وكالات – كتابات :
أعلنت قوات تابعة لـ”جمهورية لوهانسك” الانفصالية، المدعومة من الجيش الروسي، في 10 تموز/يوليو، بأنها تواصل عملية تحرير “سيفرسك”، بـ”إقليم دونيتسك”، إذ إنها تمكنت من السيطرة على منطقة “غريغوروفكا”، وذلك بعدما تمكنت “روسيا” من تحرير “إقليم لوهانسك” بالكامل، في 03 تموز/يوليو 2022.
وجاءت هذه التطورات؛ في الوقت الذي عدلت فيه الدول الغربية من تقييماتها لأهداف العملية العسكرية الروسية في “أوكرانيا”، من تحرير “الدونباس”؛ (لوهانسك ودونيتسك)، إلى السيطرة بشكلٍ كامل على “خاركيف وخيرسون وزاباروغيا” كحدٍ أدنى؛ بحسب ما استهل به مركز (المستقبل) للأبحاث والدراسات المتقدمة؛ تقريرًا أعده تحت عنوان: “هل أخفق الغرب في مسعاه لهزيمة روسيا في أوكرانيا ؟”.
الهزيمة المستحيلة..
كشف سير العمليات العسكرية الروسية في “أوكرانيا”؛ عن استمرار تراجع الجيش الأوكراني، وعجزه عن استعادة السيطرة على المناطق التي سيطرت عليها القوات الروسية، وهو ما يجعل الخطط الغربية المُعلنة من هزيمة “روسيا”؛ في “أوكرانيا”، هدفًا غير واقعي، وهو ما يرجع إلى العوامل التالية:
01 – تدهور الجيش الأوكراني: تعددت المؤشرات عن تدهور أوضاع الجيش الأوكراني، فقد صُدرت عدة تصريحات من جانب المسؤولين الأوكران يتحدثون فيها عن الخسائر التي يتكبدها الجيش الأوكراني، فقد اعترف وزير الدفاع الأوكراني؛ “أليكسي ريزنيكوف”، في 10 تموز/يوليو، بوقوع خسائر فادحة واستنزاف الجيش الأوكراني، مطالبًا الدول الغربية بالمزيد من الأسلحة، بينما كشف مسؤولون أوكرانيون آخرون عن خسارتهم حوالي: 100 – 200 جندي يوميًا في “إقليم الدونباس”، وهو المُعّدل الذي يعني أن الجيش الأوكراني يفقد حوالي: 3000 – 6000 جندي شهريًا، بالإضافة إلى خسارة أضعاف هذا الرقم من الجرحى.
ويعني ما سبق أن الجيش الأوكراني سوف يكون عاجزًا عن مواصلة العمليات العسكرية بالوتيرة الحالية نفسها، إذا ما تواصل هذا الاستنزاف، كما أن محاولات الجيش الأوكراني تعويض هذه الخسائر من خلال الاعتماد على المجندين من المدنيين يعني المخاطرة بنشر قوات أقل دراية وخبرة مقارنة بالقوات التي خسرتها في “الدونباس”، وهو ما يعني أن هذه القوات سوف تواجه إما مصير الإبادة، أو الإنهيار أمام تقدم القوات الروسية.
وفي المقابل؛ طالب الرئيس الأوكراني؛ “فولوديمير زيلينسكي”، في 27 حزيران/يونيو 2022، زعماء العالم المجتمعين في “قمة مجموعة السبع”؛ على بذل قُصارى جهدهم لإنهاء الغزو الروسي لبلاده بحلول نهاية 2022، موضحًا أن ظروف المعركة ستجعل الأمر أكثر صعوبة على قواته أثناء شن قتالهم، خاصة إذا تجاوزت الحرب فصل الشتاء، وهو ما يُقدم مؤشرًا إضافيًا على أن الجيش الأوكراني سوف يكون مُعرضًا لخطر الإنهيار إذا طالت أمد المعارك عن العام الحالي.
02 – طلب “أوكرانيا” أسلحة جديدة: طالب “زيلينسكي” بأنواع جديدة من الأسلحة لوقف تقدم الجيش الروسي، وتحديدًا أنظمة إطلاق الصواريخ المتعددة بعيدة المدى، غير أن استخدام الجيش الأوكراني هذه الأسلحة لم يترتب عليها أي تحسن يُذكر في أدائه، إذ واصلت “روسيا” تحقيق انتصارات عسكرية في “لوهانسك” وصولاً إلى تحريرها بالكامل، كما لم ينجح الجيش الأوكراني في شن هجمات مضادة في “خاركيف”، لتهديد خطوط الإمداد العسكرية الروسية التي تمر عبر “خاركيف” إلى “الدونباس”.
ومن جهة ثانية؛ أكد مسؤول كبير في (البنتاغون)، في تموز/يوليو 2022، أن “واشنطن” خصصت مساعدات عسكرية قيمتها: 400 مليون دولار تشمل أربعة راجمات صواريخ من طراز (هيمارس) وذخيرة، إلى “أوكرانيا”، وذلك بهدف تمكين “كييف” من مهاجمة أهداف، مثل مستودعات الذخيرة الروسية، بصواريخ تُطلق بعيدًا عن مدى المدفعية الروسية، غير أنه من المُلاحظ أن مثل هذا الأمر لن يؤثر على موازين القتال الحالية لعدة أسباب، الأول يتعلق بأن عدد المنظومات التي أرسلتها “واشنطن”؛ لـ”كييف”، محدودة جدًا، كما أن هذه المنظومات تتطلب أكثر من شهرين للتدريب على استخدامها وصيانتها من جانب الجيش الأوكراني، وهو ما يعني صعوبة نشرها بأعداد كبيرة وبالسرعة اللازمة في أرض المعركة.
ومن جهة ثانية، فإن المدفعية الروسية، سواء من حيث العدد أو التقدم، تتفوق على نظيرتها الأوكرانية، وهو ما يجعل من المستحيل على الجيش الأوكراني عكس انتصارات الجيش الروسي.
ومن جهة ثالثة؛ فقد عمد الجيش الروسي إلى استهداف الأسلحة الغربية، فقد كشف الجيش الروسي، في 11 تموز/يوليو، عن تدميره أكثر من: 1000 قذيفة مدفعية لمدافع (هاوتزر. إم-777) أميركية الصُنع، ونحو: 700 منصة لصواريخ (غراد)، وكذلك مدافع (هاوتزر) أميركية الصُنع من طراز (إم-777).
03 – الهيمنة الروسية على الأجواء الأوكرانية: تراجعت فاعلية الطائرات المُسيّرة الأوكرانية في الحرب، وذلك بعدما كانت “كييف” تعوّل عليها بقوة في بداية المعارك، فقد تمكنت “موسكو” من نشر وحدات الحرب الإلكترونية، وكذلك نظم الدفاع الجوي الروسية في المناطق التي سيطرت عليها كافة، وهو ما أجبر الجيش الأوكراني على تقليل الطلعات الجوية، سواء بالمقاتلات، أو الطائرات المُسّيرة، والتي غالبًا ما تنجح الدفاعات الروسية في إسقاطها بسهولة.
وأشارت مصادر داخل الجيش الأوكراني إلى أنه تم إيقاف إطلاق الطائرات التركية المُسّيرة من طراز (بيرقدار)؛ فوق “الدونباس”، بسبب نجاح الدفاعات الروسية في إسقاطها، كما أبدى المسؤولون الأوكرانيون قلقهم من أن الطائرات المُسّيرة الأميركية من طراز (غراي إيغل)، سوف يتم إسقاطها من قبل الدفاعات الروسية كذلك .
وفي المقابل؛ سعت “أوكرانيا” إلى الحصول على أنظمة دفاع جوي من الغرب، فقد أعلن “زيلينسكي”، في 07 تموز/يوليو، أنه يُريد الحصول على دعم “الكونغرس” الأميركي لتزويد بلاده بأنظمة الدفاع الجوي الحديثة، وهو ما يؤشر على أن هناك تردد من قبل الإدارة الأميركية في إمداد “أوكرانيا” بهذه النوعية من الأسلحة، وإلا لما ناشد “زيلينسكي” دعم “الكونغرس”.
كما أن “إسرائيل” رفضت إمداد “أوكرانيا” بنظام (القبة الحديدية)، وهي المنظومة التي أكد وزير الدفاع الأوكراني؛ “أوليكسي ريزنيكوف”، عدم جدواها في مواجهة الصواريخ الروسية بصنوفها المختلفة، إذ أكد أن هذا النوع من الدفاع الجوي قادر فقط على الحماية من: “الصواريخ البطيئة على ارتفاعات منخفضة”، أي أنها فعالة فقط للصواريخ التي: “تُصنع أساسًا في المرائب”، وفقًا له.
ويُلاحظ أن مطالبة “كييف” بنُظم دفاع جوي جديدة يُعد مؤشرًا على نجاح الجيش الروسي في استهداف أغلب نُظم الدفاع الجوي الأوكرانية، روسية الصُنع، من طراز (إس-300)، وهو ما يجعل “كييف” في حاجة إلى نُظم بديلة، غير أن المنظومات الغربية لن تُمكن الجيش الأوكراني من استعادة السيطرة على أجوائه، خاصة أن نُظم الدفاع الجوي الأميركية من طراز (باتريوت) و(ثاد) تُعد أقل من حيث المواصفات الفنية من نظيرتها الروسية، كما أن الجيش الروسي يمتلك من الصواريخ التي تُمكنه من تدمير هذه المنظومات، من دون أن تتمكن حتى نظم الدفاع الجوي الغربية من رصدها، على غرار الصواريخ الفرط صوتية.
ومن جهة ثالثة؛ فإن نشر منظومات الدفاع الجوي الأميركية في “أوكرانيا”، وتدميرها بسهولة على يد الجيش الروسي؛ سوف تكون بمنزلة دعاية سيئة للصناعات الدفاعية الأميركية، وهو ما يُفسر أسباب تردد “واشنطن” في إمداد “كييف” بمنظومات عسكرية لن تُحدث أي فارق في موازين القوة بين الجيشين الروسي والأوكراني.
04 – تضخيم خسائر الجيش الروسي: أشارت تقديرات “وزارة الدفاع” البريطانية إلى فقدان الجيش الروسي حوالي: 15 ألف جندي؛ في نيسان/إبريل 2022، وإذا افترضنا أن عدد الجرحى كان أعلى بثلاث مرات، فإن ذلك يعني أن ما يقرب من: 60 ألف روسي قد خرجوا من الخدمة.
كما تُشير التقديرات الغربية الأولية إلى أن حجم القوة الروسية في الخطوط الأمامية في “أوكرانيا”؛ يبلغ: 120 كتيبة تكتيكية، والتي يبلغ مجموعها: 120 ألف فرد على الأكثر.
وإذا كانت تقديرات الخسائر هذه صحيحة، لكانت قوة معظم الوحدات القتالية الروسية قد انخفضت إلى أقل من النصف، كما أن ذلك يعني أن الجيش الروسي قد إنهار تمامًا الآن، ومن الواضح أن ذلك لم يحدث.
وبدلاً من ذلك؛ تمكن الجيش الروسي من تحقيق مكاسب بطيئة، ولكنها ثابتة في “دونباس”، ومن جهة أخرى، فإن الروس تكبدوا خسائر أقل مما كان يعتقد الكثيرون أو وجدوا طريقة مع ذلك للحفاظ على العديد من وحداتهم في مستوى القوة القتالية .
ويبدو أن التقديرات الغربية والأوكرانية كان الهدف منها بالأساس شن حرب نفسية ضد الجيش الروسي، أو محاولة إثارة الاضطرابات داخل “روسيا”، سواء عبر دفع المواطنين للاحتجاج على حرب “روسيا” ضد “أوكرانيا”، أو من خلال تشجيع النُخبة المقربة من الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، على التمرد ضده، وهي كلها رهانات ثبت في الأخير إخفاقها بشكلٍ كامل.
05 – فشل المقاومة الأوكرانية: روجت المراكز البحثية والصحف الغربية؛ بأن هناك مقاومة داخل المدن الأوكرانية التي سيطرت عليها “روسيا”. ومع التسليم بوقوع عدة هجمات لاستهداف مسؤولين أوكرانيين موالين لـ”روسيا” هناك، غير أنه من الملحوظ أن وتيرة هذه العمليات، كانت محدودة، كما كانت الفترة الزمنية بين كل عملية وأخرى بعيدة نسبيًا، وهو ما يرتبط بعاملين رئيسيين.
الأول، احتمال نجاح القوات الروسية في كشف شبكات المقاومة هذه، وتصفية عناصرها. والثاني، هي موالاة السكان المحليين في المناطق التي سيطرت عليها “روسيا”؛ لـ”موسكو”.
فقد أعدت صحيفة الـ (نيويورك تايمز) الأميركية تقريرًا من مدينة “سلوفيانسك”، وهي إحدى المدن القريبة من خطوط القتال بين الجيشين الروسي والأوكراني، وأكد مراسل الصحيفة وجود انقسام بين قاطني المدينة، بين موالين لـ”روسيا”، وآخرين لـ”أوكرانيا”، وقد اتضح ذلك في إصرار بعض السكان على أن إحدى الهجمات التي تمت على سوق المدينة، التي لاتزال خاضعة للسيطرة الأوكرانية، قد قام بها الجيش الأوكراني نفسه، وذلك لإجبار السكان على الرحيل، غير أنهم أكدوا، في المقابل، رفضهم الرحيل، وتفضيلهم الخضوع للسيطرة الروسية، خاصة أنهم يعتقدون أن السكان من وسط وغرب “أوكرانيا” يُعاملونهم بعنصرية، ويُحملونهم مسؤولية اندلاع الحرب.
ومن جهة ثانية؛ أشارت تقارير أخرى إلى إلقاء الجيش الأوكراني القبض على مواطنين أوكرانيين لتعاونهم مع الجيش الروسي على تحديد مواقع مدفعية الجيش الأوكراني لاستهدافها من قِبل الجيش الروسي.
ولا شك أن مثل هذه الأخبار تكشف عن وجود قطاعات شعبية أوكرانية داعمة للجيش الروسي، وهو الأمر الذي يُعقد من المحاولات الأوكرانية لشن حرب مقاومة داخل الأراضي المُسّيطر عليها من “روسيا”.
ولعل من ضمن المؤشرات الأخرى على المواقف المتباينة من “روسيا”؛ في عدد اللاجئين. ففي حين سجلت “روسيا” وصول حوالي: 1.4 مليون لاجيء أوكراني إليها، فإن “بولندا”، في المقابل سجلت حوالي: 1.2 مليون لاجيء، وذلك حتى 04 تموز/يوليو، وفقًا لتقديرات “الأمم المتحدة”.
عقوبات غربية غير مدروسة !
استند جانب من التخطيط الغربي ضد “روسيا” على تصعيد العقوبات ضد الاقتصاد الروسي؛ على نحوٍ يؤدي إلى إنزال خسائر فادحة به، على نحو تجعله غير قادر على تمويل تكاليف الحرب على المدى القصير، والمتوسط، خاصة إذا ما اقترن ذلك بإخفاق الجيش الروسي في تحقيق انتصارات ميدانية متتالية.
وفي حين أن الجانب الثاني من هذه المعادلة ثبت عدم صحته، فإن الجانب الأول من هذه المعادلة، وهي العقوبات الاقتصادية، لم تكن هي الأخرى صحيحة، وهو ما وضح في التالي:
01 – إخفاق “العقوبات الغربية”: تباهى الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، في آذار/مارس 2022، بأن “العقوبات الأميركية” تُدمر الاقتصاد الروسي، وأن “الروبل” تحوّل إلى: “أنقاض”؛ فور تطبيق “العقوبات الغربية” على الاقتصاد الروسي، بسبب شن “موسكو” حربًا ضد “أوكرانيا”، غير أنه بعد مُضي أكثر من أربعة أشهر على الحرب، كان من الواضح أن الاقتصاد الروسي لا يُعاني على النحو الذي تخيله الغرب، فقد حققت إيرادات “النفط” الروسي مبيعات تاريخية غير مسبوقة هذا العام، على نحو دفع جريدة الـ (نيويورك تايمز)؛ للتعقيب على تصريحات وزير الخارجية الأميركي؛ “آنتوني بلينكن”، والتي قال فيها: “إن الولايات المتحدة ترفع التكاليف على روسيا لإنهاء الحرب بصورة فورية من خلال العقوبات”، بالقول إنه ليس من الواضح المنطق الاقتصادي لهذه العقوبات، خاصة أنها لم تُردع الجيش الروسي عن مواصلة عملياته العسكرية.
كما ارتفع سعر “الروبل الروسي”؛ حتى وصل إلى سعر صرف: 55 روبلاً مقابل “الدولار”؛ في 01 تموز/يوليو 2022، وذلك بعد أن سجل حوالي: 51 روبلاً للدولار؛ في أواخر حزيران/يونيو 2022، وهو على مستوى له منذ آيار/مايو 2015.
ويُلاحظ أن “العقوبات الغربية”، حتى الآن، أثبتت أنها أضرت بالاقتصادات الغربية بصورة تفوق إضرارها بالاقتصاد الروسي، وهو ما وضح في ارتفاع معدلات التضخم لمستويات غير قياسية في كل العواصم الغربية.
ودفع هذا الأمر إلى جعل الدول الغربية أكثر حذرًا قبل الاندفاع نحو فرض عقوبات جديدة، وهو ما وضح في إخفاق “دول السبع” في الاتفاق على عقوبات جديدة على “روسيا”، وإكتفائها بإصدار أفكار تُجري دراستها حول عقوبات جديدة ضد “روسيا”، وهي العقوبات التي اعتبرها الخبراء الاقتصاديون غير منطقية، خاصة فيما يتعلق بمحاولة فرض سقف على الأسعار التي تتقاضاها “روسيا” على صادراتها من الطاقة.
فإلى جانب غموض آلية تطبيق مثل هذه العقوبات، وصعوبتها، فإنه من الواضح كذلك أنها لا تتحسب للإجراءات الروسية المضادة، والتي تتمثل في تقليص صادراتها من الطاقة، وهو الأمر الذي سوف يرفع الأسعار بشكلٍ حاد.
02 – تراجع غربي عن العقوبات: أعلنت شركة (غازبروم) الروسية، في 14 حزيران/يونيو، أنها اضطرت إلى خفض إمدادات “الغاز” عبر (نورد ستريم-1)؛ بسبب عدم عودة وحدات ضخ “الغاز”؛ (التوربينات)، من قبل شركة (سيمنز) – “كندا”، وذلك إمتثالاً للعقوبات التي فرضتها “كندا” على “روسيا”.
وعلى الرغم من أن “برلين” أكدت أن هذه سياسة متعمدة من جانب “روسيا” لتقليص صادرات “الغاز” إلى “أوروبا”، غير أن وزير الموارد الطبيعية الكندي؛ “غوناثان ويلكنسون”، تراجع وأعلن أن: “كندا ستمنح تصريحًا محدود المدة وقابل للإلغاء لشركة (سيمنز) كندا للسماح بإعادة توربينات (نورد ستريم-1)؛ (السيل الشمالي-1)، التي تم إصلاحها، إلى ألمانيا”، وذلك لدعم: “قدرة أوروبا على الوصول إلى طاقة موثوقة وبأسعار معقولة”، لافتًا إلى أنه: “في غياب الإمدادات الضرورية من الغاز الطبيعي الروسي، سيُعاني الاقتصاد الألماني من مصاعب كبيرة”.
ويكشف هذا التراجع الغربي عن العقوبات ضد “روسيا”؛ على وجود سوء تخطيط، بالإضافة إلى الفشل في التقدير الجيد لتداعياتها.
ولا شك أن مثل هذه الخطوة سوف تُغري الدول الأخرى الأعضاء في “الاتحاد الأوروبي”، والرافضة لتعزيز العقوبات ضد “روسيا”، إلى تبني مواقف أشد رفضًا لفرض أي عقوبات جديدة ضد “روسيا”، يترتب عليها تداعيات سلبية عليهم مقارنة بما تتعرض له “موسكو”.
03 – إخفاق العقوبات ضد الأطراف الثالثة: كانت أحد الافتراضات الغربية هو أن “العقوبات الأميركية” ضد قطاع الطاقة الروسي؛ سوف يُثبط الدول الأخرى عن التعاون مع “روسيا”، غير أن الحسابات الأميركية كانت خاطئة تمامًا، إذ اتجهت “الصين والهند” إلى شراء “النفط الروسي”؛ غير عابئة بالتهديدات الأميركية بفرض عقوبات على اقتصاداتهم، بل كان من الواضح أن تهديد “الصين” بفرض عقوبات على أي عقوبات غربية تستهدفها قد ثبط الغرب عن التفكير في توسيع نطاق العقوبات، نظرًا للكلفة الاقتصادية الباهظة لهذه الخطوة.
وفي الختام؛ فإنه من الواضح أن التخطيط العسكري والاقتصادي الغربي ضد “روسيا” قد أخفق في تحقيق أي من أهدافه، فلاتزال “موسكو” قادرة على تحقيق انتصارات عسكرية، كما أنه ليس من الوارد أن يتم علاج الإختلال في ميزان القوى بين الجيش الروسي والأوكراني من خلال إمداد الدول الغربية لـ”كييف” بالأسلحة، وهو ما يعني أن “موسكو” سوف تظل قادرة على تحقيق انتصارات متتالية في الحرب الأوكرانية.