26 ديسمبر، 2024 8:38 م

مجمع السفارة الأميركية .. من الحصار والاعتصام إلى تراشق الاتهام بالعمالة بين الساسة !

مجمع السفارة الأميركية .. من الحصار والاعتصام إلى تراشق الاتهام بالعمالة بين الساسة !

خاص : كتبت – هانم التمساح :

انقسمت الطبقة السياسية، التي أفرزتها فترة ما بعد الغزو الأميركي في “العراق”، إلى معسكرين تم تجنيدهم لخوض حروب بالوكالة؛ أحدهما يدافع بإستماته عن استمرار القوات الأميركية بـ”العراق”، والآخر يحمل السلاح دفاعًا عن مصالح “إيران” متصديًا لكل من ينتقد تدخل نظام “ولاية الفقيه” في “العراق”.. بين هؤلاء وأولئك اشتعلت حرب كلامية بين المعسكرين؛ مع التصعيد المتزايد بين البلدين.

حزب الله” يهدد وبرلمانيون يردون..

“نراقبكم عن كثب”، بهذه العبارة هددت ميليشيا (كتائب حزب الله) العراقية، نواب البرلمان، الذين لن يصوتوا على مشروع قانون إخراج القوات الأميركية من “العراق”، وأصدرت الميليشيا بيانًا قالت فيه إنها تراقب عمل البرلمان، الأسبوع القادم، للمباشرة بتشريع قانون إخراج القوات الأجنبية من البلاد.

بدوره؛ ردّ عضو البرلمان العراقي، “سركوت شمس الدين”، على تهديد الميليشيا؛ بأن لا أحد يستطيع تهديد البرلمان والنواب على الإطلاق، قائلًا إن: “البرلمان صوت الشعب ولا أحد يملك سلطة تقويضه”.

وتمارس قوى سياسية، مقرّبة من “إيران”، ضغوطًا على قوى سياسية ونواب من أجل تمرير قانون إخراج القوات الأجنبية من “العراق”، استجابة لرغبة “إيران”؛ التي تسعى إلى إبعاد “العراق” عن الهيمنة الأميركية في المنطقة لصالحها.

يُذكر أن الجهات الرافضة للوجود الأميركي؛ هما جهتان سياسيتان تمثلان الكتلة الكبرى في الحكومة العراقية؛ الأولى هي تحالف (سائرون)، بزعامة “مقتدى الصدر”، الذي عُرف بموقفه الرافض لأي وجود لقوات أجنبية في “العراق”، أما الجهة الثانية فهي الجهات القريبة أو الموالية لـ”طهران”.

انسحاب متظاهري محيط السفارة بشرط..

كما يُذكر أن التليفزيون الرسمي العراقي كان قد أفاد، مساء الأربعاء، بانسحاب جميع المتظاهرين من محيط “السفارة الأميركية” في “بغداد”. وتوجه المتظاهرون إلى مخارج “المنطقة الخضراء” المحصنة، حيث مقر السفارة؛ وساروا وهم يهتفون: “حرقناهم”، فيما قامت شاحنات بنقل هياكل حديدية وخيم استخدمها هؤلاء للاعتصام المفتوح، الذي كانوا أعلنوه، الثلاثاء، عند محيط السفارة.

وأكدت وكالة الأنباء العراقية أن وزير الداخلية أشرف على انسحاب المتظاهرين من أمام السفارة.

وأعلنت حركة (كتائب حزب الله) في “العراق”، أنها غيرت مكان اعتصامها من أمام مبنى “سفارة الولايات المتحدة” في “بغداد”، مقابل سن قانون يقضي بإخراج القوات الأميركية من “العراق”.

وجاء في بيان أصدرته (كتائب حزب الله)؛ وهي إحدى فصائل “الحشد الشعبي” العراقي، الأربعاء: “نتقدم بالشكر والإمتنان لشعبنا العزيز لموقفه البطولي في إذلال أميركا بأكبر سفارات الشر والتجسس”.

وأضاف: “لبينا دعوة رئيس الحكومة، عادل عبدالمهدي، بتغيير مكان الاعتصام قبال العمل الجاد لإقرار قانون إخراج القوات الأجنبية”.

وتابع: “سنراقب عمل البرلمان، الأسبوع القادم، للمباشرة بتشريع قانون إخراج القوات الأجنبية وفاءً لدماء الشهداء”.

نصبوا خيامًا..

من جهة أخرى؛ نصب أنصار (كتائب حزب الله) خيامًا في الضفة الثانية، مقابل السفارة.

وكانت هيئة “الحشد الشعبي” قد دعت، في وقت سابق، وبعد وقوع مواجهات في محيط السفارة، أنصار الفصائل المنضوية ضمنها إلى الانسحاب.

وأمرت قيادة الحشد، أنصارها، بالانسحاب من أمام “السفارة الأميركية” في “المنطقة الخضراء”، المحصنة، في “بغداد”؛ بعد يوم من الاعتصام، لكن أحد الفصائل الموالية لـ”إيران” رفض ذلك. ودعا الحشد في بيان؛ وجهه إلى أنصاره إلى “الانسحاب احترامًا لقرار الحكومة العراقية التي أمرت بذلك”، معتبرًا أن “رسالة المتظاهرين وصلت”. لكن مسؤولاً رفيعًا في (كتائب حزب الله)، الفصيل الموالي لـ”إيران”، أكد لـ (فرانس برس)؛ سابقًا رفضه الانسحاب والاستمرار في الاعتصام.

وتعرضت “السفارة الأميركية، الثلاثاء الماضي، وعلى مدار ساعات، لأعمال شغب تخللت الاحتجاجات على شن الطيران الأميركي، قبل أيام، غارات على مواقع تابعة لـ (كتائب حزب الله)، خلف مقتل 25 من مقاتليها وإصابة 51 آخرين.

وكان (البنتاغون) قد أوضح أن الغارات نُفذت ردًا على قيام (الكتائب) بإطلاق قذائف صاروخية على قاعدة عراقية قرب مدينة “كركوك”، أسفر عن مقتل مواطن من “الولايات المتحدة” وجرح 4 جنود أميركيين.

ونقلت “الولايات المتحدة”، من “الكويت”، أعدادًا إضافية من أفراد مشاة البحرية الأميركية لتعزيز حماية بعثتها الدبلوماسية في “العراق”.

حزب الله” : انسحبنا بعد وعد “عبدالمهدي بتشريع قانون لإخراج الأميركان..

وأعلنت السلطات العراقية، في وقت سابق؛ أنها أمّنت “مجمع السفارة الأميركية” لدى “بغداد”، مؤكدًة انسحاب جميع المحتجين من محيط البعثة الدبلوماسية. وأشارت قيادة العمليات المشتركة العراقية، في بيان، إلى أن: “القائد العام للقوات المسلحة، (رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي)، دعا المتظاهرين والمعتصمين الغاضبين؛ للانسحاب من محيطها وإنهاء الاحتجاجات والاعتصام”، حيث اعتبر أن: “رسالتهم قد وصلت”.

وأوضحت (كتائب حزب الله) العراقي إن مقاتليها انسحبوا من محيط “السفارة الأميركية”، بـ”بغداد”، مقابل تعهد رئيس حكومة تصريف الأعمال، “عادل عبدالمهدي”، بالعمل الجاد على تشريع قانون لإخراج القوات الأميركية والأجنبية الأخرى من البلاد.

وقالت الكتائب؛ في بيان سابق: “لبينا دعوة، عبدالمهدي، بتغيير مكان الاعتصام، مقابل العمل الجاد لإقرار قانون إخراج القوات الأجنبية”.

وأضافت الكتائب: “سنراقب عمل البرلمان، الأسبوع القادم، للمباشرة بتشريع قانون إخراج القوات الأجنبية وفاءً لدماء الشهداء”.

عبدالمهدي” لم يعلق !

ولم يُصدر أي تعليق فوري من جانب، “عبدالمهدي”، بشأن ما ورد في بيان (كتائب حزب الله)؛ غير أن حكومته كثيرًا ما شددت على أن الوجود الأميركي مرتبط بالحرب على (داعش).

وخلال احتجاجات، الثلاثاء، أقتحم عشرات المحتجين السور الخارجي للسفارة، وأضرموا النيران في بوابتين وأبراج المراقبة والكرافانات التي تستقبل المراجعين، قبل أن تتمكن قوات مكافحة الشغب من إبعادهم عن الحرم إلى محيط السفارة.

تصاعد التوتر بين واشنطن وطهران..

وشنت “الولايات المتحدة” الضربات الجوية ردًا على هجمات صاروخية شنتها الكتائب على قواعد عسكرية عراقية تستضيف جنودًا ودبلوماسيين أميركيين؛ قُتل خلالها أحدهم مقاول مدني أميركي قرب مدينة “كركوك”، شمالي “العراق”.

ويتهم مسؤولون أميركيون، “إيران”، عبر وكلائها من الفصائل الشيعية العراقية، بشن هجمات صاروخية ضد قواعد عسكرية تستضيف جنودًا ودبلوماسيين أميركيين في “العراق”، وهو ما تنفيه “طهران”.

ويتصاعد التوتر بين “واشنطن” و”طهران”، وهما حليفتين لـ”بغداد”، وسط مخاوف من تحول “العراق” إلى ساحة صراع بين الدولتين.

وينتشر نحو خمسة آلاف جندي أميركي في قواعد عسكرية بأرجاء “العراق”، ضمن “التحالف الدولي” لمحاربة تنظيم (داعش) الإرهابي.

لم يُعد إخراج القوات الأجنبية، وخاصة الأميركية، من “العراق” مجرد حديث سياسي، إذ يشهد “البرلمان العراقي” حراكًا نيابيًا، تقوده جهات رافضة للوجود الأميركي في “العراق”؛ لإنجاز قانون يصوّت عليه نهاية، شهر كانون ثان/يناير الحالي، لإخراج هذه القوات من “العراق”.

وبحسب ما أعلنته “وزارة الدفاع” الأميركية، (البنتاغون)، في أيار/مايو 2018، فإن عدد القوات الأميركية في “العراق” و”سوريا”، بلغ نحو 5 آلاف عسكري، مشيرة إلى أن هذا الرقم تقريبي.

وبحسب مصادر غير رسمية؛ تحدثت في تقارير سابقة، فإن العدد الحقيقي أكبر بكثير مما ذكرته “وزارة الدفاع”.

خلافات بين القوى السياسية بسبب أميركا وإيران..

ومع عزم جهات سياسية، الإسراع في التصويت على قانون إخراج القوات الأميركية، نشبت خلافات حادّة بين القوى السياسية في “العراق”، وخصوصًا بين كل من تحالف (النصر)؛ بزعامة رئيس الوزراء السابق، “حيدر العبادي”، وتحالف (الفتح)؛ الذي يمثل ميليشيا “الحشد الشعبي”، بزعامة “هادي العامري”.

حيث اتهم الأخير، رئيس الوزراء السابق، “حيدر العبادي”، بإعادة القوات الأميركية إلى “العراق”؛ بعد أن انسحبت منه، نهاية عام 2011، في حين رفض تحالف (النصر) الاتهامات الموجّهة إليه.

وقال النائب عن تحالف (الفتح)، “كريم عليوي”، في تصريح صحافي: “إن رئيس الوزراء السابق، حيدر العبادي، هو من أعاد القوات الأميركية إلى العراق بعد انسحابها منه نهاية عام 2011″، متهمًا؛ “العبادي بالتعاون مع الأميركان في ملف العقوبات ضد إيران”.

من جهته؛ اتهم النائب عن التحالف نفسه، “عدي عواد”، الجهات والشخصيات التي تطالب ببقاء القوات الأميركية في “العراق”، بالعمالة، في حين أكّد أن الأغلبية مع إخراج القوات الأميركية.

وقال “عواد”، في تصريحات صحافية: إن “إخراج القوات الأميركية من العراق؛ وإقرار قانون بهذا الشأن، يجب أن يؤخذ به أولاً رأي الحكومة، حيث من المؤكد وجود بعض الاتفاقيات والمقابلات التي أجرتها مع وزير الدفاع الأميركي، ووصلت إلى قناعة، ونحن كنواب وصلنا إلى قناعة؛ بأن هناك أعدادًا كبيرة من القوات الأميركية، والعراق في الوقت الحالي غير محتاج لهذه القوات”.

وأضاف: إن “أي شخص أو جهة تقبل أو تطالب ببقاء القوات الأميركية فهم عملاء ولا يمثّلون إلا أنفسهم”، مبينًا أن: “أغلب النواب يرفضون وجود القوات الأميركية في العراق تحت أي مبرر”.

وكانت القوات الأميركية قد عادت إلى “العراق”، بشكل رسمي؛ بعد أحداث 10 حزيران/يونيو من صيف 2014، عقب سيطرة تنظيم (داعش) على مساحات شاسعة شمال “العراق” وغربه، تحت مسمّى قوات “التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب”، وشارك طيران التحالف في كافة المعارك، كما أدّى دورًا كبيرًا في القضاء على تنظيم (داعش) في “العراق”.

وردًا على الاتهامات التي وُجّهت إلى زعيم تحالف (النصر)، “حيدر العبادي”، قال القيادي في التحالف نفسه، “علي السنيد”، في بيان جاء فيه: إن “تصريحات النائب عن تحالف (الفتح)، كريم عليوي، التي اتهم فيها زورًا، العبادي، بإعادة الأميركان إلى العراق، بعيدة كل البُعد عن الحقيقة”، داعيًا “عليوي” لسؤال زعيم تحالفه، “هادي العامري”، عمن طلب دخول الأميركان إلى “العراق” لمساعدته في مواجهة (داعش)، عندما كان “العامري” وزيرًا للنقل في حكومة “المالكي” الثانية.

وأضاف: إن “العبادي قام بتنويع جنسيات القوات الموجودة في البلاد؛ بعدما كانت محصورة بالأميركية فقط”، لافتًا إلى أن: “العبادي لم يكن جزءًا من العقوبات الأميركية ضد إيران”.

وأشار إلى أن: “العلاقات بين بغداد وطهران، في فترة حكم العبادي، كانت طيبة وقوية، والعبادي لم يكن جزءًا من أي محور، لا شرقي ولا غربي”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة