وكالات- كتابات:
شهدت محافظة “ذي قار”؛ تحركًا أمنيًا واسعًا استهدف شبكات ابتزاز مسؤولي المحافظة، ما أسفر عن توقيف شخصيات بارزة من بينهم أعضاء في “مجلس المحافظة”، بينما لا تزال الجهود مستمرة لاعتقال آخرين، وسط تكهنات بوجود وساطات سياسية في “بغداد” لحل القضية.
ووفقًا لمصادر أمنية؛ تحدثت لوسائل إعلام محلية، بدأت الحملة بعد اعتقال ثلاثة أشخاص في “قضاء الرفاعي”؛ شمالي “ذي قار”، بينهم فتاتان، إحداهما مرشحة سابقة للانتخابات المحلية. وجاءت هذه الاعتقالات بناءً على بلاغ رسمي من سلطة عُليا في المحافظة، ومع تعمق التحقيقات، اعترف المعتقلون بانتمائهم لشبكة ابتزاز تستهدف مسؤولي المحافظة.
التطور الأبرز في القضية جاء مع تقدم محافظ ذي قار؛ “مرتضى الإبراهيمي”، بشكوى رسمية ضد عضوي مجلس المحافظة؛ “محمد هادي” و”عمار الركابي”، متهمًا إياهما بمحاولة ابتزازه والعمل على إقالته من منصبه بالقوة. بناءً على هذه الشكوى، أصدرت محكمة التحقيق في “الناصرية” أوامر قبض بحقهما وفقًا للمادة (430) من قانون العقوبات العراقي.
وفي تطورات لاحقة، تمكنت “قوات الأمن الوطني” من اعتقال عضو مجلس المحافظة؛ “عمار الركابي”، كما ألقت القبض على أحد الصحافيين عند منفذ (سفوان) الحدودي أثناء عودته من “الكويت”. ويؤكد مصدر أمني أن القائمة لا تزال تضم أسماء أخرى، بينهم المحافظ السابق؛ “محمد هادي”، وأن العمل جارٍ لإلقاء القبض عليهم.
تأتي هذه الحملة وسط تساؤلات عن مدى تأثيرها على المشهد السياسي المحلي، في ظل محاولات لتهدئة الموقف من قبل بعض الأطراف السياسية في “بغداد”.
من جانبه؛ صرح المتحدث باسم مجلس محافظة ذي قار؛ “ياس الخفاجي”، في تصريحات صحافية، أن المجلس في حالة انعقادٍ دائم لمتابعة تطورات قضية اعتقال أحد أعضائه وملاحقة آخر. وأشار “الخفاجي” إلى أن رئيس المجلس؛ “عزة الناشي”، أصدر توجيهات بتشكيل لجنة خاصة للتواصل مع الجهات المختصة ومتابعة مجريات القضية.
وأضاف “الخفاجي”؛ أن المجلس لم يكن على علمٍ بعمليات الاعتقال والملاحقات إلا بعد صدور أوامر القبض الرسمية، مما يُشير إلى تسارع الأحداث. كما أشار إلى أن هناك شخصيات أخرى نافذة في الحكومة المحلية قد تواجه نفس المصير، حيث قد يتم اعتقالهم ومحاكمتهم بتهمة الانتماء إلى شبكات الابتزاز التي تستهدف مسؤولي المحافظة.
تعيين وخيانة..
وبهذا الخصوص؛ كشفت مصادر محلية، أن إحدى المعتقلات لدى “جهاز الأمن الوطني”، وتدعى: (ح. ع. ع)، كانت تعمل بأجر يومي في “مديرية بلدية الرفاعي”، بعد توجيه من محافظ ذي قار؛ “مرتضى الإبراهيمي”، لتشغيلها بدلاً من العاملين المنتهية خدماتهم.
وأشارت المصادر لبعض اعترافات “الإبراهيمي” أمام القضاء، حيث أقر المحافظ بزواجه منها بشكلٍ “منقطع”؛ (زواج متعة)، خلال فترة عملها، وأن المعتقلة قامت بتسجيل مقاطع فيديو له في أوضاع مخلة أثناء اتصالات عبر الكاميرا، ثم قامت ببيع هذه المقاطع لشبكة الابتزاز التي تُعد أحد أعضائها.
هل يجوز معاقبة المحافظ ؟
وفي هذا السياق؛ أشار الخبير القانوني؛ “عبدالرضا محمد”، إلى أن الفيديوهات المسُّربة ضد المحافظ، إن ثبتت صحتها، تُشكل تجاوزًا قانونيًا خطيرًا. حيث إن القانون العراقي لا يعترف بزواج “المتعة” أو “المنقطع”، وبالتالي يُعتبر المحافظ قد استغل منصبه عندما تزوج من إحدى المشتكيات وقام بتعيينها لاحقًا، ما يجعله عرضة للمساءلة القانونية بموجب المادة (393/ 2/ ج) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969، والتي تُعاقب على استغلال المنصب الوظيفي.
وأضاف “محمد” أن المحافظ قد يواجه أيضًا تهمة ارتكاب: “جريمة الفعل الفاضح”، حيث تنص المادة (401) من قانون العقوبات على معاقبة أي شخص يرتكب فعلاً يخدش الحياء العام. وفي هذه الحالة، تُعد الفيديوهات المسربة دليلاً محتملاً على ارتكاب جريمة من هذا النوع، خاصة إذا ثبت تعمد المحافظ القيام بهذه الأفعال.
“المالكي” و”السوداني” في المواجهة..
تقول مصادر رفيعة المستوى؛ إن، شخصية دينية سياسية بـ”بغداد” تُدير هذا الملف شخصيًا من أجل استخدامه كورقة ضغط ضد قيادات حكومية في البلاد للحصول على منصب رفيع في حكومة “السوداني” مقابل إغلاق الملف وتنازل المحافظ عن الشكوى، مضيفًا أن: “القطب السياسي يسعى كذلك لإقصاء الموقوف لدى الأمن الوطني؛ عمار الركابي، من مجلس المحافظة وصعود أحد المنتمين له إلى مجلس المحافظة، بدلاً منه”.
وتابعت أن: “السوداني طلب ملف التحقيق بشكل كامل لغرض دراسته من قبل فريق قانوني مختص، ومحاولة تهدئة الأوضاع في محافظة ذي قار وحلحلة كافة الأمور الشائكة بين الأطراف”، موضحًا أن: “زعيم ائتلاف (دولة القانون) يؤيد أيضًا فكرة إغلاق الملف عبر تدوير في المناصب فضلاً عن إقالة المحافظ؛ مرتضى الإبراهيمي، من منصبه”.
تريليون دينار قيمة الابتزاز..
ويقول عضو “مجلس النواب” العراقي السابق، عن (دولة القانون)؛ “عبدالهادي السعداوي”، أن: “موضوع شبكات الابتزاز في محافظة ذي قار تعودنا عليه منذ عام 2019 ولغاية اليوم، حيث أن هناك الكثير من شبكات الابتزاز تُحاول الضغط على المسؤولين ومديري الدوائر في المحافظة، من خلال أضعاف الجانب الحكومي الخدمي وكذلك الأمني، كما سعت هذه الشبكات إلى الحصول على مشاريع ومقاولات”.
وذكر “السعداوي”؛ في بيان له عبر بصمة صوتية، إن: “الشبكة التي كشف مؤخرًا عنها في المحافظة، والتي يمثلها المحافظ السابق؛ محمد هادي، بسببها تم هدر تريليون و(800) مليار دينار في ذي قار، دون أي خدمات حقيقية تذكر”.
وطالب “السعداوي” الجهات الأمنية والرقابية والنزاهة باتخاذ الإجراءات القانونية بحق كل من يسعى لابتزاز مديري الدوائر في المحافظة ومحاسبتهم بأشد العقوبات.