خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :
“لو أن خطة السلام الأميركية التي أعلنها الرئيس، دونالد ترامب، مؤخرًا قد عُرضت على الزعماء العرب قبل بضعة سنوات لألقوا بها في سلة المهملات. لكن استمرار دعمهم لسياسة الإدارة الأميركية يثبت أن قائمة الأولويات لديهم قد اختلفت تمامًا”؛ بحسب المحلل الإسرائيلي، “جي ألستر”، الذي يرى أن غالبية زعماء الدول العربية باتوا يفضلون الحفاظ على علاقات قوية مع الولايات المتحدة؛ حتى لو كان ذلك على حساب دعمهم التقليدي للقضية الفلسطينية”.
“نتانياهو” يشكر السفراء العرب !
يقول “ألستر”: كان من أبرز الضيوف، الذين حضروا مراسم الإعلان عن “صفقة القرن”؛ بعض سفراء الدول العربية التي لا تربطها علاقات رسمية مع “إسرائيل”. وقد صفق هؤلاء السفراء عندما أعلن الرئيس، “ترامب”، الأسبوع الماضي، عن خطته؛ التي تمت صياغتها سرًا خلال الثلاث سنوات الأخيرة.
ومن جانبه؛ أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتانياهو”، عن شكره وإمتنانه لسفراء “الإمارات العربية المتحدة” و”البحرين” و”عُمان” لحضورهم مراسم الإعلان عن “صفقة القرن”.
العرب مُرغمون على قبول الصفقة !
يشير المحلل الإسرائيلي إلى أن الزعماء العرب كانوا سيرفضون مثل تلك الخطة الأميركية لو عُرضت عليهم قبل عدة سنوات؛ وما كان أحدهم سيقبلها، ولو حتى بشيء من التحفظ، كما هم مُرغمون الآن على قبولها.
رغم أن خطة “ترامب” الحالية بعيدة كل البُعد عن مبادرات السلام الأميركية السابقة، سواء في عهد الإدارات الديمقراطية أو الجمهورية؛ وهي مختلفة كذلك عن مبادرات “الأمم المتحدة” ومبادرة السلام العربية المطروحة، منذ عام 2002.
يضيف “ألستر”؛ أن “القضية الفلسطينية” والصراع ضد “إسرائيل” كانا يحتلان أولوية أهتمام الدول العربية، لا سيما قبل أحداث “الربيع العربي”.
صحيح أنه كانت هناك علاقات بين “إسرائيل” وبعض الدول العربية، وهي لم تكن علاقات مستقرة دائمًا بسبب تحولات الأوضاع الميدانية؛ إلا أنه كان هناك إصرار عربي على عدم التطبيع مع “إسرائيل” إلا بعد إقامة “دولة فلسطينية” ضمن حدود عام 1967؛ وعاصمتها “القدس الشرقية”. وظل ذلك الإصرار العربي على عدم التطبيع، إلى أن أجتاحت أحداث “الربيع العربي” دول المنطقة، طيلة العقد المنصرم.
إسرائيل لم تَعُد عدوًا..
يزعم “ألستر” أن “إسرائيل”، بعد أحداث “الربيع العربي”، لم تُعد عدوًا يهدد بقاء الأنظمة العربية؛ لكن الأعداء الحقيقيين أصبحوا يتمثلون في الحركات والتنظيمات الشعبية – بعضها يتبع “جماعة الإخوان المسلمين” – التي إجتاحت الشوارع والميادين.
ومع إنهيار النظام القديم؛ أصبحت “إيران” أيضًا ضمن أعداء الدول العربية. أما العدو القديم، (إسرائيل)، فقد تحول الآن إلى الصديق؛ وهكذا أصبحت كل من “إسرائيل” و”السعودية” و”مصر” – بعد الانقلاب على “محمد مرسي” – و”البحرين” ودول أخرى؛ في خندق واحد.
وباتت المعلومات الاستخباراتية حول الهجمات والتفجيرات التي تخطط لها “إيران” أو الاستعانة بالضربات الجوية للقضاء على “تنظيم الدولة الإسلامية”، أكثر أهمية من التمسك بشعارات الماضي.
“ترامب” و”أوباما” سبب المصالح المشتركة !
يُشير المحلل الأسرائيلي إلى أن المصالح المشتركة بين “إسرائيل” والدول العربية، قد تعززت بعد مجييء رئيسين غير تقليديين في “البيت الأبيض”. الأول ديمقراطي، وهو “باراك أوباما”؛ الذي ظن بسذاجته أنه يمكن لـ”الولايات المتحدة” أن تنسحب من الشرق الأوسط، وأنه في مقدور باقي اللاعبين الإقليميين تسوية الأمور فيما بينهم.
فانسحب “أوباما” من “العراق” تاركًا “روسيا” تملأ الفراغ الأميركي، ولم يُرسل “أوباما” قواته العسكرية من جديد؛ إلا بعد تنامي خطر “تنظيم الدولة”. أما الرئيس الثاني فهو الجمهوري، “دونالد ترامب”، الذي كان مثل سابقه يريد سحب قواته من الشرق الأوسط والتوقف عن لعب دور “شُرطي العالم”.
لكن الفرق بين الرئيسين؛ هو أن “ترامب” لا يريد أنصاف الحلول مع النظام الإيراني؛ مثلما حدث في “الاتفاق النووي” الذي لم يتناول جوانب خلافية أخرى، بل يريد اتفاق جامع شامل. ولذا فإن “ترامب”، بدلًا من أن يفي بوعده الانتخابي ويسحب جنوده من منطقة الخليج، إذا به يعزز قواته في المنطقة بهدف التصدي لـ”إيران” وحماية حلفاء “الولايات المتحدة”.
حماية الولايات المتحدة للسعودية أهم من الفلسطينيين !
يُضيف “ألستر” أن أشد الأطراف حاجة إلى بقاء القوات الأميركية في المنطقة، هي “المملكة العربية السعودية”، لأن الهجوم بالصواريخ والطائرات المُسيرة – المنسوب لـ”إيران” – الذي استهدف المنشآت النفطية السعودية؛ قد كشف عن القصور الشديد في المنظومة الدفاعية لدى المملكة. حيث أخفقت تلك المنظومة تمامًا في أول اختبار حقيقي لها؛ بعد سنوات من إنفاق مليارات الولارات على تطوير الجيش السعودي.
ومن هنا يتضح ما هو الأهم بالنسبة للملك “سلمان”، أو بالأحرى لولي العهد، “محمد بن سلمان”، الحاكم الفعلي للمملكة.
إن بطاريات صواريخ (باتريوت) وإرسال مزيد من القوات الأميركية؛ أكثر أهمية للمملكة من مجرد الإصرار على إقامة “دولة فلسطينية”، وفق الوصفة القديمة. وهنا لا ينبغي أن ننسى الدين الذي في رقبة ولي العهد، “بن سلمان”، لإدارة الرئيس، “ترامب”، التي وفرت له الدعم والحماية، خلال الأيام العصيبة التي واجهه؛ فور اغتيال الصحافي، “جمال خاشقجي”.
ختامًا يخُلص “ألستر” إلى نتيجة مفادها أن الدول العربية باتت تفضل الحفاظ على علاقات جيدة مع “واشنطن” من أجل التصدي لـ”إيران”؛ حتى لو كان ذلك على حساب دعم “القضية الفلسطينية”. ولا يمكن للأنظمة العربية أن تُعلن ذلك على الملأ؛ فقد رأينا كيف سارعت “الرياض” بالإعلان أن الملك “سلمان” اتصل هاتفيًا بالرئيس الفلسطيني، “أبومازن”، فور طرح “صفقة القرن”، مؤكدًا له استمرار دعم المملكة لـ”القضية الفلسطينية”. ورغم ما يُقال في العلن، إلا أن مواقف الزعماء العراب تُثبت أن الفلسطينيين لم يعودوا على رأس اهتماماتهم.