وكالات – كتابات :
من المتوقع أن تُعيد الحكومة العراقية، لأول مرة؛ نحو 100 عائلة عراقية من مخيم مترامي الأطراف في “سوريا”، الأسبوع المقبل، وهي خطوة يعتبرها المسؤولون الأميركيون علامة تبعث على الأمل في ظل جهود محبطة، منذ فترة طويلة، لإعادة الآلاف من المخيم المعروف بأنه أرض خصبة للمتمردين الشباب.
في زيارة غير معلنة لـ”سوريا”، يوم الجمعة، أعرب قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال “فرانك ماكينزي”، عن تفاؤله بعملية الترحيل من مخيم (الهول).
كان “ماكينزي”؛ قد حذر مرارًا من أن الشباب في المخيمات، أصبحوا متطرفين وسيصبحون الجيل المقبل من المقاتلين الخطرين.
قال “ماكينزي”، للصحافيين الذين يسافرون معه إلى مخيم (الهول)، حيث التقى الجنود والقادة: “ستكون الخطوة الأولى في العديد من عمليات الإعادة إلى الوطن، وأعتقد أن هذا سيكون المفتاح لخفض عدد السكان في مخيم (الهول)، وفي مخيمات أخرى في جميع أنحاء المنطقة”.
وأضاف “ماكينزي”: “الدول بحاجة إلى إعادة مواطنيها ودمجهم، والتخلص من التطرف عند الضرورة، وجعلهم عناصر منتجة في المجتمع.”
تغيير لقواعد اللعبة أم صفقة لمرة واحدة ؟
في السياق ذاته، قال مسؤول أميركي كبير؛ إن نقل الأشخاص من المخيم في شمال شرق “سوريا”؛ هو واحد من عدد من القضايا التي تناقشها الحكومتان: الأميركية والعراقية، أثناء وضعهما خارطة طريق للعلاقات الدبلوماسية والعسكرية المستقبلية.
جاء ذلك خلال اجتماعات الخميس، عندما توقف “ماكينزي”، بشكل مفاجيء في “بغداد”. وتحدث المسؤول بشرط عدم الكشف عن هويته؛ لأنه يناقش مداولات داخلية.
وتحدث القادة العراقيون، في وقت سابق من هذا العام؛ عن إعادة بعض مواطنيهم، لكنهم لم يمضو قدمًا في ذلك. لذلك قوبلت خطط، الأسبوع المقبل، ببعض الشكوك، وبدا من غير الواضح ما إذا كانت خطوة أولى لتغيير قواعد اللعبة أم صفقة لمرة واحدة.
وفي هذا الصدد، ذكرت قيادة العمليات المشتركة العراقية؛ أنه سيتم إغلاق جميع الثغرات في الحدود مع “سوريا”، خلال الشهرين المقبلين.
مخيم “الهول”.. صداع مزمن في رأس العراق..
مخيم (الهول)؛ هو موطن لما يصل إلى 70 ألف شخص – معظمهم من النساء والأطفال – الذين نزحوا بسبب الحرب الأهلية في “سوريا” والمعركة ضد تنظيم (داعش)، ونصفهم تقريبًا من العراقيين. يتم إيواء نحو 10 آلاف أجنبي في ملحق آمن، ولا يزال الكثيرون في المخيم من أشد المؤيدين لـ (داعش).
ورفضت العديد من الدول إعادة مواطنيها، الذين كانوا من بين أولئك الذين جاؤوا من جميع أنحاء العالم للإنضمام إلى (داعش)، بعد أن أعلن المتطرفون عن الخلافة المزعومة، عام 2014.
وانتهت سيطرة التنظيم على الأراضي، عام 2017، لكن العديد من الدول أمتنعت عن إعادة مواطنيها، خوفًا من صلاتهم بـ (داعش).
في أواخر آذار/مارس الماضي، أجرت القوة الرئيسة التي يقودها الأكراد والمدعومة من “الولايات المتحدة”، في شمال شرق “سوريا”، عملية تمشيط داخل مخيم (الهول) استمرت خمسة أيام بمساعدة القوات الأميركية. تم القبض على ما لا يقل عن 125 من المشتبه بهم.
نظرية الإحتواء الأميركية..
وقال “ماكينزي”، الجمعة، إنه منذ ذلك الحين تحسنت الأوضاع الأمنية في المخيم. لكنه أضاف أن الأمن ليس له تأثير حقيقي على تطرف الشباب هناك.
وأضاف “ماكينزي”، وهو يقف في قاعدة في شمال شرق “سوريا”، على مقربة من الحدود التركية: “هذا ما يقلقني.. قدرة (داعش) على التواصل والتأثير على هؤلاء الشباب وتحويلهم.. ما لم نتمكن من إيجاد طريقة لاستعادتهم، سندفع ثمنًا باهظًا على الطريق”.
مع توقف “ماكينزي”، في شرق “سوريا”؛ عند أربعة مواقع أميركية، كانت رسالته قصيرة ومباشرة، وهي أن القوات الأميركية، في “سوريا”، بقيت لمحاربة فلول (داعش)، لذلك لا يمكن للمسلحين إعادة تجميع صفوفهم.
يُشار إلى أن جيوب (داعش) لا تزال نشطة، لا سيما غرب “نهر الفرات”، في مساحات شاسعة من الأراضي غير الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، بقيادة الرئيس “بشار الأسد”.
مخاوف كُردية..
كما جدد رئيس “لجنة الأقاليم والمحافظات”، في “البرلمان العراقي”؛ “شيروان الدوبرداني”، من جانبه، تحذيره من قرب نقل عوائل (داعش)؛ من مخيم (الهول) إلى جنوب “الموصل”.
وقال “الدوبرداني”، في بيان مقتضب؛ إن: “نحو مئة أُسرة ستصل مخيم الجدعة، الثلاثاء القادم، رغم كل الجهود التي بذلت لمنع نقل تلك العوائل إلى نينوى”.
ويشهد مخيم (الهول)، منذ العام الماضي، حوادث اغتيالات مستمرة ضمن المخيم، حتى باتت تتكرر بشكل شبه يومي، في ظل توجيه اتهامات لخلايا تنظيم (داعش) داخل المخيم.
ومنذ بداية العام 2021، بلغت إحصائية القتلى في مخيم (الهول)، 32 شخصًا، ستة منهم قُتلوا بأداة حادة والبقية بطلقات من مسدسات.
ويُعد مخيم (الهول)؛ من أكبر المخيمات التي تحوي أُسر وأفراد تنظيم (داعش)، في شمال شرق “سوريا”، ويقطن فيه أكثر من 60 ألف شخص من مواطنين سوريين وجنسيات أخرى مختلفة.