7 فبراير، 2025 6:55 م

مخطط “ترمب” لتهجير الفلسطينيين .. كيف تراها الصحف الغربية ؟

مخطط “ترمب” لتهجير الفلسطينيين .. كيف تراها الصحف الغربية ؟

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

“تهجير الفلسطينيين” واحتلال “غزة” أميركيًا، قنبلة ألقاها الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، في وجه العالم عامة وفي وجه العالم العربي خاصة، إلا أنها أسرت حليفه الصهيوني؛ “بنيامين نتانياهو”، فأثارت زوبعة رافضة للمخطط الذي يُلبي رغبات اليمين الصهيوني المتطرف.

وفي تعليقه؛ لفت الزميل البارز في مجلس العلاقات الخارجية؛ “ستيفن كوك”، إلى أن أحد الامتيازات الخاصة برئيس “الولايات المتحدة” هو وجوب أخذ تصريحاته على محمل الجِد، بغض النظر عن مدى جموحها، وهو ما ينطبق على اقتراح الرئيس الأميركي السابق؛ “دونالد ترمب”، الذي دعا إلى تسهيل التطهير العرقي في “قطاع غزة”، ثم تملّك المنطقة بعد تنفيذ هذه المهمة.

ورأى “كوك”؛ في مقال نشرته (فورين بوليسي)، أن الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين يحتاج إلى أفكار جديدة، لكن مقترح “ترمب” ليس مجرد إفلاس أخلاقي، بل هو جنون محض.

“تطهير عرقي” واستعمار جديد..

أكد “ترمب” أن قادة العالم، بمن فيهم زعماء المنطقة، يدعمون خطته، لكن من تحديدًا ؟.. سرعان ما أصدرت “السعودية” بيانًا عقب ظهور “ترمب” مع رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”، أكدت فيه التزامها بـ”حل الدولتين”.

كما رفضت “مصر والأردن” بشكلٍ قاطع فكرة نقل الفلسطينيين إلى أراضيهما، رُغم المخاطر المحتملة على علاقتيهما مع “واشنطن”.

حتى المسّتوطنون الإسرائيليون لن يؤيدوا مثل هذا المَّخطط، ليس رفضًا لمبدئه فحسّب، بل لأنه يتعارض مع توجهاتهم القومية التي تدفعهم إلى إعادة توطين “غزة” بأنفسهم، لا السماح لمستثمرين أميركيين ببناء فنادق فاخرة هناك. ومع ذلك، يواصل “ترمب” التأكيد على أن: “الناس” يدعمون فكرته، ربما بناءً على أحاديث خاصة مع أصدقائه في (مارالاغو).

والأخطر؛ كما يُحذر “كوك”، هو أن “ترمب”، كردّ فعل على الانتقادات، قد يسّعى إلى إثبات صحة مزاعمه، مما قد يدفعه إلى تبّني التطهير العرقي والاستعمار الجديد كسياسة أميركية رسمية في الشرق الأوسط.

تنفيذ الخطة والواقع الفلسطيني..

من الناحية العسكرية؛ قد تتمكن “الولايات المتحدة” من الاستيلاء على “قطاع غزة”، لكن ذلك لن يكون بلا ثمن، إذ ستتّكبد خسائر في الأرواح. فحركة (حماس)، رُغم الضربات الإسرائيلية، لا تزال مسلحة وقادرة على القتال. فهل يتوقع “ترمب” أن يُغادر مقاتلوها “غزة” بهدوء ؟

وفي مؤتمر صحافي فوضوي عُقد في الغرفة الشرقية لـ”البيت الأبيض”، كشف الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، ورئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”، عن خطة غير مسّبوقة تتعلق بـ”قطاع غزة”.

أما المدنيون الفلسطينيون؛ فيفترض “ترمب” أنهم سيُغادرون “غزة” طوعًا بعد كل المعاناة التي مروا بها، سعيًا وراء “أماكن جميلة” يتخيلها. غير أن هذا التصور يتجاهل واقع الفلسطينيين، الذين يرون في “غزة” امتدادًا لقضيتهم الوطنية. فتجربة “النكبة” تُلقي بظلالها الطويلة، ولن يقبل الفلسطينيون بالتهجير مرة أخرى.

وإذا كان “ترمب” يُريد ترحيل سكان “غزة”، فلن يكون أمامه خيار سوى إصدار أمر للجيش الأميركي بتنفيذ ذلك بالقوة. وهنا، يأمل “كوك” في أن يرفض الضباط الأميركيون مثل هذا الأمر، نظرًا لكونه غير قانوني وجريمة ضد الإنسانية.

تداعيات كارثية على المنطقة..

لا تقتصر خطورة اقتراح “ترمب” على استحالة تنفيذه؛ بل تمتّد إلى تهديد استقرار الشرق الأوسط. فتهجير مليوني فلسطيني من “غزة” والاستيلاء على المنطقة سيؤديان إلى:

  • إنهاء أي فرصة للتطبيع بين “السعودية وإسرائيل”.
  • تقويض “الاتفاقات الإبراهمية”، التي تُعدّ إنجازًا رئيسًا لـ”ترامب”.
  • زعزعة معاهدات السلام بين “إسرائيل” وكلٍّ من: “مصر والأردن”.
  • منح “إيران” فرصة لتعزيز نفوذها الإقليمي مجددًا.

كما أن ذلك سيؤدي إلى تورط “الولايات المتحدة” في صراع إقليمي لا يُريده أحد، ولا سيّما “ترمب” نفسه، الذي لطالما تبنّى خطابًا مناهضًا للتدخلات العسكرية الخارجية.

مزيد من الفوضى وتقويض للمصداقية..

في نهاية مقاله؛ خلص “كوك” إلى أن “ترمب”، في مؤتمر صحافي واحد، لم يكتفِ بتقويض صدقية “الولايات المتحدة”، بل أضاف مزيدًا من الفوضى وعدم الاستقرار إلى منطقة تُعاني أصلًا من اضطرابات مزمنة.

وفي “فرنسا”؛ شدّدت الصحف الفرنسية من كافة التوجّهات والتيارات، على أنّ التهجير القسّري للسكان الفلسطينيين في “غزة”، جريمة حرب وجريمة مُحتملة ضدّ الإنسانية، واصفة إيّاها بأنّها تطهير عرقي.

انتهاك للقانون الدولي والإنساني..

وأكدت (ليبراسيون) في افتتاحيتها؛ على أنّ خطة الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، لنقل سكان “غزة” إلى أماكن “أكثر أمانًا” في “مصر والأردن” تُشكّل انتهاكًا خطيرًا للقانون الإنساني الدولي وقوانين الحرب. وأشارت إلى أنّ عدم شرعية هذا الفعل واضحة جدًا من قبل “المحكمة الجنائية الدولية”.

ودعت اليومية الفرنسية إلى أن يتذكر الجميع أنّ الشعب الفلسطيني لديه الحق في تقرير المصّير في أراضيه، وهذا مبدأ أساس ذكّرت به “محكمة العدل الدولية” و”الجمعية العامة للأمم المتحدة”، مُشيرة إلى أنّ “ترمب” لم ينجح في الحصول على أيّ دعم لخطته غير القانونية والغامضة.

غطاء لاعتبارات غامضة..

من جهته؛ تساءل المحرر السياسي في (لو موند): ما الذي ينبغي لنا أن نُفكر فيه بعد الرغبة في سيّطرة “الولايات المتحدة” على “قطاع غزة” بشكلٍ دائم بعد طرد الفلسطينيين منه، وذلك باسم إعادة الإعمار التي تحوّلت إلى عملية نهب عقاري موجهة بروح الربح، التي سيتم استبعاد الفلسطينيين منها ؟

وجاء في افتتاحية الصحيفة أنّه ومن خلال الدعوة، تحت غطاء اعتبارات إنسانية غامضة للغاية، إلى جريمة الحرب التي تُشكّل النقل القسّري للفلسطينيين من “غزة” إلى خارج الجيب الذي دمّره القصف الإسرائيلي بعد 07 تشرين أول/أكتوبر 2023، يتخذ “دونالد ترمب”، خطوة أخرى في هذا الاتجاه.

وأكدت (لو موند)؛ أنّه لا يُمكن تحقيق السلام الدائم إلا من خلال التسوية، وليس من خلال سحق شعب، مهما كان ضعيفًا. ومن الواضح أنّ مثل هذا المشروع، الذي سيكون كارثيًا بالنسبة للفلسطينيين، من شأنه أن يُطلق العنان لنزعة إسرائيلية خطيرة، ولن يستّفيد أيّ من الطرفين مما سيحصل.

وحذّرت من أنّ “دونالد ترمب”؛ وبعد أن دخل عالم السياسة قبل عقد من الزمان من خلال التنديد بأخطاء من سبقه، يُدافع الآن عن الإمبريالية الجديدة والاستعمار الجديد. وبدلًا من استعادة “عظمة” أميركا كما يدّعي، فإنه يُخاطر بإعادتها إلى روتين الماضي الدموي.

ماذا يقول القانون الدولي ؟

(لو فيغارو)؛ اعتبرت من جهتها أنّ؛ “دونالد ترمب”، يُحب المفاجآت، مُتسائلة عن موقف القانون الدولي، وموضحة أنّ: “الإبعاد أو النقل القسّري للسكان” يُشكّل جريمة ضدّ الإنسانية، وفقًا للمادة السابعة من “نظام روما” الأساس الذي أسس “المحكمة الجنائية الدولية”. إلا أنّ “الولايات المتحدة وإسرائيل” قد وقّعتا على الاتفاقية دون التصديق عليها، الأمر الذي يُعفيهما من أيّ قيود قانونية.

أما بالنسبة للسيّطرة الأميركية على “قطاع غزة”؛ فهي مُخالفة لمبدأ وحدة الأراضي، وهو مبدأ أساس في القانون الدولي، وكذلك لمبدأ حرمة الحدود. كما أن المادة الثانية من الفقرة الأولى من “ميثاق الأمم المتحدة” تضمن “المساواة في السيّادة” بين الدول فيما بينها. وبناءً على ذلك، لا تستطيع الدولة أن: “تستولي” على جزء من دولة أخرى.

فكرة مجنونة غير قابلة للتنفيذ..

مجلة (لو بوان)؛ ورُغم توجّهاتها المعروفة الأقرب إلى “إسرائيل”، ذكرت أنّ اقتراح الرئيس الأميركي سيّطرة بلاده على “قطاع غزة”، أثار الدهشة في العالم العربي وكذلك على الصعيد الدولي، وهو اقتراح مُستحيل التطبيق عمليًا. ونقلت عن عالم الجيوسياسية؛ “برونو تيرترايس”، قوله: “يبدو ليّ واضحًا أنّ فكرة استحواذ الولايات المتحدة على قطاع غزة؛ فكرة مجنونة تمامًا أو ليس لها أيّ فرصة للتنفيذ”.

ورأى أنّ هناك مصلحة ثلاثية لـ”ترمب” من وراء اقتراحه، المصلحة الأولى وبشكلٍ حرفي احتمال ممارسة الأعمال التجارية. أما مصلحته الثانية فهي إظهار نفسه أكثر ملكية من الملك، وفي هذه الحالة أكثر إسرائيلية من “نتانياهو”.

والمصلحة الثالثة من وجهة نظر “ترمب”؛ هي إمكانية التوصل إلى خطة سلام في الشرق الأوسط من خلال قلب الطاولة، لكنّ الطرد المؤقت على الأقل للسكان الفلسطينيين من “قطاع غزة”، سيكون أسوأ طريقة لبدء المناقشات حول خطة سلام محتملة.

طوق النجاه لـ”نتانياهو”..

وتقول صحيفة (التايمز) البريطانية؛ إن رئيس الوزراء الإسرائيلي كان يتوقع ضغوطًا من مضيفه للحفاظ على وقف إطلاق النار مع (حماس) على المسّار الصحيح، والتحرك نحو نهاية دائمة للصراع في “غزة” وانسحاب الجنود الإسرائيليين.

ولكن بدلًا من ذلك؛ حصل على اقتراح أسعد حلفاءه من اليمين المتطرف وألقى له طوق نجاة سياسيًا بينما دخل المرحلة الأكثر صعوبة من محادثات وقف إطلاق النار.

وتلفت الصحيفة إلى أن اقتراح “ترمب” بتطهير القطاع حتى يمكن تطويره باعتباره: “ريفييرا الشرق الأوسط”، يُشير إلى تراجع عن تعهده بفك ارتباط “أميركا” بالمنطقة وطي صفحة بناء الدول في الخارج.

ولن تكون هذه هي المرة الأولى التي يفتح فيها المفاوضات بمطلب متطرف – ولا هي المرة الأولى التي أثبتت فيها قواه الإقناعية ضعفًا أكبر كان يعتقد.

وتُضيف الصحيفة: “لقد تجاهل الاعتراضات حتى عندما رفضت الدول العربية فكرته. ولم يشرح ترمب الأساس القانوني الذي يمكن للولايات المتحدة بموجبه السيّطرة على غزة ولا كيف يمكن إبعاد الفلسطينيين ؟ وهو ما يُشكل خرقًا للقانون الدولي بموافقة الدولة المستقبلة أو بدونها”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة