خاص : كتبت – نشوى الحفني :
وصلت “محادثات فيينا” إلى جولة سادسة؛ بعد إحراز تقدم ملموس حول المباديء الرئيسة بشأن العودة لـ”الاتفاق النووي”، الذي أبرم، في العام 2015، ثم انسحبت منه “واشنطن”، في آيار/مايو 2018، بعهد الرئيس، “دونالد ترامب”.
إلا أنه لا تزال هناك “قضايا عالقة” تفرض نفسها على المحادثات، وفي القلب منها: “العقوبات” المفروضة على “إيران”، ورغبة “طهران” في رفعها. وذلك في الوقت الذي تدفع فيه “واشنطن” والمفاوضين الأوروبيون، المشاركون بالمحادثات، بإدراج: “السلوك الإيراني” في المنطقة، والصواريخ الإيرانية، ضمن الاتفاق، وهو ما ترفضه “طهران”.
أرضية مشتركة..
ويسابق المفاوضون الزمن من أجل الوصول إلى “أرضية مشتركة”، بين “واشنطن” و”طهران”، وهي الأرضية التي وصفها دبلوماسيون أميركيون: بـ”الممكنة”، في ظل ما شهدته جولات “فيينا” السابقة من تقدم في بعض القضايا. لكنّ: “ثمة العديد من الخطوات التي يتعين القيام بها في الفترة المقبلة”؛ طبقًا لما أكدته “الخارجية الأميركية”.
قضايا وملفات عالقة..
المتحدث باسم “الخارجية الأميركية”، قال حول التقييم العام لـ”محادثات فيينا”، بعد خمس جولات، إن الوفد الأميركي بقيادة المبعوث الخاص لإيران، “روبرت مالي”، غادر “فيينا”، بعد الجولة الخامسة من المحادثات؛ وسيعود الفريق إلى “واشنطن” للتشاور، متحدثًا في الوقت نفسه عن تقدم محرز، ولكن قضايا وملفات عالقة لا تزال تفرض نفسها.
مشيرًا إلى أن: “هذه الجولات القليلة الأخيرة من المناقشات؛ ساعدت في بلورة الخيارات التي يجب أن تتخذها إيران والولايات المتحدة من أجل تحقيق عودة متبادلة إلى الإمتثال لخطة العمل الشاملة المشتركة”.
ولفت المتحدث باسم الخارجية الأميركية؛ إلى أنه: “يتواصل إحراز تقدم ملموس بشأن اللغة اللازمة لمعالجة القضايا النووية والمتعلقة بالجزاءات، لكن القضايا العالقة لا تزال قائمة بشأن كليهما”، مشيرًا إلى أنه: “كانت هناك أيضًا مناقشات مثمرة حول الخطوات المقبلة، ولكن هناك المزيد من العمل الذي يتعين القيام به على هذه الجبهة أيضًا”.
العقوبات.. نقطة الخلاف..
وسبق وأن نقل موقع (بوليتيكو) الأميركي، عن مصادر دبلوماسية أميركية، أن: “العقوبات هي نقطة الخلاف في محادثات فيينا مع إيران؛ بسبب عدم الاتفاق عن قائمة العقوبات التي سيتم رفعها”.
جولات أخرى قادمة..
وكان المتحدث باسم “وزارة الخارجية” الأميركية، قد قال، الخميس الماضي، إن “واشنطن” تتوقع جولة سادسة من المحادثات غير المباشرة مع “إيران”، فيما ترجح أن تمتد المفاوضات إلى جولات أخرى تالية، بهدف إحياء “الاتفاق النووي”.
وكان قد توقع مندوب “روسيا” الدائم لدى المنظمات الدولية، “ميخائيل أوليانوف”، أن تكون الجولة الخامسة، (السابقة)، هي الأخيرة، خرج المفاوضون دون التوصل لاتفاق، ويُرجح أن تمتد المحادثات لجولات قادمة. فيما يعتقد مبعوث “الاتحاد الأوروبي”، (الذي ينسق محادثات إحياء الاتفاق النووي الإيراني)، “إنريكي مورا”، إنه يرى إمكانية لإبرام اتفاق في الجولة الجديدة، (السادسة).
شروط مرفوضة..
وحول التوقعات المتفائلة بالتوصل لاتفاق، خلال الجولة السادسة، الأسبوع المقبل، قال الباحث في الشؤون الإيرانية، “محمد خيري”، إن مثل تلك التوقعات تتردد منذ الجولة الأولى، وفي كل جولة يُعتقد بأن تكون هي الجولة الحاسمة، سواء من قِبل “الولايات المتحدة” أو “أوروبا”؛ وحتى “إيران” نفسها، لكن بعد خمس جولات لم يتم التوصل لاتفاق.
موضحًا أن: “هناك بعض القضايا المهمة التي تحتاج إلى التشاور، وتحتاج إلى التوصل لحلول.. وفي جميع الأحوال لا أعتقد بأنه سيتم التوصل لاتفاق قبل الانتخابات الرئاسية الإيرانية”، مشيرًا إلى أن: “الولايات المتحدة وأوروبا تحاولان الدفع بالتوصل لاتفاق من أجل العودة للاتفاق النووي، قبل الانتخابات؛ خشية وصول رئيس متشدد قد يعزز من صعوبة التنازلات الإيرانية أمام أميركا”.
وأضاف الباحث في الشؤون الإيرانية: “بعد الانتخابات الإيرانية، سيخضع الأمر إلى المفاوض الإيراني وطبيعة التنازلات التي يمكن أن يقدمها، كما يخضع ذلك إلى التوازنات الإيرانية وطبيعة الدور الإيراني في الإقليم”.
وأشار “خيري” إلى أن “واشنطن” لها شروط محددة، فيما يتصل بالعقوبات؛ فهي ترفض الإفراج عن الأموال الإيرانية المجمدة؛ إلا إذا عادت “إيران” مرة أخرى لإلتزاماتها في الاتفاق، كما تطلب تحجيم النفوذ الإيراني في المنطقة وعدم دعم الميليشيات، وهي أمور عقائدية بالنسبة لـ”إيران” لن تتراجع عنها بسهولة.
لا وجود لرؤية واضحة أمام الإدارة الأميركية..
من جهته؛ قال الكاتب والمحلل السياسي، “د. ماك شرقاوي”؛ إن: “بايدن؛ أعتاد على الشكل البرجماتي في التعامل مع الأمور، والتأني في هضم المعلومات بعد عقود من عمله في مجلس الشيوخ، ويريد أن يكون هناك ماراثون تفاوضي، وستتوالى الجولات واحدة تلو الأخرى، وهناك الكثير من المفاجآت، خاصة بعد التسريبات بأن أميركا أشترت النفط من إيران، في آذار/مارس الماضي، رغم الضغوط التي كانت تحاول خنق الاقتصاد الإيراني، خلال فترة إدارة ترامب، وهذه التسريبات ربما تكون أيضًا بالون استكشاف لردود الفعل”.
وأوضح الكاتب أن: “هناك وساطات كثيرة، أبرزها من سلطنة عُمان، التي كان لها دور كبير في استئناف المفاوضات، لكن هناك ميوعة في الموقف الأميركي، وحديث على استحياء حول تخفيف العقوبات مقابل أن تقدم إيران شيئًا ويبدو أنه لا توجد رؤية واضحة أمام الإدارة الأميركية”.
تسليم فائض “اليورانيوم” المخصب..
وفي المفاوضات المتداولة حاليًا، قال رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني، “مجتبى ذوالنور”، أمس الأحد: “إن الأوروبيين اقترحوا تسليم طهران كميات من (اليورانيوم) المخصب إلى روسيا، مقابل عودة الولايات المتحدة للاتفاق النووي”.
وذكر “ذوالنور”، في تصريحات لقناة (المسيرة)، الناطقة باسم جماعة (أنصارالله): “الأوروبيين طرحوا من أجل عودة أميركا إلى الاتفاق النووي، تسليم طهران لفائض (اليورانيوم) المخصب الزائد على 300 كيلوغرام إلى روسيا أو دول أخرى عضوة في الاتفاق”.
وكان مساعد وزير الخارجية رئيس الوفد الإيراني إلى “مفاوضات فيينا”، “عباس عراقجي”، قال إنه: “حان الوقت كي تتخذ الولايات المتحدة الأميركية والأوروبيون قراراتهم الصعبة، ونأمل أن يتمكنوا من ذلك”.
من جانبه، قال “ذوالنور”؛ إن “مجلس الشورى” يرفض هذا الطرح، فـ (اليورانيوم) المخصب: “يجب أنْ يبقى داخل إيران، وذلك تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والأمر ينطبق على أجهزة الطرد المركزي المتطورة”.
وأوضح أن “طهران” مستعدة للتخلي عن فائض (اليورانيوم) وأجهزة الطرد المتطورة، لكن في المقابل على “أميركا” أن تدفع ضرر “العقوبات”، والذي يصل، بحسب قولهم؛ إلى تريليون دولار.