25 أبريل، 2024 4:55 ص
Search
Close this search box.

ما بين دعوات الحوار الوطني وحل البرلمان والتظاهر .. المشهد السياسي العراقي إلى أين ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

بات “العراق” حائرًا أمام طريقين كلاهما مُر لما يُشاهده من أحداثٍ سياسية متأزمة، فأصبح الخيار بين الحوار الوطني أو حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، فبعد مباحثات سياسية واسعة دعت إلى إطلاق حوار وطني بهدف الخروج من الأزمة السياسية بالبلاد، وعلى الجانب الآخر، دعت أحزاب وحركات سياسية مستقلة إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات برلمانية بإشراف “الأمم المتحدة”.

والتقى الرئيس العراقي؛ “برهم صالح”، مع رئيس الوزراء؛ “مصطفى الكاظمي”، بالعاصمة، “بغداد”، وفق بيان للرئاسة العراقية.

وذكر البيان، أنه جرى خلال اللقاء بحث الأوضاع العامة في البلد والتطورات السياسية الأخيرة.

وأردف إنه: “تم التأكيد على أهمية ضمان الأمن والاستقرار، وإلتزام التهدئة والركون إلى حوار حريص ومسؤول يبحث الأزمة ويضع خارطة طريق واضحة وحلولاً تحمي المصلحة الوطنية العليا”.

كما بحث الرئيس العراقي، في “بغداد”، مع ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة بالبلاد، “جينين بلاسخارت”، التطورات السياسية الأخيرة، وفق بيان آخر للرئاسة.

وأكد “صالح” خلال اللقاء، أن: “الظروف في البلد تستدعي إلتزام التهدئة والدخول في حوار صادق وحريص يتناول الوضع السياسي للوصول إلى خارطة طريق واضحة المعالم”.

فيما أعلنت “بلاسخارت”، دعم وتأييد بعثة “الأمم المتحدة” للحوار بين كافة الأطراف والوصول إلى مسارات تؤمن حماية الأمن والاستقرار وتُلبي متطلبات العراقيين، وفق البيان.

وتستمر خلافات بين القوى السياسية تحول دون تشكيل حكومة جديدة منذ إجراء الانتخابات التشريعية الأخيرة؛ في 10 تشرين أول/أكتوبر 2021.

ضبط النفس والجلوس إلى طاولة الحوار..

وفي السياق؛ ناقش “الكاظمي” مع رئيس تحالف (الفتح)، أحد من مكونات (الإطار التنسيقي)؛ “هادي العامري”، أمس الأول، مستجدات الوضع السياسي وإيجاد السُبل الكفيلة بالخروج من الأزمة الحالية، بحسب بيان لمكتب “العامري” الإعلامي.

بينما نقل بيان نشرته الوكالة العراقية، عن “العامري”، قوله: “نؤكد ما أكدناه سابقًا أن لا حل للأزمة الحالية إلا عبر تهدئة التشنجات، وضبط النفس، والجلوس إلى طاولة الحوار البناء الجاد”.

حل مجلس النواب وانتخابات مبكرة..

وفي مقابل دعوات الحوار، دعا زعيم (التيار الصدري)؛ “مقتدى الصدر”، أمس الأول، إلى حل “مجلس النواب” العراقي وإجراء انتخابات مبكرة.

وقال خلال كلمة له: “لا يخدعونكم بأن ما يحدث هو صراع على السلطة، ولو كنت أريد السلطة لما سحبت: 73 نائبًا من مجلس النواب، هذا ليس صراعًا على السلطة، ولم أقرر بعد الدخول في الانتخابات الجديدة”.

وأشار إلى: “أنه بعد أن شكلنا كتلة وطنية لتشكيل الحكومة، عُرقلت بدعاوى قضائية كيدية”.

ورأى “الصدر” أن: “لا فائدة من الحوار، خصوصًا بعد أن قال الشعب كلمته”، لافتًا إلى أنه: “على المعتصمين البقاء والاستمرار في المنطقة الخضراء”، موجهًا شكره للقوات الأمنية والمساندين للمحتجين.

ورفض (التيار الصدري)، أمس الأول؛ دعوة أطلقها “العامري” إلى الحوار، واشترط إعلان انسحاب الأخير من (الإطار التنسيقي) لقبول الدعوة.

ودعا القيادي في (التيار الصدري)؛ “جعفر الموسوي”، رئيس الوزراء  العراقي؛ “مصطفى الكاظمي”، أمس الخميس، لحل البرلمان في تطبيق عملي لدعوة زعيم التيار.

ودعا “الموسوي”؛ “الكاظمي”، إلى تقديم طلب لرئيس الجمهورية العراقية، وفق الدستور العراقي لحل البرلمان الحالي، والدعوة لإجراء انتخابات مبكرة خلال مدة أقصاها: 60 يومًا من تاريخ حل البرلمان.

ويحق حل البرلمان بموافقة الأغلبية المطلقة بناءً على طلب ثُلث الأعضاء أو طلب رئيس الوزراء، وبموافقة رئيس الجمهورية، وفق الدستور.

دعم لأي مسار دستوري..

بينما أكد (الإطار التنسيقي) في “العراق”، دعمه للانتخابات المبكرة التي دعا إليها “الصدر”.

وقال (الإطار) في بيان: “نؤكد دعمنا لأي مسار دستوري لمعالجة الأزمات السياسية وتحقيق مصالح الشعب؛ بما ذلك الانتخابات المبكرة بعد تحقيق الإجماع الوطني حولها وتوفير الأجواء الآمنة لإجرائها”.

وأضاف: “يسبق كل ذلك العمل على احترام المؤسسات الدستورية وعدم تعطيل عملها، ويبقى سقفنا القانون والدستور ومصلحة الشعب”.

كما  رحب رئيس ائتلاف (النصر)؛ المنضوي ضمن (الإطار التنسيقي) للقوى الشيعية؛ “حيدر العبادي”، بخطاب زعيم (التيار الصدري).

وفي تغريدة عبر حسابه بموقع (تويتر)، قال “العبادي”: “أرحب بما جاء بخطاب مقتدى الصدر، وهي تلتقي من جوانب عدة مع مبادرتنا لحل الأزمة”.

حزب (الاتحاد الوطني الكُردستاني)؛ برئاسة “بافل طالباني”، لم يُعلن موقفًا واضحًا تجاه دعوة “الصدر”. وأكتفى الحزب الكُردي ببيان رسمي قال فيه: “نُرحب بحرارة بالمبادرات وجميع الجهود الوطنية التي قدمت لحل المشكلات والتوصل إلى اجتماع وطني، فالطريق الوحيد للاستقرار السياسي، والأمني، والاقتصادي، والمجتمعي هو التفاهم”.

وأضاف: “نحن بحاجة إلى العمل المشترك لتذليل العقبات أكثر من أي وقت مضى، فالتجارب السابقة أثبتت أن تكاتف العراقيين هو أفضل طريق للتغلب على جميع المشكلات التي تعترض طريقنا”.

في المقابل؛ اعتبر “نوري المالكي”، رئيس الوزراء الأسبق وزعيم كتلة (دولة القانون) المنضوية في (الإطار التنسيقي)، وخصم “الصدر” الرئيس على الساحة السياسية، عبر (تويتر)، أن: “الحوارات الجادة التي نأمل منها حسم الخلافات وإعادة الأمور إلى نُصابها الصحيح تبدأ بالعودة إلى الدستور واحترام المؤسسات الدستورية”.

ونقل موقع (بغداد اليوم) عن عضو ائتلاف (دولة القانون)؛ “عارف الحمامي”، الخميس، أنه: “يجب تغيير الحكومة الحالية ومفوضية الانتخابات”، قبل إعادة الانتخابات، مضيفًا أن هناك شروطًا يجب تحقيقها قبل الموافقة على إعادة الانتخابات، واعتبر الحكومة الحالية: “منقوصة الصلاحيات” ويجب تغييرها، لكنه اعتبر أن هذه الأمور لن تتم إلا عبر الحوار.

وأكد “الحمامي” أن: “حظوظ (ائتلاف) دولة القانون بالفوز في حال تمت إعادة الانتخابات مرتفعة.. جمهور (دولة القانون) ثابت بل في تزايد مستمر”.

الكتل السياسية لن تقبل..

بينما قال عضو بائتلاف (دولة القانون) في “العراق”؛ لوكالة (بغداد اليوم)، إن الكتل السياسية من الأكراد والسُنة و(الإطار التنسيقي) الشيعي لن توافق على دعوة زعيم (التيار الصدري)؛ “مقتدى الصدر”، لإعادة الانتخابات وحل البرلمان.

وأضاف “فاضل موات”، عضو الائتلاف الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق؛ “نوري المالكي”، في تصريحاته التي نشرتها الوكالة، الأربعاء، أن هناك: “تخبطًا في مطالب (التيار الصدري) وعدم استقرار في أهدافه”.

وأوضح أن: “مسألة إعادة الانتخابات ليست سهلة في الظروف الحالية، فضلاً عن أن الكتل السياسية لن تقبل كالكُرد والسُنة وا(لإطار التنسيقي)؛ الذي يُمثل الكتلة الأكبر في البرلمان”.

تظاهرة مليونية بساحة “النسور”..

في غضون ذلك؛ دعا ناشطون عراقيون في بيان لهم أمس الأول، إلى تظاهرة مليونية اليوم الجمعة؛ في “ساحة النسور”، بمدينة “بغداد”، ومن ثم التوجه إلى “المنطقة الخضراء”، لدعم مطالب المتظاهرين: بـ”تغيير شكل نظام الحكم وإعادة كتابة الدستور ومحاسبة الفاسدين”.

الحل بإيجاد نظام حكم شعبي بعيد عن التحزبات..

تعليقًا على تلك الأحداث؛ قال المحلل السياسي العراقي؛ الدكتور “عبدالكريم الوزان”، إن ما يحدث في “العراق” هو تضارب مصالح دولية ومصالح الميليشيات. وأوضح “الوزان” في تصريحات لموقع (الاتحاد)، أن سيناريوهات حل الأزمة تتحدد حصرًا بتدخل دولي أو عربي لإجراء انتخابات حرة شاملة بعيدًا عن الميليشيات وتهديد الأحزاب السياسية.

وحول دعوة رئيس الوزراء العراقي للحوار الشامل، أكد “الوزان” أن: “العديد من الحوارات جرت من دون جدوى؛ لأنه حوار بين المدعومين من الخارج والعملية تُعيد نفسها”، موضحًا أن الحل هو خروج كل من في المشهد الحالي لإيجاد نظام حكم شعبي جديد بعيد عن التيارات والأحزاب.

خريطة طريق مع “الإطار التنسيقي”..

بدوره؛ توقع الكاتب والمحلل السياسي؛ “عمر الناصر”، أن لا تراجع للمحتجين إلا بعد تحقيق أهدافهم التي خرجوا من أجلها.

مشيرًا إلى أن: “إحدى تلك الأهداف؛ إصلاح النظام السياسي وذلك لن يكون إلا بوضع خريطة طريق واضحة مع (الإطار التنسيقي) وبقية القوى السياسية للخروج أولاً من الإنسداد السياسي والولوج إلى إستراتيجيات ناجعة قادرة على التنفيذ بمدد زمنية محددة”.

سيواصل منع تشكيل الحكومة..

ويشرح الأستاذ المساعد في جامعة “كوبنهاغن”؛ “فنر الحداد”، المختص بالشأن العراقي أن “الصدر”: “يتوقّع أن يكون شريكًا رئيسًا في أية حكومة جديدة، وبخلاف ذلك سوف يواصل منع تشكيل حكومة”.

وكذلك: “لن يسمح للبرلمان بالاجتماع من دون نوابه”، وفق “الحداد”.

ويسمح الدستور العراقي للبرلمان؛ بأنّ يحلّ نفسه، ففي المادة (64) منه، ينصّ على أن حلّ “مجلس النواب” يتمّ: “بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، بناءً على طلبٍ من ثُلث أعضائه”.

أما الخيار الآخر فهو بطلب: “من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية”. ويشرح “الحداد” أنه: “من غير الواضح ما إذا كان الخيار الثاني واردًا أصلاً لأن الحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال”.

خلافات “الإطار التنسيقي”..

ويشرح أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد؛ “إحسان الشمري”، لـ (فرانس برس)، أن بدعوته لانتخابات مبكرة، يعتقد “الصدر” أنه: “سيُحقق رصيدًا كبيرًا، أي مقاعد أكثر من السابق”.

ومنذ بداية الأزمة، ينقسم أطراف (الإطار التنسيقي)؛ الذي يضمّ خصوصًا كتلة (الفتح)؛ الممثّلة لـ (الحشد الشعبي)، وهو تحالف فصائل موالية لـ”إيران” باتت منضوية في القوات الرسمية، بشأن الإستراتيجية التي ينبغي عليهم إتباعها تجاه “الصدر”.

ويتمثّل الجناح الأكثر تشددًا برئيس الوزراء الأسبق والخصم التاريخي لـ”الصدر”؛ “نوري المالكي”، وبزعيم (عصائب أهل الحقّ)، أحد فصائل (الحشد الشعبي)، “قيس الخزعلي”. ويدفع هؤلاء نحو المواجهة.

أما المعسكر الآخر فيدفع باتجاه اعتماد: “مقاربة بديلة: الإبطاء في عملية تشكيل حكومة ومحاولة تحقيق تقارب داخل البيت الشيعي عبر تقديم حوافز للصدر”، كما يرد في تحليل نشره “معهد واشنطن”؛ بقلم “حمدي مالك” و”مايكل نايتس”.

الممانعة لكسب الضمانات..

يرى من جهته؛ “إحسان الشمري”، أن “الخزعلي” و”المالكي” سيكونان: “كابحًا أمام ذهاب الإطار باتجاه الانتخابات المبكرة”.

ويُضيف أن (الإطار التنسيقي) قد يُمانع إجراء انتخابات جديدة: “لكن هذه الممانعة هي لغرض كسب ضمانات… كتغيير على مستوى القانون الانتخابي وعلى مستوى المحكمة الاتحادية وعلى مستوى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، أو حتى على مستوى شكل الحكومة”.

الوصول لنقطة اللاعودة..

يذكّر من جهته المحلل؛ “فنر الحداد”، بأن: “السياسة العراقية غالبًا ما تصل إلى نقطة اللاعودة قبل أن تقرر الأطراف المعنية حلّ خلافاتها خلف الأبواب المغلقة”.

كما لا يستبعد “الحداد” اتفاقًا بين المعسكرين، معتبرًا أن تكليف: “رئيس وزراء توافقي، لا يزال السيناريو الأكثر إمكانية للتحقق”.

عقبة مهمة أخرى قد تقف أمام حلّ البرلمان، وهي أن: “نصف نواب البرلمان هم نواب جُدد يدخلون المعترك السياسي لأول مرة ويُريدون ممارسة التجربة السياسية والتمتع بمزايا السلطة والحصول على إمتيازات كأخذ مكانة اجتماعية”، كما يشرح المحلل السياسي؛ “علي البيدر”.

يرى “علي البيدر”؛ أن الكرة الآن أصبحت في ملعب خصوم “الصدر”.

ويُضيف أنهم إذا لجؤوا إلى خطوة الانتخابات المبكرة فسيكون ذلك دليلًا على رغبتهم بالحوار والنقاش والتفاوض وإذا استمروا بتعنتهم قد يذهب “الصدر” باتجاه التصعيد، ويدفع بتعطيل المؤسسة التنفيذية في البلاد ويشل الحركة في العاصمة ويُعطل الحياة بشكل مطلق.

جرس إنذار للمنظومة السياسية..

ويعتبر المحلل أن اعتصام البرلمان لم يكن سوى: “اختبار، أو جرس إنذار للمنظومة السياسية ما لم تلتزم بما يُريده الصدر ويسعى إليه”.

وفي بلد ما زال يعيش آثار صدمات عقود من النزاعات وحرب طائفية دامية، حاضرة في الأذهان، فإنّ المخاوف قوية من اندلاع حرب داخلية شيعية مفتوحة.

في الأثناء، يدعو الجميع إلى ضبط النفس لمنع سفك الدماء، على الرغم من أن كل الأطراف السياسية البارزة مسلحة.

مع ذلك؛ فإن مجال المناورة لدى خصوم “الصدر” محدود: لأن “إيران” حليفتهم النافذة، تُعارض التصعيد، كما يقول خبراء.

ويرى “إحسان الشمري” أن “طهران”: “تمنع ذهاب (الإطار التنسيقي) وبالتحديد الفصائل المسلحة نحو رفع سقف المواجهة باتجاه الصدام”.

وتعتبر “إيران” أنه ما زال من الممكن إيجاد: “حلول سياسية”، وفق “الشمري”: “لكن إذا ما اندلع القتال فمن الصعب السيطرة على السلاح الذي يمتلكه الطرفان”.

وكانت “الأمم المتحدة”، قد أبدت استعدادها للمساعدة في إجراء حوار بين الفرقاء السياسيين العراقيين لإخراج البلاد من الأزمة التي يمر بها وإعادة الثقة للشعب.

وأكدت بعثة “الأمم المتحدة” في العراق في بيان لها، أن الحوار الهادف بين جميع الأطراف العراقية أصبح الآن أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، لتفادي تصعيد التوتر السياسي في البلاد، مشددة على أهمية العمل على معالجة المشاكل الاقتصادية وتقديم الخدمات العامة الفعالة، داعية جميع الفرقاء السياسيين إلى تغليب المصلحة الوطنية لـ”العراق”.

ورحبت البعثة بالدعوات الأخيرة لإجراء حوار وطني في “العراق”، كما حثت جميع الجهات الفاعلة على الإلتزام والمشاركة الفعالة والاتفاق على الحلول من دون تأخير.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب