خاص : ترجمة – محمد بناية :
مَثل العام الماضي، بالنسبة لإيران، أهمية كبرى على عدة مستويات.. فعلى صعيد السياسة الداخلية: كانت إقامة انتخابات مهيبة على مستوى رئاسة الجمهورية، ويأس المعارضين من الاضطرابات السياسية، والمشاركة الشعبية الكبيرة في الانتخابات والتي تعكس إقبال الشعب الإيراني على صناديق الإقتراع والإدلاء بأصواتهم.
وعلى صعيد السياسية الخارجية: هزيمة إرهابيو (داعش) في سوريا والعراق، خلال العام الفارسي 1396 هـ. ش، والتفوق الإيراني من المنظور الميداني وفشل المؤامرة الإرهابية المطروحة؛ لإثارة الاضطرابات في العالم الإسلامي.
من إرهاب “داعش” إلى إرهاب الأكراد..
قد أدت النجاحات على الصعيدين، الداخلي والخارجي، إلى بذل المساعي من جانب الخاسرين في اللعبة السياسية، خلال العام الفارسي الماضي، كما يقول الكاتب، “مصطفى انتظار هروي”؛ على الموقع الإلكتروني لـ”المركز الإيراني لمكافحة الإرهاب”، (هابيليان).
وأحد أهم هذه المساعي، الهجوم على البرلمان و”حرم الخميني”، التي وإن فشلت سريعاً لكنها انتهت بإستشهاد عدد من المواطنيين، وكشفت من جهة أخرى عن ضعف الدواعش وعدم قدرتهم على تلقي هزائم ميدانية من جانب المدافعين عن الحرم.
وبالإضافة إلى مساعي الإرهابيين للنفوذ داخل طهران وبعض المدن الكبيرة، ثمة جهود تستهدف توجيه ضربة إلى إيران عبر توتير الحدود. وفي هذا الصدد، شهد العام الفارسي الماضي، تنفيذ عدد من العمليات الإهاربية على الحدود الغربية والشرقية؛ بواسطة أعضاء “حزب بيغاك”، (وهو حركةٌ مسلحةٌ ذات توجه قومي تكافح من أجل الحكم الذاتي لكردستان إيران)، أو “جند الشيطان”، (جند الله السنية؛ حركة مسلحة معظم عناصرها من الأقلية “البلوشية” السنية، التي تسكن مناطق إقليم “سيستان وبلوشستان”؛ للمطالبة باستقلال أكبر الأقاليم السنية، وتقسيم الثروة تقسيمًا عادلاً)، ما أدى إلى إستشهاد عدد من حرس الحدود.
وقد تصاعدت وتيرة هذه العمليات بالتزامن مع الاستفتاء على انفصال “كردستان العراق”. لكن ساهم ذكاء المسؤولين في “إقليم كردستان العراق” والحكومة المركزية بـ”بغداد”، في إستعادة الهدوء على الحدود الغربية للدولة.
تكتلات وتنظيمات سياسية تستغل احتجاجات طهران ومشهد..
لكن التحركات الإرهابية، في العام الفارسي 1396 هـ. ش، لم تقتصر على ألعاب (داعش) النارية والاضطرابات الحدودية، وإنما كانت الاحتجاجات التي شهدتها البلاد؛ بمثابة الفرصة لأعضاء المنافقين، (يقصد؛ “حركة مجاهدي خلق”؛ وهي أكبر وأنشط حركة معارضة إيرانية. تأسست عام 1965، على أيدي مثقفي إيران من الأكاديميين بهدف إسقاط “نظام الشاه”. وبعد سقوط نظام الشاه أثر قيام “الثورة الإيرانية”، التي أدت “منظمة مجاهدي خلق” دورًا كبيرًا في إنتصارها بعد أن أعدم “نظام الشاه” مؤسسيها وعددًا كبيرًا من أعضاء قيادتها، ولكن ظهرت خلافات بينها وبين نظام الحكم الإيراني الجديد، وصلت بعد عامين ونصف العام من الثورة؛ إلى حد التقاتل بين الجانبين في صراع محتدم يستمر حتى الآن)، لمضاعفة تحركاتهم داخل الدولة، والإستفادة من التنظيمات الإرهابية والاحتجاجات الاقتصادية في توتير البلاد والهجوم على المساجد والحوزات العلمية.
وبحسب تصريحات “أحمد خاتمي”، خطيب الجمعة في طهران، تعليقاً على احتجاجات كانون أول/ديسمبر الماضي، (المعروفة إعلامياً باسم ثورة الفقراء)، فقد تعرض للهجوم 20 حوزة علمية و15 مكتب لأئمة الجمعة، وهو ما يعكس تنظيم هذه التحركات بشكل كامل.
وبخلاف هذا الاستغلال الإرهابي؛ تجدر إضافة قضايا أخرى، هي تشكيل مجموعة إرهابية صغيرة مثل “ري استارت”، (حركة شابية يتزعمها الإعلامي الإيراني المقيم بأميركا، “محمد الحسيني”، وتورطت في عمليات حرق للمساجد والمؤسسات الحكومية وتنفيذ عمليات طعن ضد رجال دين)، والتي شرعت في تنفيذ عمليات مضحكة أكثر من كونها خطيرة ومؤثرة.
ثم إنتقل، “مصطفی انتظاري هروي”، الكاتب والمحلل الإيراني، للحديث عن “مظاهرات الدراويش”، (شنت القوات الإيرانية، خلال شباط/فبراير الماضي، هجومًا على تجمع للدراويش “الغوناباديين” أمام مركز قوى الأمن الداخلي في شارع “باسداران”؛ احتجاجاً على اعتقال أحد الدراويش، مستخدمة الغاز المسيل للدموع والهراوات وإطلاق النار)، في إيران واتهمهم بالإرهاب وتقليد تنظيم (داعش) الإرهابي؛ لأنهم إستولوا على أحد الأتوبيسات وقادوها بإتجاه عناصر الشرطة، ما أدي إلى إستشهاد بعض عناصر “الباسيج” والشرطة.
تلك الجماعة الإرهابية التي تختبئ خلف أفكار فريق “الدارويش”، أثبتت للجميع بعد ساعات من الاحتجاجات أن منطق الإرهابيين في التعامل مشترك رغم تنوع الشكل والإطار، وهو يقوم على العنف وإراقة الدماء والإرهاب.
ثم تطرق الكاتب الإيراني للحديث عن هجوم من وصفهم بالإرهابيين؛ على مقر السفارة الإيرانية في بريطانيا، وسعى إلى تصوير الأمر بإعبتاره مؤامرة دولية مدعومة وأن الإرهابيون على استعداد للإستفادة من أي شيء في مواجهة الجمهورية الإيرانية، ولذا يتمتعون بالدعم البريطاني، (معروف أن عدد من أبناء “الطائفة الشيرازية”، قد إقتحموا مبنى السفارة الإيرانية في لندن ورفعوا شعاراتهم اعتراضاً على اعتقال السلطات الإيرانية؛ نجل المرحع “صادق الشيرازي”، على خلفية إنتقاده المرشد الإيراني، “علي خامنئي”، ووصفه بالفرعون).
ويخلص المحلل الإيراني، في النهاية، إلى أن مواجهة هذه المؤمرات في الداخل والخارج يتطلب قوة مخابراتية كبيرة وشرعية شعبية عميقة، كالتي تتكئ عليها الجمهورية الإيرانية. وقد أثبت التجارب، على مدى الأربعين عاماً الماضية، أن قوة الصمود الشعبي تضاعف طردياً مع زيادة الضغوط، وبالتالي فالخاسر في المواجهة ضد الجمهورية الإيرانية هم الإرهابيون وحلفاءهم الذين تتعلق قلوبهم برؤية لا يمكن تأويلها؛ وهي الإطاحة بالنظام الإسلامي.