“مردم سالاري” الإيرانية تكشف خطورة وضع .. إيران وممر “زنغزور”

“مردم سالاري” الإيرانية تكشف خطورة وضع .. إيران وممر “زنغزور”

خاص: ترجمة- د. محمد بناية:

من خلال النظريات الجيوسياسية والخبرة التي اكتسبّناها من الحياة في النظام الدولي، لا يبقى فراغ السلطة هكذا ولكن يحرص المنافسون على مليء هذا الفراغ. بحسّب ما استهل “سيد محمد حسيني”؛ تقريره المنشور بصحيفة (مردم سالاري) الإيرانية.

واتفاق “أذربيجان” و”أرمينيا” على إنشاء ممر (زنغزور) برعاية “الولايات المتحدة الأميركية، ليس نتاج مشاورات دبلوماسية استغرقت أيام أو شهور، وإنما تكاتف مجموعة من المكونات المختلفة على المستويات المحلية والإقليمية والدولية؛ والتي كانت سببًا في بلورة هكذا اتفاق.

ومما لا شك فيه إن إنشاء هذا الممر يُمثّل أزمة جيوسياسية لـ”الجمهورية الإيرانية”.

ما هي آثار هذا الممر على منطقة “القوقاز” ؟

إنشاء هذا الممر يحدّ من الصراع الحدودي بين “أذربيجان” و”أرمينيا”، ويُحقّق الاستقرار للبلدين، ويُهييّء مجالات التعاون والسلام المستَّدام بينهما. من ثم فإن إنشاء الممر مفيد بالنسبة لـ”الجمهورية الإيرانية”، لأنه يُحقّق السلام بين جارتيها في الشمال، لكنه من جهة أخرى، سوف يُغيّر توازن القوة في المنطقة لصالح “أذربيجان، وتركيا، والولايات المتحدة، وإسرائيل”، ويقوض نفوذ “إيران وروسيا” في منطقة “القوقاز”.

كما ستُتيّح الوساطة الأميركية في ممر (زانغزور)، نشر قوات الـ (ناتو) على حدود “إيران” الشمالية مستقبلًا، فضلًا عن تقييّد طريق وصول “إيران” إلى “أوروبا”.

وسوف يُعطي (زنغزور) مدينة “نخغوان” إلى “أذربيجان” مرة أخرى، ومن ثم القضاء على أدوات “إيران” الجيوسياسية تجاه “أذربيجان”.

ورغم أن هذا الممر هو اتفاقية بين “أرمينيا” و”الولايات المتحدة”، ولكل دولة الحق في تأجير جزء من أراضيها لدولة أجنبية، إلا أن النتيجة العملية للوساطة الأميركية في الممر ستكون الفصل بين “أرمينيا” و”إيران”. وبالتالي، ستفقد “إيران” عمليًا أحد جيرانها، وللوصول إلى “أوروبا” عبر الأراضي الأرمينية، سيكون عليها المرور عبر الوسطاء (التجارية!) الأميركيين.

ولنعلم أن ممر (زنغزور) هو نتاج عملية سياسية واقتصادية، تبلورت خلال السنوات الأخيرة في منطقة “القوقاز” كجزء من مسّارات استراتيجية طويلة الأمد، وبعد سنوات من التخطيط، أتت هذه المسّارات أُكُلها وقطفت القوى الفاعلة ثمار مشروع “زنغزور”.

والسؤال: ما هي هذه المسّارات الجيوسياسية التي شكلت الأسس الفعلية للممر ؟

01 – على المستوى المنهجي، (زنغزور) هو نتاج مرحلة تجاوز النُظم الدولية القديمة. ويسعى حملة لواء النُظم القديمة والقوى الدولية الصاعدة إلى النفوذ في البُنية التحتية للحصول على حصة، وتثبَّت مكانتهم في النُظم الدولية المستقبلية.

02 – تطور مكانة “روسيا” الجيوسياسية، وعوامل الجذب الجيواستراتيجية والجيواقتصادية لمنطقة “القوقاز” الجنوبية بالنسبة للقوى الغربية و”إسرائيل”، جعل المنطقة محط اهتمام القوى المتنافسة خلال السنوات الأخيرة.

03 – انحسار نفوذ “روسيا” الجيوسياسي في “القوقاز”، في أعقاب الهجوم على “أوكرانيا” وتطور الاتصالات السياسية لدول “القوقاز” مع “أوروبا” و”أميركا”، ساعد في تهيئة أجواء التطور الجيوسياسي.

04 – انحسار نفوذ “إيران” الجيوسياسي في “القوقاز”، خلال السنوات الماضية، لعب دورًا في هذا التطور. ذلك أن تُعارّض “إيران” مع “إسرائيل، والولايات المتحدة” استنفذ كثيرٍ من طاقة السياسية الخارجية الإيرانية خاصة في العشرين عامًا الماضية.

توصيّات سياسية لـ”الجمهورية الإيرانية”..

01 – السلبية في حوزة “القوقاز” قد يقوي آلية عُزلة “إيران” في هذه المنطقة.

02 – التوازن في السياسة الخارجية الإيرانية تجاه البيئة المحيطة يتطلب حلول عابرة للسياسة الخارجية الإيرانية، وأعني التعارض مع “الولايات المتحدة” بشأن الأنشطة النووية.

03 – توطيّد العلاقات الثنائية الإيرانية مع “تركيا وروسيا” بجدول أعمال شامل، يُحافظ ويُقوي نفوذ “إيران” الإقليمي في “القوقاز”.

04 – وجود “إسرائيل” في “القوقاز الجنوبي” يُمثّل حاليًا تهديدًا لـ”الجمهورية الإيرانية” أكثر من السابق.

05 – تقوية (الفكر الطوراني) في “القوقاز الجنوبي” بالتوازي مع الوجود الإسرائيلي في المنطقة، يُمثّل تهديدًا خطيرًا لـ”الجمهورية الإيرانية”.

06 – لطالما قامت السياسة الخارجية الإيرانية في “القوقاز” على أساس الالتزامات الجيوسياسية، وعليه فالبراغماتية في هذه المنطقة أسهل من المناطق الأخرى.

ومهارة وخبرة الدكتور “علي لاريجاني”؛ أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي، قد يُحافظ ويقوي قنوات “إيران” المتبقية في “القوقاز”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة