خاص : كتبت – نشوى الحفني :
يبدو أن خطوات “مجلس الأمن” التدريجية، تجاه “العراق”، قد بدأت بالفعل، وذلك بعدما قدمته الممثلة الأممية في العراق، “غنين بلاسخارت”، خلال الجلسة الخاصة بـ”العراق”، أن هناك مجهولين يُطلقون النار على المتظاهرين، مؤكدة أن الشباب العراقي يقود الاحتجاجات بعيدًا عن المصالح الحزبية، حيث رحب “مجلس الأمن الدولي” بالجهود المبذولة لإجراء حوار شامل بين الحكومة والشعب العراقيين لإجراء إصلاحات عاجلة تهدف إلى تلبية المطالب المشروعة المتعلقة بالفرص الاقتصادية والحُكم والتشريعات الانتخابية.
وأعرب المجلس، في بيان له؛ عن القلق البالغ إزاء الخسائر في أرواح المتظاهرين وتشويههم واعتقالاتهم في “العراق”.
وأقر “مجلس الأمن” بالحق في التجمع السلمي في “العراق”، ودعا السلطات العراقية إلى إجراء تحقيقات شفافة على وجه السرعة في أعمال العنف ضد المتظاهرين، كما أعرب عن القلق إزاء تورط الجماعات المسلحة في عمليات القتل والخطف خارج نطاق القضاء.
ودعا “مجلس الأمن” إلى أقصى درجات ضبط النفس، وحث الجميع على الإمتناع عن العنف أو تدمير البنية التحتية الحيوية.
مطالب بإتخاذ قرارات ضد إيران..
ولما رآه محتجوا الحراك الشعبي من استجابة من قِبل “مجلس الأمن”؛ توجهوا، أمس، بدعوته إلى عقد اجتماع طاريء لإتخاذ قرارات في مواجهة دخول قوات إيرانية إلى “العراق”، خلال الساعات الأخيرة.. فيما تم الكشف عن آخر أعداد ضحايا الاحتجاجات الشعبية في البلاد.
وقالت “اللجنة المنظمة لمظاهرات ثورة تشرين”؛ إن قوات عسكرية إيرانية دخلت الأراضي العراقية من منفذ “زرباطية” مع “إيران”، في محافظة “واسط”، الساعة الرابعة من فجر أمس الأول السبت، حيث شوهدت آليات عسكرية متنوعة منها مدرعات وأخرى عجلات قتالية تحمل علامات “الحرس الثوري”، وتمت متابعتها إلى أن وصلت إلى العاصمة، “بغداد”، في الثالثة بعد الظهر.
وأضافت اللجنة أن هذا التدخل الكبير هو توسيع وترسيخ لحالة الاحتلال الإيراني بعلم ورضى الحكومة والبرلمان والميليشيات؛ وهو ما يستوجب من المجتمع الدولي النهوض بمسؤولياته القانونية والأخلاقية في مساعدة الشعب العراقي وفي طليعته المتظاهرون.
وأشارت اللجنة إلى أنه في ظل هذه الأحداث المتسارعة؛ فإنها تدعو “مجلس الأمن الدولي” إلى عقد جلسة طارئة تتخذ فيها قرارات واضحة بشأن هذا التدخل السافر.
عقد اجتماع طاريء..
كما طالبت “جامعة الدول العربية” بعقد اجتماع طاريء مماثل؛ تأخذ على عاتقها فيه العمل الفعلي لتفعيل “ميثاق الدفاع العربي المشترك” ودعوة “مجلس الأمن” إلى العمل على إنهاء الوجود العسكري الإيراني في “العراق”.. وحذرت من أن القوة الإيرانية لن تتوقف في “العراق”؛ إذا ما انتصرت على إرادة الشعب العراقي.
وأشارت إلى أن جميع مكونات الشعب العراقي مدعوة إلى اليقظة والاستعداد لمواجهة مخاطر الاحتلال العسكري الإيراني.. مؤكدًة استمرار التظاهرات سلمية حتى إسقاط “نظام المحاصصة الطائفية” وإخراج “إيران” وقوتها العسكرية والاقتصادية والسياسية من “العراق”.
إيران تُحضر لمعركة عسكرية مع أميركا على أرض العراق..
تأتي هذه الدعوة؛ بعدما كشف موقع (الحرة)، نقلًا عن مصدر عراقي مطلع، أمس الأول السبت، عن معلومات بشأن السيناريوهات الخبيثة التي تُعدها “إيران” للتعامل مع الأوضاع في “العراق”، في ظل استمرار الاحتجاجات المناهضة للحكومة وتنامي الرفض الشعبي للميليشيات الموالية لـ”طهران”.
وقال الموقع الأميركي، نقلًا عن المصدر: أن: “الإيرانيين يحضرون لمعركة عسكرية في العراق مع القوات الأميركية، يكون وقودها العراقيون”.
وتابع أن: “هذا يعني استعدادات لحرب بالنيابة تخوضها الميليشيات العراقية بالتنسيق مع الحرس الثوري الإيراني”.
وأشار إلى أن: “الخبراء الإيرانيين أبلغوا قادة الميليشيات، أن الوضع في العراق سيكون مشابه لما حصل في سوريا من حيث الصراع، وستمتد المعارك من بغداد إلى البصرة”.
ولفت المصدر إلى أن: “دخول دبابات ومدرعات عسكرية حديثة، تحت جنح الظلام، من إيران مؤخرًا؛ يعني أن هذه الآليات قتالية ونظامية تتبع للحرس الثوري، وسيتم استخدامها في العراق بعهدة مجموعات من الحرس الثوري، وليس الميليشيات الموالية لطهران”.
استغلال الفوضى لبناء ترسانة صواريخ..
وهو ما يتفق مع ما كشفه مسؤولون فى الاستخبارات والجيش الأميركي، عن استغلال “إيران”، الفوضى المستمرة في “العراق”، لبناء ترسانة خفية من الصواريخ (الباليستية) قصيرة المدى في “العراق”، وذلك في إطار جهود “طهران” المتزايدة لمحاولة تخويف الشرق الأوسط وتأكيد قوتها.
وهو ما ذكرته صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية، بداية الشهر الحالي؛ أن تعزيزات “إيران” جاءت في وقت تُعيد فيه “الولايات المتحدة” بناء وجودها العسكري في الشرق الأوسط لمواجهة التهديدات الناشئة للمصالح الأميركية هناك، بما في ذلك الهجمات التي تستهدف “ناقلات النفط” و”المنشآت النفطية”، والتي ألقى مسؤولو الاستخبارات الأميركية باللوم فيها على “إيران”.
وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أنه، منذ آيار/مايو الماضي، أرسلت إدارة الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، حوالي 14 ألف جندي إضافي إلى المنطقة لتعزيز قدرات سفن البحرية وأنظمة الدفاع الصاروخي في المقام الأول.
وأستدركت قائلة؛ إن المعلومات الاستخباراتية الجديدة حول تخزين “إيران” للصواريخ في “العراق”؛ هي أحدث مؤشر على فشل جهود إدارة “ترامب” لردع “طهران” بزيادة الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط.
ونقلت عن مسؤولي الاستخبارات الأميركية قولهم إن صواريخ “إيران” في “العراق” تُشكل تهديدًا لحلفاء وشركاء “الولايات المتحدة” في المنطقة؛ بل ومن الممكن أن تُعرض القوات الأميركية المتمركزة هناك للخطر.
واستهدفت عشر هجمات صاروخية، منذ 28 تشرين أول/أكتوبر 2019، قواعد عسكرية تؤوي جنودًا أميركيين أو بعثات دبلوماسية أميركية في “العراق”، بما في ذلك “سفارة الولايات المتحدة” في “المنطقة الخضراء”، الشديدة التحصين، في العاصمة، “بغداد”، وهو ما رمي بسهم الاتهام تجاه “وكلاء إيران”.
تحذير أميركي برد حاسم..
ومع اجتماع كل هذه الأحداث، حذّر وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، “إيران”، يوم الجمعة الماضي؛ من ردّ “حاسم” إذا تعرضت مصالح “الولايات المتحدة” للأذى في “العراق”؛ بعد سلسلة من الهجمات الصاروخية على قواعد عسكرية.
وقال “بومبيو”، في بيان: “يتعيّن علينا (…) إغتنام هذه الفرصة لتذكير قادة إيران بأنّ أيّ هجمات من جانبهم أو من ينوب عنهم من أي هوية، تلحق أضرارًا بالأميركيين أو بحلفائنا أو بمصالحنا فسيتمّ الردّ عليها بشكل حاسم”.
وأضاف: “يجب أن تحترم إيران سيادة جيرانها وأن تكفّ فورًا (…) عن دعم الأطراف الثالثة في العراق وفي جميع أنحاء المنطقة”.
ضحايا الاحتجاجات حتى الآن..
وحول ما وصل إليه عدد القتلى والجرحى والمعتقلين، منذ بداية الاحتجاجات، كشف المحلل السياسي والخبير الأمني العراقي، “هشام الهاشمي”، قائلًا في تغريدة على حسابه في شبكة التواصل الاجتماعي، (تويتر)، إنه بحسب مصادر رسمية؛ فإنه: “منذ الأول من تشرين أول/أكتوبر الماضي؛ ولغاية 12 من الشهر الحالي، فقد سقط نحو 473 شهيدًا ونحو 22 ألف جريح منهم نحو 3900 معوق”.
وأشار إلى أن 25 ناشطًا قد تم اغتيالهم، ونحو 2700 معتقل أطلق سراحهم قضائيًا، ونحو 3000 محتجز أطلق سراحهم أمنيًا من دون المرور بالقضاء، ونحو 12 مخطوفًا غير معلوم المصير لحد الآن.
إجراء تدريجي يتبعه إجراءات أخرى..
وعن الإجراءات التي يعتزم “مجلس الأمن” إتخاذها حول “العراق”، يقول المتخصص في القانون الدولي، الدكتور “علي التميمي”، أن: “هذه الإجراء من مجلس يعد ضمن الإجراءات التدريجية، فهو عادة ما يبدأ بإجراءات التنبيه والأخطار بضرورة معالجة وضع معين، فإذا ما إلتزمت الدول بذلك فإن الموضوع ينتهي، فهذه الإجراءات التي يتخذها المجلس تبنى على تقارير منظمات دولية أو مبعوثين أمميين، فقد سبق وأن قدمت اليونامي تقارير إلى مجلس الأمن عن طريق ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، بلاسخارت، والتي استضافها المجلس”.
وتابع “التميمي”: “في حالة لم ينفذ العراق مطالبات المجلس، ولم يقوم بالكشف عن المتورطين بعمليات قتل وخطف المتظاهرين، أو من قام بحرق جثة أحد الأشخاص في ساحة الوثبة وسط العاصمة، بغداد، أو من قام بالهجمات على وسائل الإعلام، عند ذلك سينتقل المجلس إلى مرحلة أخرى وهي مرحلة التحقيق في الجرائم، وربما ينتقل بعد ذلك إلى إتخاذ إجراءات كقطع العلاقات أو حظر استيراد الأسلحة، وصولًا إلى العقوبات العسكرية، وفق المادة 51، من ميثاق الأمم المتحدة المتعلقة بالفصل السابع، واستخدام القوة العسكرية بحقه، في حال ما إذا استمرت إنتهاكات حقوق الإنسان فيه”.
وأضاف “التميمي”: “أن طلب مجلس الأمن يتزامن والقرار الذي إتخذته الولايات المتحدة عبر مشروع قانون تم رفعه إلى وزارة الخارجية، لوضع تسعة أشخاص ومؤسسات عراقية لها علاقة بالميليشيات المسلحة تحت طائلة القانون الأميركي، وهذا يختلف عن عقوبات الخزانة الأميركية التي تتضمن عقوبات مالية وحظر الدخول إلى الولايات المتحدة، وإنما القانون الأميركي له صبغة دولية، حيث يجعل تلك الشخصيات مطلوبة على مستوى دولي، ويصل إلى تشكيل قوات دولية لتعقبها وإلقاء القبض عليها أو إحالة ملفها إلى المحكمة الجنائية الدولية”.