خاص : ترجمة – لميس السيد :
جمدت الإدارة الأميركية المساعدات العسكرية لـ”لبنان”، المقدرة قيمتها بـ 105 ملايين دولار، لأجل غير مسمى، ولكن القرار جاء ضد رغبة كل من “وزارة الخارجية” و”الكونغرس” و(البنتاغون)، ويقول محللون إن الفائزين بسبب هذا القرار هم: “إيران” و”روسيا” وتنظيمي “الدولة الإسلامية” و(القاعدة).
قال مسؤولون بـ”الكونغرس”، يوم الجمعة، إن إدارة “ترامب” جمدت كل المساعدات العسكرية للجيش اللبناني؛ بما في ذلك حزمة قيمتها 105 ملايين دولار، وصدقت “وزارة الخارجية” و”الكونغرس” على القرار في أيلول/سبتمبر 2019.
يأتي وقف التمويل الأميركي للقوات المسلحة اللبنانية، متعددة الطوائف، في وقت حرج بالنسبة لـ”لبنان”، حيث يصارع المسؤولون أكبر مظاهرات الشوارع في البلاد منذ استقلال “لبنان”، عام 1943، وتغيير القيادة الذي فرضته المظاهرات تباعًا. وأخبر محللون، صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية، إن تجميد المساعدات يمكن أن يمنح “إيران” و”روسيا” فرصة لممارسة نفوذ أكبر على الجيش اللبناني؛ وربما حتى يسمح لـ”الدولة الإسلامية” و(القاعدة) بإكتساب موطيء قدم أكبر في البلاد.
حصن منيع..
أصبح تسليم المساعدات العسكرية، خاصة في الحالات التي تنطوي على تدخل “البيت الأبيض”، قضية حساسة ومثيرة للخلاف في “واشنطن”. ومن ضمن ذلك، تشرف لجان “الكونغرس” على التحقيق في قضية المساءلة بشأن ما إذا كان الرئيس، “دونالد ترامب”، قد خصص 391 مليون دولار من المساعدات العسكرية لـ”أوكرانيا”؛ في محاولة لإجبار القادة الأوكرانيين على تقديم خدمات سياسية له. على الرغم من أن الرئيس نفى ذلك، إلا أن كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية شهدوا أن هناك بالفعل مقابلًا كبيرًا تم دفعه، وقال كبير الدبلوماسيين الأميركيين في “أوكرانيا”؛ إنه بعث برسالة تُخبر وزير الخارجية، “مايك بومبيو”، بأن حجب المساعدات “حماقة”.
أكد مساعدون بـ”الكونغرس” على إن (البنتاغون) و”وزارة الخارجية” ضغطوا للاستمرار في تقديم المساعدات للقوات المسلحة اللبنانية، ويقول مسؤولون في كلتا الإدارتين إن المنظمة العسكرية هي حصن مهم ضد العناصر المتطرفة والفصائل المسلحة التابعة لـ”حزب الله”، وهي جماعة شيعية مدعومة من “إيران” ولديها سياسة وأجنحة عسكرية في “لبنان”.
قال مسؤولون في “الكونغرس”، يوم الجمعة، إن مسؤولين في الأمن القومي بـ”البيت الأبيض” طلبوا مؤخرًا من “مكتب الإدارة والميزانية” تجميد جميع المساعدات المقدمة للجيش اللبناني. لم يعلم المسؤولون في “وزارة الخارجية” و(البنتاغون) إلا بالتوقف في الأيام الأخيرة. ومن غير الواضح ما إذا كان أي شخص قد أبلغ الحكومة اللبنانية بالتجميد.
أحالت “وزارة الخارجية” أسئلة حول التجميد إلى “مكتب الميزانية”، الذي لم يكن لديه تعليق فوري، وأحالت “وزارة الدفاع” الأسئلة إلى “البيت الأبيض”، حيث رفض المسؤولون التعليق.
بعد ظهر يوم الجمعة، قال “ناثان أ. سيلز”، كبير مسؤولي مكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية الأميركية، عندما سئل عن التجميد، إن الجيش اللبناني يمثل ثقلًا مهمًا ضد أعمال “حزب الله”.
وأكد: “إننا نعتبر حزب الله منظمة إرهابية، ولهذا السبب عملنا على مر السنين لتعزيز مؤسسات الدولة اللبنانية مثل القوات المسلحة اللبنانية، لضمان منع الإعتماد على أي خدمات مزعومة قد يتلقاها لبنان من حزب الله. هذه كانت سياستنا وستظل سياستنا”.
انتقد الرئيس الأميركي، “ترامب”، مسألة توزيع “الولايات المتحدة” المساعدات الخارجية، وقد جادل بعض المحللين السياسيين المحافظين في الشرق الأوسط؛ بأن المساعدات للجيش اللبناني قد تنتهي بمساعدة “حزب الله” بدلًا من “لبنان”.
وأكد أحد مسؤولي “الكونغرس” إنه من المقلق أن يكون “البيت الأبيض” قد أصدر أمرًا ضد توصيات وزارتي “الخارجية” و”الدفاع”، حيث أوضح المسؤول إن “الولايات المتحدة” تراقب عن كثب كيفية استخدام المساعدات، وأن أي خوف من أن الأموال قد تقع في أيدي “حزب الله” هو خرافة.
في كانون أول/ديسمبر الماضي، وصف “جيم ماتيس”، الذي كان وزيرًا للدفاع في ذلك الوقت، الجيش اللبناني، بأنه “شرعي” وحليف للجيش الأميركي. وقال: “إنهم يساعدون في الحفاظ على استقرار الوضع في الوقت الحالي”، متحدثًا عن اندلاع التوترات بين “حزب الله” و”إسرائيل”.
وقد قدم مسؤولون أميركيون كبار آخرون تقييمات مماثلة. وفقًا للصحيفة الأميركية، أشار “ديفيد شينكر”، مساعد وزير الخارجية الجديد لشؤون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية الأميركية، في ورقة بحثية بموقع “معهد واشنطن لشؤون الشرق الأدنى”، نُشرت في آب/أغسطس 2017، تفيد بأن على الرغم من أن الجيش اللبناني “يتواطأ” مع “حزب الله”، إلا أنه ساعد في استقرار البلاد وصد الميلشيات السُنية المتشددة. في وقت سابق من ذلك العام، أخبر الجنرال، “غوزيف ل. فوتيل”، قائد القيادة المركزية لـ”الولايات المتحدة”، لجنة القوات المسلحة بـ”مجلس الشيوخ”؛ أن الجيش اللبناني “أظهر نتائج هائلة في السنوات الأخيرة”، وأن على “واشنطن” أن تفكر في زيادة دعمها.
مصادر تمويل جديدة..
وفي سياق التحليل لتجميد الدعم، أشار محللون، لصحيفة (نيويورك تايمز)؛ إن “الولايات المتحدة” يمكن وصفها بأنها تتصرف ضد أهدافها بسحب المساعدات، خاصة في وقت يتساءل فيه المحتجون اللبنانيون أيضًا عن سبب وقوف “الولايات المتحدة” إلى جانب الحكومة اللبنانية، التي يعارضونها، حيث إن قطع العلاقات مع الجيش اللبناني يمكن أن يخلق فرصة لمصادر أخرى من المال، لا سيما “إيران” أو “روسيا”، التي زادت قوتها في “سوريا” منذ سحب السيد “ترامب”، القوات الأميركية، الشهر الماضي من المنطقة الحدودية (السورية-التركية).
وقال “ديفيد داود”، محلل بشؤون “حزب الله”: “الولايات المتحدة لا تزال لديها مصالح في المنطقة، وفقدانها سيمنعنا في المستقبل من توجيه الأمور بطريقة أفضل لنا وللبنان؛ وهذا ما سيحدثه تجميد المعونات، فقط سيرتد علينا بنتائج عكسية”.
شرط استمرار المساعدات..
في السنوات الأخيرة، دعا بعض المحافظين البارزين في “واشنطن” – وخاصة أولئك الذين يرغبون في وقف زيادة النفوذ الإيراني كهدف رئيس – إلى خفض المساعدات العسكرية للجيش اللبناني. في عام 2017، أدلى “إليوت أبرام”، مسؤول السياسة في الشرق الأوسط في عهد الرئيس، “جورج دبليو بوش”، بشهادته أمام مجلس النواب بأن الجيش اللبناني يدير مصالح وعلاقات “متشابكة بشكل متزايد مع حزب الله”.
وأضاف: “لقد فشلنا في معادلة حزب الله، ولكن ربما تكون الأمور أسوأ اليوم بدون مساعدتنا وجهودنا”.
في حزيران/يونيو، قدم العديد من الجمهوريين في “الكونغرس”، بقيادة السناتور، “تيد كروز منتكساس”، بإعتماد إجراء أطلق عليه “مواجهة حزب الله”، والذي بموجبه كان سيمنع 20 بالمئة من المساعدات العسكرية الأميركية للبلاد ما لم يكن الرئيس قادرًا على التصديق بأن الجيش اللبناني بإتخاذ “الخطوات اللازمة لإنهاء تأثير حزب الله وإيران على القوات المسلحة اللبنانية”، على حد تعبير السيد، “كروز”، في بيان صدر في، حزيران/يونيو الماضي.
نفس وجهة النظر يشترك فيها كبار المسؤولين الإسرائيليين القلقين أيضًا من أن قطع المساعدات عن مؤسسة حكومية لبنانية رئيسة يمكن أن يؤدي إلى تفاقم عدم الاستقرار السياسي المتزايد في “لبنان”.
تعتبر القوات المسلحة اللبنانية واحدة من المؤسسات القليلة في البلاد التي تتمتع بشعبية واسعة تحت أي ظروف من الانقسامات الدينية والسياسية، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنها توظف أشخاصًا من جميع المجموعات الدينية الثمانية عشر المعترف بها رسميًا في “لبنان” – بما في ذلك المسلمون الشيعة، الذين يشكلون قاعدة “حزب الله”.