خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
مما لا شك فيه أن العلاقات “الإيرانية-الأميركية”، على مدى الـ 43 عامًا الماضية، من أكبر المواجهات العالمية في التاريخ المعاصر، ويمكن ملاحظة تبعاتها بالشرق الأوسط وآسيا وشمال إفريقيا؛ فضلًا عن مناطق من أميركا اللاتينية.
ومن المتوقع أن تنحو المواجهات الشديدة بين الجانبين، بعد صعود، “جو بايدن”، للسلطة الأميركية، باتجاه التهدئة بعد عقود من التذبذب. وهو الهدوء الذي قد يكون بمثابة الوصول إلى المفتاح الذي كان يجب البحث عنه في أيادي الأطراف الأخرى المؤثرة في الساحة العالمية والفصائل السياسية الأميركية.
في غضون ذلك، فقد انتشر، خلال السنوات الأخيرة، الأقوال عن تغيير الموقف الأميركي في هذا الجدال الشديد، بحيث لم تُعد تهدف إلى إقصاء المنافس القديم؛ وإنما تسعى للاستفادة من كل مميزات هذا المنافس في غرب آسيا والعالم. وربما أحدث ملامح هذه الرؤية هو ما يحدث على الحدود الشرقية الإيرانية.
وفي هذا الصدد؛ أجرت صحيفة (آرمان ملي) الإيرانية الإصلاحية؛ الحوار التالي مع: “دياكو حسيني”، محلل الشأن الدولي البارز…
تدشين إستراتيجية أميركية جديدة..
“آرمان ملي” : انسحاب “الولايات المتحدة” من “أفغانستان” كان لأهداف خاصة، هل تعتزم “الولايات المتحدة” تنفيذ مخططات جديدة على الحدود الشرقية الإيرانية، دون التواجد في المنطقة ؟
“دياكو حسيني” : قد طُرحت منذ فترة، “باراك أوباما”، الرئاسية، فكرة انسحاب “الولايات المتحدة” من “أفغانستان”. وقد تأجل الأمر في فترة، “دونالد ترامب”، لأنه كان يعتقد في عدم جاهزية الحكومة الأفغانية.
لكن بالنهاية جاء انسحاب القوات الأميركية من “أفغانستان”، في عهد “جو بايدن”، الذي اتخذ قرارًا بقيادة “الولايات المتحدة” إلى طريق يُعفي الحكومة المقبلة من معاناة الأزمة الأفغانية.
ويُجدر الإنتباه إلى احتمال كبير بأن تقتصر فترة، “بايدن”، الرئاسية على دورة واحدة، ولذلك سارع إلى اتخاذ هكذا قرار. وهو يريد تحمل التبعات السياسية لذلكم الإجراء دون تخوف من تأثير تبعات الانسحاب من “أفغانستان”؛ على تجديد انتخابه، في العام 2024م.
علمًا بأن قرار “بايدن”؛ يحظى بقبول شعبي أميركي كبير؛ حيث لا يدعم الأميركيون ومن صوتوا في الانتخابات الرئاسية لصالح الرئيس الأميركي الحالي؛ استمرار تواجد القوات الأميركية في “أفغانستان”. وباتت “الولايات المتحدة” على قناعة بأنه يمكن تقبل (طالبان) في حال لم تجمل من “أفغانستان” وجهة للتجمعات الإرهابية.
وربما تحظى (طالبان) بدعم “الولايات المتحدة”؛ إذا نجحت في هذه المسألة، بل قد تستفيد “واشنطن” من (طالبان) كأداة في تقييد “الجمهورية الإيرانية”.
تجهيز “طالبان” كسلاح في وجه إيران..
“آرمان ملي” : أما تزال “الولايات المتحدة” تسعى للإطاحة بالنظام الإيراني أم أن هذه التحركات تهدف بالأساس إلى تقييد النظام ؟
“دياكو حسيني” : “الولايات المتحدة” مقتنعة باختلاف قوة النفوذ الإيراني حاليًا، وقد إزدادت هذه القناعة قوة بعد العقوبات الشاملة ضد “إيران”.
وصل الأميركيون إلى نتيجة بأن “إيران” تمتلك قدرات عملية كبيرة، وبمقدورها حاليًا الوصول إلى “البحر الأبيض المتوسط” و”البحر الأحمر”؛ فضلًا عن “الخليج” و”بحر عُمان”.
لذلك قررت “الولايات المتحدة” تقييد “إيران”. من ناحية أخرى، تقف (طالبان) في مواجهة “إيران”، من المنظور الإيديولوجي، وتوجد شواهد على الاعتراف بـ (طالبان)؛ على نطاق أوسع من الفترة 1994 – 2001م.
وتطبيع (طالبان) مع “السعودية” مسألة جادة، وهناك احتمال بالتطبيع مع “إسرائيل”. وهناك إمكانية بتحويل (طالبان)، بأي طريقة، إلى أداة ضد “إيران” على حدودها الشرقية.
وتُجدر الإشارة إلى أن التيارات المختلفة في الداخل الأميركي لم تتفق، حتى الآن، على قرار واحد بشأن “إيران”. وماتزال هناك اختلافات في الداخل الأميركي بخصوص كيفية التعامل مع “إيران”. والواضح أن، “بايدن”، لا يسعى حاليًا للإطاحة بالنظام الإيرانية، وهذه المسألة على الأقل لا تظهر في النظريات والشعارات.
في حين، ووفق المتبع في التاريخ المعاصر؛ أن تعمل “الولايات المتحدة” سريعًا على تغيير أي نظام قد تستشعر منه الخطورة على مصالحها.
لكن ثمة أجواء سياسية في “أميركا” تُريد طي هذا المسار، ليس فقط ضد “إيران”، وإنما أيضًا حيال “روسيا” و”الصين”؛ وتصعيد أنظمة بديلة لا تُشكل تهديدًا للمصالح الأميركية.
ولم تتراجع “الولايات المتحدة” عن سيناريو تغيير النظام الإيراني؛ حتى تستخدم كل أدواتها في تقييد القوة الإيرانية.
وفي هذا الصدد؛ يمكن لـ (طالبان) أن تلعب هذا الدور. ولذلك يتعين على “إيران” المحافظة على قنوات اتصالها مع (طالبان)، وهذه ضرورة للحيلولة دون انتشار فكرة وضع “إيران” و(طالبان) في المواجهة معًا بين الأوساط الأميركية.