13 أغسطس، 2025 12:46 م

مركز بحثي إيراني يرصد .. دور وقدرة “مصر” المؤثرة في التطورات الإقليمية بعد “طوفان الأقصى”

مركز بحثي إيراني يرصد .. دور وقدرة “مصر” المؤثرة في التطورات الإقليمية بعد “طوفان الأقصى”

خاص: ترجمة- د. محمد بناية:

تُشّكل “مصر”؛ منذ القدم، إلى جوار القوى الإقليمية الكبرى مثل “إيران، والسعودية، وتركيا”، أضلاع رباعي القوة الأساس في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتمتع بالتأثير على التطورات الإقليمية، لا سيّما موضوع الحرب على “غزة” واتساع نطاق الأزمة في المنطقة، الأمر الذي وضع حكام بلاد الفراعنة في موقف صعب لاتخاذ قرار تاريخي. بحسّب ما استهل “داود أحمد زاده”؛ خبير الشأن المصري، تحليله المنشور على موقع “المركز الدولي لدراسات السلام” الإيراني.

ذوبان جليد العلاقات “الإيرانية-المصرية”..

وبخلاف “قطاع غزة” وتشّكيل حكومة فلسطينية مستقلة، أثر الصراع “الإيراني-الإسرائيلي” والأميركي بشأن الملف النووي و(محور المقاومة) في الشرق الأوسط، على طبيعة العلاقات “الإيرانية-المصرية” مؤخرًا.

وقد شهدت العلاقات “الإيرانية-المصرية”، رّغم انقطاعها، الكثير من التقلبات. ولطالما لعب موضوع الكيان الصهيوني دورًا رئيسًا في تنظيم العلاقات بين “إيران” و”مصر”.

وقد طرأ؛ خلال العامين الماضيين، قضيتان رئيسيتان في العلاقات بين “إيران” و”مصر”، الأولى: تقارب الموافق بين البلدين بشأن “قضية فلسطين”، ودعم سيّادة “فلسطين” المستقلة عبر السّعي للحيلولة دون اندلاع المزيد من الاعتداءات الصهيونية والمجازر ضد الغزاويين الأبرياء.

الثانية: المصالحة بين “إيران” و”السعودية” وتأثيرها على علاقات بلدنا مع العالم العربي، وخصوصًا مع “مصر”. واشتراك وجهة نظر البلدين بشأن إلزام الكيان الصهيوني بالانضمام إلى “اتفاقية حظر انتشار السلاح النووي”، ورغبة “مصر” الجادة في أداء دور الوسيّط في المباحثات النووية الإيرانية وملف السلام الإقليمي، يعكس ذوبان جليد العلاقات “الإيرانية-المصرية”.

ماذا تريد “مصر” ؟

وفي هذا الصدّد؛ نفذّت “مصر” مبادرات متعدَّدة تهدف إلى تقوية أمنها الوطني، وحل مشكلة اللاجئين، والحيلولة دون ظهور تيارات متطرفة على حدودها مع “فلسطين”، وتدعيم مكانتها كزعيم إقليمي.

لكن ما هي دوافع ومبادرات “مصر” للسيّطرة على التوتر بين “إسرائيل” و(حماس)، وأي مسّار سوف تتبع؟

الحقيقة أن “مصر” تُريد استعادة قوتها الإقليمية. وتكتسّب المبادرات المصرية لإقرار السلام والاستقرار بالمنطقة، معناها في إطار مصالحها الوطنية ورغبتها في استعادة مكانتها كقوة إقليمية رائدة. لذلك حتى الآن دخلت “مصر” كلاعب ضروري في مفاوضات السلام؛ لا سيّما ملفات تحرير الأسرى والمساعدات الإنسانية.

مع هذا تمتلك “مصر” إمكانيات سياسية محدودة لا تُساعدها على تنفيذّ أهدافها المَّتعلقة بوقف إطلاق النار وإقرار السلام في المنطقة. ومنذ انقلاب الضباط الأحرار، سعت “مصر” للقيام بدور في “القضية الفلسطينية” بالاستفادة من إمكانياتها السياسية والعسكرية المَّعتمدة على عنصرين رئيسيين في الناصرية: (الاشتراكية-القومية العربية).

فقبل المصالحة مع الكيان الصهيوني؛ وخلال حروب الأعوام (1952م، 1967م)، كانت “مصر” تسّعى لاستعادة الأراضي الفلسطينية المحتلة. لكن بعد الفشل الخطير، كانت “مصر” أول دولة في العالم العربي تعدل في عصر “أنور السادات” عن المَّثل الناصرية فيما يتعلق بقيادة النضال ضد الكيان الصهيوني، واتخذت خطوات أساسية للتقارب مع هذا الكيان و”الولايات المتحدة الأميركية”.

مصر” والتطورات الفلسطينية بعد “طوفان الأقصى”..

زعزعت عملية (حماس)؛ العابرة للحدود، في 07 تشرين أول/أكتوبر 2023م، العديد من افتراضات “الولايات المتحدة” والكيان الصهيوني، والدول العربية في المنطقة، والتي كانت تعوّل على بدء مرحلة من السلام والاستقرار من خلال اتفاقيات التطبيع والحد من التوتر في الشرق الأوسط.

في غضون ذلك؛ تتسم النظرة المصرية تجاه “غزة” بدرجة كبيرة من الأمن، بسبب معبر (فيلادلفيا) و(رفح) المنفذّ الوحيد للغزاويين.

وفي الحروب الثلاث السابقة بين (حماس) والكيان الصهيوني في الأعوام (2008م، و2009م، 2012م)، حاولت “مصر” لعب دور الوسّاطة لتحقيق السلام، بسبب الحدود المشتركة مع “غزة”، وخوفًا من انتقال الأزمة إلى الداخل المصري نتيجة تدفق موجات اللاجئين عبر “رفح”، وهو ما يُمثّل هاجسًا أمنيًا دائمًا لـ”القاهرة”.

منذ اندلاع نيران الحرب الراهنة؛ سّعت “مصر” للحفاظ على دورها المرجعي في الوسّاطة وتحقيق التهدئة بين (حماس) والكيان الصهيوني، وامتلاك زمام المبادرة في المفاوضات بين الطرفين.

ورغم وجود منافسين؛ ترى “مصر” نفسها اللاعب الأكثر دراية وخبرة بهذا الملف. من ثم تُعدّ طريقة معالجة ملف “غزة” قضية أمن قومي بالنسبة لـ”مصر”، وتؤثر بشكلٍ كبير على رؤيتها للعلاقة المستقبلية مع الكيان الصهيوني.

وتسّعى بالتنسيق الكامل مع شركائها العرب؛ كـ”السعودية”، لانتهاج سياسة موحدة تجاه “القضية الفلسطينية”. وترى أن إضعاف التيار اليميني المتطرف في الكيان بقيادة؛ “بنيامين نتانياهو”، يصب في مصلحتها، وتسّعى من خلال المحافظة على اتفاقيات السلام والتعاون الأمني مع “تل أبيب” إلى تشكيل وضع جديد يخدم مصالحها بعد الحرب على “غزة”.

كما يبدو أن “الولايات المتحدة” و”أوروبا” تؤيدان عودة الدور المصري في الملف الفلسطيني، وفي إنهاء الحرب على “غزة”، مما قد يُعزّز النفوذ الإقليمي لـ”القاهرة”.

ويبدو أن؛ “عبدالفتاح السيسي”، يُراهن على أن يؤدي ارتفاع عدد الضحايا في “غزة”، خصوصًا من المدنيين، إلى تصاعد الرفض الشعبي والإقليمي والدولي للحرب، مما يُزيد من الضغوط لتحقيق وقف لإطلاق النار، رغم أن بعض جوانب هذه الأزمة تتجاوز قدرة “مصر” على احتوائها وحدها.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة