كد مرصد صحافي عراقي ان مستويات العنف ضد الصحافيين هذا العام قد بلغت أعلى مستوياتها ودان بشدة العنف المفرط الذي تستخدمه القوات الامنية والعسكرية ضدهم ودعا الى عدم فرض سلطة العسكر على الاعلاميين والصحافيين في البلاد .
قلق لتعرض الصحافيين للقمع
وعبر مرصد الحريات الصحافية عن قلقه الشديد لما تعرض له صحافيون وناشطون عراقيون من ضرب وإعتقالات السبت الماضي أثناء محاولتهم تغطية إحتجاجات شعبية في العاصمة العراقية بغداد على أيدي القوات الأمنية وعناصر في الإستخبارات “حيث قامت تلك القوات بضربهم ومنعهم من المرور الى أماكن التظاهر في بابل وكربلاء والبصرة والديوانية وميسان والمثنى ومصادرة معداتهم الصحفية وإعتقلت وأحتجزت العديد منهم” كما قال في تقرير صحافي اليوم.
ونقل المرصد عن مراسلين ومصورين ميدانيين قولهم ان حالات ضرب متعمدة تعرضوا لها أدت الى نقل بعضهم الى المستشفى لتلقي العلاج فيما ادى الاعتداء الى تحطيم كاميرات عدد منهم . واشار مصور وكالة (AP) هادي مزبان الى إنه كان متواجداً صبيحة يوم السبت في ساحة كهرمانة وسط العاصمة العراقية بغداد، حيث تجمع متظاهرون محتجون واثناء محاولة الصحفيين ومراسلي القنوات الفضائية تغطية الحدث، منعوا من قبل القوات الامنية التي فرضت طوقا امنيا حول مكان التظاهر. واكد قائلا “شاهدت بعيني صحافياً يتعرض للضرب المبرح وآخرين احتجزوا جانبا”.
كما تعرض نقيب المصورين العراقين صباح عرار الى الاعتداء ومنع من التصوير من قبل ضابط برتبة ملازم .. وقال عرار ان احد رجال الامن “حاول الإستيلاء على كاميرتي فسقطت من يده وتهشمت بفعل التزاحم والتدافع” .. مشيرا الى إنه تحدث الى قائد عمليات بغداد ونبهه الى سلوك بعض الضباط. ويعد عرار من المصورين الفوتوغرافين المخضرمين، ويعمل مع وكالات انباء عالمية. وايضا تعرض مراسل قناة الفيحاء الفضائية كرار الدبياني الى الضرب المبرح من قبل قوات أمنية خاصة اثناء محاولته تغطية جانب من الاحتجاجات نقل على اثرها الى المستشفى لتلقي العلاج.
واوضح المصدر ان القوات الامنية التي انتشرت بشكل كبير وواسع في بغداد اعتقلت مصور وكالة ”المدى برس” محمود رؤوف. وأبلغ حسين أسد مراسل وكالة “المدى برس” المرصد ان القوات الامنية منعته من التغطية، وقامت باعتقال زميله في العمل المصور محمد رؤوف الذي اطلق سراحه في وقت لاحق مؤكدا إنه شاهد “صحفيين يتعرضون للضرب ومن بينهم المصور الحر محمد عباس .
وكذلك أبلغ أزمر أحمد مدير الأخبار في قناة الحرية، مرصد الحريات عن إعتقال مراسل القناة محمد وهاب عبود. واضاف احمد، ان عبود “ارغم على توقيع تعهد بعدم تغطية التظاهرات مستقبلاً كشرط لاطلاق سراحه”.
وشهدت بغداد وعدد من المدن العراقية السبت احتجاجات شعبية تطالب بإلغاء رواتب البرلمانيين وكبار المسؤولين بالدولة، من ذوي المناصب والامتيازات الخاصة، على أساس “عدم جواز” منح رواتب تقاعدية لأشخاص ليسوا موظفين دائمين وطالب المحتجون مجلس النواب “بتشريع قانون موحد لجميع المتقاعدين بدلا عن التشريع الخاص لاعضائه”.
وفي مدينة الناصرية (375 كم جنوب بغداد) أعتدت القوات الامنية على الفرق الصحافية ومنعته من التغطية. وقال ممثل مرصد الحريات الصحفية في محافظة ذي قار اكرم التميمي ان فريق عمل قناة ”البغدادية الفضائية ” تعرض الى الاعتداء بالضرب من قبل قوات التدخل السريع التي حاولت تحطيم جهاز البث الفضائي الـ(SNG) الخاص بالقناة . واشار التميمي الى ان المراسل الصحافي رياض الاسماعيلي والصحافي عدنان عزيز دفار والصحافي المراسل عبد المناف الوائلي تعرضوا للأعتداء كذلك من قبل القوات نفسها التي عمدت الى تحطيم كاميرات بعضهم.
مستوى العنف ضد الاعلاميين هو الاعلى هذا العام
وحذر المرصد من ان مستوى العنف ضد الصحافيين قد بلغ هذا العام أعلى مستوياته وفقاً لما سجله حيث بلغت الإنتهاكات لهذا العام 293 انتهاكاً وصنفت بـ 68 حالة إحتجاز وإعتقال و 95 حالة منع وتضييق و 68 حالة إعتداء بالضرب و7 هجمات مسلحة و 51 إنتهاكاً متفرقاً و13 حالة إغلاق وتعليق رخصة عمل لمؤسسات اعلامية محلية واجنبية في حين سجل هذا العام مقتل صحافيين إثنين، وهو ما يبين ان البيئة الأمنية والقانونية للعمل الصحافي لا تزال هشة ولا توفر الحد الأدنى من ”السلامة المهنية” في بلد مايزال يعاني آثار العنف والإنقسامات.
ودان مرصد الحريات الصحافية بشدة العنف المفرط الذي تستخدمه القوات الامنية والعسكرية ضد الصحافيين وقال انه “يجد بانها تشكل خرقاً واضحاً للدستور العراقي والمواثيق والاعراف الدولية التي تكفل حرية الصحافة والإعلام”. ودعا الحكومة العراقية الى أتخاذ موقف واضح وصريح من تلك الاعتداءات التي طالت الصحافيين والفرق الإعلامية خلال الفترة الماضية .. وشدد ان عليها ان تتحمل مسؤولياتها باتجاه ضمان عدم فرض سلطة العسكر على الاعلاميين والصحافيين في البلاد .
الاجهزة الامنية تتعامل بوحشية مع الاعلاميين
ومن جهتها دانت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة امس منع الحكومة العراقية لوسائل الاعلام من تغطية المظاهرات، وقيام الاجهزة الأمنية بالاعتداء بوحشية على بعض الصحافيين الذين تواجدوا في ساحات التظاهر السبت. وأضافت الجمعية في بيان تلقته “إيلاف” أن الاجهزة الأمنية منعت وسائل الاعلام من الوصول إلى ساحات المظاهرات التي انطلقت اليوم بمختلف المحافظات العراقية للمطالبة بإلغاء تقاعد وامتيازات المسؤولين وقامت باعتقال وضرب الصحافيين الذين حاولوا تصوير المظاهرات بوحشية شديدة.
وحملت الجمعية رئيس الوزراء نوري المالكي بصفته القائد العام للقوات المسلحة المسؤولية الكاملة، وتؤكد أنها تحتفظ بحق مقاضاته في الوقت المناسب الذي تختاره لاسيما وأن مثل هذه الحقوق لا تسقط بالتقادم. كما تحتفظ الجمعية بحق مقاضاة الوكيل الاقدم لوزارة الداخلية عدنان الاسدي ووزير الدفاع بالوكالة سعدون الدليمي وقائد قوات “سوات” لانتهاكهم الصريح للدستور بمنعهم حق وسائل الاعلام في التغطية ولاعطائهم اوامر صريحة بالاعتداء على وسائل الاعلام وتدمير ممتلكات خاصة.
ومن جانبها، اتهمت النقابة الوطنية للصحافيين السلطات الحاكمة بأنها بدت “مذعورة” من التظاهرات الدستورية المطالبة بإلغاء رواتب البرلمانيين “أكثر من الإرهاب”.. وفي حين عدت أن قطع الطرق والجسور والتضييق على المتظاهرين وإهانتهم، في بغداد والمحافظات الأخرى يعبر عن ”قصر نظر” السلطة تجاه “بناء الدولة الديمقراطية وإهانة للمبادئ الديمقراطية والنظام الديمقراطي وليس للأشخاص وحدهم”، أكدت أن حرية التعبير عن الرأي هي “أم الحريات، ولا ينبغي التنازل عنها بأي حال وذريعة”. وتشير الأرقام بشأن الرواتب والامتيازات لكبار المسؤولين في العراق إلى أنه في الوقت الذي يبلغ فيه الراتب الشهري لرئيس الجمهورية 82 مليون دينار عراقي (75 ألف دولار) فإن راتب رئيس الوزراء هو 62 مليون دينار (57 ألف دولار) في حين يبلغ راتب رئيس البرلمان 57 مليون دينار (53 ألف دولار). أما راتب الوزير فيبلغ نحو 12 مليون دينار (10 آلاف دولار) وهو مقارب لراتب عضو البرلمان سوى أن الوزير يملك مخصصات ونثريات تزيد على العشرين مليون دينار (18 الف ولار) في حين أن عضو البرلمان لا يملك مثل هذه المخصصات. وفي ما يتعلق بالراتب التقاعدي فإنه يبلغ 80 في المئة من الراتب، وهو ما يعني أنه إذا كان صافي راتب عضو البرلمان هو 10 ملايين دينار فإن راتبه التقاعدي هو 8 ملايين دينار (7 آلاف دولار) وهو ما ينسحب بالتدريج على جميع أصحاب الدرجات الخاصة في وقت يبلغ فيه معدل الرواتب التقاعدية لباقي أصناف الموظفين في العراق ما بين 200 ألف دينار (150 دولارًا) إلى 400 ألف دينار عراقي (300 دولار) شهرياً.