20 أبريل، 2024 8:31 ص
Search
Close this search box.

محتجين .. العلمانيين في إسرائيل : حظر تجوال “السبت” سياسة وليس ديناً

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتب – سعد عبد العزيز محمد :

يشتهر يوم “السبت” في الديانة اليهودية بأنه اليوم الذي يستريح فيه اليهود عن العمل، ولكن هذه الراحة لا تقتصر في إسرائيل على الإنسان فقط، وإنما تعدت ذلك إلى أغلب مظاهر الحياة. ويعتبر تعطل جميع المواصلات العامة يوم السبت أحد أبرز المشكلات التي تؤرق معظم طوائف المجتمع الإسرائيلي وعلى رأسهم “العلمانيون” الذين يصفون الوضع بأنه أشبه بـ”حظر تجوال”. وفي هذا الإطار يطالعنا الكاتب الإسرائيلي “نيتسان هوروفيتس” بمقال في صحيفة “هاأرتس”، يرصد فيه خلفيات هذه المشكلة والمعاناة التي تشعر بها مختلف فئات المجتمع الإسرائيلي.

تعطيل المواصلات العامة إكراه ديني..

يقول هوروفيتس: “في كل أسبوع يُفرض على إسرائيل حظر تجوال لا مثيل له في العالم كله.. حيث تتوقف جميع وسائل المواصلات العامة داخل المدن وفيما بينها. بحيث أن كل من لا يمتلك سيارة أو لا يستطيع القيادة أو لا يعيش في مدينة عربية، كأنما حُكم عليه بأن يتجمد في مكانه.. إلا إذا كان على استعداد لأن ينفق مئات الشواكل على سيارات التاكسي”.

ويضيف هوروفيتس: “إن تعطل المواصلات العامة يوم السبت يعتبر أكثر مظاهر الإكراه الديني إزعاجاً في إسرائيل. صحيح أن في كل دولة يوم أسبوعي للراحة بخلاف الأعياد، ولكن أحداً في تلك الدول لم يخطر بباله أن يعطل وسائل النقل بشكل كامل.. وإنما أحياناً قد يخفضون من وتيرتها، أو يغيرون بعض مساراتها، أما أن يوقفوها تماماً كل أسبوع، فهذا أمر عجيب”.

المواصلات العامة أحد مظاهر التقدم..

يتساءل الكاتب الإسرائيلي: “كيف يتسنى لدولة أن تدير شؤونها في الوقت الذي تتوقف فيه جميع شبكات السكك الحديدية والحافلات في يوم العطلة الأسبوعية ؟”.

ويؤكد هوروفيتس على أنه خلافاً لجميع الدول المتقدمة التي تعتمد معظم حركة المرور فيها على وسائل النقل العام، تقوم حركة المرور في إسرائيل على السيارات الخاصة.. ولا أحد سيتخلى عن سيارته الخاصة طالما لا توجد مواصلات عامة جيدة، وبالطبع يستحيل أن تكون في إسرائيل مواصلات عامة جيدة طالما تتجمد حركتها في نهاية كل الأسبوع.

ليس قانونياً ولا دستورياً..

يُكذب هوروفيتس، الزعم بأن الوضع الديني القائم في إسرائيل هو سبب حظر التجوال الأسبوعي. فيقول إنه “زعم باطل لا أساس له من الصحة، ويُعد أكبر الأكاذيب في تاريخ إسرائيل، لأنه أبداً لم يكن يوجد وضع قائم، وإنما هي خدعة سياسية. إذ ليس لمجرد خطاب ما أرسله “دافيد بن غوريون” لأحد الأحزاب الحريدية قبل قيام إسرائيل أي قيمة قانونية أو دستورية. فإن بن غوريون نفسه قال أيضاً: “بعد 30 عاماً لن يمكن رؤية الحريديم إلا في المتاحف”.. لقد قال ذلك وقتها وقد أخطأ. إذ ليس هناك أي وجهة للشبه بين إسرائيل في منتصف القرن الماضي وبين إسرائيل اليوم، والوضع القائم لا يعدو أن يكون شعاراً لإحداث حالة من الخلط لاسيما لدى العلمانيين الذين ما يزالون يريدون أن يتصرفوا بشكل وطني”.

الدولة هي سبب الأزمة..

يقول الكاتب الإسرائيلي: “إنني أكاد أستشيط غضباً عندما أجد الوزراء ينشرون على صفحاتهم في “فيس بوك” صوراً لرحلاتهم العائلية بسيارتهم الحكومية الخاصة في أيام السبت والأعياد, ثم يرفضون جميع مقترحات تشغيل المواصلات العامة أيام السبت.. لقد سبق أن تقدمت شخصياً بثلاثة مقترحات مفصلة ومدعومة بالوثائق والمستندات ودون طلب خطوط مواصلات في الأحياء الدينية، ولكن دون جدوى. وكان كل ما حصل هو أن قام ممثل الائتلاف البرلماني التابع لحزب “الليكود” بتوضيح أسباب رفض الحكومة، ثم وجه كلامه لي قائلاً: “أنا لا أفهم مشكلتكم.. إنكم تستطيعون أن تتنقلوا بسياراتكم الخاصة مثلما أفعل أنا”.

تشغيل المواصلات يوم السبت مصلحة قومية..

يرى هوروفيتس أنه يقف إلى جانب هؤلاء المنافقين، بعضُ أصحاب النوايا الحسنة، ممن يعارضون تشغيل المواصلات العامة أيام السبت بدعوى الحفاظ على حقوق العمال، وهم مخطئون، فبحسب القانون “يُحظر إجبار أي أحد على العمل بما يخالف عقيدته”، وبالتالي فإن من يعمل يوم السبت يجب إعطاؤه يوم عطلة بديل وعلاوة على الراتب.

ويؤكد الكاتب على أن “هناك كثيرين يريدون أن يعملوا يوم السبت تحديداً لأسباب مختلفة، وهناك آخرون كُثُر من غير اليهود مستعدون للعمل يوم السبت، وكل هؤلاء مواطنون في هذه الدولة”.

ويضيف هوروفيتس: “على المستوى الوطني تعتبر المواصلات العامة الجيدة مرفقاً اجتماعياً واقتصادياً بامتياز، وبالتالي فإن من يعملون من أجل حقوق العمال ينبغي عليهم أن يضعوا مرفق المواصلات العامة على رأس أولوياتهم، لأنه أهم شئ بالنسبة للعمال, لاسيما ذوي الأجور المتدنية، حيث يوفر لهم الكثير من النفقات. وبالمناسبة فإن المواصلات العامة مهمة أيضاً بالنسبة للحريديم، ولكن ممثليهم لا يدركون ذلك”.

جهود مجتمعية لرفع الحصار..

ويقرر الكاتب الإسرائيلي أن “هناك مواطنون غير مستعدين بعد الآن أن يصدقوا ركام الأكاذيب التي يسمعونها في كل مرة يتحدثون فيها عن تشغيل المواصلات العامة أيام السبت. فقد قامت جمعيات غير هادفة للربح بتشغيل وسائل نقل بديلة في أيام السبت بشكل قانوني. إنه لشئ رائع حقاً أن نرى جمعية “شافوس” في القدس، و”نواع تانواع” بين مدينتي “رمات جان” و”جفعتايم”، و”شيفع” في مدينة ريشون لتسيون، و”يمبوس” في بئر السبع، وسنرى قريباً وسيلة نقل في مدينتي بتاح تكفا وروش هاعين”.

تهديدات بالقتل..

يقول هوروفيتس: إنه “لمن المؤسف حقاً أن نرى أجهزة الدولة تتربص بتلك الجمعيات في كل شئ، ناهيك طبعاً عن تهديدات التيارات الدينية للقائمين على تشغيل وسائل النقل. فقد قام أحد قيادات “حزب شاس” الديني في مدينة روش هاعين بتحذير بعض العاملين في جمعية “شافوس” قائلاً لهم: “إن من يجاهر بانتهاك حرمة يوم السبت فإن عقوبته الموت بحسب الشريعة اليهودية”.. ولكن ذلك لم يرهب العاملين الذين قالوا بالحرف الواحد: “إننا عازمون على أن نرفع حظر التجوال المفروض على المدينة أيام السبت”.

سياسة الكيل بمكيالين..

يعتقد الكاتب هوروفيتس أن رؤساء الأحزاب الدينية يكذبون حين يدعون في مجالس المدن وفي الكنيست أن تشغيل المواصلات العامة يوم السبت يؤذي مشاعر المتدينين اليهود. فما الأذى في أن  يتحرك “ميني باص” كل ساعة ليقل جندياً في إجازة أو شخصاً كبيراً في السن لا يستطيع قيادة السيارة ولا يقدر على دفع مئات الشواكل للتاكسي ؟.. ولا يمكن لأحد أن يجبر شخصاً متديناً على السفر يوم السبت.. فلماذا تفرضون الحصار على من يرغب في السفر يوم أجازته ؟”.

معاً لرفع الحصار..

وختاماً يؤكد “هوروفيتس” على أن الشعب الإسرائيلي بعلمانييه ومتدينيه ويهوده وعربه يدركون أهمية أن تعمل المواصلات العامة على مدار الساعة وجميع أيام الأسبوع، ولكن السياسيين والشخصيات العامة مصرون على مواقفهم، فهم كالقمامة يسدون الطريق. لكن ينبغي على الجميع بذل قصارى الجهد من أجل رفع الحصار المفروض على الطرق في إسرائيل.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب