28 مارس، 2024 11:57 ص
Search
Close this search box.

ما بين مطالب “حزب الله” ورفض “الحريري” .. تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة قيد التجميد !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

بعد نحو ستة أشهر من تكليف رئيس الحكومة اللبناني، “سعد الحريري”، بتشكيل حكومة جديدة، لم يتمكن من التوصل إلى صيغة ترضي كل الأطراف السياسية، وهو ما أدى إلى دخول تشكيل تلك الحكومة مرحلة جديدة من التعقيد، حيث وصلت المساعي الحثيثة لحل ما يسمى في لبنان، “العقدة السُنية” أو “سُنة 8 آذار”، إلى طريق مسدود، بسبب رفض (حزب الله) تسمية وزرائه للحكومة، قبل تمثيل 6 نواب سُنة معارضين فيها.

وحول الخلافات؛ قال الرئيس اللبناني، “ميشال عون”، إن الخلافات التي تعرقل تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة “ليست سهلة”، وأشار إلى أنه على خلاف مع حليفه (حزب الله) حول العقبة الوحيدة المتبقية.

خلافات غير مبررة..

قائلاً، في مقابلة تليفزيونية مساء الأربعاء الماضي، إن العراقيل التي “يتم اختلاقها ليست في مكانها وغير مبررة”، وتحدث عن مطلب السُنة المدعومين من (حزب الله)، وأكد على أن “هذا الأمر سبب تأخيرًا، وهذا التأخير هو نوع من التكتكة السياسية التي تضرب إستراتيجتنا الكبيرة”.

وأضاف أن السُنة المدعومين من (حزب الله) “هم أفراد وليسوا كتلة، نحن نمثل الكتل ضمن معايير معينة، لقد تجمعوا أخيرًا وطالبوا بتمثيلهم”، محذرًا من أن كل دقيقة تأخير في تشكيل الحكومة “تكلفنا عبئًا كبيرًا”.

وشدد “عون” على أن الحكومة يجب أن تكون وفق معايير محددة، “فلا تُهمش طائفة ولا مجموعة، ولو قبل الجميع بأحجامهم لما حصلت أي مشكلة”.

حزب الله” يُصر على تمثيل أحد حلفائه السُنة.. و”الحريري” يرفض..

ورغم التفاؤل الذي ساد بعد إزالة عقبة رئيسة، عندما سويت الخلافات بشأن التمثيل المسيحي مع (حزب القوات اللبنانية) المسيحي، المناهض لـ (حزب الله)، والذي قدم تنازلات للرئيس “عون” و(التيار الوطني الحر)، أصر (حزب الله) على تمثيل أحد حلفائه السُنة في الحكومة المؤلفة من 30 وزيرًا، بما يعكس المكاسب التي حققوها في الانتخابات البرلمانية.

ومن جانبه؛ يرفض “الحريري” تمثيل سُنة “8 آذار” في الحكومة باعتبار أنهم لا ينضوون تحت تكتل نيابي واحد، بل خاضوا انتخابات آيار/مايو الماضي مع تكتلات حصلت على تمثيلها الوزاري، وأجمعت الصحف اللبنانية على أن تشكيل الحكومة عاد إلى المربع الأول.

مشكلة مفتعلة لفرض أعراف غير موجودة بالدستور..

وأكد رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، “فؤاد السنيورة”، أن رغبة بعض أعضاء مجلس النواب ممن ينتمون للطائفة السُنية، في أن يتم تمثيلهم وزاريًا داخل الحكومة الجديدة، يمثل مشكلة مفتعلة لفرض أعراف وأفكار ليس لها وجود في الدستور، وأن هذا الأمر غير مقبول، مشيرًا إلى أن هؤلاء النواب هم فعليًا تابعون لـ (حزب الله).

وأشار “السنيورة” إلى أن الفرضية القائمة على أن كل 5 نواب بالبرلمان يتم تمثيلهم بوزير داخل الحكومة، أمر ليس له وجود في الدستور.

وأوضح أن هؤلاء النواب تابعون لـ (حزب الله)؛ وأنهم لم يتقدموا ككتلة نيابية متضامنة إبان فترة الاستشارات النيابية لاختيار رئيس للحكومة، وأنهم شاركوا في استشارات مع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ضمن اللوائح الانتخابية التي هم منضمون إليها بالفعل، ومن ثم لا يستطيعون أن يعتبروا أنفسهم الآن كتلة مستقلة بذاتها، وإلا بذلك يكون قد تم احتساب أحجامهم النيابية مرتين.

يجب حل الأزمات المالية والاقتصادية..

وقال إنه على الرغم من أهمية تشكيل الحكومة، وكون هذا الأمر ضروري للغاية، إلا أن المشاكل والأزمات التي يواجهها “لبنان” يجب أن يتم إيجاد الحلول لها، خاصة على الصعيدين المالي والاقتصادي.

وشدد “السنيورة” على أن الدولة يجب أن تستعيد دورها وحضورها وهيبتها، خاصة بعدما أصبحت “جسمًا يتقاسمه الأحزاب والميليشيات والطوائف والمذاهب”، مؤكدًا على أن المشكلات تتفاقم وأن هذه الأمور يجب أن تنتهي ويشعر الجميع بأن هناك عملاً إنقاذيًا محل اهتمام المسؤولين يجنب البلاد المخاطر.

وعن مطلب (حزب الله)، قال القيادي في (تيار المستقبل)، بزعامة الحريري، “راشد فايد”؛ أنه مطلب مفاجيء ومفتعل، ولم يكن في صُلب مناقشات تشكيل الحكومة منذ أشهر.

الحريري” يريد احتكار الطائفة السُنية لنفسه..

فيما قال “فيصل كرامي”، أحد النواب السُنة المتحالفين مع (حزب الله)، إن رئيس الوزراء المكلف يريد أن يحتكر الطائفة السُنية كلها لنفسه، واصفًا (تيار المستقبل) بأنه لم يعد يمثل الأكثرية المطلقة في الشارع السُني.

وفقًا للنائب في تكتل (لبنان القوي)، المحسوب على تيار رئاسة الجمهورية، “أسعد درغام”، فإن “تشكيل الحكومة ما زال في مربعه الآخير، لا سيما أننا تجاوزنا العقدتين الدرُزية والمسيحية”، مضيفًا: أن “العقدة السُنية لم تحد بعد عن مسار الحلحلة، وتسعى شخصيات، على رأسهم رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، إلى تذليل هذه العقبة”.

الحكومة في حالة تجميد..

وقال عضو المكتب السياسي في (تيار المستقبل) النائب السابق، “مصطفى علوش”، إن “الحكومة في حالة تجميد إلى أجل غير مسمى”، محملاً مسؤولية “عرقلة” تشكيلها لـ (حزب الله)، ورأى أن “حزب الله مستعد للقيام بأي شيء، بغض النظر عن المتضررين منه، كونه يريد تمثيل سُنة (8 آذار) في الحكومة لإبقائهم تحت جناحيه، وليزيد حجم تمثيله في الحكومة”، موضحًا: أن “حزب الله يستهدف بتصعيده المفاجيء بموضوع توزير سُنة 8 آذار رئيس الجمهورية، ميشال عون”.

وحمل “علوش”؛ “الرئيس ميشال عون، مسؤولية الخروج من مربع المراوحة الحكومي عبر التوقيع على الصيغة الحكومية التي يحملها الحريري، بغض النظر عن موافقة حزب الله من عدمها”.

يجب الاعتراف بحق النواب السُنة المستقلين..

في المقابل؛ رفض النائب، “الوليد سكرية”، أحد النواب الستة للتيار الشيعي، اتهام (حزب الله) بتعطيل تشكيل الحكومة، وشدد على أنه “لا حل للحكومة إلا بتوزير أحد النواب الستة المنتخبين من الشعب”، وتابع أنه على الحريري “الاعتراف بحق التمثيل لنواب سُنة مستقلين انتُخبوا من الشعب، وبأن المستقبل ما عاد يختصر الطائفة السُنية في تياره”، على حد تعبيره.

يستبعد التنازل عن أحد مقاعده..

واستبعد “الحريري” التنازل عن أحد مقاعده الوزارية، ويتمثل أحد الحلول الوسط أن يسمي “عون” أحد الوزراء السُنة المتحالفين مع (حزب الله)؛ ضمن مجموعة من الوزراء الذين يسميهم الرئيس، لكن “عون” قال: “نحن يهمنا أن يكون رئيس الحكومة قويًا وليس إضعافه، لأن المسؤولية الملقاة على عاتقه كبيرة”.

وكان (حزب الله) وحلفاؤه قد حصلوا على أكثر من 70 مقعدًا، من أصل 128 مقعدًا في البرلمان، في أول انتخابات تجرى في “لبنان” منذ 9 سنوات، بينما خسر “الحريري”، وتياره، أكثر من ثلث مقاعدهم في تلك الانتخابات.

الصحف اللبنانية رأت أن (حزب الله) يعرقل تشكيل الحكومة ليحصل على الضمانة الكافية بوجود وزير له من بين أحد النواب الستة عن حلفائه من السُنة، على حساب الحصة الوزارية لـ (تيار المستقبل)، فيما طرحت صحف لبنانية سؤالاً حول إذا ما كان “الحريري” سيعتذر عن عدم تشكيل الحكومة، إذا أصر (حزب الله) على رفضه تمثيل السُنة المحسوبين على الحزب، من حصته الوزارية، وأن أي تمثيل لهم في الحكومة الجديدة يجب أن يكون من حصص الآخرين وليس من حصة (تيار المستقبل)، التي تشمل 5 حقائب وزارية.

عقدة التمثيل السُني..

وتقول “هيام القصيفي”، في (الأخبار) اللبنانية: “في محاذاة تشكيل الحكومة، تظهر عقد وتختفي أخرى. مع عقدة التمثيل السُنّي، وموقف رئيس الجمهورية، العماد ميشال عون، منها، تُطرح أسئلة حول العلاقة بين العهد والتيار الوطني الحر مع كل من الرئيس المكلف، وحزب الله المدافع عن توزير سُنة 8 آذار”.

وترى جريدة (النشرة) الإلكترونية اللبنانية؛ أن موقف الرئيس “ميشال عون” هو “توجيه رسالة لحزبِ الله”، وتتساءل: “هل عادت ثنائية (عون-الحريري) ؟”.

وتقول: “مجرد أن يبدي رئيس الجمهورية، ميشال عون، رفضه لمطلب النواب الستة السُنة المستقلين بشأن الحصول على حقيبة وزارية، يعني أنه يتفهم مبررات رئيس الحكومة المكلف، سعد الحريري، بعدم توزيرهم. هم ليسوا كتلة نيابية بالأساس. هذا ما أنطلق منه رئيس الجمهورية الذي رفض تكتيكًا سياسيًا يضر بمصلحة البلد. لمن الرسالة ؟.. بالطبع هي لحزب الله”.

وحول ما وصفته بعض الصحف اللبنانية ﺑ”عقدة تمثيل النواب السُنة”، تقول (المستقبل) اللبنانية: إن “عُقدة تمثيل النواب السُنة المستقلين تستخدم للضغط على الرئيس، سعد الحريري، وتحجيمه”، كما جاء على لسان “سامي فتفت”، أحد أعضاء كتلة (المستقبل) النيابية.

على الجانب الآخر؛ تقول (رأي اليوم) اللندنية، في افتتاحيتها، إن “العُقدة السُنية لم تعرقل ولادة الحكومة اللبنانية، وإنما التدخلات الخارجية. الحريري لا يمثِّل كل سُنة لبنان. والنواب المستقلون عن كتلته من حقهم دخول الوزارة. والقرب من حزب الله ليس جريمة بل مصدر فخر”.

خيار التعطيل..

من ناحية أخرى؛ انتقدت صحف جماعة (حزب الله) للجوئها إلى “خيار التعطيل”.

تقول صحيفة (الخليج) الإماراتية، في افتتاحيتها؛ “مرة أخرى يضع حزب الله لبنان بأكمله على حافة الانفجار الشامل، فالموقف الذي يتخذه من مسألة تشكيل الحكومة الجديدة ورفضه تقديم التنازلات يؤكد أن الحزب لا يملك سوى خيار التعطيل، إذ إن ولادة الحكومة برئاسة، سعد الحريري، تنتظر حل العقبة الوحيدة المتبقية، المتمثلة في إصرار حزب الله على عدم تسمية وزرائه قبل الاتفاق على إعطاء مقعد وزاري لحلفائه من السُنة على حساب الحريري”.

أما “وليد شقير”؛ فيقول في (الحياة) اللندنية: “مجددًا، ينوء لبنان تحت ثقل الحسابات الإقليمية لحزب الله، والتي تدفعه إلى إخضاع المعادلة الداخلية لتلك الحسابات”.

ويضيف: “سواء هي رسالة إلى الأميركيين، أو دول الخليج، بالقدرة على إمساك البلد من تلابيبه، أو أنه يرمي ورقة تفاوض لخصوم طهران بالتزامن مع إعلان الوزير، محمد جواد ظريف، ترحيبه بوساطة مسقط مع الأميركيين، فإن من عادة حزب الله أن يضمر تأزمًا كبيرًا نتيجة مناورة من هذا النوع يخبئها”.

تشدد الحزب يعمق أزمته..

من جانبه؛ يقول “أسعد حيدر”؛ في (المستقبل) اللبنانية: “رغم فائض القوة، الذي يمتلكه حزب الله، فإنه مأزوم. قلق الحزب جدي وعميق. يشعر الحزب بأنه محاصر داخليًا رغم كل إمتداداته وإمساكه مفاتيح القرار، وخارجيًا لذاته ولعلاقة التوأمة السيامية التي تربطه بالجمهورية الإسلامية في إيران”.

ويضيف: “تشدد حزب الله، يعمق أزمته ويعزله حتى عن القريبين منه، كما حصل مع النائب، أسامة سعد. فهل يعيد الحزب حساباته أم ينتظر قرار طهران ؟”.

تعامل بعدم جدية..

ويقول المستشار والباحث في الشؤون الإقليمية من بيروت، “رفعت البدوي”، أن الحكومة الآن تعتبر في حكم الموضوعة في الثلاجة، بانتظار إيجاد حل لهذه العقدة التي طرأت في الآونة الأخيرة، “العُقدة السُنية”، هي فعلاً ليست عُقدة طارئة في اللحظات الأخيرة كما يشاع، بل تنبه لها الكثيرون ومنهم (حزب الله)، وأيضًا الرئيس، “نبيه بري”، الذي قد أشار إلى هذا الموضوع، وصارح وفاتح الرئيس المكلف بهذه العُقدة، منذ بداية المشاورات النيابية، طالبًا أخذ هذا الموضوع بعين الاعتبار، إلا أن الرئيس تعامل مع هذا الموضوع بعدم جدية وإكتراث، إسوة بباقي الكتل النيابية، التي أفرزتها نتائج الانتخابات النيابية، وهؤلاء النواب حصلوا على نسب عالية من أصوات طوائفهم.

ويرى “بدوي” أنه كان على الرئيس المكلف أن يبادر ويجتمع بالنواب السُنة المستقلين للإستماع إلى مطالبهم على الأقل، من ناحية إنسانية، وإن كان يرفض تخصيص لهم أي حقيبة، لكن السبب في رفضه ذلك يعود إلى أنه يريد احتكار تمثيل الطائفة السُنية بتياره، وهذا أمر لن يؤدي إلى تسهيل الأمور في تشكيل الحكومة بل على العكس. والبحث جار الآن لإيجاد مخرج لهذا الموضوع من أجل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب