خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
برزت حركة بالعالم العربي للتطبيع مع “سوريا”؛ بعد مرور اثنا عشر عامًا على الانتفاضة السورية التي استحالت حربًا أهلية، في حين لا يملك “الأسد” ما يقدمه للعرب؛ (بخلاف فاتورة محتملة لإعادة الترميم قد تبلغ: 400 مليار دولار)، سوى العمل على عكس السياسات الأميركية والغربية؛ بحسب تحليل “فاطمة خادم الشیرازي”، المنشور على موقع المركز (الدولي لدراسات السلام) الإيراني.
وقد أثار تعجل الدول العربية في استئناف العلاقات الدبلوماسية؛ حيرة المحللين السياسيين. والسؤال: لماذا تبلورت حركة تطبيع العرب مع “الأسد”، وبخاصة “مصر” و”السعودية” ؟.. هل تُهدد حركة التطبيع، النظام العالمي القائم على قوانين العلاقات الدبلوماسية الأميركية والغربية ؟..
فيما يلي نبحث في أسباب تطبيع بعض الدول العربية الرئيسة للعلاقات مع “سوريا”.
فتح الأبواب العربية لـ”الأسد”..
– خلال الأعوام الأخيرة، ومع توطيد سيطرة “الأسد” على أغلب المناطق السورية، بدأت دول الجوار في اتخاذ خطوات على صعيد التقارب مع “دمشق”.
وقد ازدادت وتيرة هذه الخطوات بعد الزلزال المدمر؛ في شباط/فبراير الماضي، واتفاق المصالحة “الإيرانية-السعودية”؛ بوسّاطة “الصين”. ويُعزّز مسّار التغيير في علاقات الدول العربية مع “سوريا” مكانة الأخيرة إقليميًا ودوليًا، ويُحيى دورها الرئيس في المعادلات الإقليمية.
ومن بين الدول العربية الأكثر تأثيرًا، بزر اثنين من العوامل الجديدة التي سّاهمت في تغيير موقف العرب حاليًا باتجاه فك العزلة عن “دمشق”، أولًا: المبادرات السورية وإحياء المفاوضات المباشرة بين المعارضة والنظام لكتابة الدستور الجديد، من شأنه إنهاء الحرب الأهلية. وهو ما تعتبره “السعودية” أفضل وسيلة لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
ثانيًا: جهود “الإمارات” المستمرة لمساعدة “الأسد” ونظامه في الحصول على المساعدات الإنسانية التي أراد بعد الزلزال. كذلك تتوقع “الإمارات” أن تُسّهم مثل هذه الإجراءات في تدعيم الحل السياسي الذي يُعيد “دمشق” إلى إحضان جيرانها العرب.
وتعكس هذه الأسباب تغير الديناميات والتحالفات الإقليمية، لاسيما مع الاتفاق الأخير بين “إيران” و”السعودية”؛ والذي سيؤثر بلا شك على الحالة السورية.
كسر للنظام العالمي الغربي..
وحركة التطبيع العربي مع “الأسد”؛ برعاية “روسيا والصين وإيران”، تُهدد النظام العالمي القائم على القوانين الغربية، ويمكن اعتبارها جزء من التنمية الواسعة باتجاه نظام متعدد الأقطاب يُشبه “مؤتمر فيينا”؛ في القرن الواحد والعشرين.
وتتخذ الدول العربية؛ في خضم الصراع العالمي، للسّيطرة على كتلتي القوة المتنافستين التي ُتعتبر متعادلة من المنظور الأخلاقي، موقفًا معلنًا وهو الحياد وعدم الانحياز. والفائز غير المرغوب بالنسبة للجميع هو “الأسد”.
من هذا المنطلق؛ فإن ترميم العلاقات مع “الأسد”؛ إنما يُثبّت الانفصال عن الغرب، لكن دون قطع العلاقات.
والعمل على الحد من “الأسد”؛ عّبر الضغوط فقط، قد يُسّرع وتيرة انحسّار نفوذ الغرب في الشرق الأوسط. ولطالما مهدت “القاهرة”؛ باعتبارها أهم الدول العربية، طريق الحوار المباشر بين الرئيسين المصري والسوري؛ بعدة طرق مثل تبادل اللقاءات السّرية بين الوفود السياسية والعسكرية والأمنية. كما طالب “البرلمان المصري”؛ في خطوة هامة، بإحياء علاقات الدولة المصرية مع السورية.
وقد أعلن الرئيس المصري بوضوح أن “سوريا” تُمثل العمق الاستراتيجي للدولة المصرية. علاوة على ذلك فقد التقى رئيس عام المخابرات السعودية في إطار زيارته إلى “سوريا”؛ كلًا من “بشار الأسد” و”علي مملوك”؛ رئيس جهاز الأمن القومي السوري، وحثهما على بناء قنوات اتصال.
وقد كان “الأردن” من أوائل الدول العربية للتقارب مع “سوريا”، لكن تجربة “عّمان” أثبتت أن التطبيع الثنائي دون تنسّيق إقليمي قد يفضي إلى امتيازات محدودة. وخلال السنوات الأخيرة كانت هناك محاولات دبلوماسية كثيرة برعاية “الإمارات والجزائر والأردن”؛ وبموافقة “البحرين ومصر”، ومباركة “عُمان” على عودة النظام السوري إلى “الجامعة العربية”.
في المقابل سّعت “سوريا” التي تُعاني بشكلٍ رئيس؛ وبخاصة من المنظور الاقتصادي، إلى تطبيع العلاقات مع الدول العربية لإحياء اقتصادها عبر الصناعة، والتجارة، والاستيراد والتصدير، وترميم البنية التحتية المائية والكهربائية والصحية والتعليمية.