خاص : ترجمة – محمد بناية :
حالياً يمكن بسهولة العثور على أثر “أحمدي نجاد” وأفعاله الهيستيرية في كل أروقة الفضاء الإلكتروني وزوايا الإعلام المكتوب وغير المكتوب. ورغم اعتقاد “محمد علي رامين”، رفيق الأمس وناقد رئيس الحكومتين التاسعة والعاشرة اليوم، في حتمية معاينة طبيب نفسي لـ”أحمدي نجاد”، لكن الحقيقة أن الأمر يخرج عن تخصص الخبراء والمحللين النفسيين بل والأطباء النفسيين، لأن الصراعات العقلية والثورية والسياسية لـ”أحمدي نجاد”، والعصابة التي تحيط به، لن تسمح بدراسة أفكاره “غير الواعية”، ونحن نعتقد أن هذا الصراع المغرض والمخطط في طور التنفيذ وسوف يستمر. بحسب تعبيرات الكاتب الصحافي، “رضا بردستاني”، عبر أحدث مقالاته المنشورة بصحيفة (شمس يزد) الإيرانية.
الثورة الإسلامية قبل وبعد “نجاد”..
يرى “بردستاني” أن الفرصة الآن مناسبة للجميع؛ للمرور على كل الأحداث المشابهة، والتي تتمحور حول “أحمدي نجاد” في الفترة (2003 – 2013)، وسوف ينتهي هذا المرور إلى نتيجة مفادها أنه لا يمكن مشاهدة تغيير وانتقال الذرات العالقة في خلفيات ومعنويات وسلوكيات، وحتى الإختلاف في آراء “محمود أحمدي نجاد”، وبهذا يمكن بسهولة الحكم بأن “أحمدي نجاد” الذي يقولون إنه يختلف تماماً عن السنوات السابقة، هو نفسه “عمدة طهران” وهو نفس الفكر والشخص الذي سلمه البعض، بعلم أو بدون، مفتاح القصر الرئاسي واختاروا آنذاك إلتزام الصمت، وكأنما لم يكونوا موجودين بالأساس في آتون الكثير من الأمور !.. أو كانوا موجودين؛ ولكن كانوا أسرى دهشة عارمة !.. ولا يجب مناقشة فقط موضوع المناظرات أو التركيز على المؤتمرات الصحافية بل لا حاجة للمرور على حواراته التليفزيونية إلى الشعب.
ورؤيته التي تصيب الكثيرين حالياً بالحيرة والدهشة، غير جديدة، وهي موجودة في كل حواراته. فقد كان يحتفظ منذ سنوات بقائمة الفسدة الاقتصاديين في جيبه؛ وأحياناً كان يخرجها ويديرها في السماء. فكان يستفيد أحياناً من بعض الخطوط الحمراء، بحيث يقذف بسهولة كرة الانتقادات الشعبية ضد أداء المسؤولين التنفيذين على مؤسسات وأجهزة أخرى، بل إنه أدار أيضاً أكثر المشروعات العمرانية والاقتصادية والاجتماعية بل والثقافية شذوذاً… إلخ.
فلو نبحث بشكل جيد فسوف نرى ميزانية ثقافية كارثية بقيمة 1500 مليار طومان توازي مشروع “مسكن مهر”، مثل هذه الميزانيات لإبعاد العقوبات كان بنفس مستوى فساد إتخاذ القرارات في القطاعات المالية والبنكية. إذ إتخذ “أحمدي نجاد”، في ليلة، قرارًا بتفعيل مشروع فلان الطبي الكبير، وهو نفسه الذي وقع صبيحة آخر أيامه بالرئاسة على قرار نقل 30 مليار طومان لتأسيس جامعة الإيرانيين، وهو “أحمدي نجاد” نفسه الذي بدأ في السخرية والضحك قبل أن يغادر؛ حين تعرض إلى كم هائل من أسئلة الإعلاميين بشأن المرافقين له في رحلته إلى نيويورك وأسباب اختيارهم. وربما من الأفضل أن ننتبه إلى أن هذه الفترة ترجع إلى أسباب تقسيم بعض السياسيين في دراساتهم للثورة إلى قسمين قبل وبعد ظهور “أحمدي نجاد” وتأكيدهم على ما يقولون ؟!.. وليسوا قلة أولئك الذين سألونا عن المقصود من الثورة حين طلبنا إليهم تحليل أداور الثورة ؟.. الثورة قبل “أحمدي نجاد” أو الثورة بعد رئاسته الجمهورية ؟
أستاذ هندسة إعلام..
بحسب الكاتب الإيراني، “بردستاني”، بالنسبة لنا ليس المهم في أي جامعة تخرج “أحمدي نجاد”، لكن ما هو آخر مؤهل دراسي حصل عليه ؟.. عن أي موضوع كانت رسالته أو التقدير الذي حصل عليه ؟.. لكن المهم أنه أستاذ “هندسة إعلام”؛ فهو يجيب على أصعب منتقديه بنشر صورته وتصريحاته على صفحات عدد من صفحات وأعداد دوريته الأسبوعية، فإذا لا يكون هذا مهندساً إعلامية فلابد من تغيير تعريف الهندسة الإعلامية !
إنه يعرف بدقة متى يضحك وأين يبدي العبوس، وأي كتفيه الأيمن أو الأيسر يحرك !.. متى يصمت ومتى يهاج أي فئة من فئات المجتمع. وتنطبق المعايير السلوكية لـ”أحمدي نجاد” مع تلك المتداولة في الشوارع والحارات. وهو يحرص ألا تتجاوز عناوينه مستوى معلومات العامة. لا يتحدث مطلقاً عن الإحصائيات، والتطورات التي يتكلم عنها هي مجرد كلام لا تتطلب منه أرقام وأعداد، وفي النهاية يعد خاتمة لذلك الاستعراض، لكن “أحمدي نجاد” لا يرحب بالنهاية المفتوحة مطلقاً؛ لأنه يعلم أن هذا النوع من النهايات يستدعي مواجهة آلاف الأسئلة !
كتب الكثيرون عن نقطة ضعف “أحمدي نجاد”؛ وكيف أنها تقود إلى العزلة، والنقطة النهائية لـ”أحمدي نجاد” إنما تكمن في العنوان الرئيس أو الظهور. لكن لمعالجة نقطتي ضعفه لم يكن أمامه سوى العمل على هندسة الإعلام وهو يحقق النجاح في ذلك.
وذات يوم كتب “عباس عبدي”، مقالة تدور حول “أحمدي نجاد”، وكذلك يلقي “محمد علي رامين” الضوء على “أحمدي نجاد” !.. فهل هندسة الإعلام أنظف من ذلك ؟.. ألم يستخدم كل أولئك الذين دعموا “أحمدي نجاد” لمدة 6 أو 8 سنوات أو يدعمونه حتى الآن عبارة واحدة للهرب هي أي “أحمدي نجاد” ؟.. وهذه “الإزدواجية” تحرر “أحمدي نجاد” وأنصاره.
كل من يقولون إن “أحمدي نجاد” يسعى إلى الظهور وعدم النسيان وهو ما يفعله بالضبط، فهم يصنعون منه العناوين الرئيسة ويرسمون الكاريكاتير وينشرون الانتقادات. وهذا يعني أن “أحمدي نجاد” أستاذ هندسة الإعلام وأنه أيضاً ناجح حتى الآن.
في خطابه بميدان “ولي عصر” بالعاصمة طهران، عقب أحداث 2009، قال “أحمدي نجاد” لكل من يخالفونه: “هم ليسوا أكثر من مجرد «زبالة» !”.. حينها عمل “أحمدي نجاد” على تضخيم ذلك اليوم الأسود أمام البرلمان، لكنه نسى أنهم رأوا وسمعوا وضحكوا وشجبوا، لكن لو يريد “أحمدي نجاد” البقاء في الساحة السياسية عليه أن يصرح للشعب بأسراره وأعماله التخريبية وأسباب تفاهاته تصرفات أنصاره.