خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
تغيرت سياسات الطاقة في الكثير من دول الخليج بالتوازي مع تغيير نظام الطاقة. وفي القرن الماضي إرتبطت القوة الجيوسياسية بشدة بـ”الوقود الأحفوري”.
والخوف من العقوبات النفطية ونقص المعروض من “الغاز” يكفي لبناء تحالفات أو اندلاع حرب، وامتلاك مخزون نفطي يقترن بالثروة الهائلة. وبالتالي سوف يظهر في عالم الطاقات النظيفة مجموعة جديدة من الفائزين والخاسرين.
وتصدر الدول أو المناطق التي تُسيطر على التكنولوجيا النظيفة، “الطاقة الخضراء”؛ ورد كميات محدودة من “الوقود الأحفوري” وتستفيد من هذا النظام الجديد. لكن الدول التي تعتمد على تصدير “الوقود الأحفوري”؛ مثل “السعودية”، قد تشهد انكماش للسلطة. بحسب “فاطمة خادم الشيرازي”؛ في تقريرها على موقع (المركز الدولي لدراسات السلام).
وأمن الطاقة جزء رئيس من الأمن الوطني؛ سواءً من المنظور السياسي أو الاقتصادي. وقد أعلنت “السعودية”، في العام 2016م؛ (رؤية 2030) في مجال الطاقة المتجددة للحد من “النفط” في مجال الكهرباء.
وعلينا الآن ملاحظة دوافع “السعودية” في السياسات الخارجية والداخلية، للتقدم على مسار الإصلاح في مجالات السياسة الدولية وتغيير أنظمة الطاقة للمحافظة على الماء والهواء ؟
الجوانب السياسية للطاقة المتجددة..
تسعى “الرياض” بوضوح لإنتاج الاستثمارات السياسية عن طريق مثل هذه المبادرات، ولذلك استضافت؛ في تشرين أول/أكتوبر 2021م، مؤتمر إقليمي على مستوى عالي لمناقشة قضايا الماء والهواء، بغرض الظهور كطرف أساس في الشرق الأوسط للمشاركة على الساحة الدولية.
على الصعيد المحلي، تدعم السياسات البيئية والمناخية التقدمية إدعاءات القيادة الدينية للعائلة المالكة السعودية. ونصت وثيقة (رؤية 2030) على: أن نعمل وفق المهمة الإسلامية والإنسانية والأخلاقية، باحترام البيئة ومصادرها الطبيعية.
علاوة على ذلك؛ تلعب الضغوط السياسية في “السعودية” دورًا هامًا في التركيز على الطاقة الشمسية، تلك الطاقة التي قد تغير الهيكل السياسي والاجتماعي للمملكة من المنظور المالي والإقليمي.
ولطالما كانت “السعودية” و”الإمارات” من الأطراف الرئيسة في المنطقة، وبخاصة منذ انتشار وباء (كورونا). بهدف الاستفادة من الطاقات المتجددة في الاستهلاك الداخلي، وبالتالي التحرر من الصادرات النفطية والغازية، مع رؤية بعيدة المدى للريادة في تصدير “الطاقة الخضراء”.
وتقع “السعودية” من المنظور السياسي في محيط واقتصاديات تبحث عن القوة عبر الطاقة الشمسية مع رواية حداثية للاستبداد بجانب الدين والعلم والتكنولوجيا والسياسات الفنية، وذلك في إطار التخلص من المشاكل الداخلية وتوطيد سلطتها من خلال رؤية تنموية محكمة.
الجوانب الاقتصادية للطاقة المتجددة..
لطالما كان “النفط”؛ في “السعودية”، الأداة الأساسية في توفير المتطلبات الأساسية من الطاقة. لكن الاستهلاك السعودي من “النفط” يُسبب مشكلة، لأن استهلاك المشتقات النفطية يؤثر على كميات التصدير، ويتسبب في تكلفة كبيرة لتلك الدولة.
مع الأخذ في الاعتبار للتداعيات الكبيرة على “السعودية” في السنوات الأخيرة؛ بسبب التغيرات المائية والهوائية. والزيادة السكانية في “السعودية” قد تُزيد من تدهور الوضع.
وتؤكد الإحصائيات الأخيرة ارتفاع عدد السكان في العشرين عامًا القادمة بنحو: 30%، وبالتالي سوف تساهم التغيرات الإقليمية والنمو السكاني في مضاعفة استهلاك الكهرباء بـ”السعودية”، خلال السنوات العشر المقبلة.
وتعمل “السعودية” بشكل متزايد على الاستثمار في مصادر الطاقة البديلة على نحو يكفل أمن الطاقة في العقود المقبلة. والهدف الأهم من هذه التوجهات هو إعلان القدرة على تغطية وتلبية معظم الطاقة المطلوبة عبر الطاقة الشمسية؛ وتحريك اقتصاد الصادرات الداخلية والتحرر من تجارة “النفط” و”الغاز”.
الفرص..
استمرار الطلب على الكهرباء في “السعودية”؛ إنما يعني ضرورة تطوير مصادر إنتاج الكهرباء. والبيئة السعودية مناسبة ومؤهلة من المنظور الجغرافي بسبب وقوعها في مدار شمسي، وهذا بدوره ساهم في تحول “السعودية” إلى واحدة من أكبر الدول المنتجة للطاقة الشمسية.
والواقع أن عوائد استخراج وتصدير الطاقة هام بالنسبة لاقتصاديات دول الخليج. وقد تضاعف حجم هذه العوائد في الناتج المحلي الإجمالي لـ”الإمارات” و”السعودية” و”قطر”.
ومع تراجع الطلب العالمي على “النفط”، تستعد “السعودية” لمرحلة ما بعد “النفط”. ودول الخليج كـ”السعودية”، و”الإمارات”، و”عُمان” بشكل متزايد لاحتلال مكانة أعلى في سوق الهيدروجين الدولي ومن المتوقع تحقيق عوائد بقيمة: 11 تريليون خلال الثلاثين عامًا المقبلة.
وتمتلك هذه الدول الإمكانيات اللازمة للقيام بهذا العمل. وإنتاج (الهيدروجين) في “السعودية” مقارنة بباقي الدول قد يكون أقل تكلفة بشكل ملحوظ، لأن هذه الدولة تمتلك طاقة شمسية أكبر مقارنة بأي منطقة أخرى في العالم.