24 أبريل، 2024 4:54 ص
Search
Close this search box.

مركز أمني إسرائيلي .. يتنبأ بمعالم خريطة المنطقة بعد الحرب السورية

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتب – سعد عبد العزيز :

أعد كل من الباحثين الإسرائيليين “تسفي ماجين” و”أودي ديكل” في أحدث دراسة لهما، التي نشرها “مركز دراسات الأمن القومي في إسرائيل” مؤخراً، وتناولت مستقبل الأوضاع في سوريا بعد ست سنوات من الحرب الأهلية التي بدأت كثورة شعبية ثم تحولت إلى حرب جهادية, حتى وصل بها الحال لحرب تنافسية بين أطراف إقليمية ودولية لبسط السيطرة على سوريا.

وبحسب الدراسة الإسرائيلية, فإن التحول الاستراتيجي قد بدأ في سوريا حينما قرر الرئيس الروسي “فيلاديمير بوتين” التدخل عسكرياً لحماية نظام الأسد. “ولقد حققت القوى الموالية للأسد أكبر انجاز لها بالسيطرة على مدينة حلب في كانون ثان/ديسمبر 2016. وكان ذلك يعد أهم خطوة  للحفاظ على نظام الأسد, وبعد ذلك بدأت المساعي السياسية بقيادة روسيا لتحقيق تسوية تشمل وقف إطلاق النار ووضع الأسس لبدء فترة انتقالية تمهيداً لرسم ملامح النظام المستقبلي في سوريا.

وتحت غطاء المفاوضات الخاصة بالفترة الانتقالية يتواصل التغيير في ميزان القوى وفي مدى تأثير الاطراف الخارجية الضالعة في تلك الحرب. كما أن روسيا وإيران تستغلان وقف إطلاق النار والمفاوضات الدائرة بين الأطراف في الأستانة وجنيف لمساعدة قوات الأسد لبسط نفوذه في مناطق أخرى من البلاد.

في المقابل يقترب موعد الانتصار على تنظيم داعش في شرق سوريا وتحرير المناطق التي يسيطر عليها التنظيم. ومنذ أن تولى “دونالد ترامب” منصبه كرئيس للولايات المتحدة يسعى الجيش الأميركي جاهداً لدحر التنظيم حيث يحضر لشن هجوم لتحرير مدينة الرقة عاصمة تنظيم الدولة. كما تم إرسال تعزيزات للقوات الاميركية المتواجدة في شمال وشرق سوريا. وتنسق القوات الأميركية مع القوات الديمقراطية السورية (SDF) وميليشيات كردية، وكذلك مع محاربين عرب من السنة في المعارك البرية ضد  تنظيم الدولة في سوريا. كما أن القوات السورية التابعة للأسد تسعى هي الأخرى للهجوم على مدينة الرقة من جهة الغرب.

الوضع الدبلوماسي

منذ تدخل الجيش الروسي أصبحت موسكو هي اللاعب الرئيسي في الساحة السورية، بل إن ذلك التدخل زاد من نفوذها في الشرق الأوسط بشكل عام. ومع تولي الرئيس ترامب لمهام منصبه في البيت الأبيض زادت  التوقعات لإمكانية التعاون بين موسكو وواشنطن. كما أن هناك مؤشرات على تغيير السياسة الأميركية في الشرق الأوسط, والتصدي لتمدد النفوذ الإيراني وفي نفس الوقت هناك توجه أميركي لتحسين العلاقات مع الدول العربية السنية. لذلك فرغم انجازات موسكو في سوريا وطموحاتها لتعزيز مكانتها الإقليمية إلا أنها ستسعى أولاً وقبل كل شئ للتوصل إلى تفاهمات مع واشنطن وزيادة التنسيق معها للحفاظ على النظام العلوي في سوريا.

سياسة الإدارة الأميركية

إن سياسة الإدارة الأميركية الجديدة لا تبدو حتى الآن واضحة. كما أن نية ترامب العلنية للتقارب مع موسكو تواجه عراقيل بسبب الكشف عن علاقات رجالة بالروس خلال الحملة الانتخابية, وبسبب موقف بعض الجهات الأميركية التي تدعو لاتخاذ سياسة حازمة تجاه روسيا. وتعد الساحة الشرق أوسطية بما فيها الأزمة السورية, هي الاختبار الأول للإدارة الاميركية فيما يخص سياستها تجاه روسيا. لكن الإدارة الأميركية تركز أولاً على دحر تنظيم الدولة من خلال طلعاتها الجوية مع ترك الزمام لروسيا فيما يخص عملية التسوية في سوريا.

الموقف التركي

إن تركيا التي تدعم المتمردين المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين وجيش سوريا الحر، باتت تلعب دوراً هاماً في المفاوضات حول مستقبل الدولة السورية بعد سيطرتها على أجزاء في شمال سوريا. حيث ينتاب أنقره قلق شديد من زيادة النفوذ الكردي هناك وهي تعمل على إبعاد الأكراد إلى شرق نهر الفرات. وفي اطار ذلك فإن أنقرة حريصة على المشاركة في العمليات العسكرية الرامية للسيطرة على مدينة الرقة لحرمان الأكراد من تحقيق أي انجاز, لإقامة حزام أمني جنوب الحدود التركية السورية.

الموقف الإيراني

 إيران من جانبها مازالت تتطلع للحفاظ على وحدة الأراضي السورية تحت قيادة النظام العلوي. لذلك فإنها غير راضية عن السياسة الروسية تجاه الشأن السوري أي إقامة نظام فدرالي يمنح نوعاً من الحكم الذاتي في بعض الأماكن. كما أن إيران ممتعضة من الدور الهام الذي منحته موسكو لأنقرة باعتبارها تمثل المتمردين السنة في المفاوضات والاعتراف بمنطقة النفوذ التركي في شمال سوريا. وفي هذه المرحلة فإن إيران تتعاون مع روسيا لكنها في المقابل تساعد الأسد لتوسيع رقعة نفوذه في مناطق اخرى وتواصل إمداد حزب الله بالاسلحة.

ليس واضحاً حتى الآن إن كانت روسيا ستهتم بالطموحات الإيرانية ولا يمكن استبعاد وجود خلافات بين الجانبين. ومع ذلك فإنه ليس من السهل على روسيا أن تستجيب لمطالب الولايات المتحدة بالحد من النفوذ الإيراني في سوريا. أضف إلى ذلك أن روسيا لها مصالح عديدة مع إيران كما في مجال الطاقة وبيع الأسلحة والتجارة.

زيادة التدخل الإسرائيلي

في ضوء إدراك إسرائيل لانتهاء المرحلة المهمة في الحرب الاهلية السورية، والتي ظلت خلالها تترقب الأمور عن بعد ولم تزرف دمعة واحدة بسبب سفك دماء أعدائها, وإدراكها أيضاً بأنه قد بدأت مرحلة جديدة لصياغة الاوضاع السياسية في سوريا, توجه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو للقاء الرئيس بوتين. وتركز اللقاء على تأكيد استياء اسرائيل من زيادة النفوذ الإيراني في سوريا ومن إمكانية استمرار بقاء القوات الموالية لطهران على الأراضي السورية حتى في التسوية المستقبلية. كما أكدت إسرائيل من جديد الخطوط الحمراء من جانبها وأهمها منع انتشار قوات إيرانية أو قوات موالية لها في جنوب سوريا بالقرب من حدودها. ويبدو أن ذلك كان هو سبب الهجوم الجوي الإسرائيلي الأخير في العمق السوري.

وترى دراسة المركز الأمني الإسرائيلي، أن روسيا تتعامل مع إسرائيل باعتبار دولة إقليمية عظمى يمكنها التأثير على كل المجريات في الساحة السورية. وأن موسكو معنية بتنسيق تحركاتها في المنطقة مع إسرائيل وتحاشي الاحتكاك العسكري معها. وبالفعل هناك إدراك روسي لاهتمام إسرائيل بمنع تواجد قوات موالية لإيران بالقرب من حدودها, ولا تعارض روسيا التنسيق الاستراتيجي مع إسرائيل فيما يخص مستقبل الأوضاع في سوريا. لكن إيران من جانبها لا تلقي بالاً بالمطالب الإسرائيلية لمنع وجود قوات موالية لها في المنطقة الحدودية بين سوريا وإسرائيل, حيث أرسلت قوات تابعة للميليشيات الشيعية وحزب الله إلى منطقة درعا من أجل القتال إلى جوار قوات الأسد للسيطرة على المدينة الجنوبية.

إن إسرائيل التي لم تتورط في الحرب السورية, تشعر الآن بعدم تأثيرها في مفاوضات التسويات السياسية التي تتبلور في كل من موسكو وطهران وأنقرة والأستانا وجنيف. ولكي تعرب إسرائيل عن مخاوفها اضطر بنيامين نتنياهو لمقابلة الرئيس بوتين للمرة الرابعة منذ عام 2015. وكان الرئيس التركي قد زار موسكو أيضاً، ومن المؤكد أن اللقاء ناقش الاوضاع السورية, وقريباً سيقوم الرئيس الإيراني بزيارة موسكو. وتحاول روسيا طمأنة كل الاطراف. وفي هذا الإطار فإن الولايات المتحدة الاميركية تلعب دوراً ثانوياً ولا تتصدر المشهد في انتظار المرحلة التالية.

وتخلص الدراسة الإسرائيلية، إلى ان إسرائيل قد باتت الآن أكثر فاعلية وأقل تخفياً وهذا ما أكده تصريح نتنياهو عندما علق على الهجوم الجوي الذي نفذته إسرائيل مؤخراً, حيث قال: “إن سياستنا ثابتة, إذا أدركنا أن هناك محاولات لنقل أسلحة متطورة لحزب الله.. لدينا المعلومات الاستخباراتية ولدينا القدرة العملياتية – لذا نحن نتحرك لمنع ذلك. هذا ما حدث وهذا ما سوف يحدث…”. ويدل هذا التصريح على أن إسرائيل قد قررت زيادة تدخلها فيما يتم تسويته داخل سوريا في ظل الاعتقاد بأن موازين القوى هناك تتغير في غير الصالح الإسرائيلي. لكن السؤال هو: إلى أي حد يمكن لإسرائيل أن تصر على خطوطها الحمراء ومنع تعاظم قدرة حزب الله أو القوات الموالية لإيران.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب