خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :
نشر موقع “منتدى التفكير الإقليمي” في إسرائيل تقريراً عن قانون “قدسية كربلاء”، التي تُعد ثاني أهم المدن المقدسة لدى المسلمين الشيعة في العراق. وتناول التقرير مدى إستياء أهالى المدينة من القانون الذي يعكس النفاق السياسي، ويتجاهل الفساد في البلاد وينتهك الحريات الخاصة للعراقيين وخاصة النساء.
الفكر الداعشي لم يغادر العراق..
جاء في التقرير أن قانون “قدسية كربلاء”، الذي يهدف إلى تشديد الرقابة على السلوكيات الأخلاقية لسكان المدينة، قد أثار غضب الأهالي وكذلك أعضاء البرلمان في بغداد، حيث أعتبروه يمثل الإكراه الديني الذي كان يمثل السمة الغالبة في الفكر الداعشي. ويرى بعض سكان “كربلاء” أنه رغم إنتصار العراق في الحرب على تنظيم “داعش” وطرده من كل مواقعه, إلا أن الفكر المتطرف الذي كان يتبناه التنظيم لا يزال موجوداً لا سيما داخل الوسط الشيعي.
ويرى السكان المحليون أن الإهتمام بالمدينة وتحسين الخدمات بها هو الضمان الوحيد لحماية قدسيتها, وجعلها أكثر جذباً لقرابة 20 مليون زائر من جميع أنحاء العالم, ممن يفدون إليها سنوياً، لا سيما خلال فترة الحداد على مقتل “الإمام الحسين”، والتي تسمر 40 يوماً.
قانون شكلي..
يؤكد المعارضون أن القانون الجديد غير ضروري لأن “قدسية” المدينة مصونة أصلاً. ويشعر أهالي “كربلاء” بالسخط لأن مجلس محافظة كربلاء يهدر الطاقات لسن قوانين شكلية لا قيمة لها سوى إنتهاك الحريات الشخصية وتقييد حرية العمل والتجارة, بدلاً من السعي لإصلاح البنية التحتية والإهتمام بنظافة المدينة والحفاظ على رونقها.
النساء كبش الفداء..
ينوه التقرير إلى أن أكثر الفئات تضرراً من القانون هن “النساء” اللائي يرون أن القانون ما صدر إلا لتحقيق مكاسب سياسية وصرف الأنظار عن فشل كبار المسؤولين. فالنساء في كربلاء أصبحن “كبش الفداء”، حيث تم إقصاؤهن من الخطاب العام, فلا يظهرن بوجوههن في اللافتات والملصقات. حتى أن القانون الجديد يحظر استخدام الدُمى لعرض أزيائهن في واجهات المحلات. كما يُفرض على المرأة في الأماكن العامة بمدينة كربلاء أن تستر نفسها من الرأس وحتى أخمص القدمين.
كما أورد التقرير رد عضو مجلس المحافظة، “ناصر حسين الخزعلي” – الذي كان قد أيد مشروع القانون – حيث زعم أن النساء غير المحتشمات ينتهكن قدسية كربلاء. رغم أن غالبية نساء المدينة يرتدين الزي الإسلامي التقليدي, فضلاً عن أن المنطقة المحيطة بضريح “الحسين” بها أفراد مكلفون بالإشراف والرقابة على النساء فيجبرونهن على ستر أنفسهن وفقاً للتعليمات.
البرلمان يرد..
يؤكد التقرير على أن التصريحات التي تنتقد القانون إنطلقت أيضاً من داخل البرلمان العراقي, حيث قالت العضوة، “ريزان شيخ دلير”، من “حزب التحاف الكردستاني” ومقررة لجنة المرأة والأسرة والطفولة: “لا يوجد قانون يمنع عرض الملابس النسائية”. ودعت العضوة كل من المرجعية الدينية ورجال الدين من التيارالشيعي بسرعة التدخل لحل تلك القضية؛ والتأكيد على ضرورة إحترام الإنسان وضمان حقوقه. كما طالبت المرجعية الدينية بالحيلولة دون تكرار تلك الإجراءات التعسفية في مدن أخرى بالعراق بإعتباره دولة ديمقراطية وليست إسلامية, بما يعنى إحترام المواطنين وتقاليدهم.
وانتهى التقرير إلى أن هناك جهات متشددة لا زالت لها تأثير ونفوذ في العراق، لاسيما على المستوى المحلي, غير أن تلك الجهات لا تمتلك القدرة على تغيير التوجه العام للدولة, على الأقل في المرحلة الحالية. ومع ذلك فإن تلك الجهات المتشددة تشكل تحدياً حقيقياً للقيادة السياسية التي تتطلع لتجديد ملامح الدولة العراقية.
يُذكر أن القانون الجديد قد دخل بالفعل حيز التنفيذ قبل ثلاثة أسابيع في كربلاء – التي تتشرف بوجود ضريحي الإمامين “الحسين والعباس” – نجلي “الإمام علي” – اللذين يمثلان مزاراً دينياً مهماً للشيعة من كل أرجاء العالم. ويحظر القانون شرب الخمور وممارسة القمار وتداول الأفلام الإباحية وسماع الأغاني في الأماكن العامة، بالإضافة إلى حظر عرض ملابس النساء بشكل فاضح في واجهات المحلات. وتم إقرار القانون في عام 2012، لكنه لم يدخل حيز التنفيذ إلا في الشهر الماضي. وهناك لجنة خاصة مُكلفة بالإشراف على تنفيذه. وتم وضع ملصقات ولافتات في أرجاء المدينة حتى يتعرف السكان على بنود القانون ويعلم المخالفون بالعقوبة التي تنتظرهم.