خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :
قال الكاتب والمحلل الإستراتيجي الإسرائيلي، “إيال زيسر”: إن القرار الإسرائيلي بمنع “إيران” من ترسيخ وجودها في “سوريا”؛ قد تطلب قدرًا كبيرًا من الإصرار والجرأة والقدرة الاستخباراتية والعملياتية، مع أخذ الحيطة في نفس الوقت من جر المنطقة إلى مواجهة شاملة.
لكن يبدو أن تلك الحملة قد استنفدت نفسها. وصحيح أن المتحدثين الإسرائيليين ما زالوا يزعمون بأن حرية حركة القوات الإسرائيلية لم تتضرر، وأن “إسرائيل” تواصل ضرب الأهداف الإيرانية المتواجدة على الأراضي السورية.
حيث قال وزير الدفاع الإسرائيلي، “أفيغدور ليبرمان”، الأسبوع الماضي، إن “إسرائيل” لم تتوقف عن مهاجمة أهداف في “سوريا”، لكن لم يتم التصريح بذلك عبر وسائل الإعلام، كما أكد رئيس الوزراء، “بنيامين نتانياهو”، مجددًا أن “إسرائيل” ستفعل كل ما في وسعها لمنع “إيران” من ترسيخ أقدامها في “سوريا”.
فجوة بين التصريحات وما يحدث ميدانيًا..
في ظل تلك التصريحات؛ يرى “زيسر”، أنه على المستوى الميداني، قد بدأت تظهر فجوة بين الخطاب الإسرائيلي وما يحدث على أرض الواقع. فبدلاً من الإدلاء بتقارير عن الغارات الجوية التي يشنها سلاح الطيران الإسرائيلي في “سوريا”، نجد هناك تقارير أخرى، تتحدث عن قيام الروس بنشر بطاريات صواريخ من طراز (S-300) في جميع أنحاء “سوريا”.
كما أن “مصطفى مُغنية” – نجل “عماد مُغنية”، رئيس أركان قوات تنظيم “حزب الله”، الذي اغتيل عام 2008 – يقوم بإنشاء قواعد للتنظيم بطول الحدود الإسرائيلية في مرتفعات “الجولان”، إستكمالاً لنشاط شقيقه “جهاد”، الذي اغتالته “إسرائيل”، في كانون أول/ديسمبر 2014، بالقرب من “القنيطرة”.
الوجود الإيراني لا يمثل مشكلة لـ”روسيا”..
أوضح “زيسر”؛ أن الفرصة التي أُتيحت لـ”إسرائيل”، لشن هجمات في “سوريا”، كانت سوف تنتهي، حتى لو لم يقع حادث إسقاط الطائرة الروسية قبل قرابة شهر، لأن “روسيا” في جميع الحالات، تريد ضمان السلام والاستقرار في “سوريا”، حتى تحقق ثمار الجهود التي بذلتها.
أضف إلى ذلك أن “روسيا”، لا ترى أن “إيران” تُشكل تهديدًا، ولذا فإن الوجود الإيراني في “سوريا” لا يمثل مشكلة لـ”روسيا”، كما أوضح الرئيس الروسي، “بوتين”، مؤخرًا فقط.
الخطوط الحمراء..
يرى المحلل الإسرائيلي أنه حتى بصرف النظر عن اللامبالاة الروسية، يصعب القول إن الغارات الجوية الإسرائيلية كانت كافية لطرد الإيرانيين من “سوريا”. لكن ربما يمكن لتلك الغارات أن تمنع الإيرانيين من التشبث بهذا الموقع أو ذاك، أو ربما من نشر أسراب طائرات مقاتلة أو أسلحة متطورة، (يسهل التعرف عليها).
لكن كل ذلك لا قيمة له في ظل وجود عشرات الآلاف من مقاتلي الميليشيات الشيعية، التي جلبتها “إيران” إلى “سوريا”، بالإضافة لآلاف المقاتلين الإيرانيين ومقاتلي تنظيم “حزب الله”.
تجدر الإشارة إلى أن المواجهة “الإسرائيلية-الإيرانية”، التي وقعت في “سوريا” خلال شهر آيار/مايو الماضي، لم تنتهي بالضرورة بانتصار ساحق لـ”إسرائيل”، لأن تلك المواجة وضعت خطوطًا حمراء واضحة تحرص “إسرائيل” على عدم تجاوزها، والغاية منها تحاشي قتل الجنود الإيرانيين، وهذا أيضًا يحُد من قدرة تحرك القوات الإسرائيلية.
أفكارًا جديدة..
في ظل هذا الواقع يرى “زيسر”؛ أنه ينبغي على “إسرائيل”، أن تعمل وفق أفكار جديدة وأن تراجع إستراتيجيتها. ومن الممكن لها أن تعود إلى السياسة التي كانت قد إتبعتها في السابق، وأثبتت نجاعتها في مواجهة “منظمة التحرير الفلسطينية”، عندما كانت في “الأردن” أوائل سبعينيات القرن الماضي. وتعتمد تلك السياسة بشكل أساس على الانتقام، ليس فقط من الضيف، (الذي هو إيران)، وإنما أيضًا من المُضيف، وهو في هذه الحالة الرئيس السوري، “بشار الأسد”.
إن “إسرائيل” لا تُلقي بالاً بالرئيس، “بشار”، وتعتقد خطأً أنه مجرد دُمية في يد الإيرانيين والروس، لكنه في الواقع أخذ يسترد مكانته من جديد. فإذا أدرك، هو والروس الذين يدعمونه، أن وجود الإيرانيين على أرضه سيكلفه ثمنًا باهظًا، فإنه سيعمل على الحد من ذلك.
رئيس أركان جديد..
ختامًا يؤكد “زيسر”؛ أن “إسرائيل” قد أضاعت مثل تلك الفرصة حينما سمحت للرئيس “الأسد” بالعودة – وتحت كنفه أيضًا الإيرانيين و”حزب الله” – دون أي مقابل إلى جنوب “سوريا”.
لكن لم يفت الأوان بعد، ويجب على “إسرائيل” أن تغير إستراتيجيتها بحذر وحيطة حتى لا يصل الأمر إلى اندلاع مواجهة شاملة، ولكن ليس هناك وقت أنسب لتنفيذ ذلك من الآن، مع اختيار قائد عسكري جديد لمنصب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي.