مدارس على حقول ألغام .. الموت يسعى تحت الرمال لحصد أطفال إيران !

مدارس على حقول ألغام .. الموت يسعى تحت الرمال لحصد أطفال إيران !

خاص : ترجمة – محمد بناية :

سافرنا قبل ثلاث سنوات، في صحيفة (الربيع) الإيرانية المحسوبة على التيار الإصلاحي، بصحبة “ݒروين ذبيحي”، الناشطة في مجال حقوق المرأة والطفل، إلى قرية “نشكاش” من أعمال مدينة “مريوان”. وهي قرية في قلب الجبل، وليست حدودية، لكنها لازالت أكثر مناطق “كردستان” فقراً.

وكنا قد سافرنا بغرض عيادة 7 أطفال ضحايا إنفجار لغم بوسط القرية. والآن بعد هذه الفترة يعيش الأطفال أوضاعاً سيئة غير مناسبة. حينها قدمت وكالات الأنباء الإيرانية تغطية جيدة للإنفجار باعتباره واحد ضمن حالات تفجير الألغام المتخلفة عن الحرب طالعراقية – الإيرانية”، ومر المسؤولون على الحادث مرور الكرام.

وبعد مراجعات السيدة “ݒروين ذبيحي” عدد من المحامين؛ قرر وزير الصحة بالنهاية إجراء عملية جراحية على عين الطفلة “آلا”، بعد أن خسرت عينها الثانية تماماً. لم تحصل “آلا” على تعويض بل لم تُصنف ضمن مصابي الحرب، لأن إنفجار اللغم جاء بعد إنتهاء الحرب.

الآن وبعد مرور أربع سنوات على الحادث؛ لاتزال “آلا” تعاني ألم بعض الشظايا في بدنها ووجها، فضلاً عن خسارة إحدى عينيها. ولا تملك المال للعلاج.

مخلفات الحرب الإيرانية العراقية مازالت حية في باطن الأرض..

تحكي “رايحه مظفريان”، مراسل صحيفة (الربيع) الإيرانية: (گشين) طفلة أخرى فقدت قدمها نتيجة إنفجار لغم. كانت تعلب كرة القدم مع الأطفال تحت شجرة؛ ولم تكن تتخيل أنها سوف تفقد قدمها حين كانت تضرب الكرة. وانتهت محاولات السيدة (ݒروين) بتسجيل ملف (گشين) ضمن الحد الأدنى من الإعاقات باعتبارها مصابة حرب. لكن هل تم علاج نفسية هؤلاء الأطفال ؟.. لأن (گشين)، على سبيل المثال، لم تعد تدرس، وإنما تبكي فقط. والحقيقة أنه يتم علاج الحالات الخفيفة، لكن هل هذه نهاية القصة ؟.. هذه الحادثة أحد أكبر حالات تفجير الألغام في إيران إيلاماً، لكن لاتزال الألغام تحصد سنوياً الضحايا على اختلاف الأعمار.

فقد راح طفلين قبل عامين ضحية إنفجار لغم. وفقد “بهزاد” حياته ولايزال “فرشاد” تحت العمل الجراحي الصعب، و”آلا” تعيش في عالم نصف مظلم بعد أن فقدت إحدى عينيها. مع هذا لا يواجه أطفال هذه المناطق خطر إنفجار الألغام في الصحراء فقط، وإنما يواجهون الخطر كذلك في طريقهم إلى المدرسة.

الأرض المزروعة بالألغام مساحتها أكثر من مليون و600 ألف هكتار..

قبل فترة نشرت وكالة أنباء (مهر)، خبراً عن تأسيس مجمع مدارس في قرى “شيخ صله”، على مسافة خمسة كيلومترات من الحدود مع العراق، ومتاخمة لحقل ألغام كان سبباً في إصابة عدد من سكان القرية. في حين يقول قائد “كتيبة النبي الأكرم” بالحرس الثوري بمحافظة “كرمانشاه”: “إصدار مسؤولي التربية والتعليم تراخيص بناء المدارس في هذه النقطة شديدة الخطورة مثير للتساؤل. لقد تم افتتاح هذا الصرح التعليمي عام 2009، رغم علم المدير بإنفجار لغم أثناء علمية البناء وسقوط شخص يُدعى (حميد نظري)، وطوال العامين الماضيين يتردد التلاميذ على هذه المدرسة شديدة الخطورة حتى أبلغ المسؤولون بالمحافظة مركز إزاله الألغام بالوضع عن طريق المواطنيين وليس التربية والتعليم”. وبحسب بيان وزارة الدفاع تبلغ مساحة الأرض المزروعة بالألغام في محافظات “إيلام وخوزستان وكرمانشاه وآذربيغان الغربية وكردستان” حوالي مليون و620 ألف و918 هكتار.

مدرسة أخرى كشفت عنها السيدة “ݒروين ذبيحي”، في قرية “انغيران” في مريوان. وتبلغ الكثافة السكانية لتلك القرية 464 شخص وحوالي مئة أسرة. والمواطنون في هذه القرية فقراء ويعملون حمالين في الغالب.

وقد قررت “ذبيحي” إقامة ورشة تعريفية لطلاب المدارس المتاخمة لحقول الألغام وكيفية التعامل معها. وهي تعتقد أن اختيار موقع هكذا مدارس يتم بلا خبرة، كذلك تنعدم إمكانية تنقل هذه المدارس والقرى، ناهيك عن إنعدام شعور المعنيين بإزالة الألغام بالمسؤولية، لذا فلا أقل من تعليم الأطفال كيفية مواجهة هذا الغول المخفي، وما هي الخطوات التي يجب عليهم اتباعها.

ثم تشير “ذبيحي” إلى أحد المنازل، وتقول أنه بُني بعد تطهير موقع البناء من الألغام. ويقول أهالي المنطقة، في حوا مع صحيفة (بهار)، إن عملية تطهير الألغام في القرية كانت دون المستوى المطلوب. حتى أن القرية أصبحت مغمورة بالألغام أكثر مما كانت عليه قبل التطهير. وقد راجع أهالي القرية المسؤولون مراراً، والذين يكتفون بتصوير التفجيرات فقط، ثم ينقلون التربة المزورع فيها اللغم إلى منطقة أخرى. على سبيل المثال تم نقل بعض هذه الألغام إلى جوار عدد من المنازل المجهورة أو المسطحات الترابية التي عادةً ما يستخدمها الأطفال في اللعب.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة