ما بين سقوط رؤس “داعش” والتحذيرات من خطره .. هل هو رغبة أميركية في العراق وسوريا ؟

ما بين سقوط رؤس “داعش” والتحذيرات من خطره .. هل هو رغبة أميركية في العراق وسوريا ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

رغم توالي الأنباء عن سقوط رؤس قيادات تنظيم (داعش) الإرهابي في “العراق”، إلا أنه مازالت هناك تحذيرات من خطر وجودهم.

فمؤخرًا أكد القائد العام لقوات “التحالف الدولي”، في “العراق” و”سوريا”، الجنرال “جون برينان”، أن تنظيم (داعش) الإرهابي لا زال يُشكل تهديدًا حقيقيًا في “العراق” و”سوريا”.

بينما كان آخر الأنباء المتعلقة بمواجهة التنظيم ما أعلنه المسؤولون العراقيون، أمس الإثنين، إنه تم اعتقال العقل المدبر للتفجير الدموي، الذي وقع عام 2016، في منطقة “الكرادة”، بـ”بغداد”، وأسفر عن مقتل نحو: 300 شخص وإصابة: 250 آخرين.

واعتبر الهجوم الإرهابي، الذي استهدف مركزًا تجاريًا في “الكرادة”، أعنف تفجير تشهده العاصمة العراقية؛ منذ غزو الأميركي عام 2003.

وقال مسؤولان في الاستخبارات العراقية؛ إن الرجل الذي عُرف باسم: “غزوان الزوبعي”، وهو عراقي الجنسية، اعتقل في عملية دقيقة نُفذت بالتعاون مع إحدى دول الجوار، لم يذكر المسؤولان اسمها، وفق ما أوردت وكالة (آسوشيتد برس).

والرجل كان موضع رصد وتتبع منذ شهور، بحسب الاستخبارات العراقية.

وقال المسؤولان، لـ (آسوشيتد برس)؛ إن “الزوبعي” تم اعتقاله في بلد أجنبي – لم يُحدد اسمه – وتم تسليمه إلى “العراق” قبل يومين.

وتحدث المسؤولان، شريطة عدم الكشف عن هويتيهما، لأنهما غير مصرح لهما التحدث عن العملية إلى وسائل الإعلام.

“الزوبعي”، (29 عامًا)؛ كان أحد عناصر تنظيم (القاعدة) الإرهابي؛ عندما اعتقله الأميركيون في “العراق” وأودعوه معتقل “كروبر”، ثم هرب من سجن “أبوغريب”، عام 2013.

وبعدها أنضم “الزوبعي”، الذي يُعرف باسم: “أبي عبيدة”؛ إلى تنظيم (داعش) الإرهابي.

وقال المسؤولان؛ إن “الزوبعي” خطط للكثير من الهجمات في “العراق”، كان أعنفها وأكثرها دموية، تفجير “الكرادة”، عام 2016.

وقُتل ما لا يقل عن: 292 شخصًا، لقوا في التفجير الإرهابي، وقضى معظمهم نحبه بسبب الحريق الذي اندلع بعد التفجير وحول “مركز الهادي التجاري” إلى جحيم مقيم.

وغذى الحريق صفًا من المتاجر الخشبية المبطنة بألواح قابلة للإشتعال، والتي كانت تمتليء بالملابس والعطور الزيتية.

وجاء اعتقال “الزوبعي”؛ في ثاني عملية من نوعها يُنفذها جهاز المخابرات العراقي، منذ الانتخابات العراقية، التي جرت في العاشر من تشرين أول/أكتوبر الجاري.

اعتقال نائب “البغدادي”..

وفي صفعة أخرى للتنظيم، اعتقلت قوات الأمن العراقية، 14 تشرين أول/أكتوبر الجاري، “سامي جاسم الجبوري”، نائب الزعيم السابق للتنظيم، “أبوبكر البغدادي”؛ ومشرف المال لديه.

وكان “الجبوري” قد فر من “العراق”؛ عقب هزيمة (داعش) هناك، في كانون أول/ديسمبر 2017، واستقر في منطقة “البوكمال” السورية؛ حتى معركة “الباغوز”، التي أسقطت التنظيم في “سوريا” أيضًا، ليهرب إلى “تركيا”، مطلع عام 2019.

وكان “برنامج المكافآت من أجل العدالة”، التابع لـ”الخارجية الأميركية”؛ أعلن عن مكافأة قدرها خمسة ملايين دولار مقابل اعتقال، “جاسم”، والذي قال البرنامج إن له دورًا: “أساسيًا في إدارة الشؤون المالية لعمليات (داعش) الإرهابية”.

القبض على خلية إرهابية..

ويوم الجمعة الماضي، أعلنت خلية الإعلام الأمني في “العراق”، القبض على خلية إرهابية تابعة لتنظيم (داعش) في محافظة “نينوى”، شمالي البلاد.

وقالت الخلية، في بيان؛ إنه وبناء على معلومات استخباراتية دقيقة وبعد عمليات تعقيب ومراقبة، تمكنت مفارز مديرية الاستخبارات العسكرية من إلقاء القبض على أخطر خلية لعصابات (داعش) الإرهابية، في مدينة “الموصل”، بمحافظة “نينوى”.

ضربات موجعة للتنظيم..

حول توقيف قيادات (داعش)، قال الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة، “ماهر فرغلي”، إن توقيف قادة (داعش) يُمثل ضربات موجعة للتنظيم الإرهابي الذي يعمل على لملمة أوراقه واستحالة العودة للمشهد.

وأضاف “فرغلي”؛ أن ذلك يعكس تفاقم معاناة التنظيم الإرهابي تحت وطأة المواجهات التي يشهدها، سواء المواجهات مع الأجهزة الأمنية أو حتى المواجهات داخل التنظيم نفسه.

وأوضح أن حكومة، “مصطفى الكاظمي”؛ كان أحد أولوياتها القضاء على الإرهاب، ولذلك شهدنا إعلانات متتالية لسقوط قادة وعناصر (داعش) بشكل شبه أسبوعي.

وأشار إلى أن حزم “الكاظمي” نتج عنه تأمين أصعب مهمة، خلال السنوات الماضية ألا وهي تأمين الانتخابات دون أي عمليات إرهابية.

عدم توحيد المؤسسة العسكرية والطائفية..

واعتبر أن أكبر أزمة تواجه “العراق”، حاليًا؛ وهي عدم توحيد المؤسسات العسكرية وحالة الطائفية التي يستغلها (داعش) كحاضنة للتواجد والظهور من آن لآخر.

ولفت إلى أن زعيم تنظيم (داعش) الجديد، “أبوإبراهيم الهاشمي القرشي”، يستخدم سياسة الإنهاك وتشتيت الإنتباه خارج المركز الرئيس، في “العراق” و”سوريا”؛ عبر عمليات في فروع التنظيم الخارجية، كما يحدث في غرب إفريقيا ووسط آسيا و”أفغانستان”.

الانسحاب وعودة التنظيم..

أما فيما يتعلق بتصريحات قائد قوات “التحالف الدولي”، يؤكد مستشار المركز “الأوروبي” لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، اللواء الركن المتقاعد “عماد علو”، أن تصريحاته حول خطر: (داعش) في “سوريا” و”العراق”، ليست جديدة، حيث أن الأميركان، ومنذ الشروع في “الحوار الإستراتيجي”، بين “بغداد” و”واشنطن”، وعمليات الضغط من أجل انسحاب أو إعادة تموضع القوات الأميركية، منذ هذا التاريخ بدأت “واشنطن” في طرح فكرة عودة التنظيم إلى التأثير من جديد في الوضع الأمني، أو عودة عملياته الإرهابية.

مضيفًا أنه في ظل تلك التصريحات الأميركية؛ كانت هناك عمليات تصعيد من قبل التنظيم في محاولة لترتيب صفوفه في “العراق” واستثمار مناطق الفراغ السكاني الممتدة من “جبال حمرين”، في محافظة “ديالى”؛ باتجاه “صلاح الدين” و”كركوك” وبادية الجزيرة وجنوب غرب محافظة “نينوى”، تلك المناطق قد تكون بعيدة عن الرصد والمراقبة؛ لذا يستغلها التنظيم كملاجيء ومعسكرات تدريب ومقرات قيادة وسيطرة، تنطلق من خلالها إلى بوابات المدن للقيام بعمليات قتالية عن طريق مفارز قليلة العدد، تستهدف في المقام الأول الوجهاء وعناصر الأمن وتفجير عبوات ناسفة وقنص.

أفراد التنظيم من 10 – 12 ألف عنصر بين العراق وسوريا..

وأوضح “علو”: “العمليات الأخيرة التي قام بها التنظيم؛ تم استثمارها إعلاميًا باعتبار أن التنظيم يُشكل رقمًا في المشهد الأمني العراقي”، مشيرًا إلى التقرير الصادر عن “لجنة مكافحة الإرهاب”، في “مجلس الأمن الدولي”، في شباط/فبراير من العام الجاري 2021، أشار إلى التنظيم لا زال يمتلك أعداد تقارب: 10 – 12 ألف عنصر بين: “العراق” و”سوريا”، علاوة على أرصدة مالية في عدد من البنوك في منطقة الشرق الأوسط.

لكن التقرير لم يذكر ما هي تلك البنوك وفي أي البلدان، حيث يستخدم التنظيم تلك الأرصدة في تمويل عملياته الإرهابية ودعم  خلاياه في مناطق متفرقة من “العراق” و”سوريا”، هذا بجانب ما يقوم به من عمليات ابتزاز واختطاف والحصول على فدية، هذا بجانب عمليات استثمار “النفط”؛ وغيرها من الأمور التي تُمكنه من تمويل عملياته.

لافتًا مستشار المركز “الأوروبي”؛ إلى أن هناك عناصر من تنظيم (داعش) الإرهابي، موجودين في معسكرات الاعتقال، خاصة في “سوريا”، حيث يحتوي أحد المخيمات، (مخيم الهول)؛ على أكثر من: 72 ألف شخص، هذا المخيم منذ عامين وحتى قبل ظهور (كوفيد-19)، أعلنت “قوات سوريا الديمقراطية” عن نيتها لإخلاء المخيم، هذا الأمر شكل خطر على العمق العراقي، حيث يُحاول عناصر التنظيم الذين يغادرون هذا المخيم؛ التسلل إلى الداخل العراقي، وما بين أسبوع وآخر يتم القبض على مجموعات منهم، وقبل الزيارة الأربعينية لـ”الإمام الحسين”، تم القبض على مجموعة من الأشخاص يحملون مادة الـ (تي. إن. تي) شديدة الانفجار، علاوة على بعض الأسلحة، حيث كانت تلك المجموعة تستعد للهجوم على “كربلاء”، هذه كانت مؤشرًا على أن المتسللين من “سوريا” باتجاه “العراق” كانوا داعمين للخلايا داخل البلاد.

ذريعة سياسية للإبقاء على القوات الأميركية..

من جانبه؛ يرى الدكتور “حسام شعيب”، الخبير السوري في التنظيمات المسلحة، أن عودة الحديث عن إحياء تنظيم (داعش) الإرهابي في “العراق” و”سوريا”، يؤكد على الرغبة الأميركية، الغير معلنة، في الإبقاء على التنظيم بالمنطقة، وبالتالي فإن تلك التصريحات ليست حقيقية، بل لكي يتم اتخاذها كذريعة سياسية للإبقاء على القوات الأميركية على أراضي “الجمهورية العربية السورية”؛ كقوات احتلال تحت مسمى “التحالف الدولي”، الذي أريد له بهتانًا وزورًا مقاتلة (داعش).

ويضيف أن “الولايات المتحدة الأميركية” تُريد استخدام ورقة (داعش) للضغط على الدولة السورية، خصوصًا في ظل وجود تنسيق الآن لتعاون “عراقي-سوري”، لذلك ترى “واشنطن” أن وجود خلايا على الحدود المشتركة قد يمنع أي تعاون بين البلدين.

وتابع “شعيب”، علاوة على ما سبق؛ نرى أن وجود (داعش) على الحدود هو عامل خلافي فيما يتعلق ببعض القوى المقاومة وبعض القوى الوطنية وأخرى، ولا شك أن (داعش) موجود كفكر وخلايا نائمة، لكنها ليست خطرًا بالمعنى العسكري الذي كان موجودًا قبل سنوات، “أتحدث عن سوريا”، ولذا من وجهة نظري أن هناك إرادة أميركية لإعادة إحياء التنظيم في “سوريا” من جديد، علاوة على إعادة تموضعه من جديد بإدارة وإشراف أميركي.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة