقة المسلحين وانسحابهم.
الجيش يُسيطر على 99% من البلاد..
جدير بالذكر؛ أن “أحمد المسماري”، المتحدث باسم الجيش الليبي، قال إن الجيش يُسيطر على 99% من مساحة البلاد، وأن كل مواقع الإرهابيين والميليشيات تحت نيران الجيش، سواء بالمدفعية المباشرة أو بالقصف المدفعي، وأن قبول وقف إطلاق النار: “جاء من مصدر قوة، ونستطيع استئنافه في أي لحظة، ومازلنا على نفس الهدف، وهو القضاء على الإرهاب وفك الميليشيات وحمل السلاح”، مشيرًا إلى أن الجيش يُسيطر على نسبة كبيرة جدًا من الأراضي الليبية، ولكن لن يستطيع إيقاف المعركة قبل إعلاء هذه الثوابت الوطنية التي يطالب بها الشعب الليبي.
وأضاف “المسماري”، خلال مؤتمر صحافي عقده لكشف الوضع في “ليبيا”؛ أن الجيش مازال في مواقعه العسكرية، وكل المعسكرات، “اليرموك والصواريخ وحمزة”؛ وغيرهم تحت سيطرة القوات المسلحة، ولم نستخدم، خلال الأسبوع الماضي، الأسلحة الثقيلة والطيران واستخدمنا أسلحة خفيفة للدفاع عن مواقعنا إلتزامًا بوقف إطلاق النار، في الوقت الذي تم رصد فيه اختراق للميليشيات لمناطق آهلة بالسكان، “وردينا على مصادر النيران، ويتم السيطرة على كافة مواقع طرابلس”.
وشدد المتحدث باسم الجيش الليبي، على مسودة قرار “مجلس الأمن” بشأن “ليبيا” على تبني قرارات “مؤتمر برلين” ورفض التدخل الأجنبي في النزاع المسلح، موضحًا أن الجيش لا يزال مُلتزم بوقف إطلاق النار في المناطق الغربية، وأن بيان البعثة الأممية حول “مطار معيتيقة” كان رسالة إلى “مجلس الأمن”، الذي سيجتمع لمناقشة الأزمة الليبية، بهدف تشويه صورة الجيش.
وقال إن الجيش الليبي لديه معلومات عن كل ما يدخل أو يخرج من العاصمة، “طرابلس”، لافتًا إلى أن الجيش رصد قدوم باخرة مُحملة بالأسلحة إلى “ميناء مصراتة” قادمة من “تركيا”.
تظاهرات مُنددة بالتدخل التركي..
بالتزامن مع ذلك، خرجت تظاهرات في “بنغازي”، شرقي “ليبيا”، أمس الجمعة، احتجاجًا على التدخلات التركية المستمرة في الشؤون الداخلية للبلاد، التي وصلت إلى حد إرسال “أنقرة” مرتزقة، ودعمًا من المتظاهرين، للجيش الوطني الليبي، في حربه على الإرهاب.
واختار المتظاهرون شعار: “إيقاف الإرهاب”، لهذه الوقفة الاحتجاجية، وطالبوا بضرورة وقف العدوان التركي على “ليبيا”، وإرسال “أنقرة” للأسلحة والطائرات المُسيرة للميليشيات التي تُسيطر على العاصمة، وتمارس بقوة سلاح الترهيب ضد المواطنين.
كما طالبوا، المجتمع الدولي، بإيقاف تدفق الإرهابيين من “سوريا” إلى “ليبيا”، ووضع حد لما وصفوه بـ”العبث الحاصل بتحويل ليبيا إلى مستنقع للإرهاب”.
وتقول “تركيا” إن لديها مستشارين في “ليبيا”، لكن الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير “خليفة حفتر”، يؤكد أن هؤلاء الضباط يديرون المعارك ويشرفون على المرتزقة السوريين الذين جلبهم “إردوغان” للبلاد.
وكشفت مصادر سورية، في وقت سابق، أن “تركيا” تواصل إرسال مرتزقة إلى “ليبيا” عبر رحلات جوية، بالرغم من أنه، في وقت سابق من كانون ثان/يناير الماضي، أعلن “الجيش الوطني الليبي” وقفًا لإطلاق النار في المنطقة الغربية من “ليبيا”، حيث توجد “طرابلس”، التي تُسيطر عليها ميليشيات موالية لـ”فايز السراج”.
لا ضمان لتطبيق قرارات مجلس الأمن !
تعليقًا على قرار “مجلس الأمن”، قال الكاتب والمحلل السياسي الليبي، “عبدالحكيم معتوق”، إن: “مجلس الأمن عودنا، في مثل الحالة الليبية؛ أن يأخذ مثل هذه القرارات في ظل الانقسام وحالة الحرب ووجود تدخل خارجي وفشل قراراته السابقة المتعلقة بحظر السلاح”.
وأوضح أنه: “لا توجد أي ضمانات لتطبيق قرار مجلس الأمن؛ وهو ما أوضحه المبعوث الروسي عندما قال في كلمته إنكم تصرفتم مثل 2011، والواقع سيثبت أن موقف روسيا هو الصحيح”.
ولفت إلى أن “روسيا”؛ “لا يمكنها أن تصوت للقرار وأمامها معطيات كثيرة على فشله، أولها وجود 5000 مرتزق وكميات كبيرة من السلاح وأموال تنفق على عمليات إرهابية”.
مرهون بإجبار “إردوغان” بعدم إرسال المرتزقة..
من جهته؛ أكد الدكتور “طارق فهمي”، أستاذ العلوم السياسية بجامعة “القاهرة”، أن إعلان “مجلس الأمن” الموافقة على المشروع البريطاني، الذي يرمي نحو وقف إطلاق النار في “ليبيا”، يؤكد إصرار المنظمة الأممية على حل الأزمة الليبية سياسيًا، لافتًا إلى أنها خطوة مهمة للغاية نحو دفع الأطراف في “ليبيا” نحو وقف المعارك، مشيرًا إلى أنه لا يمكن الحكم على نجاح هذا القرار في الفترة الراهنة، بدون إجبار الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، على وقف إرسال المرتزقة السوريين إلى “ليبيا”.
موضحًا أن هناك تحدي كبير نحو تنفيذ مقررات “برلين” الهادفة نحو حل الأزمة الليبية، ووقف التدخل الأجنبي فيها، مشيرًا إلى أنه لا يمكن تنفيذ قرار “الأمم المتحدة” الخاص بالموافقة على المشروع البريطاني بعيدًا عن مقررات “برلين”.
ولفت الدكتور “طارق فهمي”، إلى أن نجاح أي مساعي أممية مرتبطة بالضغط على “تركيا” لوقف تدخلها في “ليبيا”، ومنعها من مساعدة الإرهابيين، وهو ما سيؤدي في النهاية للتوصل لاتفاق نهائي لوقف إطلاق النار.