9 أبريل، 2024 2:56 م
Search
Close this search box.

مذبحة “نيوزيلندا” .. ما بين نظرية “الذئاب المنفردة” وهوس “الإحلال الديموغرافي” في أوروبا !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – ابتهال علي :

تسلط مذبحة “نيوزيلندا”، التي إرتكبها الأسترالي، “برينتون تارانت”، يوم الجمعة الماضي، ضد المصلين المسلمين؛ وراح ضحيتها 50 شخصًا وأصيب 45 آخرون بجراح، الضوء على خطورة الأفكار المتطرفة التي تنفثها مؤلفات الكتاب والأدباء اليمنيين في الغرب الداعية إلى تفوق الجنس الأبيض، وضرورة الحفاظ على الهوية والثقافة الأوروبية في مواجهة غزو المهاجرين.

“ذئاب منفردة” أم شبكة من العنصريين البيض؟

ومن المؤكد أن منفذ مذبحة “نيوزيلندا”؛ ليس ذئبًا منفردًا إرتكب عملاً إرهابيًا بأسلحة تحمل رموزًا للنازيين الجدد وأسماء المتطرفين اليمينيين من قبيل الصدفة ومن وحي خيال “تارانت” المريض.

وعوضًا عن ذلك؛ لابد من تحليل جريمته على ضوء علاقتها بشبكة عالمية تضم خلايا النازيين الجدد وأنصار اليمين المتطرف وتفوق العرق الأبيض، وهي شبكة يؤكد الخبراء الأمنيون أنها تنتشر بسرعة مطردة وتتواصل فيما بينها بنفس طريقة الشبكات الإرهابية الأخرى في العالم، مثل تنظيم (القاعدة) وتنظيم (داعش).

ويؤكد “أورين سيغال”، المدير بمركز التطرف التابع لـ”رابطة مناهضة التشهير”، إن مذبحة “كرايست تشيرش” تبرهن على أن المتعصبين البيض العنيفين يشكلون تهديدًا دوليًا، لا سيما عندما نتأمل الطريقة التي تنتشر بها أفكار اليمين المتطرف والنازيين الجدد وتسيطر على عقول منفذي الجرائم الإرهابية ضد المسلمين والمهاجرين بوجه عام في الغرب.

عقد من جرائم اليمين المتطرف..

وتستعرض صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية؛ تصاعد وتيرة العمليات الإرهابية التي إرتكبها المتطرفون البيض خلال العقد الأخير، بداية من مذبحة “أوسلو”؛ في “النرويج”، عندما قتل اليميني المتطرف، “أندرس بيرينغ بريفيك”، عام 2011، بقتل 77 شخصًا وإصابة 150 آخرين؛ عندما أطلق النار بشكل عشوائي على مرتادي أحد المخيمات من الشباب. وفي عام 2015، أقتحم متطرف آخر كنيسة “تشارلستون”، بـ”الولايات المتحدة”، وأودى بحياة تسعة أشخاص.

وفي إعتداء آخر، هاجم “أنتون لوندين بترسون”، في 22 تشرين أول/أكتوبر 2015، مدرسة “كرونان” في مدينة “ترولهاتن” بالسويد، مستخدمًا السيف، فقتل معلمًا من أصل عراقي وتلميذًا من أصل صومالي وجرح اثنين آخرين؛ أحدهما معلم من أصل لبناني.

وفي كانون ثان/يناير عام 2017؛ تعرض مسجد بمقاطعة “كيبيك”، الكندية، لإطلاق نار من قِبل مسلح يتبنى الأفكار المعادية للهجرة، مما أسفر عن مصرع 6 أشخاص وإصابة 17 آخرين.

ووفق “مؤشر الإرهاب العالمي”، لعام 2018، شهدت عمليات الجماعات اليمينية المتطرفة الإرهابية تصاعدًا في أوروبا وأميركا الشمالية خلال العقد الأخير.

وفي الإطار ذاته، كشفت دراسة لـ”مركز مناهضة التطرف”، العام الماضي، أن دعاية أنصار تفوق العرق الأبيض شهدت ارتفاعًا شديدًا بين أوساط طلاب الجامعات الأميركية؛ إذ ارتفعت إلى نسبة 77% خلال العام الجامعي 2017 – 2018.

وهو مؤشر خطير على تغلغل أفكار اليمين المتطرف وسعيه لتجنيد الشباب داخل أروقة الجامعات الأميركية التي من المفترض أنها حاضنة للتنوع الثقافي والاجتماعي والعرقي. وترتبط هذه الأرقام بتولي الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، للسلطة عام 2017، وتبنيه خطابًا معاديًا للإسلام والمهاجرين.

غرف الدردشة الإلكترونية ملاذًا للمتطرفين..

وأوضحت صحيفة (واشنطن بوست)؛ أنه رغم أن غالبية هذه الجرائم نفذها أشخاص منفردون من اليمين المتطرف، إلا أن خيطًا رفيعًا يجمع هؤلاء الجناة، وهو تفاعلهم النشيط في غرف الدردشة المنادية بتفوق العرق الأبيض على شبكات التواصل الاجتماعي؛ وتأثرهم بأفكار اليمين المتطرف الإيديولوجية.

وتنقل الصحيفة عن “كاثلين بيلو”، الأستاذ المساعد في جامعة “شيكاغو” الأميركية؛ ومؤلفة كتاب (جلب الحرب إلى الوطن: حركة القوة البيضاء وأميركا شبه العسكرية)، أنه من الضروري فهم الشبكة التي تربط نسيج هذه الخلايا، إذ يحرك هؤلاء المتطرفون نفس الإيديولوجية والمواقف ونظرتهم للعالم.

الإحلال الديموغرافي.. وعائلة “لوبان”..

وتشير الصحيفة الأميركية إلى إستلهام منفذ مذبحة “نيوزيلندا” لأفكاره الإرهابية من آراء الكاتب الفرنسي اليميني، “رينو كامو”، خاصة كتابه (الإحلال العظيم). وفي هذا الكتاب، الذي نُشر عام 2012، يشرح “كامو” نظريته؛ ومفادها أن الأغلبية البيضاء في أوروبا يتم استبدالها بمهاجرين من شمال إفريقيا ومن جنوب الصحراء، أغلبهم مسلمون.

وكان كتاب (الإحلال العظيم) بمثابة صيحة الحرب التي استغلها اليمين المتطرف الفرنسي، وعلى رأسه زعيمته، “ماريان لوبان”، رئيسة حزب “التجمع الوطني” – “الجبهة الوطنية” سابقًا – في الحشد لمعاركهم الإنتخابية والسياسية. وبدورها أكدت، “ماريون ماريشال”، حفيدة مؤسس الحزب، “غان ماري لوبان”، في ذروة أزمة المهاجرين، عام 2015، أن الواقع الراهن يتوافق تمامًا مع نظرية “كامو”، معتبرة أن المهاجرين يغزون الآراضي الفرنسية.

وهكذا تسللت فكرة “الهجرة الجماعية”، بكل ما تثيره من صدام ثقافي عنيف من صفحات الكتب والدراسات إلى خطاب التيار السياسي في “فرنسا”، وانتقلت كالنار في الهشيم إلى أحزاب آخرى أقل تطرفًا مثل حزب “الجمهوريون”، الذي يمثل يمين الوسط، حينما وصف زعيم الحزب، “لوران فوكييه”، فكرة “كامو” بأنها حقيقة في عام 2017.

وما يثير حفيظة المسلمين، في “فرنسا”، أنه رغم وصف “رينو كامو” – البالغ من العمر 72 عامًا – بأنه الأب الروحي لإيديولوجية اليمني المتطرف، إلا أنه ضيف دائم فى المنصات الثقافية والإعلامية الفرنسية والأوروبية، التي تطرح أفكاره للنقاش بصورة متكررة.

ومازال “كامو” يتمسك بمبادئه وأفكاره، رغم المذابح المتكررة، وآخرها هجوم “كريست تشيرش” الدامي، ففي عام 2018؛ أصدر كتابًا بعنوان (لن تحل محل الولايات المتحدة !)، ضد المهاجرين عبر فيه عن تعاطفه الشديد مع شعارات اليمين المتطرف في “أميركا”، التي ترددت أصداؤها في أحداث مدينة “شارلوتسفيل”، بولاية “فيرغينيا”، في شهر آب/أغسطس عام 2017، عندما اندلعت إشتباكات عنيفة بين متظاهرين من القوميين البيض ومحتجون معارضين لهم. وردد المتطرفين البيض هتافات: “لن يتم استبدالنا بهم.. واليهود لن يحلوا محلنا”.

وردًا على مذبحة “نيوزيلندا”، أصر “كامو”، في حوار هاتفي أجرته معه صحيفة (واشنطن بوست)، على أن “الاستعمار الديموغرافي” للقارة البيضاء أشد وطأة بعشرين مرة من الاستعمار التقليدي الذي مارسته أوروبا على قارة إفريقيا.

إن خطاب العداء ضد الإسلام والعرب والمهاجرين في الغرب يثبت أن طلقات الفكر المتطرف أشد وطأة وفتكًا من طلقات الرصاص، فهي المحرك الرئيس للعمليات الإرهابية و”الإسلاموفوبيا”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب