18 يوليو، 2025 10:10 ص

مثلث سلطوي يحاصر الشباب العراقي .. بالتحريم !  ‏

مثلث سلطوي يحاصر الشباب العراقي .. بالتحريم !  ‏

تضيق مساحات الحرية المتاحة أمام الشباب العراقي مع توجه المجتمع نحو محافظة دينية أكبر، ‏فيستحيل سير الشاب مع صديقته في الشارع، كما تضيق عليه السلطات ممارسة بعض الاستعراضات ‏بالدراجات النارية أو رياضة الباكور تحت طائلة الضرب وتلفيق التهم.‏

ويلقي مصطفى نظرة سريعة على مرآة دراجته النارية، ثم يدير بحركة خاطفة معصم يده اليمنى نحو ‏الأسفل دافعًا الدراجة للانطلاق بسرعة والتحرك بطريقة بهلوانية أمام عشرات المتفرجين المتحمسين ‏في بغداد.‏
ما إن تمر بضع دقائق على عرض مصطفى (22 عامًا) حتى تتعالى صفارات إنذار سيارات الشرطة، ‏وتقتحم المكان وسط حالة من الفوضى بين المتفرجين، الذين يحاولون الفرار من اي زاوية ممكنة ‏خشية التعرّض للاعتقال. ‏

المرح ممنوع
يقول احمد، احد منظمي التجمع الاسبوعي لهواة الدراجات النارية في منطقة الجادرية في بغداد، ‏‏”الامر يتكرر في كل مرة. الشرطة لا تريدنا ان نمرح”، مضيفًا “يبررون ذلك بالقول ان هذا الامر ‏جزء من استراتيجة حماية بغداد”.‏
ويشدد مصطفى من جهته على انه يريد ان يرى العراق “كأي بلد آخر”، موضحًا أن “في الدول ‏الاخرى نوادي ينتمي اليها الناس لممارسة هواياتهم ومتابعة شغفهم بامور معينة”.‏
يتكرر مشهد الكر والفر بين الشرطة ومجموعات الشباب في الجادرية كل يوم جمعة، في روتين ‏اسبوعي يعكس السخط الذي يعتري شباب العراق على ما يعتبرونه سوء فهم لاحتياجاتهم من قبل ‏الاجيال الاكبر منهم، بعد عقد من نهاية حكم صدام حسين.‏
وتقرّ الشرطة بأنه قد يكون من الممتع مشاهدة سائقي الدراجات وهم يقومون بحركاتهم البهلوانية، الا ‏انها ترى في ذلك خطرًا على السائقين الاخرين، لكنهم لم ينجحوا حتى اليوم في الحصول على اذن ‏باغلاق طريق، ووضعها في تصرفهم وحدهم.‏
يوضح احد عناصر الشرطة، الذين ساهموا في مطاردة المتفرجين وانهاء عرض الدراجات، “اتمنى لو ‏انهم يحصلون على موقع مخصص لما يقومون به، لكن ليست بايدينا حيلة، فنحن لا نستطيع اغلاق ‏الطريق، كما إن هوايتهم هذه خطرة”.‏
وبحسب ارقام كتاب الحقائق الخاص بوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية، فان 57 بالمئة من ‏سكان العراق هم دون سن الـ25، تخوض اعداد كبيرة منهم صراعًا مع القيود الاجتماعية التي ‏يفرضها قادة البلاد، والاجيال الاكبر.‏
ومن التعامل مع العنف اليومي المتواصل منذ غزو البلاد عام 2003، الى الازمات السياسية ‏المتلاحقة، لا تجد الحكومة العراقية المساحة الكافية لوضع اهتمامات الشباب على رأس اولوياتها. ‏وتفتقد بغداد، عاصمة الثقافة العربية لعام 2013، للقاعات المخصصة للحفلات الموسيقية، وتشتهر ‏قاعات السينما المتبقية فيها بأفلامها الإباحية، رغم وجود بعض النوادي الشبابية الخاصة والبعيدة عن ‏متناول غالبية الشباب.‏

قيود اجتماعية
ويشتكي طالب الموسيقى هشام (25 عامًا) من القيود الاجتماعية التي تحاصر الشباب. ويقول “من ‏المستحيل ان تسير في الشارع برفقة صديقة. لماذا؟، اهلا بك في العراق”، مضيفًا “الناس، الاهل، ‏الحكومة، العشائر، كلهم يعتقدون ان هذه الامور سيئة اصلا”.‏
ويميل نظام الحكم في العراق منذ سقوط صدام حسين نحو حراك محافظ اكثر تدينًا، يتجسد بالحملات ‏المتكررة ضد النوادي الليلية واشكال الترفيه المختلفة، وحتى الموسيقى التي يعتبرها البعض “حرامًا”.‏
يعاني حيدر (25 عامًا) من هذه القيود، وهو الذي يمارس مع ثمانية من اصدقائه رياضة نادرة في ‏العراق هي “الباركور”، التي تقوم على الركض بسرعة في الطرق والحدائق وغيرها من الأماكن ‏والقفز فوق الحواجز والقيام بحركات بهلوانية. يقول حيدر المقلب باسم “امير” انه” عندما يرانا الناس ‏يدعوننا بالقرود، لكننا لا نهتم لذلك، ولا نتعامل مع هذا الامر بطريقة سيئة”.‏

تلفيق تهم
عدم التعليق على هذا الوصف بالنسبة الى حيدر واصدقائه شيء، والهروب من الشرطة شيء اخر، ‏علما ان حيدر سبق وان قضى ليلتين في السجن، بسبب قيامه بالقفز فوق حواجز في شارع قرب ‏منزله، واتهم بانه سارق. ويوضح حيدر “لم تصدقني الشرطة عندما قلت اني كنت امارس رياضة ‏الباركور. قضيت يومين في السجن، وتعرّضت للضرب”.‏
وبهدف عدم اثارة المشاكل مع الشرطة، يمارس حيدر واصدقاؤه حاليا رياضتهم المفضلة في حديق ‏الزوراء، التي عادة ما تلجا اليها العائلات هربًا من صخب بغداد بازدحاماتها وتفجيراتها وقلة اماكن ‏الترفيه فيها.‏
ويقول عادل، زميل حيدر، “نريد من الحكومة ان تهتم بالشباب. عليها ان توقف تنظيم المهرجانات ‏السياسية التي لا تقدم ولا تؤخر”. ويتابع نحن من يحتاج المساعدة”.‏
‏ ‏

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة