خاص : كتبت – نشوى الحفني :
يبدو أن “تونس” على موعد مع إجراءات استثنائية قادمة، ففي الوقت الذي ورد فيه بلاغ لـ”وزارة الداخلية”، في “طرابلس”، يُفيد بوجود عناصر إرهابية بقاعدة “الوطية”، ثم تم نفيه مؤخرًا، بدأت السلطات القضائية في “تونس” حاليًا تحقيقًا مع شخص وصف: بـ”الذئاب المنفردة”؛ ألقي القبض عليه بشبهة التحضير، لاغتيال الرئيس، “قيس سعيد”، وذلك خلال زيارة كان مفترضًا أن يقوم بها إلى إحدى المدن الساحلية.
وبحسب “وزارة الداخلية” التونسية، فقد تمكنت الوحدات الأمنية في مدينة “المنستير” من توقيف شخص كان يُحرض على اغتيال رئيس الدولة عبر شبكة (فيس بوك)، ونشر تدوينات تحريضية ذات منحى إرهابي.
وقبل ثلاثة أيام، اتهم “سعيد”، أطرافًا سياسية لم يسمها؛ بالسعي لتدبير محاولات لاغتياله، ورأى أن أطرافًا وصفها بالمتآمرة تسعى لتأليب الدول الأجنبية على رئيس الجمهورية وعلى بلدهم، مشددًا على أنه سيتصدى لهم بالقانون.
وهذه ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها الرئيس التونسي عن وجود مخطط لاغتياله، إذ سبق وأعلن عن محاولة لتسميمه من خلال الخبز، وكذلك عن تلقي رئاسة الجمهورية ظرفًا يحتوي على مادة مسممة، علاوة على اتهامات بمحاولة الانقلاب عليه.
ويوم الجمعة الماضي، اتهم الرئيس التونسي، أطرافًا سياسية، قال إن: “مرجعيتها الإسلام”، تقوم بالسعي لتدبير محاولات لاغتياله، وقال إنهم يفكرون في القتل والدماء، مشددًا على أنه: “لا يخاف إلا من الله، وإن مات سيكون شهيدًا”.
وقال: “يقولون إن مرجعيتهم هي الإسلام ويكذبون ويتعرضون لأعراض النساء والرجال، أين هم من الإسلام، بعد أن احترفوا الكذب، وأصبح بالنسبة لهم أداة من أدوات السياسة”، مشددًا على أن: “لدى رئاسة الجمهورية ما يكفي من الصواريخ على منصات الإطلاق لضرب هؤلاء”، من أجل الحفاظ على الدولة التونسية واستمرار مرافقها.
ورأى أن أطرافًا وصفها: بـ”المتآمرين، تسعى لتأليب الدول الأجنبية على رئيس الجمهورية وعلى بلادهم”، مشددًا على أنه سيتم التصدي لهم بالقانون.
دعوات للتحقيق لإبعاد التلميحات..
وبعد هذه التصريحات، دعت حركة (النهضة)، النيابة العمومية؛ إلى التحقيق في تصريحات الرئيس التونسي، “قيس سعيّد”، التي تحدث فيها عن وجود محاولات لاغتياله، وذلك لإنارة الرأي العام وتحديد المسؤوليات.
وفي ما بدا أنها خطوة لإبعاد التلميحات الموجهة إليها بالوقوف وراء محاولات استهداف “سعيّد”، قال المتحدث الرسمي باسم (النهضة)، “فتحي العيادي”، في تصريح لإذاعة (موزاييك)، إن الحركة منشغلة بما جاء على لسان رئيس الجمهورية حول المؤامرات والتخطيط لاغتياله، وتدعو النيابة العمومية إلى التحقيق في الموضوع وإنارة الرأي العام، باعتبار أنها ملفات تستهدف أمن البلاد وأمن رئيس الجمهورية.
كذلك، أكد القيادي في (النهضة)، “علي العريض”، في تدوينة على صفحته الرسمية، في (فيس بوك)، أن تصريحات “سعيد”، حول وجود مخطط يستهدف حياته، تحتاج إلى تعهد فوري بالتحقيق وإفادة الرأي العام بالمعطيات المتوفرة ونتائج التحقيق وتحديد المسؤوليات.
لتخفيف الضغط عن حركة “النهضة”..
تعليقًا على ذلك، قال الكاتب والمحلل السياسي التونسي، “هشام الحاجي”، إن: “دعوة حركة (النهضة) للتحقيق في مخطط اغتيال الرئيس التونسي، قيس سعيد، هدفها تخفيف الضغط عن حركة (النهضة) وفتح قنوات حوار مع رئيس الجمهورية، لإظهار حركة (النهضة) بصورة بعيدة تمامًا عن العنف والاغتيالات”.
وأضاف “الحاجي”، في تصريحات لـ (راديو سبوتنيك)، أن: “من مسؤولية رئيس الجمهورية؛ إعطاء أدلة ومستندات واضحة ومنطقية في هذه القضية، ويُمكن الرأي العام من الإطلاع على هذه الأدلة والمستندات، ناهيك عن دور القضاء في البحث والتقصي فيما يتعلق بهذه القضية”.
وأشار إلى أن: “ذلك ربما يُسرع من تشكيل الحكومة ووضع خارطة طريق واضحة للمسار السياسي في تونس؛ لأنه لا توجد دولة يمكن أن تقوم بدون مؤسسات أو حكومة، لأنه كلما كان هناك بطء في تشكيل حكومة، كلما أصبح الرأي العام التونسي والشعب التونسي في حالة غضب وقلق”.
وأكد أن: “عدم تشكيل حكومة حتى الآن؛ ربما يفتح الباب ويعطي الفرصة لحدوث أشياء غير مقبولة”، على حد قوله.
وأوضح أن: “الاتهامات التي أطلقها بخصوص حركة (النهضة) ربما تقلل مناخ الإحتقان الموجود في تونس حاليًا، علمًا بأن ذلك سيؤثر بشكل سلبي على حركة (النهضة)، وربط صورتها بالاغتيالات وغيرها من الممارسات غير المقبولة في تونس وللشعب التونسي”.
رسالة للشعب التونسي لإدراك التحديات الكبرى..
وترى “صوفيا الهمامي”، الكاتبة المتخصصة في الشؤون الأمنية والسياسية، عبر برنامج (حصة مغاربية)، إن تصريحات “سعيد”، رسالة إلى الشعب التونسي، بضرورة فهم وإدراك التحديات الكبرى التي تواجه الدولة التونسية.
وقالت “الهمامي”، إن تصريحات “سعيد” أيضًا، رسالة للمجتمع الخارجي، بأن “تونس” على شفا حرب أهلية، وأن هناك مخاطر حقيقية تواجه أمن واستقرار “تونس”.
واعتبرت “الهمامي”، إن هناك خطر قادم من الجهة الليبية، وتحديدًا من الناحية الغربية، التي تنتشر بها الميليشيات المسلحة التي تُحركها “تركيا”، مشيرة إلى أن “تركيا” تعمل بشكل كبير في المنطقة الغربية الليبية، لإدخال بعض العناصر المتدربة من (داعش)، لتنفيذ أعمال إرهابية.
تتعامل مع أطراف ليبية..
وقالت “شهر زاد عكاشة”، الكاتبة والباحثة السياسية، عبر برنامج (حصة مغاربية)، إن حركة (النهضة)، تتعامل مع أطراف ليبية، لتنفيذ مخططاتها في “تونس”.
وطالبت “عكاشة”، الرئيس التونسي، بضرورة تحريك ما تملكه مؤسسات الدولة من وثائق وملفات وأدلة تؤكد تورط حركة (النهضة) في التعامل مع جهات أجنبية؛ بهدف إثارة الفوضى في الداخل التونسي.
استغلال للظروف الأمنية الهشة لإثارة الفوضى..
حول ذلك؛ قالت الصحفية التونسية، “مبروكة خضير”، في تصريح لـ (218)؛ أن “وزارة الخارجية” الليبية نفت تدريب جماعات إرهابية داخل “ليبيا”، بغية التسلل إلى “تونس”؛ لاغتيال الرئيس التونسي، “قيس السعيد”.
وأضافت: منذ الأمس؛ تتناقل بعض وسائل الإعلام التونسية أخبار تُفيد بأن هناك استهداف من قِبل شخص متطرف، عُثر لديه على خرائط، وكان ينوي استهداف رئيس الجمهورية، وهذه الأخبار ما تزال غير مؤكدة من قِبل السلطات الرسمية.
وتابعت “خضير”: “رئيس الجمهورية؛ كان قد تحدث، خلال اليوميْن الماضييْن، عن وجود نية لاستهدافه وتصفيته، موجهًا أصابع الاتهام إلى تيار الإسلام السياسي، وأن هناك من يريد قطع محاولة إصلاحه للبلاد ومكافحة الفساد”.
وأشارت إلى أنها ليست المرة الأولى التي يُصرح فيها رئيس الجمهورية بمثل هذه التصريحات؛ في أكثر من مناسبة، حسب قولها.
وأكدت الصحافية التونسية لبرنامج (البلاد)، أن التحقيقات مازالت جارية إلى الآن؛ بخصوص عملية اغتيال الرئيس، وتم بالفعل القبض على بعض العناصر وجاري التحقيق معها.
وأضافت: “هناك من يحاول استغلال الظروف الأمنية الهشة، في ليبيا وتونس؛ لإثارة الفوضى”.
وفي ختام حوارها مع برنامج (البلاد)، أوضحت “خضير”، أن الأنظار تتجه إلى “تونس”، خلال الساعات القادمة، وسيتم الإعلان عن رئيس حكومة جديد وتركيبته الحكومية من أجل قيادة البلاد في هذه المرحلة الانتقالية.
تعليق العمل بدستور 2014..
وفي الوقت ذاته؛ يرى خبراء في المجال الدستوري أنه سيتم التوجّه نحو مزيد من اتخاذ الإجراءات الاستثنائية.
وأضافت: “ربما قد يجنح رئيس الجمهورية نحو تعليق العمل بدستور 2014، والدخول في استفتاء حول تبني نظام رئاسي جديد في المشهد السياسي التونسي”.